Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأزمة الاقتصادية في فرنسا تسير نحو تسونامي تاريخي

باريس تقترب من مديونية مفرطة تصل إلى 3914 مليار دولار بـ114 في المئة من الناتج المحلي

 ترتفع قيمة الدين الفرنسي 5850 دولاراً في الثانية الواحدة (أ ف ب)

ملخص

لا يزال وضع الموازنة الفرنسية تحت مراقبة دقيقة من الشركاء الأوروبيين ووكالات التصنيف الائتماني، كما لا يزال مستوى الدين العام وارتفاع أسعار العائد على السندات والتوترات الجيوسياسية، يشكلان ضغطاً على المالية العامة

 

بلغ عجز الموازنة الفرنسية 142 مليار يورو (166.14 مليار دولار) بنهاية يوليو (تموز) الماضي، مقارنة بـ 156.9 مليار يورو(183.5 مليار دولار) في الشهر نفسه من عام 2024.

ووفقاً للبيانات الصادرة أول من أمس الثلاثاء عن وزارة الاقتصاد والمالية والسيادة الصناعية والرقمية، فإن هذا التحسن لا يمثل اتجاهاً نحو الانتعاش المأمول، فعلى رغم أن الانخفاض ملاحظ على مدار عام لكنه يأتي في ظل ضغوط مالية عامة.

ويفسر هذا الانخفاض الطفيف في العجز جزئياً بزيادة الإيرادات الضريبية، خصوصاً ضريبة القيمة المضافة وضريبة دخل الشركات، ومع ذلك فلا يزال الإنفاق الحكومي مرتفعاً بسبب استمرار دعم الأسر الأكثر ضعفاً ودعم التحول في مجال الطاقة، واستثمارات ضخمة في البنية التحتية العمومية.

ولا يزال وضع الموازنة الفرنسية تحت مراقبة دقيقة من الشركاء الأوروبيين ووكالات التصنيف الائتماني، كما لا يزال مستوى الدين العام وارتفاع أسعار العائد على السندات والتوترات الجيوسياسية، يشكلان ضغطاً على المالية العامة، مما يعني أن نفقات الدولة والسلطات المحلية والضمان الاجتماعي ومختلف هيئات الحكومة أعلى من إيراداتها.

ويعود آخر فائض في موازنة فرنسا لعام 1974، قبل أن تضرب صدمة النفط الأولى عام 1973 البلاد بالكامل، وفي العام الماضي وصل العجز العام إلى 5.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ومع مطلع العام الحالي قررت الحكومة منع العجز من تجاوز 5.4 في المئة، ليدعمها في هذا الاتجاه محكمة المحاسبات التي تدعو إلى تصحيح جذري وترغب في أن ينخفض ​​العجز إلى أقل من ثلاثة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2029، لضمان استدامة الدين.

وعن ذلك قال رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو إن "بلادنا في خطر لأننا على وشك الوقوع في فخ المديونية المفرطة"، ولإصدار هذا التحذير اعتمد رئيس الحكومة على بيانات المعهد الوطني للإحصاءات والدراسات الاقتصادية، إذ بلغ الدين العام الفرنسي (إجمال قروض الإدارات العمومية) 3345 مليار يورو(3913.65) حتى الربع الأول من عام 2025، أي ما يعادل 114في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، بزيادة طفيفة مقارنة بنهاية عام 2024 حين كان في مستوى 113.2 في المئة، وذكر رئيس الوزراء أن ارتفاع الدين يسير بالسرعة القصوى ويرتفع بأكثر من 5 آلاف يورو (5850 دولار) كل ثانية".

عبء الفائدة يتجاوز 77 مليار دولار

وتحتل فرنسا المرتبة الثالثة من حيث أعلى مديونية في الاتحاد الأوروبي، ويقول المتخصص في الشأن الاقتصادي ومدير الدراسات الاقتصادية في كلية يسيغ للإدارة إريك دور، إن "الدولتين الأخريين اللتين تتصدران الترتيب هما إيطاليا بـ 135.3 في المئة واليونان بـ 153.6 في المئة، وهما تبذلان جهوداً لتسديد ديونهما لا تبذلها فرنسا".

من جهته يقول نائب مدير المرصد الاقتصادي الفرنسي ماثيو بلان إن "الوضع المالي لفرنسا يتدهور، وهذه ليست أزمة أوروبية بأي حال من الأحوال بل حال استثنائية فرنسية"، مضيفاً أن باريس تستيقظ من حال ركود بعد أزمة كوفيد-19"، في حين اتخذت كثيراً من التدابير المالية الدائمة خلال الأعوام القليلة الماضية من دون إثارة مسألة التمويل.

ويثبت هذا الدين القياسي أنه يثقل كاهل البلاد بصورة متزايدة، وسيكلف سداد فوائده المعروفة باسم "عبء الفائدة على الدين" فرنسا 66 مليار يورو (77.22 مليار دولار) هذا العام، وفقاً لتقديرات فرانسوا بايرو.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي الوقت نفسه حذر رئيس محكمة المحاسبات بيير موسكوفيتشي من الوضع قائلاً إنه "من المحتمل أن نضطر إلى سداد 100 مليار يورو (117 مليار دولار)"، وتابع "سيصبح عبء الدين هذا العام أكبر كلفة للبلاد وستكون المدفوعات التي علينا سدادها أثقل من موازنتي التعليم والقوات المسلحة".

وإذا كان هذا العبء في ازدياد فذلك يعود لحد كبير إلى ارتفاع معدل اقتراض فرنسا لـ 10 أعوام في الأسواق المالية، وهو المؤشر الأهم لتقييم الوضع المالي لأي دولة، وعرف ارتفاعاً حاداً منذ عام 2021 ليقترب من 3.5 في المئة، وهو بذلك يتجاوز معدل اقتراض إسبانيا والبرتغال واليونان، ويقترب من معدل اقتراض الإيطاليين، حتى إن وزير الاقتصاد والمالية إريك لومبارد صرح أول من أمس الثلاثاء قائلاً "أراهنكم أننا سندفع خلال الأسبوعين المقبلين ديوناً تفوق ما ستدفعه إيطاليا"، ولذلك ازداد الفارق في أسعار الاقتراض ما بين فرنسا وألمانيا، والذي يمثل معياراً مرجعياً، ونادراً ما كان بهذا الارتفاع.

ويوضح ماتيو بلان أنه "حتى الآن استفادت البلاد من أسعار فائدة منخفضة للغاية، ففي عام 2021 كان مستوى الدين مرتفعاً للغاية بالفعل، لكن أسعار الفائدة كانت منخفضة للغاية وهذا لم يعد الحال"، في حين وصف المتخصص الاقتصادي مارك تواتي الوضع بالمتفجر بعد أن وصلت أسعار العائد على السندات الفرنسية إلى مستويات مقلقة وهي 3.6 في المئة لسندات الأعوام الـ 10، وهو أعلى مستوى لها منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2011 و يتجاوز الفارق مع ألمانيا الآن 80 نقطة أساس، وهو مستوى وصفه تواتي بالـ "خطر للغاية".

نفقات التشغيل

وأشار تواتي إلى زيادة الإنفاق العام بـ 680 في المئة منذ عام 1980 مقارنة بتطور الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 550 في المئة، منتقداً ارتفاع نفقات التشغيل التي زادت 22 في المئة منذ عام 2021، ومشككاً في سردية مساءلة المواطنين، معتبراً أن المسؤولية الرئيسة تقع على عاتق القادة السياسيين الذين أهدروا المال العام.

وحول الحلول أوضح تواتي توصيات استثمارية عدة في ظل هذا الوضع الراهن قائلاً إنه "يجب تجنب التداين المفرط والاحتفاظ بالسيولة النقدية والذهب والتفكير في الدولار والفرنك السويسري، وتأجيل الاستثمارات العقارية الفرنسية".

اقرأ المزيد