ملخص
منذ أسابيع تشن "الدعم السريع" هجمات متواصلة على مقر قيادة الفرقة 22 مشاة في مدينة بابنوسة، آخر مقار الجيش في ولاية غرب كردفان، حيث تتواصل المعارك والمواجهات في المدينة المحاصرة منذ أكثر من عام. وشهدت المحاور القتالية في جنوب كردفان تصعيداً مفاجئاً خلال الأيام الماضية من جانب "الدعم السريع" وقوات الحركة الشعبية المتحالفة معها حيث شنت على 4 أيام متواصلة هجمات متتالية على حامية كرتالا التابعة للجيش شرق مدينة كادوقلي عاصمة الولاية.
شنت قوات الجيش السوداني والمجموعات المساندة له، أمس الأحد، عمليات عسكرية واسعة أسفرت عن استعادة بلدتي الدامرة والتبسة غرب مدينة العباسية كبرى مدن ولاية جنوب كردفان، من قبضة قوات الحركة الشعبية - شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو، المتحالفة مع قوات "الدعم السريع" بعد معارك عنيفة بين الطرفين. وأوضحت مصادر ميدانية أن التقدم الذي أحرزه الجيش والمجموعات المتحالفة معه سيعزز فرصه في التقدم بمناطق أخرى باتجاه مواقع حقول البترول في غرب كردفان. وكان الجيش السوداني قد استبق توسعه في منطقة الجبال الشرقية بجنوب كردفان بتكثيف قصفه المدفعي وضرباته الجوية والمسيرة على المواقع المتقدمة التي تستخدمها قوات الحركة الشعبية التي كانت تشكل تهديداً لقوات الجيش.
انهيار وقف العدائيات
واستهدف الطيران الحربي للجيش مواقع تمركزات "الدعم السريع" والحركة الشعبية في محيط منطقة العباسية بجنوب كردفان، سبقها بضربات جوية مكثفة على منطقة كاودا المعقل الرئيس للحركة الشعبية، للمرة الأولى منذ أكثر من 10 أعوام، في إشارة إلى انهيار اتفاق وقف العدائيات الذي كان موقعاً بين الحركة وحكومة عمر البشير منذ عام 2012، وظل يتجدد تلقائياً خلال الفترتين الانتقالية الأولى والثانية. ومنذ فبراير (شباط) الماضي، أعلنت الحركة الشعبية شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو تحالفها مع "الدعم السريع"، من خلال تحالف السودان التأسيسي "تأسيس" الذي جرى الإعلان عنه في العاصمة الكينية نيروبي، وتولى بموجبه الحلو موقع نائب المجلس الرئاسي للتحالف إلى جانب مشاركة حركته في الحكومة الموازية التابعة له، التي تتخذ من مدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور مقراً لها.
واتهمت الحركة الشعبية الجيش بقصف مناطق مدنية مأهولة في نطاق سيطرتها أدت إلى مقتل 45 شخصاً معظمهم من طلاب المدارس، وإصابة ثمانية بينهم نساء وأطفال في بلدة كمو في جنوب كردفان. ومنذ أكثر من أسبوع تتصاعد بصورة مطردة المواجهات العسكرية بين الجيش و"الدعم السريع" وحليفتها الحركة الشعبية في جنوب كردفان، إثر شن الأخيرين هجومين على حامية كرتالا التابعة للجيش بالمنطقة لقطع الطريق أمام تحركات الجيش ومساعيه لفك الحصار عن مدينتي كادوقلي والدلنج.
في غرب كردفان شنت مقاتلات الجيش غارات استهدفت مواقع "الدعم السريع"، لا سيما مستودعات الأسلحة وعرباتها القتالية وعتادها ومعداتها الثقيلة في مدينة النهود وتسببت في خسائر كبيرة. وتواصلت في المحور نفسه المواجهات البرية والمدفعية والمسيرات بين "الدعم السريع" وقوات الفرقة 22 للجيش بمدينة بابنوسة، التي تشهد سلسلة هجمات مستمرة بغرض إسقاط مقر الجيش والسيطرة على المدينة.
وتصدت قوات الجيش مسنودة بالطيران الحربي والمسيرات، لهجوم جديد من "الدعم السريع" على الدفاعات المتقدمة لمقر الفرقة 22 للجيش بالمدينة، وكبدتها خسائر كبيرة.
ومنذ أسابيع تشن "الدعم السريع" هجمات متواصلة على مقر قيادة الفرقة 22 مشاة في مدينة بابنوسة، آخر مقار الجيش في ولاية غرب كردفان، حيث تتواصل المعارك والمواجهات في المدينة المحاصرة منذ أكثر من عام. وشهدت المحاور القتالية في جنوب كردفان تصعيداً مفاجئاً خلال الأيام الماضية من جانب "الدعم السريع" وقوات الحركة الشعبية المتحالفة معها حيث شنت على مدى أربعة أيام متواصلة هجمات متتالية على حامية كرتالا التابعة للجيش شرق مدينة كادوقلي عاصمة الولاية.
خنق الإمدادات
في شمال كردفان أشارت مصادر عسكرية "إلى أن الجيش تمكن من خنق معظم خطوط إمدادات العدو بصورة شبه كاملة مما دفع مجموعات كبيرة من عناصره إلى التراجع والانسحاب واستسلام مجموعات أخرى، بخاصة في جبهات غرب بارا والأبيض عاصمة شمال كردفان، نتيجة التزايد في خسائره البشرية والنقص الحاد في المؤن، وانقطاع التواصل بين القيادات الميدانية وعناصرها". وكان الجيش قد صعد خلال الأسابيع الماضية من عملياته العسكرية بشمال كردفان، كما دفع بتعزيزات بشرية ولوجيستية كبيرة وكثف من غاراته الجوية والمسيرة في شمال وغرب وأجزاء من جنوب كردفان ضد المواقع التي يسيطر عليها "الدعم السريع" والحركة الشعبية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تقرير صادم
في شمال دارفور كشفت المقاومة الشعبية بالولاية أن مدينة الفاشر عاصمة الولاية، تعيش وضعاً إنسانياً بالغ الخطورة منذ سيطرة "الدعم السريع" عليها في 26 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. ووفق المتحدث باسم المقاومة أبو بكر أحمد الإمام "لا يزال المدنيون يتعرضون للحصار والاعتقال وسط انهيار الخدمات الأساسية، بما في ذلك الاتصالات والخدمات الصحية". وذكر تقرير صادم استند إلى شهادات مباشرة من داخل المدينة "أن المدنيين داخل المدينة، إما في القبور تحت الأرض بالتصفية المباشرة أو داخل الزنازين بالسجون"، مشيراً إلى اقتياد آلاف المدنيين على أساس الانتماء المناطقي أو القبلي بعد مداهمة منازلهم أو في نقاط التفتيش من الشباب والناشطين الطوعيين، وترحيلهم في شاحنات كبيرة إلى سجني شالا بالفاشر ودقريس في نيالا بجنوب دارفور.
ولفت التقرير إلى أن "الدعم السريع" حولت مستشفى الأطفال شرق المدينة إلى معتقل، لاحتجاز مئات المدنيين، عقب طرد الطاقم الطبي واستخدام عنابر التنويم للتحقيق والتعذيب، فضلاً عن استخدام المستشفى الجنوبي، ومدرسة السلام في أب وشوك، ومباني جامعة الفاشر، كمواقع للاحتجاز القسري والتعذيب، وكشف التقرير عن مواقع لحرق ودفن الجثث في شرق مستشفى الأطفال ومنطقة قرني شمال غربي الفاشر وقرب عمارة عباس كريم، وفي منطقة الحفرة الكبيرة على الطريق بين الفاشر وجبل وانا، وغرب مقر بعثة "اليوناميد" وقشلاق (ثكنات) الجيش، وداخل مطار المدينة.
وأكدت المقاومة الشعبية أنها وثقت عمليات حرق الجثث في منطقة شرق مستشفى الأطفال بالفاشر، وفي الساحة المتاخمة له، وكذلك شمال غربي المدينة في منطقة قرني قرب مركز صحي تابع لـ"الدعم السريع"، إضافة إلى موقع شرق البورصة قرب منطقة الطاقة الشمسية. وأشار التقرير أيضاً إلى اعتقال "الدعم السريع" عديد من النساء واحتجازهن في مواقع سرية يصعب الوصول إليها.
استعداد البرهان
في الأثناء أكد رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان، استعداد حكومة السودان للتعامل مع الأمم المتحدة ووكالاتها العاملة في السودان من أجل تحقيق الأهداف المرجوة في مجالات العمل الإنسانية والتنموية والاجتماعية وغيرها. ورحب البرهان، خلال لقائه المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة رمطان لعمامرة، بمكتبه ببورتسودان، أمس، بجهود الأمين العام للأمم المتحدة واهتمامه الشخصي بملف سلام السودان، وقال إن الحكومة ترغب بتحقيق السلام في أرجاء البلاد كافة بما يرضي تطلعات الشعب السوداني. وجدد البرهان، بحسب إعلام مجلس السيادة، حرص الحكومة على مواصلة تعاونها مع الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي من أجل تحقيق الأمن والاستقرار في السودان والإقليم.
من جانبه أكد لعمامرة أن زيارته إلى السودان هدفت لمتابعة الأوضاع السياسية والأمنية والإنسانية بناء على رغبة الأمين العام للأمم المتحدة الذي ظل يراقب تطور الأحداث في السودان بصورة لصيقة. وإذ لفت إلى إدراكه التعقيدات التي تحيط بالأوضاع بالنسبة إلى الحكومة السودانية، قال إن الفرصة لا تزال متاحة لعقد حوار سوداني - سوداني يحقن الدماء ويحقق الأمن والاستقرار، مبدياً استعداد الأمم المتحدة لتقديم كل المساعدات من أجل تحقيق هذا الهدف.
وصول المساعدات
كما قدم رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس، خلال محادثاته مع لعمامرة، تنويراً شاملاً عن الأوضاع السياسية والأمنية في السودان، مؤكداً استعداد الحكومة للعمل والتنسيق مع الأمم المتحدة ووكالاتها لتحقيق الأمن والسلام في البلاد وضمان وصول المساعدات الإنسانية للمحتاجين، استناداً إلى خريطة الطريق التي قدمتها الحكومة للأمم المتحدة.
ونسبت وكالة السودان للأنباء "سونا" لعمامرة تأكيده أن الوضع في السودان يعد إحدى أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، إذ يواجه نحو 21.2 مليون سوداني مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي، وفقاً لأحدث تقارير التصنيف المرحلي المعني بقياس أزمات الجوع، محذراً من انتقال المجاعة التي أعلنت بكل الفاشر وكادوقلي في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى 20 منطقة إضافية في كل من دارفور وكردفان.
تنامي المجاعة
في سياق متصل، جدد برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة تحذيره من أن ملايين الأشخاص في السودان لا يزالون معزولين ويواجهون جوعاً كارثياً نتيجة استمرار الحرب لأكثر من عامين ونصف العام. وأشار البرنامج إلى استفحال المجاعة في أجزاء عدة من السودان على رغم من بداية انحساره بالمناطق التي يتمكن البرنامج من الوصول إليها بصورة مستمرة، ولفت البرنامج إلى أن التقدم المحرز في مجال مكافحة المجاعة لا يزال هشاً، إذ إن هناك الملايين لا يزالون معزولين بسبب النزاع ويواجهون جوعاً كارثياً.
ذكرى الكيماوي
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في رسالة بمناسبة يوم ضحايا الحرب الكيماوية إلى تجديد الالتزام العالمي بمنع استخدام الأسلحة الكيماوية. وأشار غوتيريش، في رسالة عبر منصات الأمم المتحدة، أمس الأحد، إلى مصادفة العام الحالي للذكرى الـ100 لتوقيع بروتوكول جنيف لعام 1925 الذي حظر استخدام هذه الأسلحة عقب ما خلفته الحرب العالمية الأولى من آثار مروعة، ولفت إلى التقدم المحرز بدخول اتفاقية الأسلحة الكيماوية حيز التنفيذ واتساع نطاق عضويتها لتصبح شبه عالمية، "إلا أن العمل لم يكتمل بعد في ظل استمرار استخدام الأسلحة الكيماوية وظهور أخطار جديدة نتيجة التطور العلمي والتقني الذي قد يجعل إنتاجها واستخدامها أكثر سهولة".