Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ميلانيا ترمب ونظيرتها الأوكرانية تصححان المسار بكتابة الرسائل

في عصر التصريحات السياسية المقتضبة، عادت "دبلوماسية الرسائل" بفضل ميلانيا ترمب وأولينا زيلينسكا اللتين تخطان رسائل تؤثر في عملية السلام في أوكرانيا ويتخطى وقعها الجهات المرسلة إليها

أولينا زيلينسكا وميلانيا ترمب نجمتا الدبلوماسية الناعمة (رويترز / غيتي)

ملخص

في ظل تردد ترمب أمام بوتين، تلعب ميلانيا ترمب وأولينا زيلينسكا دوراً دبلوماسياً ناعماً عبر رسائل مؤثرة، تذكر الرئيس الأميركي بحقيقة الطغيان الروسي، وتعيد إحياء "دبلوماسية الرسائل" كوسيلة فعالة لدفع مسار السلام في أوكرانيا.

سيكون أقوى جيش في العالم رهن إشارة دونالد ترمب عندما يقرر في نهاية المطاف أن يقف بحزم (أو يترنح، وهذا الأكثر ترجيحاً) أمام الدكتاتور الروسي فلاديمير بوتين. لكن في ما يتعلق بتمهيد الطريق أمام مفاوضات السلام المحتملة، يبدو أن زوجته ميلانيا تلعب دوراً دبلوماسياً مهماً من دون أن تحمل سلاحاً سوى القلم.

خلال اجتماع القمة الذي عقد في ألاسكا يوم الجمعة الماضي، بدا بوتين مهيمناً تماماً على الرئيس الأميركي المتراخي. لكنه تلقى رسالة من السيدة الأولى المولودة في سلوفينيا، تطرقت فيها إلى معاملة روسيا السيئة للأطفال الأوكرانيين، مناشدة بوتين أن يبذل قصارى جهده لحمايتهم.

ليست ميلانيا زوجة الرئيس الوحيدة التي لجأت إلى القلم، في محاولة لإنهاء الحرب على أوكرانيا.

فقد تفادى الرئيس زيلينسكي تكرار الأحداث الكارثية التي وقعت أثناء اجتماعه السابق مع ترمب في المكتب البيضاوي، وقد لطف الأجواء عبر تسليم الرئيس الأميركي رسالة من زوجته، أولينا زيلينسكا، تشكر فيها نظيرتها على جهودها في الحفاظ على أرواح الأطفال الأوكرانيين. "هذه ليست لك، بل لزوجتك"، هذا ما قاله فولوديمير زيلينسكي لترمب بابتسامة، وسط أجواء ودية أكثر بكثير من تلك التي شهدتها كاميرات العالم عندما تعرض للهجوم أمامها في فبراير (شباط).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في العصور الغابرة، حين كانت العلاقات الخارجية تعتمد على تبادل الالتماسات المكتوبة بخط اليد، غالباً باللغة الفرنسية القانونية القديمة، كان هذه الممارسة تعرف باسم "دبلوماسية الرسائل". ويمكن تسميتها اليوم "دبلوماسية سميثسون Smythson"، إذ ازدادت هيبة لوازم الكتابة الراقية في عصر رسائل "واتساب" المستعجلة والمقتضبة ["سميثسون" علامة تجارية بريطانية تشتهر بصناعة القرطاسية الفاخرة]. وإن أسهم ذلك في وقف إراقة الدماء في مناطق النزاع، فليسدد الله خط وخطى السيدات الأول.

من السهل جداً الاستهزاء برسالة ميلانيا إلى بوتين: فلغتها خفيفة وتعابيرها ملطفة ومبهمة، وهي تتجنب تسمية الأمور بأسمائها. خذ مثلاً هذه الجملة التي تلمح فيها إلى قيام بوتين باختطاف 20 ألف طفل أوكراني، وهي جريمة اتهم على خلفيتها بارتكاب جرائم حرب، "إن أحد المبادئ البسيطة والعميقة في الآن نفسه يا سيد بوتين، وأنا واثقة أنك تشاركني الرأي، هي أن تبدأ ذرية كل جيل حياتها بنقاء، تلك البراءة الأسمى من الجغرافيا والحكومة والعقيدة".

لا يهم أن بوتين، القومي الأبيض والإمبريالي والوريث المحتمل لبطرس الأكبر، لا يشاركها هذه المشاعر. فميلانيا تدرك بأنه لا فائدة من إغضاب الرئيس الروسي أكثر، ولا هو الجهة المقصودة بالرسالة، إذ إن الرسالة موجهة إلى زوجها والجمهوريين الذين لديهم ضمير، وتظهر استطلاعات الآراء أن مؤيدي الحزب الجمهوري يميلون نحو مزيد من التشدد في موقفهم تجاه روسيا وتوحشها في أوكرانيا.

صرح ترمب أن زوجته "محايدة جداً" في قضية أوكرانيا، لا أحد يصدق ذلك. فميلانيا، التي تبلغ من العمر 55 سنة، ونشأت في سلوفينيا، أكثر منطقة تميل نحو الغرب في يوغوسلافيا الشيوعية سابقاً، حرصت على نشر دعواتها وصلواتها لشعب أوكرانيا على "إكس" (تويتر) فوراً، عقب الغزو الروسي الشامل في عام 2022.

شارك مارك روته، الأمين العام لحلف الناتو، رواية ترمب نفسه عن كيفية محاولة السيدة الأولى تذكير زوجها بما يواجهه من طرف الكرملين. يذكر روته أن الرئيس الأميركي أخبره "أعود للمنزل وأقول ’أيتها السيدة الأولى، لقد أجريت أفضل حديث مع فلاديمير، أظن أن المسألة انتهت‘، ثم أشغل التلفاز أو تقول لي ’غريب لأنهم قد قصفوا للتو داراً للعجزة‘".

من المرعب كم يسهل على بوتين أن يستميل ترمب بمصافحة وابتسامة خبيثة وحديث على انفراد لخمس دقائق، وهذا يعني أنه من الضروري جداً أن يستمع الرئيس الأميركي إلى أكبر قدر من الأشخاص، من القادة الأوروبيين إلى زوجته، ليذكروه بأن بوتين شرير وكاذب ومصاب بجنون العظمة، وأنك لن تحصل على جائزة نوبل للسلام عندما تتملقه.

 كما أن أولينا زيلينسكا متمرسة في الدبلوماسية الناعمة، ففي يوليو (تموز) 2022 كانت سيدة أوكرانيا الأولى موضوع جلسة تصوير جدية لمجلة "فوغ" البريطانية. لا شك في أن إطلالتها ببدلة الحرير الأبيض بدت في غاية الأناقة ومناسبة للمجلة لامعة، لكنها تحدثت في الوقت عينه عن الواقع الكئيب والقاتم الذي تعيشه نساء أوكرانيا وأطفالها بسبب الغزو الروسي للبلدان.

ليست دبلوماسية السيدات الأول باختراع جديد: استغل جون كينيدي زوجته جاكي كينيدي كأداة قوية للسلطة الناعمة، وبذلت نانسي ريغان جهداً لتسريع نهاية الحرب الباردة، فيما دعمت كل من هيلاري كلينتون ولورا بوش حقوق المرأة.

لكن لم تكن أي من هؤلاء النساء في الموقع الحيوي الذي تجد ميلانيا نفسها فيه اليوم، وذلك لأن أياً منهن لم تكن متزوجة برئيس أميركي مفتون إلى هذا الحد بالدكتاتوريين. أدام الله حرفك ومداد الحبر في قلمك يا ميلانيا.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات