Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

استئناف مناورات "بحر الصداقة" يعيد زخم التعاون العسكري بين مصر وتركيا

المناورات تعود بعد توقف 13 عاماً وتشمل تدريبات بفرقاطات وزوارق وغواصة ومقاتلات لتعزيز التعاون بين البلدين في شرق المتوسط

تأتي مناورة "بحر الصداقة" بعد أكثر من عام على استئناف الحوار العسكري رفيع المستوى بين القاهرة وأنقرة (أ ف ب)

ملخص

يؤشر استئناف المناورات البحرية المشتركة بين أنقرة والقاهرة إلى خطوة أخرى على تطور العلاقات بين البلدين بعدما سادها توتر سياسي وصل لحد القطيعة لأعوام على خلفية إطاحة حكم الإخوان المسلمين في مصر عام 2013، قبل أن تعود تدرجاً إلى طبيعتها منذ عام 2022.

بعد توقفها لنحو 13 عاماً، تستأنف كل من تركيا ومصر، غداً الإثنين، مناورات "بحر الصداقة" العسكرية البحرية بينهما، في خطوة أخرى تؤشر إلى مزيد من التحسن في العلاقات بين أنقرة والقاهرة.

والمناورات التي كانت قد توقفت في الأعوام السابقة على خلفية توتر العلاقات بين البلدين في أعقاب الأحداث التي شهدتها القاهرة عام 2013، يجريها البلدان بهدف "تطوير العلاقات الثنائية وتعزيز قابلية العمل المشترك بين تركيا ومصر"، وفق ما أعلنت وزارة الدفاع التركية.

تعاون عسكري متزايد

وفق ما أعلنته وزارة الدفاع التركية، فمن المقرر استئناف مناورات عسكرية بحرية مشتركة مع مصر في شرق البحر المتوسط خلال الفترة ما بين 22 و26 سبتمبر (أيلول) الجاري، وذلك بعد انقطاع دام 13 عاماً.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع التركية زكي أق تورك، خلال إحاطة إعلامية في أنقرة، إن "مناورات بحر الصداقة التركية- المصرية البحرية الخاصة، ستجري في شرق المتوسط، وذلك بهدف تطوير العلاقات الثنائية وتعزيز قابلية العمل المشترك بين تركيا ومصر".

وذكر المتحدث ذاته، بحسب ما نقلت عنه وكالة "الأناضول" التركية الرسمية، أن المناورات ستشهد تدريبات بمشاركة الفرقاطتين التركيتين "تي جي غي الريس عروج"، و"تي جي غي غيديز"، والزورقين الهجوميين "تي جي غي إيمبات"، و"تي جي غي بورا"، إضافة إلى الغواصة "تي جي غي غور"، وطائرتين من طراز "F-16"، إلى جانب وحدات من القوات البحرية المصرية. مشيراً إلى أن السفينتين "تحيا مصر"، و"فؤاد ذكري"، التابعتين للقوات البحرية المصرية، ستزوران ميناء "أق ساز" في إطار مناورات "بحر الصداقة".

وأوضح أق تورك أنه في "يوم المراقبين المميز" من المناورات، الذي سيقام في 25 سبتمبر الجاري، ستجري التدريبات بحضور قائدي القوات البحرية لتركيا ومصر.

ومناورات "بحر الصداقة"، هي تدريبات عسكرية بحرية مشتركة بدأت عام 2009 في مياه البحر المتوسط، بين مصر وتركيا، واستمرت سنوياً حتى عام 2013، وجاء الإعلان عن استئنافها بعد أقل من شهر من توقيع البلدين أواخر أغسطس (آب) الماضي اتفاقاً للتصنيع المشترك للطائرات المسيرة ذات الإقلاع والهبوط العمودي، بشراكة بين شركة "هافيلسان" ومصنع "قادر" المصري ما يؤشر إلى مزيد من التعاون والتنسيق العسكري بين البلدين في وقت تمر به المنطقة بفترة "دقيقة".

وتضمنت مذكرة تفاهم "المسيرات" إنتاج الطائرات من دون طيار الحربية من طراز "في تي أو أل- يو أي في" ذات الإقلاع والهبوط العمودي التي طورتها "هافيلسان" في خطوة تهدف إلى توطين تكنولوجيا الطائرات المسيرة في مصنع "قادر للصناعات المتطورة" التابع للهيئة العربية للتصنيع (حكومية) في مصر.

 

وحينها ذكر السفير التركي لدى القاهرة صالح موتلو شن، عبر حسابه على منصة "إكس" أنه تم توقيع الاتفاق بين شركة "هافيلسان" التركية لتقنيات الدفاع والهيئة العربية للتصنيع في مصر، "مما يمثل علامة فارقة في التعاون الصناعي والدفاعي الثنائي". وعده "فصلاً جديداً في تعزيز التعاون بين أنقرة والقاهرة"، وأشار إلى أن هذه المبادرة تعكس الثقة والتآزر المتناميين بين البلدين في مجالات التكنولوجيا المتقدمة والتصنيع الدفاعي.

وجاءت هذه التطورات بعد أكثر من عام على استئناف الحوار العسكري رفيع المستوى بين البلدين، الذي استضافته أنقرة في مايو (أيار) من العام الماضي للمرة الأولى على هامش زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي حينها، وتقرر عقده سنوياً على مستوى رئاسة أركان جيشي البلدين.

أي دلالات لعودة تلك المناورة؟

يؤشر استئناف المناورات البحرية المشتركة بين أنقرة والقاهرة إلى خطوة أخرى على تطور العلاقات بين البلدين بعدما سادها توتر سياسي وصل لحد القطيعة لأعوام على خلفية إطاحة حكم الإخوان المسلمين في مصر عام 2013، قبل أن تعود تدرجاً إلى طبيعتها منذ عام 2022، وفق ما يقول مراقبون تحدثوا لـ"اندبندنت عربية".

ويرى المحلل السياسي التركي جواد جوك، أن "استئناف مناورات بحر الصداقة في البحر المتوسط خطوة جديدة على التفاهم بين البلدين في ملف الغاز بتلك المنطقة، الذي كان أحد أكبر ملفات الخلاف بينهما في الأعوام الأخيرة"، قائلاً في حديثه إلينا "ملف غاز المتوسط والتوتر الكبير الذي شهده خلال الأعوام الأخيرة كان أحد البنود الرئيسة التي قادت أنقرة إلى تحسين علاقتها مع القاهرة"، مضيفاً "تركيا تهتم كثيراً بتلك المنطقة وتطوير العلاقات على كافة المستويات مع الدول الفاعلة بها، ولهذا بدأت التحرك نحو رؤية مشتركة لتعزيز التفاهم والتعاون مع مصر".

وذكر جوك أن "الاقتصاد كان محوراً مهماً جداً بالنسبة إلى التحرك التركي في المنطقة خلال الأعوام الأخيرة في تحسين علاقتها مع دول المنطقة"، مشيراً في الوقت ذاته إلى اتفاقية التصنيع المشترك للطائرات المسيرة بين مصر وتركيا الموقعة الشهر الماضي، التي من شأنها أن تفتح أسواقاً جديداً للدرونز التركية في مصر كبوابة للقارة الأفريقية وذلك عبر الإنتاج المشترك معها.

من جانبه يستبعد رئيس المؤسسة العربية للتنمية والدراسات الاستراتيجية في مصر، العميد سمير راغب، أن تكون المناورات الحالية مرتبطة بقضية ما أو تطور في المنطقة، موضحاً في حديثه إلينا "’بحر الصداقة’ مناورات مخطط لها مسبقاً، وليست طارئة، مما يعني أن ربطها بأحداث في المنطقة ليس دقيقاً".

وذكر راغب أن التعاون العسكري بين البلدين دائماً ما يكون الغرض منه رفع القدرات لمواجهة التحديات، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن الجانب التركي له تاريخ في العلاقات العسكرية مع مصر من تعاون وتنسيق وتبادل للخبرات، وأن توقفها كان بسبب أحداث سياسية تجاوزها البلدان في الأعوام الأخيرة.

ويتابع راغب "تجاوز البلدان في النهاية الخلافات في ما بينهما بصورة كبيرة، واستعادوا العلاقات بمستوياتها المختلفة سواء السياسية أو الأمنية، وتمكنا من تجاوز الملفات الخلافية وحلحلتها، وعليه كان يجب استعادة العلاقات العسكرية بالمستوى ذاته بما يخدم ويناسب مصالح البلدين"، مضيفاً "الجيش التركي من أقوى الجيوش في العالم، وثاني القوى العسكرية الرئيسة في حلف شمال الأطلسي (ناتو) بعد الولايات المتحدة، والجيش المصري في المقابل يمتلك قدرات وإمكانات تجعله من أهم القوى العسكرية في المنطقة، وأي تطور وتنسيق بين الجانبين لن يعود بالنفع فقط على العلاقات بينهما وإنما على المنطقة وقضاياها برمتها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووفق راغب فإن "كلا الطرفين لاعب رئيس سواء في ما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط أو أفريقيا أو حتى ملف شرق المتوسط، وتحسين التعاون العسكري بينهما يفيد البلدين، لا سيما مع تقارب المستوى والتكتيكات القتالية والعقيدة العسكرية"، مشدداً على أن التهديدات والأخطار التي تمر بها المنطقة تجعل من الضرورة أن يكون هناك تعاون وثيق بين تركيا ومصر.

ومع اعتقاد راغب أن "التدريبات العسكرية وتبادل الخبرات قد يكونان مقدمة لتعاون عسكري واستخباري أكبر"، وذكر أن كلا البلدين يملكان خبرات مهمة في مجال التصنيع العسكري يمكن البناء عليها بما يخدم مصالحهما ويعزز من حضورها في المنطقة.

والأسبوع الماضي، أشاد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، بعلاقات بلاده مع مصر، معتبراً أنها وصلت حالياً إلى "أفضل مستوياتها في التاريخ الحديث"، مشدداً على وجود "تضامن وتعاون كبيرين جداً بين البلدين".

وقال فيدان في مقابلة مع قناة "أم بي سي مصر"، مساء الخميس الماضي "في اعتقادي، العلاقات المصرية- التركية وصلت حالياً إلى أفضل مستوياتها في التاريخ الحديث"، مشيراً إلى "تضامن وتعاون كبيرين جداً بين البلدين"، وأن العلاقات تتطور باستمرار، ووصف العلاقات التجارية بينهما بأنها "ممتازة للغاية".

ووفق فيدان فإن "هناك مزيداً مما يمكن فعله ويجب فعله من أجل تحقيق مزيد من الارتقاء في العلاقات الثنائية"، معتبراً أن "كل شيء لا يزال في بدايته"، وتابع "لأن كلا البلدين بدأ يكتشف ما الذي يمكن أن نحققه إذا استطعنا الجمع بين إمكانات بعضنا بعضاً، إلى جانب إمكاناتنا الفردية".

وعن الملفات الخلافية التي خيمت على العلاقات بين البلدين في وقت سابق، قال فيدان "الآن، إذا كنا نرى بعضنا البعض كأصدقاء، فإن حل أي خلاف يكون أسهل، فعلى سبيل المثال، كانت مواقفنا الأولية حول ليبيا متباعدة، لكن مع مرور الوقت ومن خلال التواصل وتعزيز الثقة بيننا، وصلنا إلى نقطة معينة"، وتابع "وكذلك الحال في موضوع السودان، أما في قضية غزة فنحن أصلاً نعمل معاً بصورة وثيقة للغاية، وفي قضية فلسطين، نعمل بصورة أوثق"، معتبراً أن البلدين يعملان في هذا الصدد كالجسد الواحد.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير