ملخص
كشف الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن استراتيجيته للأمن القومي وينقل فيها تركيز واشنطن من الهيمنة العالمية إلى الجوار الإقليمي، مع إعطاء أولوية لأميركا اللاتينية والحد من الهجرة الجماعية، وتقليص الاهتمام بالشرق الأوسط. الوثيقة تحذّر من "زوال الحضارة الأوروبية" فيما تواصل اعتبار الصين المنافس الاقتصادي الأبرز.
عرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب، اليوم الجمعة، استراتيجية تقوم على تحول جذري في سياسة الولايات المتحدة الخارجية تنقل تركيز القوة العظمى من الساحة العالمية إلى الجوار الإقليمي وتنذر بزوال الحضارة الأوروبية وتضع الحد من الهجرة الجماعية على رأس أولوياتها.
وبناءً على وثيقة الأمن القومي التي تحدد رؤية خارجة عن المألوف للعالم، تتصدّر أميركا اللاتينية أجندة الولايات المتحدة في تحوّل جذري عن دعوتها تاريخياً للتركيز على آسيا في مواجهة صعود الصين، مع تسجيل تراجع كبير في اهتمام الإدارة الحالية بالشرق الأوسط.
وقال ترمب في تمهيد للوثيقة المنتظرة منذ مدة طويلة، "في كل ما نفعله، نضع أميركا أولاً".
الهيمنة العالمية
في قطيعة مع عقود من المساعي الرامية إلى الانفراد بموقع القوة العظمى، تؤكد الاستراتيجية أن "الولايات المتحدة ترفض أن تنتهج بنفسها المبدأ المشؤوم للهيمنة على العالم".
وإن كانت تشير إلى أن الولايات المتحدة ستمنع قوى أخرى، لا سيما الصين، من الهيمنة أيضاً، فهي تؤكد أن "ذلك لا يعني هدر الدماء والأموال للحد من نفوذ جميع قوى العالم العظمى والمتوسطة".
وتعهّدت الاستراتيجية "تعديل حضورنا العسكري العالمي للتعامل مع التهديدات العاجلة في الجزء الذي نحن فيه من الكرة الأرضية، بدءاً من الهجرة"، فالاستراتيجة تؤكد أن "عصر الهجرة الجماعية يجب أن ينتهي".
أوروبا
وتوضح أن الولايات المتحدة في عهد ترمب ستسعى إلى تحقيق أهداف مشابهة في أوروبا، تتوافق مع أجندات أحزاب اليمين المتشدد.
وفي لغة غير مألوفة عند مخاطبة حلفاء مقرّبين، تشير الاستراتيجية إلى أن الإدارة الأميركية ستعمل على "تنمية المقاومة لمسار أوروبا الحالي داخل البلدان الأوروبية نفسها".
وجاء الرد الألماني سريعاً، إذ شددت برلين على أنها ليست بحاجة إلى من يعطيها "نصائح من الخارج".
وتشير الاستراتيجية إلى تراجع حصة أوروبا في الاقتصاد العالمي، وهو أمر ناجم إلى حد كبير عن صعود الصين وغيرها من القوى، وتقول إن "التراجع الاقتصادي يطغى عليه احتمال حقيقي وأكثر وضوحاً يتمثل بالمحو الحضاري.. إذا استمرت الاتجاهات الحالية، فلن يعود من الممكن التعرّف إلى القارة في غضون 20 عاماً أو أقل".
وفي وقت يسعى ترمب إلى وضع حد للحرب في أوكرانيا بموجب خطة تمنح روسيا مزيداً من الأراضي، تتهم الاستراتيجية الأوروبيين بالضعف وتؤكد أن على الولايات المتحدة أن تركّز على "محو الانطباع بأن ’الناتو‘ حلف يتمدّد بلا انقطاع، والحيلولة دون تجسّد ذلك على أرض الواقع".
أميركا اللاتينية
منذ عودته إلى السلطة في يناير (كانون الثاني) الماضي، أمر ترمب بالحد بصورة كبيرة من الهجرة بعد مسيرة سياسية بُنيت على إثارة المخاوف من تراجع نفوذ ومكانة الغالبية البيضاء.
وتتحدّث الاستراتيجية صراحة عن تعزيز هيمنة الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية حيث تستهدف إدارة ترمب مهرّبي مخدرات مفترضين في البحر وتتدخل ضد قادة يساريين وتسعى علناً إلى السيطرة على موارد رئيسة مثل قناة بنما.
وتظهر الاستراتيجية ترمب على أنه يعمل على تحديث "مبدأ مونرو" القائم منذ قرنين الذي أعلنت في إطاره الولايات المتحدة التي كانت حديثة العهد حينذاك أن أميركا اللاتينية منطقة محظورة على القوى المنافسة، فهي تقول "سنعلن ونطبّق ملحق ترمب على مبدأ مونرو".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الشرق الأوسط
في المقابل، تولي الاستراتيجية اهتماماً أقل بالشرق الأوسط، المنطقة التي لطالما شغلت واشنطن.
وفي إشارة إلى الجهود الأميركية لزيادة إمدادات الطاقة في الداخل وليس من الخليج، تنص الاستراتيجية على أن "هدف أميركا التاريخي للتركيز على الشرق الأوسط سيتراجع".
ومع التذكير بأن أمن إسرائيل أولوية بالنسبة إلى واشنطن، تتجنب الوثيقة استخدام اللغة نفسها حيال إسرائيل التي كانت تُستخدم حتى في إدارة ترمب الأولى.
الصين
أما بالنسبة إلى الصين، فتكرر الاستراتيجية الدعوة لتكون منطقة آسيا والمحيط الهادئ "حرة ومفتوحة" مع التركيز على بكين كمنافس اقتصادي في المقام الأول.
وبعد تكهّنات كثيرة في شأن ما سيكون عليه موقف ترمب من تايوان التي تطالب بها بكين، توضح الاستراتيجية أن الولايات المتحدة تؤيد الوضع القائم منذ عقود لكنها تدعو حليفتيها اليابان وكوريا الجنوبية إلى الإسهام أكثر لضمان قدرة تايوان على الدفاع عن نفسها أمام الصين.
أفريقيا
وكما هو متوقع، تركّز الاستراتيجية بدرجة أقل على أفريقيا، قائلةً إن على الولايات المتحدة الابتعاد عن "الفكر الليبرالي" و"العلاقة القائمة على المساعدات" والتأكيد على أهداف على غرار تأمين المعادن الحيوية.
ويصدر الرؤساء الأميركيون عادةً "استراتيجية للأمن القومي" في كل ولاية لهم في البيت الأبيض، والاستراتيجية الأخيرة التي نشرها الرئيس السابق جو بايدن في 2022، منحت أولوية للتفوق في المنافسة مع الصين مع كبح جماح روسيا التي وُصفت بأنها "خطرة".