ملخص
يدخل أرسنال موسم (2025 - 2026) بطموح واضح للفوز بلقب الدوري الإنجليزي للمرة الأولى منذ 22 عاماً، مستنداً إلى صفقات مدروسة وتشكيلة ناضجة، لكن التساؤلات عن العقلية والقدرة على تجاوز العقدة النفسية تفرض نفسها بقوة.
الآن بعد أن خاض مهاجمو أرسنال بعض المباريات الودية والحصص التدريبية إلى جانب فيكتور غيوكيريس، بدأ يتشكل إدراك واضح لديهم، وهو ضرورة تمرير الكرات مبكراً. وهذا ليس أمراً اعتاد عليه مهاجمو الفريق كثيراً، نظراً إلى تفضيل الفريق الاستحواذ على الكرة، وميول مارتن أوديغارد وبوكايو ساكا للدخول إلى العمق.
مع ذلك، يصر المدرب ميكيل أرتيتا على وجود لاعبين أذكياء في الفريق، وهؤلاء يعرفون أهمية ضبط التوقيت بدقة.
هل يغير غيوكيريس عقلية أرسنال؟
قد يكون هذا الموضوع عنواناً مناسباً للموسم، فعندما فضل أرسنال التقدم للتعاقد مع غيوكيريس على حساب بينجامين سيسكو، استخدم النادي عبارة مفادها بأن الصفقة كانت لـ"الحاضر والآن". وبمعنى آخر، للفوز الآن، وتحقيق ثمار ما يقارب خمسة أعوام من العمل، حتى إن النادي وضع صورة لظل كأس الدوري الإنجليزي الممتاز على جدار مركز التدريب، في انتظار أن تملأ مع نهاية الموسم، تعبيراً عن الرغبة الجامحة في إحراز هذا اللقب للمرة الأولى منذ 22 عاماً.
ومع ذلك، فإن السؤال الطبيعي الذي يتبع عبارة "الحاضر والآن"، هو هل هناك شعور بأن الأمر "الآن أو لا شيء"؟ قد يبدو هذا التساؤل متأثراً بضجيج التوقعات المحيطة بأرسنال، جزء منها مصدره النادي نفسه، إضافة إلى الشكوك حول أرتيتا شخصياً. لكن هذه الانطباعات لا تتطابق دائماً مع الحقائق الأساسية.
أرسنال يسعى إلى تجنب معاناة الماضي
وعلى رغم أن هناك عناصر كانت خارجة تماماً عن سيطرة أرسنال في السابق مثل مواجهة مانشستر سيتي في أوج قوته كمشروع مدعوم من دولة، فإنها لم تكُن الحال تماماً خلال الموسم الماضي، إذ انقض ليفربول على الفرصة في وقت كان أرسنال يشعر ربما بأنها لحظته.
ويشعر النادي بأن أسباب خيبة الأمل تلك كانت واضحة، من الإصابات إلى التعرض لفترة وجيزة من "التحفز التحكيمي" نتيجة تطبيق قواعد جديدة، لكن الفريق كان في وضع جيد بخلاف ذلك.
ومن هنا جاءت تعليقات أرتيتا المثيرة للسخرية بعد الهزيمة أمام باريس سان جيرمان الفرنسي في دوري الأبطال، لكنه كان جاداً. فالفريق في عمر مناسب وبنيته متماسكة.
ومع ذلك، فإن فوز ليفربول بلقب الدوري عزز الفكرة القائلة إن أرسنال مع أرتيتا قد يكون محكوماً عليه بعدم عبور خط النهاية.
الفرق الإنجليزية التي احتلت المركز الثاني لثلاثة مواسم متتالية:
(1890 - 1893) بريستون نورث إند (فاز باللقب في 1888 - 1898)
(1946 – 1949) مانشستر يونايتد (فاز باللقب في 1950 – 1951)
(1969 – 1972) ليدز يونايتد (فاز باللقب في 1968 – 1969)
(1998 – 2001) أرسنال (فاز باللقب في 1997 – 1998 و2001 - 2002)
وعلى رغم أن وصف المدربين أو الفرق بـ"الفائزين" يبالغ فيه أحياناً ويتجاهل السياقات المهمة، فإن المسألة الأكثر صلة هنا هي كيف يمكن أن تصبح هذه التصنيفات نبوءات ذاتية التحقق إذا بدأ اللاعبون بتصديقها، وهذا يصبح أكثر أهمية عندما يكون أرتيتا نفسه من أشد المهووسين بعلم النفس الرياضي، فهو يدرك تماماً خطورة مثل هذا الحديث، حتى إن لم يعترف به علناً لأنه يعتبر أن الفكرة الأساسية هي عدم إظهار الشك علناً، فالشك سم قاتل.
ومن هنا، يكتسب الشعور بـ"الآن أو لا شيء" مشروعية أكبر.
التفاؤل يسود جنبات أرسنال قبل موسم الحسم
الجميع تقريباً داخل أرسنال يشعر بتفاؤل كبير حيال هذا الموسم، ومع ذلك ليس من الصعب تخيل سيناريو تفضي فيه خيبة أمل أخرى إلى حال من الانهيار. وقد يحدث هذا حتى للفرق الجيدة التي تبقى معاً لفترة طويلة من دون أن تصل إلى هدفها، كما حدث مع توتنهام بقيادة ماوريسيو بوتشيتينو.
ومن حسن الحظ أن أجواء غرفة الملابس مفعمة بالحيوية مع انطلاق الموسم الجديد، وتجسد هذا الشعور بالفعل في الفوز بنتيجة (3 - 0) على أتليتك بيلباو السبت الماضي، حتى إن مدرب الخصم إرنستو فالفيردي وصف أداء أرسنال بأنه "من مستوى آخر" و"استثنائي بكل بساطة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
هذه هي الرؤية التي يسعى أرتيتا إلى تحقيقها، والتحدي الحقيقي سيكون في كيفية الحفاظ عليها، وهنا تحديداً تبرز أهمية العيوب التي ظهرت خلال الموسم الماضي. فقد تعرض أرسنال لانتقادات بسبب تراجعه عن أسلوب الهجوم الضاغط من جميع الزوايا، مما كان سبباً في صعود الفريق بادئ الأمر، بل تعرض للسخرية أحياناً باعتباره "فريق الكرات الثابتة".
وأوضح العاملون في النادي أن هذه التنازلات كانت ضرورية نتيجة كثير من المشكلات، وعلى رأسها "تكتلات الإصابات".
حتى الآن، تمكن الفريق من حل معظم تلك المشكلات، وبصورة خاصة مشكلة الاعتماد المفرط على لاعبين معينين، مما كشف عن نقص في العمق والتنوع. فعلى رغم أن الفريق كان يحتفظ بمستواه العالي في وجود اللاعبين الرئيسين، فإن أي تراجع في الأداء كان يفضح العناصر الناقصة الباقية.
تأثير الصفقات الجديدة في أرسنال
وعلى رغم أن صفقة التعاقد المنتظرة مع مهاجم كانت العنوان الأبرز، فإن كثراً داخل النادي يرون أن التعاقد الأهم هو مع مارتن زوبيميندي. فالجميع لاحظ على الفور أنه لاعب وسط من طراز مختلف. وزوبيميندي يمنح الفريق شعوراً فورياً بالثقة، وهو أمر بالغ الأهمية لفريق يتعرض أحياناً لهجمات مرتدة قاتلة. كما أن ذكاءه يمنح أرتيتا ما يريده تماماً، خط وسط قابل للتشكل وفقاً لأنماط عدة، وهذه صفة يقدرها المدرب الباسكي كثيراً، نظراً إلى الوقت الطويل الذي يقضيه في دراسة أدق تفاصيل الفرق المنافسة.
وهي أيضاً نقطة جرى التغاضي عنها في مسألة البحث عن مهاجم، والسبب الذي جعل أرسنال يحدد سقفاً مالياً للصفقة لا يتجاوز 65 مليون جنيه استرليني (88.24 مليون دولار). فالفكرة لم تكُن أبداً التعاقد مع مهاجم صريح "رقم تسعة" ثابت النمط.
ولا يزال فهم كاي هافرتز العميق لمنظومة الضغط يجعله خياراً أساسياً في تشكيلة الفريق، بخاصة في المباريات الكبرى. وقد وضع الجهاز الفني تصورات لخطط يفضل فيها اختيار هافرتز على حساب أوديغارد، نظراً إلى ما يشكله الثنائي الألماني وديكلان رايس من تحدٍ بدني كبير للخصم.
أما التعاقد مع نوني مادويكي، ففاجأ بعض الأشخاص داخل النادي، لكن ينظر إليه على أنه أحد الخيارات القادرة على تقديم حلول متعددة، بخاصة كبديل محتمل لبوكايو ساكا. وسيسهم مادويكي أيضاً في تخفيف الضغط عن إيثان نوانيري وماكس داومان اللذين من المتوقع أن يكون لهما تأثير أكبر هذا الموسم.
وحاول طاقم أرسنال في البداية حماية داومان من الأضواء، لكنه سرعان ما أدرك أن لا جدوى من محاولة كبح الحماسة المحيطة باللاعب البالغ من العمر 15 سنة.
أرسنال في حماية أحد أقوى خطوط الدفاع في أوروبا
وفي الطرف الآخر من الملعب، يعزز كريستيان موسكيرا واحداً من أقوى خطوط الدفاع في أوروبا، في حين قدم ريكاردو كالايفيوري مؤشرات مشجعة خلال فترة الإعداد للموسم.
ولا يزال أرسنال يرغب في التعاقد مع لاعب إضافي، سواء كان إبيريشي إيزي أو خياراً آخر على الجهة اليسرى. وهذا الانتظار ألقى بظلاله على صيف إيجابي عموماً، وأثار قدراً من الإحباط. فالنادي يريد البيع أولاً، انسجاماً مع سياسة عدم الاقتراب من حدود لوائح الربح والاستدامة المالية في الدوري الإنجليزي الممتاز.
وهذا النوع من "المواطنة الجيدة"، كما وصفها أحد المديرين التنفيذيين في أرسنال، يصطدم بذلك السؤال الباقي والمعلق.
أرسنال يختبر هوس أرتيتا في التحكم بكل شيء
والعقلية السائدة في أرسنال تقوم على "التحكم"، إذ يسعى المدرب إلى وجود حلول لكل مشكلة يمكن تخيلها، وحتى درجات حرارة صناديق الثلج يضبطها أرتيتا بنفسه.
لكن ماذا عن الأمور التي لا يمكن تخيلها؟ وماذا عن اللاعب القادر على قلب الموازين؟
لقد كانت تحركات أرسنال في سوق الانتقالات محسوبة بعناية وبدقة تشبه العمل الجنائي، على النقيض من ليفربول الذي أنفق بطريقة لم يتوقعها أحد، إذ لم يضم أرسنال لاعباً مثل فلوريان فيرتز، ولم يدفع بقوة لضم ألكسندر إيساك.
وهذا ليس محض تكهن، إذ من المعروف أن أرتيتا كان مهتماً بشدة بالمهاجم السويدي، بل إن أرسنال غير خططه في وقت مبكر من هذا العام عندما شعر بأن إيساك لن يسعى إلى الرحيل عن نيوكاسل بالقوة.
تُرى ما الذي يفكرون فيه الآن؟ وهل كان من الأفضل توجيه أموال صفقتي مادويكي وغيوكيريس نحو توقيع كبير واحد بهذا الحجم؟ أم أن ذلك ربما كان ليدخل قدراً كبيراً من عدم القدرة على التنبؤ، في حين أن كل ما يحتاج إليه أرسنال هو القليل من السيطرة الإضافية فقط للوصول إلى اللقب؟
قد تكون هذه الفروقات هي ما يحسم مصير الموسم، وقد لا يكون الأمر "الآن أو لا شيء"، لكن قد لا تأتي لحظة أفضل من هذه.
© The Independent