Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مستشفيات المغرب لها دور في دفع "جيل زد" إلى الشوارع

تردي الخدمات الصحية الحكومية حفزت الشباب للتظاهر والمطالبة بتلبية حاجات المواطنين

في عز الاحتجاجات ارتفعت حصيلة الوفيات في المستشفى الذي سماه المغاربة "مستشفى الموت" إلى ثماني ضحايا (أ ف ب)

ملخص

خرج آلاف الشباب إلى شوارع كثير من مدن المغرب طوال أيام متوالية تحت اسم حركة "جيل زد" يطالبون تحديداً بتطوير وضعية القطاع الصحي، ومعه التعليم، قبل أن يصعدوا من نبرة الشعارات المرفوعة بالمطالبة برحيل رئيس الحكومة نفسها.

أفاض حدث وفاة ثماني نساء حوامل عقب عمليات قيصرية خلال فترة زمنية وجيزة داخل مستشفى عمومي بمدنية أغادير كأس الغضب الذي كان يعتري صدور عديد من المغاربة بسبب تدهور أوضاع المستشفيات العمومية في البلاد، على رغم من الجهود والمبادرات التي تعلن عنها حكومة المغرب لتطوير الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين.

وخرج آلاف الشباب إلى شوارع كثير من مدن المملكة طوال أيام متوالية تحت اسم حركة "جيل زد"، يطالبون تحديداً بتطوير وضعية القطاع الصحي، ومعه التعليم، قبل أن يصعدوا من نبرة الشعارات المرفوعة بالمطالبة برحيل رئيس الحكومة نفسها.

وفي وقت نادى فيه المحتجون بضرورة تطوير الخدمات الصحية لتلبي حاجات المواطنين، وتحترم كرامتهم الإنسانية، أقرت الحكومة بوجود "أوجه قصور مزمنة ومتراكمة على مدى عقود"، غير أنها نواقص لا تنفي المنجزات والمكتسبات المحققة في القطاع المذكور، وفق الحكومة.

مستشفيات الموت

لم يكن أحد في المغرب يتصور أن وفيات سيدات حوامل في مستشفى حكومي بمدينة أغادير سيكون أحد أبرز الأسباب التي أشعلت جذوة احتجاج شباب "جيل زد"، وأنه بات مطلباً رئيساً لا محيد عنه رفعه المحتجون في شوارع أكثر من 23 مدينة وقرية.

وسارعت الحكومة بعد هذه الفواجع إلى اعتماد سياسة "العصا والجزرة" من خلال إنزال عقوبات الإعفاء على مسؤولين في قطاع الصحة لارتباطهم بتدبير الشأن الصحي في مدينة أغادير، لكنها خصصت أيضاً موازنة مالية كبيرة لإعادة تأهيل القطاع الصحي.

وفي عز احتجاجات شباب "جيل زد" ارتفعت حصيلة الوفيات في المستشفى العمومي ذاته الذي سماه المغاربة "مستشفى الموت" إلى ثماني ضحايا، بعد وفاة سيدة حامل أخرى، بعد إخضاعها لعملية قيصرية حفاظاً على سلامتها وسلامة جنينها، لكنها تعرضت لنزف حاد استدعى تدخلاً جراحياً ثانياً بذات المستشفى، لتتدهور وضعيتها على رغم كل التدخلات الطبية، مما أدى إلى وفاتها لاحقاً"، وفق بلاغ رسمي سابق لوزارة الصحة.

 

 

وضعية "مستشفى الموت" بمدينة أغادير ليست وحدها التي أخرجت آلاف الشباب الغاضبين إلى الشوارع للمطالبة بإصلاح المنظومة الصحية ككل، ومعها القطاع التعليمي، بل هي وضعية كثير من المستشفيات الحكومية التي يشكو قطاع عريض من المغاربة ضعف أو حتى رداءة خدماتها الصحية المقدمة للمرضى والمواطنين.

ورصدت تقارير لمؤسسات رسمية ضعف أداء المستشفيات العمومية، خصوصاً تردي الخدمات وسوء المعاملة للمرضى، وضعف البنيات التحتية في المناطق القروية والنائية، والتفاوتات المجالية بين الحواضر والبوادي، فضلاً عن نزف هجرة الأطباء إلى الخارج.

في المقابل صرح وزير الصحة والحماية الاجتماعية أمين التهراوي بعد 10 أيام من انطلاق شرارة احتجاجات "شباب زد"، بأن "تشخيص واقع الصحة بالمغرب ينم عن تحقيق كثير من الإنجازات، وتعتريه أيضاً نواقص مزمنة ومتراكمة على مدى عقود، الشيء الذي استوجب تنزيل إصلاحات هيكلية".

صحة عليلة

ويبدو أن واقع القطاع الصحي، وتحديداً وضعية المستشفيات العمومية في كثير من مناطق وأرجاء المغرب، شكل النقطة التي أفاضت كأس احتجاجات "شباب زد"، الذين رفعوا لافتات ورددوا شعارات تطالب بتحسين الخدمات الصحية.

وناقش الشباب في لقاءاتهم عبر منصة "ديسكورد" واقع الصحة، وأورد بعضهم حالات عديدة لمواطنين عانوا جراء سوء خدمات بعض المستشفيات الحكومية، من قبيل منح مواعيد متأخرة جداً لأمراض لا تتطلب التأجيل، أو سوء الاستقبال، أو الانتظار القاتل، أو قلة الإمكانات والتجهيزات وقلة عدد الموارد البشرية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يقول في هذا الصدد مدير المركز المغربي لحقوق الإنسان والباحث في السياسات الاقتصادية عبدالإله الخضري إن واقع المستشفيات العمومية في المغرب يعكس أزمة صحية حادة تؤثر بصورة مباشرة على صحة المواطن.

ويرى الخضري أن من أبرز العوامل التي أججت غضب الشباب هي "نقص الخدمات الصحية الأساسية واكتظاظ المستشفيات والافتقار إلى المعدات الطبية الحديثة أو تعطلها بصورة مستمرة، إضافة إلى قلة أو غياب الكوادر الطبية"، معتبراً أن هذه الاختلالات تسهم في تدهور جودة الرعاية الصحية المقدمة.

أما بخصوص تداعيات الوضع المتردي للمستشفيات الحكومية فقد أفاد الخضري أنها كثيرة من بينها تزايد الأمراض المزمنة من دون مراقبة وارتفاع معدل الوفيات نتيجة عدم الحصول على العلاجات المناسبة في الوقت المناسب، إضافة إلى تعزيز الفوارق الاجتماعية، حيث يتمكن الأثرياء فقط من الوصول إلى خدمات صحية جيدة ومرضية، بينما يظل الفقراء عرضة للإهمال.

وخلص المتحدث ذاته إلى أن "تحسين القطاع الصحي بالمغرب يمثل أولوية أساسية لضمان صحة ورفاهية جميع المواطنين، بينما الواقع الراهن قد يزيد من شعور المواطنين بالإحباط، ويفقدهم الثقة في الدولة وفي مؤسساتها"، على حد تعبيره.

أعطاب وجهود

من جهته يقول نائب الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للصحة لنقابة الاتحاد المغربي للشغل رحال لحسيني إن أعطاب قطاع الصحة في المغرب هي تراكم لعقود من ضعف الاهتمام الذي طاول القطاع هذا، وبصورة خاصة مع سياسة التقويم الهيكلي التي لجأ إليها المغرب تنفيذاً لتوصيات صندوق النقد الدولي مطلع الثمانينيات من القرن الماضي.

 

 

وأجمل لحسيني أعطاب الصحة بالمغرب في ضعف التمويل وما ينتج منه من خصاص في البنيات والتجهيزات والأدوية، علاوة على اختلالات الحوكمة، والنقص في الموارد البشرية الطبية والتمريضية والإدارية.

وسجل لحسيني المحاولات الحكومية الحثيثة التي تم القيام بها، وتطورها بصيغة أفضل جراء وباء كورونا بعدما وجد الدولة نفسها في حاجة إلى قطاع صحي عمومي يضمن الخدمات الضرورية للمواطنين بعد الإقرار بأهمية الصحة.

وتابع المتحدث "ذلك ما يمكن الوقوف عليه في هذه الفترة من خلال تأهيل عديد من البنيات التحتية، وإحداث وحدات جديدة، وتوسيع مجال التكوين لإنتاج كوادر صحية بوتيرة أكثر، بهدف تغطية الخصاص المهول والمتراكم في القطاع".

ومضى لحسيني قائلاً إنه "على رغم هذه المجهودات المبذولة، لا يزال واقع قطاع الصحة في المغرب دون المستوى المطلوب"، مرجحاً أن "تشكل الأوضاع الحالية التي يعيشها القطاع مناسبة لتمتيعه باهتمام أكثر، إذ يمكن استغلال ذلك للنهوض بقطاع الصحة وتأهيله ليكون في مستوى انتظارات عموم المغاربة، ومن ضمنهم نساء ورجال الصحة".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير