Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لهذه الأسباب رفض الشورى تعيين المرأة قاضية في السعودية

الغيث لـ"اندبندنت عربية": لا ينبغي تجريد أعضاء المجلس من حقوقهم

مجلس الشورى السعودي أثناء انعقاد جلسته يوم أمس عن بعد (واس)

بين عاطفة المرأة وقدرتها وقوتها، تباينت آراء أعضاء مجلس الشورى السعودي حول تعيين المرأة قاضية، لينتهي حال هذه التوصية برفضها بعد تصويت 58 موافقاً ورفض 57، حيث كانت تحتاج التوصية على الأقل موافقة إضافيه لـ 20 صوتاً لنجاحها، فلم يحظَ مقترح دراسة عمل السيدات بالقطاع العدلي كقاضيات في محاكم الأحوال الشخصية بالنجاح.

وكانت لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية في مجلس الشورى بالمرصاد لهذه التوصية فبعد رفض التوصية عام 2018، وكانت قد قدمت من أعضاء آخرين بالمجلس منهم لطيفة الشعلان وفيصل الفاضل وعطا السبيتي، وبعد وصول المرأة إلى كاتبة عدل ومحكّمة ومحقّقه في النيابة العامة، وأوصي لها في مجلس الشورى بأن تصبح مفتية، وبعد طرح التوصية من جديد وجدت اللجنة القضائية باباً سدت به كل المحاولات لتمرير هذه التوصية وجعلت من قبولها مستحيلاً في مقبل الأيام، حيث رفضت اللجنة القضائية بأن مجلس الشورى لا يتدخل إلا في الشأنين المالي والإداري لكل جهة فقط.

التوصية ضمن الاختصاص 

قال عضو المجلس ومقدم التوصية عيسى الغيث لـ"اندبندنت عربية" أنه ليس الشأن قضائياً فهو لا يختص به مجلس الشورى ولا حتى مجلس القضاء وإنما من اختصاص الدرجات القضائية الأعلى، وهما محكمة الاستئناف والمحكمة العليا، وأما مجلس القضاء فمختص بشأن القضاة الوظيفية وليس بأحكام القضاة، كما أن مجلس الشورى لا يختص بالشأن المالي والإداري لكون الشأن المالي من اختصاص وزارة المالية قبل الصرف واختصاص الديوان العام للمحاسبة بعد الصرف، والشأن الإداري اختصاص وزارة الموارد البشرية (الخدمة المدنية سابقاً) وهيئة الرقابة ومكافحة الفساد (الرقابة والتحقيق سابقاً)، ودور الشورى كبرلمان في الشؤون التشريعية والتنظيمية والرقابية على المهمات الأساسية وأداء الأعمال العامة، وتوصيتي هي ضمن اختصاص المجلس وفق نظامه وما جرى عليه العمل خلال عمر المجلس في 7 دورات على مدى 28عاماً، ولذا أحيلت التوصية على المجلس لمناقشتها والتصويت عليها ما يعني اختصاص الشورى بها، وكذلك الشورى مجلس استشاري لولي الأمر لا يقرر بمعزل عنه وإنما يقترح ويبقى القرار لرئيس الدولة صاحب البيعة، ولا ينبغي تجريد الأعضاء من حقوقهم ولا منعهم من القيام بواجب المشورة لولي الأمر في ما يرونه صالحاً للبلاد والعباد وفقاً لثقة الملك في اختيارهم ثم أدائهم القسم بالقيام بهذا الواجب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واستطرد "الغيث": "وسبب عدم تعيينهنّ سابقاً لمانع شرعي في حينه؛ حيث ارتأت الدولة حينها ترجيح القول بعدم الجواز، ولكن مع تطور تأهيل المرأة وممارستها المحاماة والتحكيم والتوثيق والتحاقها بالسلك القضائي في النيابة العامة كمحقّقة، جعل العمل اليوم على ترجيح جواز توليتها القضاء في الشق الموضوعي امتداداً لممارستها القضاء في الشقّين التوثيقي (في وزارة العدل) والتحقيقي (في النيابة العامة)، كما أن عملها سيكون في محاكم الدرجة الأولى (الابتدائية) وليس في محاكم الدرجتين الثانية والثالثة (الاستئناف والعليا)".

سبب الرفض

وبرر رئيس لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية الدكتور علي الشهراني، بأن سبب عدم قبول التوصية جاء نظراً لأنها تتعلق بالشأن القضائي وتقرير المجلس الأعلى للقضاء الذي طُرح في مجلس الشورى ليس معنياً بتعيينات القضاة من ناحية، مضيفاً من ناحية أخرى، فإن المجلس الأعلى للقضاء ينفذ أحكام نظام القضاء الذي منح المجلس صلاحية اختيار القضاة وإصدار القواعد المنظمة لذلك، وكذلك التحقق من شروط توليهم لهذا العمل وفقاً لمعايير يقدرها ويعمل بها المجلس.
وأبان رئيس اللجنة أن اختيار أعضاء السلك القضائي هو من أبرز تطبيقات استقلال السلك عالمياً، وهو ما نصت عليه المادة (44) من النظام الأساسي للحكم وفق شروط نص عليها نظام القضاء وقواعد العمل الموجودة لدى المجلس من خلال آلية يعمل بها المجلس الأعلى للقضاء.
لكن مجلس الشورى الذي شرع في مناقشة تقرير المجلس الأعلى للقضاء لـ 3 سنوات، أوصى بناء على التقرير بإحداث وظائف بمراتب عليا بأعداد كافية تغطي الاحتياج العملي له، وتحفيز القوى البشرية العاملة في المجلس بمنحها بدلات ومكافآت مجزية تتوازى مع طبيعة العمل الذي تضطلع به، وإنشاء مبنى دائم لهذا المجلس، وتمكينه من شغل وظائفه الإدارية، مع صلاحية إجراء المسابقات الوظيفية، ودعم ميزانيته، وتأهيل معاوني القضاة وإخضاعهم لدورات متخصصة وشاملة.
كما وافق مجلس الشورى في قراره حيال التقارير السنوية لمجلس القضاء الأعلى على تمكينه من إجراء العقود اللازمة مع الخبراء والمستشارين وبيوت الخبرة، والعمل على تعزيز مستوى الأمان والحماية للأنظمة الإلكترونية للمجلس والمحاكم.

واستطاع الجدل في اختصاصات الشورى واستقلالية القضاء إسقاط توصية تعيين النساء قاضيات، على الرغم من أن اللجنة تدخلت في أحكام القضاء المطالبة بتدريب القضاة وطريقة اختيارهم وطالبت بتحديد أحكام مدونة للبعد عن الاجتهاد.

تباينت الاراء

وبعد رفض التوصية تباينت آراء المتابعين في الشأن السعودي بين مؤيد للقرار ومعارض، إذ اتخذت عضوات مجلس الشورى صفحات التواصل الاجتماعي لهنّ وسيلة للدفاع، منها ما ذكرته لطيفة الشعلان عضوة مجلس الشورى "لايصح إلا الصحيح. تولي المرأة للقضاء خطوة مقبلة وإن تأخرت قليلاً أو كثيراً، وأوضحت أن نظام القضاء السعودي لايشترط الذكورة. فقد نصت المادة الـ(31) منه على شروط منها، أن يكون القاضي سعودي الجنسية بالأصل، وحسن السيرة والسلوك، ومتمتعاً بالأهلية الكاملة، ونحو ذلك من شروط تتعلق بالمؤهل العلمي، ولكن لا شيء في النظام البتة يشير إلى الذكورة".

وذكرت عضو مجلس الشورى إقبال درندري، الكثير من دول العالم، ومنها الإسلامية والعربية، حيث عينت النساء قاضيات؛ بل ورئيسات قضاء، ونحن مازلنا بانتظار تعيين قاضيات فقط!

 وردّ عضو هيئة العلماء صالح الفوزان والذي أفتى بعدم جواز ذلك مستدلاً بعدد من القرآن: {الرجال قوامون على النساء}، {وللرجال عليهنّ درجة} والسنة: (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة)، والإجماع على أنه لايجوز تعيينها قاضية.

النظام الجديد

وذكرت أبرار شاكر محامية سعودية موثّقة ومحكَّمة "اشترط نظام القضاء في من يعيّن في وظائف كتابة العدل الشروط المطلوبة نفسها على من يعين في القضاء، وأحالها على المادة 31 ومن ضمنها الفقرة(ج)". والجدير بالذكر أن  وزير العدل السعودي وجه قبل سنة باستحداث وظيفة كاتب عدل للنساء.

وشرحت شاكر متى أقر النظام السعودي عمل المرأة كمحكمة وقالت "صدر نظام التحكيم السعودي الجديد في عام 2016 حيث خلا من شرط الذكورة، واكتفى بشرط الأهلية الكاملة."

وكانت مسألة عضوية المرأة في هيئة التحكيم محل خلاف وجدال، إلى عام 2016 حيث صادقت محكمة الاستئناف الإدارية بالمنطقة الشرقية على حكم تحكيمي وكان أحد أعضاء هيئة التحكيم امرأة.

وقالت المحكّمة شاكر "هل أقر أو منع نظام القضاء الحالي تولي المرأة القضاء؟ الحقيقة أن نظام القضاء أيضاً لم يشترط الذكورة، وجعل من الشروط الواجب توافرها الأهلية الكاملة للقضاء بحسب ما نصّ عليه شرعاً".

بين الجواز والتحريم

الحقيقة أن الخلاف الفقهي موجود حول هذه المسألة بين الجواز والتحريم، وكل قول مستند إلى ما يبين صحة قوله، فالقول بالجواز وهو قول الحنفية بذلك يصبح النص (بحسب ماهو منصوص شرعاً) مصطلحاً فضفاضاً".

هذا وأكد وزير العدل السعودي، وليد الصمعاني، أن التوظيف في الوزارة يأتي على أساس واضح وهو الكفاءة والجدارة بغض النظر عن أي اعتبار آخر.

وتابع الصمعاني، في حوار على قناة "روتانا خليجية"، أن المرأة أثبتت فعالية في الوظائف، وكان أداؤها جيداً جداً، والوظائف الآن تطرح للرجال والنساء سواء كاتبات العدل أو المحاسبات.

وبالنسبة إلى إمكانية أن تكون هناك قاضية سعودية في المستقبل، قال "إن النظام حدّد شروط القضاء بنص واضح وصريح؛ ولذلك كل ما نص عليه النظام أو أجازه يتم استخدامه، والتشريع عند السلطة التنظيمية والقضاء بعامة لابد أن يكون حريصاً على تطبيق نصوص القانون.

مسوغات التوصية

وتشير مسوّغات التوصية التي تقدم بها ثلاثة أعضاء من مجلس الشورى إلى توافر كفاءات نسائية شرعية وقانونية لديهنّ الجدارة الكاملة لتولي الوظائف القضائية، خصوصاً في ظل وجود نقص في عدد القضاة. وإن الاستمرار في عدم تمكين المرأة من الالتحاق بالسلك القضائي لا ينسجم مع رؤية المملكة لعام 2030 التي من أهم أهدافها تمكين المرأة واستثمار طاقاتها، وقد حان الوقت لإتاحة الفرصة لها لتولي القضاء ودخولها إلى هذا السلك الحيوي، لافتاً إلى أن النيابة العامة فتحت الباب أخيراً لتعيين المرأة في وظائف ملازم محقّق. ومن المعروف أن النيابة العامة تعتبر جزءاً من السلطة القضائية في مفهوم الدولة الحديث. وإشار إلى أن شيخ الأزهر محمد طنطاوي أفتى عام 2003 بأنه "لا يوجد نص صريح قاطع في القرآن الكريم أو في السنة النبوية يمنع المرأة من تولي وظيفة القضاء"، وهي الفتوى التي ترتب عليها مباشرة تعيين  تهاني الجبالي بمرسوم رئاسي قاضية في المحكمة الدستورية العليا في جمهورية مصر العربية.

الدول العربية

وشملت مسوّغات التوصية تأكد أن المرأة بلغت منصب القضاء في معظم الدول العربية والإسلامية، وأثبتت تفوقاً ومهارة كبيرة في هذا المجال. ففي المغرب وتونس والجزائر والسودان عملت المرأة قاضية منذ ستينيات القرن الماضي. وفي الأردن تم تعيين أول قاضية عام 1996، وفي مصر تولت المرأة القضاء منذ عام 2003، وفي البحرين منذ عام 2006. ووصلت نسبة العنصر النسائي في السلك القضائي إلى أكثر من 70 في المئة في بعض الدول كفرنسا". وقالت مصادر "إن توصية استندت إلى رأي أحد أبرز الباحثين السعوديين المهتمين بالدراسات والأنظمة القضائية، وممن عمل في القضاء لأكثر من 20عاماً، وهو ناصر بن داود، الذي أشار إلى أنه ومن خلال استعراض الشروط المذكورة في كتب الفقهاء لم يجد شرطاً واحداً سالماً من الخلاف أو من الاستثناء، حتى أن اشتراط الإسلام كما ذكر في تنصيب القاضي، وإن كان لازماً في مجتمعنا اليوم، إلا أنه غير  لازم في سائر المجتمعات بحسب أحوالها، كما أن تحقيق العدالة لا يتوقف على وجوده".

أقوال اجتهادية

والخلاف على تولية قاضية كما ذكر مقدمو التوصية أن الفقهاء قديماً ناقشوا هذا الأمر، وتفصيل ذلك مشهور في كتب الفقهاء. المرأة للقضاء، وأن ما ورد فيه من أقوال ما هي إلا أقوال اجتهادية، والمسائل الاجتهادية عادة ما تخضع لتغير الزمان والمكان وما تقتضيه المصلحة العامة. وذكروا أنه لا يوجد في الشريعة نص قطعي يحرم المرأة من ممارسة القضاء، وأن الشريعة قررت مبدأ الولاية المتبادلة بين الرجل والمرأة في سائر شؤون الحياة، لقوله تعالى في محكم تنزيله "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله".

عدم اشتراط الذكورية

وأكد الأعضاء الثلاثة أن نظام القضاء السعودي الصادر في الأول من شهر أغسطس (أب) 2016، لم يشترط الذكورة، وشملت الاشتراطات أن يكون سعودي الجنسية بالأصل، وحسن السيرة والسلوك، ومتمتعاً بالأهلية الكاملة للقضاء بحسب ما نص عليه شرعاً، وأن يكون حاصلاً على شهادة إحدى كليات الشريعة بالسعودية أو شهادة أخرى معادلة لها، شرط أن ينجح في الحالة الأخيرة في امتحان خاص يعده المجلس الأعلى للقضاء، وألا تقل سنه عن 40 (إذا كان تعيينه في درجة قاضي استئناف) وعن 22 سنة (إذا كان تعيينه في إحدى درجات السلك القضائي الأخرى)، وأن لا يكون محكوماً عليه بجريمة مخلة بالدين أو الشرف، أو صدر في حقه قرار تأديبي بالفصل من وظيفة عامة، ولو كان قد رد إليه اعتباره.

 كما استند مقدمو التوصية إلى انضمام السعودية إلى العديد من المواثيق الدولية التي لا تفرق بين الرجل والمرأة في الحقوق بما فيها حق تولي الوظائف العامة، ومنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948، اتفاق القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو" 1979، المبادئ الأساسية بشأن استقلال السلطة القضائية التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بقراريها رقم 40/32 في عام 1985، ورقم 40/146 عام 1985، التي تنص على أنه "لا يجوز عند اختيار القضاة أن يتعرض أي شخص للتمييز على أساس العنصر أو اللون أو الجنس" (الميثاق العربي لحقوق الإنسان).

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير