Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الإنفلونزا تهاجم المصريين بضراوة والحكومة تطمئن

غيابات في المدارس تجنباً للعدوى ومتخصصون: لا فيروسات غامضة والوضع الصحي "تحت السيطرة"

الجهاز المناعي لدى عدد كبير من المواطنين "ليست لديه مناعة كافية ضد هذه السلالات القوية"، وفق متخصصين (مواقع التواصل)

ملخص

على رغم التحذيرات الطبية المتكررة، يلجأ بعضهم إلى تركيبة دوائية لعلاج أدوار البرد بسرعة، تحقن في بعض الصيدليات، مما يتسبب في تداعيات خطرة قد تصل إلى الوفاة.

"الدور اللي ماشي"، هكذا يشخص المصريون تزايد حالات الإصابة بأمراض تنفسية خلال الأسابيع الأخيرة، فشدة الأعراض أقسى من أن توصف بأنها "دور برد" كالذي اعتاده الجميع عند بداية فصل الشتاء، بينما تنفي الحكومة وجود فيروس جديد في البلاد.

ارتفاع الحرارة والسعال والرشح قواسم مشتركة بين معظم الأطفال المصابين في فصل جودي أشرف، الطالبة في الصف الأول الإعدادي بإحدى مدارس مدينة نصر شرق العاصمة القاهرة، وبعد أيام من رفض والد الطالبة التغيب عن الدراسة كإجراء احترازي إثر إصابة عدد من زملائها بنزلات برد، شعرت جودي بالأعراض نفسها. وحين قرر والداها عرضها على طبيب في أحد المستشفيات القريبة من المنزل، أجرى الأب مكالمة بالمستشفى في الثالثة عصراً ليتفاجأ أن ترتيبها 140 بين الحاجزين، في حين خصصت المستشفى "غروب" على "واتساب" لإخبار المرضى بقرب موعدهم بدلاً من التكدس داخل المستشفى ونقل العدوى إلى المترددين على العيادات الأخرى.

روت الأم دعاء سيد لـ"اندبندنت عربية" أنه مع طول الانتظار وحلول منتصف الليل قررت تجاهل موعد العيادة وتجربة الأدوية المعتادة لخفض الحرارة التي بدأت تؤتي نتيجة جيدة، وإلزام ابنتها الراحة التامة وإبلاغ المدرسة بمرضها.

عودة الكمامات

التخوف من الإصابة لوحظ مع تزايد ارتداء مواطنين للكمامات في المواصلات والشوارع، بخاصة كبار السن الذين تزداد لديهم شدة الأعراض. ويقول عبدالرحمن سيد إن والده (65 سنة) أصيب بأعراض حادة لنزلة البرد المنتشرة حالياً أعادت لهم الذكريات السيئة لدى إصابته بفيروس كورونا قبل خمسة أعوام ونتجت منها مشكلات مستمرة في الرئة.

وأضاف أنهم اضطروا إلى نقل والده لأحد مستشفيات محافظة القليوبية بعد ارتفاع حاد في درجة الحرارة، ولجأ الأطباء إلى حجزه ثلاثة أيام خضع فيها لبروتوكول علاجي يتماشى مع وضعه الصحي المضطرب، وغادر بعدها المستشفى مع توصية من الأطباء بالراحة التامة والتزام العلاج وتناول الطعام الصحي والإكثار من السوائل، وبعد نحو 10 أيام من مغادرة المستشفى تحسنت حاله الصحية ولكنه لا يزال يعاني بعض السعال والإجهاد.

 

زحام العيادات والمستشفيات يعد ترجمة لتصريح مستشار رئيس الجمهورية لشؤون الصحة والوقاية محمد عوض تاج الدين بأن معدلات الإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا أكثر من أعوام سابقة، مشيراً خلال تصريحات تلفزيونية إلى أن هناك عدداً كبيراً من الفيروسات التنفسية المعتادة، لكن نحو 60 في المئة من المصابين لديهم فيروس H1N1 من فئة الإنفلونزا، نافياً وجود فيروسات جديدة.

ولفت تاج الدين وهو وزير سابق للصحة ومتخصص في الأمراض الصدرية إلى أن 90 في المئة من أعراض المصابين متشابهة، وهي ألم في الحلق وارتفاع في الحرارة وعطس، وجميعها تعالج بالمسكنات.

وطمأن المواطنين بأن الوضع الصحي تحت السيطرة، واصفاً الإصابات بأنها "ظاهرة طبيعية" ترتبط بتغير الفصول، وأن موجة الإصابات ستنتهي وداعياً إلى عدم ذهاب الأطفال المصابين إلى المدارس تجنباً للعدوى.

رعب في المدارس

واستبق عدد من المدارس الخاصة تلك التصريحات، ومن بينها مدرسة خاصة في منطقة "فيصل" بمحافظة الجيزة (جنوب القاهرة)، أرسلت تنبيهات إلى أولياء الأمور بمنع أبنائهم من الحضور مهما طالت مدة الإجازة لحين شفائهم بصورة كاملة منعاً لتفشي العدوى بين الطلاب.

ويقول سمير سعيد، والد فريدة الطالبة في الصف الثاني الابتدائي بالمدرسة، إنه وكثراً من أولياء الأمور لم يرسلوا أبناءهم إلى المدرسة خلال الأسبوعين الأخيرين مع زيادة حالات الإصابة خشية انتقال العدوى ضمن الفصول أو أثناء وجود التلامذة في الحافلة المدرسية.

وأضاف أن المدرسة ألزمت المدرسين والطلاب ارتداء الكمامة مرة أخرى، بخاصة داخل الفصول مع الاهتمام بنظافتها وتعقيمها بصورة مستمرة، وعلى رغم ذلك يتمسك بعدم ذهاب ابنته إلى المدرسة إلا في أيام الامتحانات، خصوصاً مع قرب إجازة منتصف العام، مشيراً إلى أن الوضع ليس كالمعتاد في كل شتاء، بل يذكره بأجواء جائحة كورونا ولكن على نطاق أصغر.

لا فيروسات جديدة

لكن وزارة الصحة نفت وجود فيروسات جديدة، وقبل أيام عقد وزير الصحة والسكان خالد عبدالغفار مؤتمراً صحافياً أكد خلاله أن "لا انتشار لفيروسات تنفسية جديدة أو غير معروفة"، ونفى كذلك وجود فيروس "ماربورغ" في مصر، وهو فيروس نادر سُجل في بعض الدول الأفريقية، وعزا حالات الإصابة إلى زيادة نشاط الإنفلونزا الموسمية في هذا التوقيت من كل عام، وشدد ممثل منظمة الصحة العالمية في مصر نعمة عابد بدوره على أن الوضع الصحي في البلاد مطمئن.

استشاري أمراض الحساسية والمناعة أمجد الحداد، أكد غياب ما يسمى "فيروساً خفياً" في مصر، وأضاف أن منظمة الصحة العالمية ترصد الأوبئة عالمياً، ولا يمكن إخفاء شيء يتعلق بالصحة العامة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضح الحداد في تصريح خاص أن ما يشهده الشارع من ارتفاع في معدلات الإصابة بأعراض تنفسية يعود لعدوى موسمية ما قبل الشتاء، مشيراً إلى أن فيروس الإنفلونزا هذا العام أكثر شراسة، لكن كثراً يستخفون به، مما يؤدي إلى مضاعفات قد تصل إلى التهاب رئوي أو حتى دخول العناية المركزة في بعض الحالات، خصوصاً عند الإصابة بسلالة H1N1.

وأكد أن الجهاز المناعي لدى عدد كبير من المواطنين "ليست لديه مناعة كافية ضد هذه السلالات القوية، مما يجعل الأعراض أشد من المعتاد، بخاصة ارتفاع الحرارة والإجهاد"، داعياً المواطنين إلى عدم التهاون في التعامل مع الإنفلونزا الموسمية، والحصول على الراحة الكافية ومتابعة الأعراض، واللجوء إلى الطبيب عند استمرار الحرارة أو صعوبة التنفس، ونصح بأخذ لقاح الإنفلونزا لأنه يقلل الأعراض.

كذلك، أوضح أستاذ اقتصاديات الدواء وعلم انتشار الأوبئة إسلام عنان أن "فيروس الإنفلونزا الأكثر انتشاراً خلال الشتاء الحالي، يليه الفيروس المخلوي، وأخيراً فيروس كورونا"، موضحاً أن تركيبات الفيروسات تتغير في كل فصل.

وعن قوة الموجة الحالية للإنفلونزا في مصر، شرح أنه يجري تحديدها على ثلاثة أسس، أولها نسبة الوفيات وهي ثابتة حالياً، وثانيها معدل دخول الرعاية المركزة في المستشفيات مما لم تتغير، وثالثاً قوة الانتشار وهي أعلى حالياً من معدلاتها خلال عامي 2020 و2021، بخاصة بين الأطفال.

ورأى مبالغة غير مبررة في شأن انتشار نزلات البرد حالياً، في ظل ثبات معدلات الوفيات ودخول المستشفيات، مشيراً إلى أن علاجها بتناول أدوية لتخفيف أعراضها مثل درجة الحرارة والكحة.

تداعيات كورونا

وكان المتحدث باسم وزارة الصحة حسام عبدالغفار أكد أن معدلات الإصابة بالفيروسات التنفسية تسير وفق معدلاتها الطبيعية السنوية المعتادة، لافتاً إلى عدم وجود أية زيادة تستدعي القلق مقارنة بالأعوام الخمسة الماضية، وأوضح خلال مؤتمر صحافي قبل أيام أن ما تغير فقط هو نوعية الفيروسات المنتشرة، إذ عاد فيروس الإنفلونزا الموسمية لتصدر المشهد بدلاً من فيروس كورونا الذي كان سائداً في السنوات السابقة.

 

وفسر عنان أسباب انتشار الإنفلونزا حالياً بأن الإغلاق التام وقت تفشي وباء كورونا تسبب في عدم تعرض الأطفال للفيروس، بالتالي افتقدوا المناعة المجتمعية، مضيفاً أنه مع انحسار كورونا أصبحت الإنفلونزا أقوى في تركيبتها وأعراضها، فضلاً عن تحورها من عام إلى آخر. ولفت إلى أن فيروس كورونا ترك مضاعفات على بعض المرضى، من بينها تضرر الرئة بصورة لا يمكن معالجتها، بالتالي أصبحت مناعتهم أضعف أمام الإنفلونزا.

ونصح بتناول لقاح الإنفلونزا لأنه يقلل الأعراض ويمنع الوفاة ودخول المستشفيات، نافياً ما تردد عما يسمى "هروب مناعي من اللقاح" على مواقع التواصل الاجتماعي.

وحذر عنان من تناول ما يسمى "حقنة البرد"، إذ تحوي الكورتيزون الذي يسبب مشكلات في المناعة، مؤكداً أن "لا داعي لها لأن الإنفلونزا عدوى فيروسية ولا تحتاج إلى مضادات حيوية إطلاقاً، ويجب تشديد الرقابة والعقاب على من يعطي تلك الحقن لأن ذلك يعد تلاعباً بحياة المرضى".

وعلى رغم التحذيرات الطبية المتكررة، يلجأ بعضهم إلى تركيبة دوائية لعلاج أدوار البرد بسرعة، تحقن في بعض الصيدليات، مما يتسبب في تداعيات خطرة قد تصل إلى الوفاة.

ونقلت وسائل الإعلام الأسبوع الماضي نبأ وفاة شاب داخل أحد المستشفيات الكبرى في القاهرة بعد إصابته بحال إعياء شديدة، وقال شقيقه ضمن محضر الشرطة إن المتوفى كان حصل على "حقنة البرد" داخل صيدلية.

وكانت وزارة الصحة أصدرت بياناً في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي للتحذير من تلك الحقنة التى يطلق عليها "الخلطة السحرية لعلاج البرد"، وتتكون من مضاد حيوي إضافة إلى مسكن للآلام وكورتيزون، ويقبل عليها بعض الناس بهدف التعافي السريع.

وأوضحت الوزارة أن مكونات الحقنة تسبب أضراراً كبيرة، إذ لا تعالج المضادات الحيوية نزلات البرد لأنها عدوى فيروسية، ثم إن الكورتيزون يسبب ضعفاً في المناعة وله أضرار كبيرة على مرضى السكري وارتفاع ضغط الدم، والاستخدام المتكرر لخافض الحرارة يسبب مشكلات صحية لمرضى الكبد والقلب والسكري والربو.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات