ملخص
رحيل الكولومبي لويس دياز عن ليفربول إلى بايرن ميونيخ ينهي فصلاً متقلباً من مسيرته، وعلى رغم لحظات التألق المتقطعة، لم ينجح في ترسيخ مكانته بين عظماء الرقم 7، لكن صفقة بيعه تمثل مكسباً مالياً واستراتيجياً لإدارة النادي الإنجليزي.
تنازل لويس دياز قبل عامين عن قميص ارتداه عدد من عظماء ليفربول السابقين، حيث استبدل الرقم 23، الذي ارتداه روبي فاولر في بداياته ثم جيمي كاراغر، ليحصل على الرقم "سبعة" الأيقوني. وقد عرض حينها تعويض الجماهير شخصياً ممن اشتروا القميص القديم.
أما الآن، فالأرجح أنه لن يقدم عرضاً مشابهاً، إذ يتنازل دياز عن الرقم الذي أصبح لامعاً بفضل نجوم مثل كيفين كيغن وكيني دالغليش ولويس سواريز، ليخلع القميص الأحمر لليفربول ويرتدي الأحمر الخاص بفريق بايرن ميونيخ الألماني. وكان طلب الرحيل في 2024، وها هو يحقق رغبته بعد عام من ذلك.
قميص الأساطير لم يضمن لدياز الخلود في ليفربول
لن يسجل اسم دياز بين أبرز من ارتدوا القميص رقم "سبعة" في تاريخ ليفربول، إلا أن رحيله قد يفتح الباب أمام لاعب آخر – ربما فلوريان فيرتز – ليكون أحدهم.
ومع ذلك لم يكن دياز اختياراً خاطئاً للرقم، كما كان هاري كيويل من قبل. فبعد ثمانية مواسم قضاها جيمس ميلنر وهو يرتدي الرقم "سبعة" بصورة غير معتادة - للاعب متعدد المهام، يملأ الثغرات في مراكز مختلفة، بقميص مخصص عادة للاعبين أصحاب المهارات – شعر الجميع في الأقل أن دياز يمثل روح هذا الرقم.
المكاسب المالية تبرر تخلي ليفربول عن دياز
قد ترى مجموعة "فينواي" الرياضية، المالكة لليفربول، أن دياز يمثل صفقة تنسجم مع أسلوبها في الإدارة. فبعد أن شعرت بالإحباط جراء خسارة عدد كبير من اللاعبين من دون مقابل مادي – على رغم كونهم ناجحين، مما جعل يورغن كلوب يتمسك بهم، مثل روبيرتو فيرمينو وجيني فينالدوم وديفوك أوريغي وآدم لالانا وأليكس أوكسليد تشامبرلين ونابي كيتا – ها هي الآن تحقق مكسباً من بيع دياز.
ومن المرجح أن تسهم صفقة بيع دياز إلى بايرن ميونيخ مقابل 65.5 مليون جنيه استرليني (86.24 مليون دولار) في تمويل نحو نصف كلفة التعاقد مع ألكسندر إيساك.
وتمثل الصفقة بالتأكيد ربحاً قدره 22.5 مليون جنيه استرليني (29.62 مليون دولار) مقارنة بسعر شرائه، إذ كان ليفربول قد سبق توتنهام في ضمه، تماماً كما تفوق أخيراً على نيوكاسل في خطف هوغو إيكيتيكي بعدما تقدم الأخير بعرض لضمه.
قد يجد ليفربول بعض الرضا في أن دياز لم يكن يتقاضى أجور النجوم الكبار، إذ انهارت المفاوضات الخاصة بتوقيعه على عقد جديد بسبب مطالب الجناح المالية التي تجاوزت ما كانت إدارة النادي مستعدة لدفعه. وكان من المتوقع دوماً أن يكون عقده القادم الأكبر في مسيرته، وهو ما ستقدمه إدارة بايرن ميونيخ، للاعب سيبلغ عامه الـ29 في يناير (كانون الثاني) القادم.
وإذا ما تراجع أداء مهاجم يعتمد على قوته البدنية لإرباك المدافعين، فلن يكون ذلك على حساب ليفربول أو ضمن فاتورة أجوره. فقد انضم ساديو ماني إلى بايرن بعد وقت قصير من بلوغه الـ30، وسرعان ما بدا لاعباً أقل تأثيراً مما كان عليه سابقاً.
التألق لم يكن مستداماً على رغم لحظات الإبهار
وإن وجدت نظرية تقول إن ليفربول حصد أفضل سنوات دياز، فقد تحتاج إلى بعض التحفظ. فأفضل مستوياته كانت رائعة، لكن حصيلته التهديفية – 41 هدفاً في 148 مباراة – تعد جيدة، لكنها لا تقارن مطلقاً بما يقدمه محمد صلاح.
شهدت الأشهر الأولى لدياز في ملعب "أنفيلد" مشاركته في نهائيين للكأس، حيث كان على الأرجح أفضل لاعب في الملعب في كليهما، لكن النتيجتين انتهتا بالتعادل السلبي: أمام تشيلسي في نهائي كأس الرابطة وكأس الاتحاد الإنجليزي لعام 2022 على ملعب "ويمبلي". وفي كثير من الأحيان، لم تكن تأثيراته داخل الملعب تنعكس على لوحة النتائج.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
قرار آرني سلوت المفاجئ بإعادة توظيف دياز كمهاجم الموسم الماضي أسفر عن تسجيله 17 هدفاً، وهو رقم قياسي في مسيرته، وكان بعضها أهدافاً سهلة من داخل منطقة الست ياردات. ومع ذلك جاءت هذه الأهداف على شكل دفعات متقطعة وسط فترات جفاف تهديفي، ويفترض أن بايرن ميونيخ يخطط لإعادته إلى مركزه الأصلي على الجناح، وليس كبديل لهاري كين.
وجاءت أفضل عروض دياز في الموسم الماضي عندما لعب في مركزه المعتاد، فقد افتتح عهد آرني سلوت بأداء ساحق ضد مانشستر يونايتد في ملعب "أولد ترافورد" في أغسطس (آب). كما جاءت أحد أبرز نتائج سلوت في دوري أبطال أوروبا بفضل دياز أيضاً، حين سجل ثلاثية في الفوز بنتيجة (4 - 0) على باير ليفركوزن الألماني.
لقد كانت جودته واضحة، حتى وإن كانت نظرة سلوت إلى كودي غاكبو كمجرد جناح أيسر تثير تساؤلات حول ما سيحدث عند قدوم خيارات جديدة لمركز المهاجم، كما هو الحال مع وصول إيكيتيكي. ويبقى السؤال الذي قد لا نجد له إجابة: ماذا كان بإمكان دياز أن يقدم لو خاض موسماً كاملاً من دون انقطاع؟
فقد انقسم موسم (2024 - 2025) بين اللعب كمهاجم صريح والجناحين. أما موسم (2023 - 2024) فقد تأثر بالصدمة التي تعرض لها إثر اختطاف والديه في كولومبيا. وسجل هدف تعادل متأخراً كان مؤثر أمام لوتون تاون بينما كان والده لا يزال مفقوداً، لكن وحده يعرف حجم الأثر النفسي الذي تركته تلك التجربة عليه.
وقد شابت موسم دياز في (2022 - 2023) إصابة في الركبة أبعدته عن الملاعب لمدة خمسة أشهر. وجاء ذلك بعد نصف موسم أول مبشر، ثم بعض الأداء الرائع خلال خريف 2022 على رغم المشكلات التي كان يمر بها الفريق آنذاك. وحتى في الخسارة الثقيلة بنتيجة (1 - 4) أمام نابولي الإيطالي، والتي تعد من أحلك لحظات عهد كلوب، تألق دياز وقدم مستوى مميزاً.
مكانة لم تكتمل على رغم الإمكانات والاهتمام الأوروبي
في تلك المرحلة، بدا من الممكن تخيل دياز كأحد عظماء ليفربول، لكنه لن يرحل بهذه المكانة، على رغم اهتمام برشلونة الإسباني به، وكونه ثالث أغلى صفقة في تاريخ بايرن ميونيخ، وهو ما يشير إلى أنه لا يزال يعتبر من أفضل الأجنحة في العالم.
وربما يشعر ليفربول أن دياز كان قادراً على الإبهار، لكن تألقه جاء بصورة متقطعة. وربما يعود ذلك جزئياً إلى طبيعة مركزه في الملعب. لكنه لم يكن ثابت المستوى على مدار المواسم، وكما أوحت رغبته في الرحيل واهتمام الأندية الأخرى، لم يكن ليبقى عنصراً دائماً في الفريق لسنوات مقبلة.
© The Independent