Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

منازل غزة المتصدعة تتهاوى… والشتاء يفاقم الخطر

قتل العشرات وأصيب المئات نتيجة سقوط مساكنهم والدفاع المدني يرجع سبب لجوئهم إليها لغياب الخيام

اقتراب فصل الشتاء يمثل خطراً إضافياً على المباني غير الصالحة للسكن (أ ف ب)

ملخص

في فصل الشتاء تزيد فرص انهيار منازل الغزيين، لكن حياة الخيام المرة تجبر الأهالي على العيش في أشباه بيوت.

كانت رندة تدق على حائط شقتها السكنية بواسطة مطرقة ثقيلة تحاول تثبيت مسمار، وفجأة سمعت صوت طقطقة غريبة، في البداية تجاهلت الأمر إذ ظنت أن ذلك الصوت كان نتيجة الطرق على الجدار، لكن ما حدث مع زوجها كان صادماً وجعلها تقتنع أن حياة الخيام ربما تنجي أسرتها من الموت.

عادت أسرة رندة أخيراً إلى ما تبقى من بيتها في مدينة غزة، من رحلة نزوح قاسية في جنوب القطاع، وانشغل جميع أفراد العائلة في ترميم الشقة السكنية كي تصبح ملائمة للعيش كمأوى موقت لهم لحين إعادة البناء، وبدأت ورشة الصيانة على رغم أن البيت مصنف أنه مدمر جزئياً غير صالح للسكن.

شبه منزل

بيت رندة تعرض لأضرار كبيرة، بالأعمدة الأساسية مفرغة من الأسمنت، والجدران جميعها تساقطت في الحرب، والأكثر رعباً أن البناية مائلة، أما المخيف أن سقوف العمارة متصدعة وبها ثغور كبيرة، وعلى رغم كل هذا الدمار فإن السيدة أبت أن تعيش في الخيمة.

بدأت الإصلاحات، ركب الزوج رائد شوادر من النايلون المقوى بدلاً من الجدران، وساعدته رندة في أعمال الترتيب والصيانة، وأثناء تجهيز المنزل لم يخطر ببال أحد من أفراد الأسرة أن هذا الإنشاء المدمر بشكل بليغ قد يسقط بأي لحظة ويسحقهم جميعاً أسفل الأسقف الخرسانية.

أثناء الصيانة لاحظت رندة أن ما تبقى من جدران داخلية يتشقق باستمرار، وعندما وضع زوجها برميل المياه للاستخدام اليومي في الطابق العلوي، وبدأ تعبئته حتى نصفه فقط فوجئ بحدوث انهيار داخل المبنى، فقد شكّل وزن البرميل ضغطاً كبيراً على السقف المتضرر والآيل للسقوط، مما أدى إلى انهيار جزء منه.

طقطقة مرعبة

يعلق رائد "لحسن الحظ لم يصب أحد، لكن الحادثة كانت كفيلة بإقناع زوجتي بأن البقاء داخل تلك الغرف يشكل خطراً كبيراً على حياتنا، وعلى رغم ذلك أكملنا حياتنا في البيت من دون أن يخطر ببالنا أن العمارة على وشك السقوط والانهيار".

أثناء النوم سمعت رندة صوت طقطقة غريبة وهذه المرة أكثر وضوحاً، أيقظت زوجها ليسمع، وصعق من ترددات الصوت المستمرة، خافت السيدة على صغارها وفي حلكة الظلام حملتهم وهربت من البيت إلى الشارع، تصرخ "لا أريد الموت تحت الأنقاض، لقد تقبلت حياة مريرة لأجل أن أنقذ عائلتي من الإبادة".

بهدوء تحدثت السيدة مع زوجها رائد واتفقا معاً على العودة إلى حياة الخيام، لكنها اختارت نصب مأواها القماشي أمام ركام منزلها كحل أكثر أماناً على رغم قسوته، تقول "واصلنا على مدى ثلاثة أيام إزالة الردم تمهيداً للعيش في بيتنا، ثم سمعنا فجأة صوت طقطقة من السقف، وتوقعنا أن يكون الأمر عادياً ولا يمثل خطراً علينا، لكن أجزاء من السقف انهارت في أثناء وجودنا، ونجونا بأعجوبة وبعدها ألغينا قرار العودة إلى السكن في البيت".

مساكن قليلة

بسبب الحرب على مدينة غزة لم تنجُ إلا بيوت قليلة، صحيح أنها ما زالت قائمة لكن بها أضرار بليغة تؤثر في بنيتها، مما يجعلها غير صالحة للسكن نتيجة تدمير أعمدتها، أو ظهور ميل واضح في كامل المبنى، أو تقوس الأسقف.

أثناء عملية "عربات جدعون 2" فجر الجيش الإسرائيلي أكثر من 200 روبوت مفخخة يحمل كل واحد نحو خمسة أطنان من القنابل، مما أدى إلى تدمير أبنية بالكامل وإضعاف بنية المربعات السكنية التي انفجرت فيها، إضافة إلى تكرار ضرب المنازل بالأحزمة النارية التي تسببت في تدمير عدد كبير من أعمدة المباني السكنية.

تحولت بقايا المنازل القائمة إلى خطر مرعب قاتل، يهدد الحياة في المدينة، وعلى رغم كل هذا الدمار فإن الأهالي قرروا إصلاح أجزاء من تلك المنازل المتضررة من أجل السكن فيها، مفضلين الحياة تحت الخطر على حياة الخيام ومراكز الإيواء.

خطر على الجيران

بينما كان زكريا يحاول إزالة الركام من مخازن عمارته السكنية ليعيش فيها، انهار سقف الطابق الأول من الجهة الجنوبية، على زاوية بعيدة من منزله الذي بات على وشك الانهيار، يقف الرجل يقلب صوراً لشقته قبل الحرب، بحسرة يقول "أصبح ركاماً والآن عرضة للسقوط".

يركض مسرعاً ويصعد الدرج يتفقد الطوابق العلوية التي تظهر ميلاً واضحاً، ويضيف زكريا "هذه البناية قد تسقط بأي لحظة، إنها تمثل خطراً أيضاً على المارة والجيران، كنت أظن أن حياة الخيام انتهت وسأعود للعيش تحت سقف باطون".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

قبل سقوط أجزاء من السقف جلب زكريا أحد المهندسين المعماريين، الذي أوصى بتركيب دعامات بناء، لكن وعلى رغم تركيبها انهار جزء من البناء، بسرعة استدعى الرجل طواقم الدفاع المدني لفحص المبنى، يتابع "أبلغوني أن الواجهة الشمالية هي الأمتن، لكن طلبوا من عائلتي عدم السكن في البيت لأن أي انهيار جديد سيؤثر في كامل المبنى".

ينظر زكريا حوله، ويشير بإصبعه إلى رجل يمشي بعيداً ويقول "لقد طلب مني هذا الشخص استئجار شقة على رغم خطورة المبنى، لقد كان حاضراً عند انهيار السقف، هذا دليل على الحال الكارثية التي نعيشها، الأشخاص هنا لا يكترثون للعيش في منازل تهدد حياتهم، فالمهم هو التخلص من حياة الخيام التي تشبه الموت البطيء".

الشتاء يزيد الخطر

ينظف حمزة غرفتين في الطابق الأول من منزله شبه المدمر، الذي لا يصلح للسكن بعد أن طاول القصف أعمدة أساسية وأدت الانفجارات إلى تجويف واضح في الأسطح، يقول "لا بديل لنا سوى السكن في هذا المنزل على رغم الخطر المحدق الذي يهدد حياتنا".

الليلة السابقة تصدع الطابق الذي يعلو الغرفتين وسقطت حجارة على حمزة، يضيف "كنت أسمع طقطقة السقف، وهذا الصوت إشارة إلى قرب انهيار المبنى، نعيش هنا لأنه لا تتوفر أماكن فارغة في الشوارع".

اقتراب فصل الشتاء يمثل خطراً إضافياً على المباني غير الصالحة للسكن، إذ تزيد الأمطار والرياح من التصدعات، يقول المدير التنفيذي لشبكة المنظمات الأهلية أمجد الشوا "نسبة الدمار في مدينة غزة تتجاوز 85 في المئة من البنية التحتية والمباني، كل الأحياء تعرضت للتدمير، مما يعني أن أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني فقدوا منازلهم".

ويضيف الشوا "على رغم الأخطار يعيش سكان غزة أسفل سقوف قد تتهاوى على رؤوسهم في أي لحظة فقط ليهربوا من حياة الخيام، وبحثاً عن مأوى يحميهم من البرد والتشرد، إنهم يحاولون ترميم ما يمكن ترميمه منها والعيش داخلها على رغم أنها آيلة للسقوط، يختار كثر العودة إليها بعد أن ذاقوا قسوة الحياة".

المنازل تتهاوى

بعد توقف القتال، سجلت حوادث انهيار متكررة في منازل شبه مدمرة عاد أصحابها للسكن فيها، مما أدى إلى سقوط عدد من الضحايا بينهم أطفال، يقول المتحدث باسم جهاز الدفاع المدني محمود بصل "التدمير الواسع للمباني جراء الحرب أجبر المواطنين على العيش في بيوت مدمرة جزئياً حتى لو كانت آيلة للسقوط"، ويضيف "حذرنا الغزيين من العودة إلى منازلهم الآيلة للسقوط، إن الاقتراب منها يشكل خطراً مباشراً على حياتهم، وبالفعل قتل العشرات وأصيب المئات نتيجة انهيار المنازل المتصدعة، اللجوء لهذه المباني يعود إلى غياب البدائل وامتناع إسرائيل عن إدخال الخيام اللازمة لإيوائهم".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير