Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

محال الـ 2.5 جنيه... بديل المصريين المفقود

تراجع عددها أخيراً بسبب تقييد الاستيراد وارتفاع سعر الدولار

أحد المحال في مصر يرفع لافتة "2.5 جنيه" في مصر (مواقع التواصل)

ملخص

مع الارتفاع الكبير في سعر الدولار خلال الأعوام الأخيرة واعتماد كثير من المحال المصرية على المنتجات المستوردة وبصورة خاصة من الصين بدأت البضائع ذات الجنيهين ونصف الجنيه تتوارى تدريجاً حتى اختفت تماماً.

في كثير من دول العالم تنتشر نوعية من المتاجر تعرض منتجات بأسعار رخيصة كهدايا أو حاجات أساسية للمنازل، فعلى سبيل المثال في أميركا تعرف بمتاجر الدولار الواحد، وفي السعودية تنتشر متاجر الخمسة ريالات التي تعتبر وجهة أساسية لكثير من الحجاج والمعتمرين، وفي مصر يعد النموذج الأشهر لها هو محال الـ"2.5 جنيه" التي تبيع منتجات متنوعة بأسعار منخفضة (الدولار يقدر بـ50 جنيهاً).

منذ أعوام انتشرت هذه النوعية من المتاجر في مصر بصورة كبيرة وكانت تضم أقساماً لكل شيء تقريباً، فهي دائماً مكدسة بالهدايا والألعاب والأدوات المنزلية والأكسسوارات النسائية ومستلزمات الحفلات وأعياد الميلاد والأدوات المكتبية ومستلزمات الخياطة والحرف اليدوية وكل ما يخطر على البال، فهي تضم كل شيء من الإبرة إلى الصاروخ، بحسب التعبير الدارج للمصريين.

ومع الارتفاع الكبير في سعر الدولار خلال الأعوام الأخيرة واعتماد كثير من هذه المحال على المنتجات المستوردة وبصورة خاصة من الصين، بدأت البضائع ذات الجنيهين ونصف الجنيه تتوارى تدريجاً حتى اختفت تماماً، على رغم استمرار المحال في حمل الاسم ذاته ولكن على أرفف المتجر فعلياً لا يوجد شيء بهذه القيمة، فيما صار بعض المصريين يتندر عليها بأنها أصبحت متاجر الـ200 جنيه ونصف الجنيه (نحو أربعة دولارات) باعتبار الارتفاع الكبير في أسعار البضائع كافة مقارنة بسنوات سابقة.

لا تزال أقل في الكلفة

في كثير من الأوقات كانت محال الـ2.5 جنيه ملاذاً للمصريين وأحياناً غيرهم من زوار البلاد للحصول على هدية بسيطة أو شراء زينات ومستلزمات للحفلات وأحياناً شراء قطعة ديكور بسيطة لتجديد المنزل ولا تزال تقوم بالدور ذاته. وعلى رغم ارتفاع أسعارها مقارنة بالسابق فإنها حتى الآن أقل في الكلفة بكثير عند مقارنتها بالمتاجر الكبرى أو بعض المولات التي كانت تضم محال الـ2.5 جنيه في بعض الأوقات.

تحكي رانيا حسن مدرسة ومديرة حضانة، "منذ أن قمت بافتتاح حضانة أطفال كمشروع خاص بي بعد أعوام في مجال التدريس وأنا أتعامل مع مثل هذه النوعية من المحال بصورة دائمة لشراء مستلزمات الحفلات والألعاب والأغراض المكتبية التي نحتاج إليها وكذلك شراء بعض الهدايا الصغيرة للأطفال في المناسبات المختلفة مثل ميداليات فوانيس رمضان أو مجسمات بابا نويل وغيرها. كانت الأسعار رخيصة ومناسبة جداً لمن يشتري كميات مثلنا، وخلال فترة عملي في التدريس كنت من حين لآخر أشتري بعض الهدايا الرمزية للأطفال، لكن حالياً ارتفعت الأسعار بصورة كبيرة وعلى رغم ذلك تظل هي البديل الأرخص".

 

بينما تقول إسراء عبدالرحمن وهي ربة منزل (35 سنة) إن  "هذه النوعية من المحال تعتبر حلاً سريعاً عند الحاجة إلى شراء هدية عيد ميلاد أو شيء للمنزل بسعر معقول، وكثيراً ما ساعد انتشارها الكبير على الحصول على ما نريده بسهولة ولكن حالياً تقلص عددها مقارنة بأعوام سابقة، وربما غلاء الأسعار أفقدها ميزتها النسبية ولكن لا يزال قطاع كبير من الناس يلجأ إليها باعتبارها البديل الأرخص للحصول على منتج بسعر معقول ووجود اختيارات كثيرة ومتنوعة في مكان واحد".

بضائع تبدأ من 5 جنيهات

ربما كانت واحدة من الأشياء التي تميز مصر هي وجود مشتريات تناسب الموازنات كافة والمنتج الواحد يمكن الحصول عليه بأسعار خيالية من العلامات التجارية العالمية أو بثمن محدود للغاية من الأسواق الشعبية والمتاجر البسيطة مثل نموذج 2.5 جنيه والتي لا تزال موجودة في غالبية الأحياء، حتى إن تغير اسمها مع الوقت ولكنها لا تزال تقوم بالدور نفسه في بيع المستلزمات الصغيرة الرخيصة التي تقبل عليها قطاعات كبيرة من الناس باعتبارها ذات جودة متوسطة ولكنها صديقة للموازنات البسيطة.

يقول أحمد السيد صاحب أحد المحال في حي فيصل بمحافظة الجيزة، "أمتلك هذا المحل منذ أكثر من 10 أعوام. قبل ذلك كانت هناك بالفعل بضائع بـ2.5 جنيه ولكن كل شيء سعره تضاعف، وحالياً أقل سعر هو خمسة جنيهات وهو للأغراض البسيطة مثل أقلام الرصاص أو دبابيس الحجاب للسيدات، ولدينا بضائع تصل إلى نحو ألف جنيه (20 دولاراً) في أقسام الأدوات المنزلية والألعاب. وبصورة عامة نحرص على أن تكون البضائع بأسعار معقولة لأننا نستهدف الزبون العادي منخفض الموازنة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويضيف "نعتمد على المواسم بدرجة كبيرة، فهناك بضائع معينة نحرص على وجودها لكل مناسبة مثل رمضان وعيد الميلاد والأعياد المختلفة ودخول المدارس وعيد الأم، فكل مناسبة لها بضائع تميزها وتكون مطلوبة أثناء هذه الفترة. ولكن خلال الأعوام الأخيرة أثر تراجع الاستيراد فينا بصورة كبيرة لعدم توافر كثير من البضائع مثل السابق، مما قلص من هذه النوعية من المتاجر مقارنة بسنوات ماضية، فبعض المحال غير من نشاطه وبعضها الآخر أغلق تماماً، ولا يزال جزء منها مستمراً على رغم الظروف باعتبار أن قطاعاً كبيراً من الناس لا يزال يعتمد عليها".

سعر الدولار تضاعف 10 مرات

ويعتمد كثير من محال 2.5 جنيه وما يشابهها على البضائع المستوردة من الخارج ومع تقنين الاستيراد خلال الأعوام الأخيرة قلت نسبة وتوافر المنتجات التي تعتمد عليها. على سبيل المثال كانت قيمة الواردات عام 2024 بكل قطاعاتها في مصر تعادل نحو 90 مليار دولار، بينما بلغت قيمة الواردات عام 2014 عندما كانت هذه المحال منتشرة بصورة كبيرة نحو 523 مليار دولار، وقطاع من هذه الواردات كان يتمثل في مثل هذه النوعية من المنتجات التي كانت تملأ أرفف هذه المتاجر.

في الوقت نفسه ومع بداية مرحلة تعويم الجنيه عام 2016، قلت القدرة الشرائية لنوعية الجماهير التي تستهدفها هذه المحال وأثر هذا سلباً في نسبة الإقبال على الشراء وفي حركة البيع بصورة عامة، مما انعكس على حركة التجارة في هذا القطاع بكامله باعتباره يمثل منتجات ليست أساسية ويمكن الاستغناء عنها لمصلحة أغراض أكثر أهمية.

ويؤكد نائب رئيس شعبة الأدوات المكتبية والهدايا والخردوات في الغرفة التجارية بركات صفا أن "وقت ظهور وانتشار محال 2.5 جنيه في مصر كان الدولار حينها يعادل نحو خمسة جنيهات مصرية، بالتالي كان هذا السعر منطقياً وموجوداً، أما حالياً فارتفع سعر الدولار 10 أضعاف هذه المرحلة وأصبحت قيمته تعادل نحو 50 جنيهاً مصرياً، فمن الطبيعي أن أسعار المنتجات ستزيد 10 أضعاف هي الأخرى، وإلى جانب سعر البضائع المرتفع فإن مصاريف التشغيل كافة مثل أجور العاملين وإيجار المكان وفواتير الكهرباء وكل هذه الأمور تضاعفت فأصبح رقم 2.5 جنيه غائباً بالفعل".

وتابع أن "بعض هذه المحال أصبح يخصص ركناً معيناً لبضائع بأسعار منخفضة مثل 20 أو 50 جنيهاً لتناسب ذوي الموازنة المحدودة وهذا موجود بالفعل في كثير منها حالياً، ولكن قيمة 2.5 جنيه التي اشتهرت بها صارت غير واقعية ولا تتماشى مع الوضع الحالي".

وينبه إلى أنه "في ما يتعلق بنوعية البضائع فإن كثيراً من هذه المحال كانت تعتمد على المنتجات المستوردة من الصين، ومع تقليل الاستيراد خلال الأعوام الأخيرة أصبح هناك نقص في البضائع أثر في هذه المحال، بخاصة مع عدم وجود بديل مصري، وفي حال وجد فإن سعره يكون مرتفعاً باعتبار أن معظم مدخلات الصناعة مستوردة وتأثر سعرها بالارتفاع في سعر الدولار، مما انعكس على سعر المنتج المصري. وتكون للمنتج المصري الأولوية خلال بعض المواسم مثل رمضان على سبيل المثال، فالفانوس المصري انتشر في هذه المتاجر كافة وكان سعره منخفضاً وجودته ممتازة، كذلك لعب الأطفال فلدينا إنتاج محلي يمثل نحو 25 في المئة من حاجات السوق".

ويستكمل أن "طول مدة استيراد البضائع حتى تصل إلى يد التاجر خلال الأعوام الأخيرة أحدث أزمة أخرى لهذه النوعية من المحال، فرأس المال يظل معطلاً لفترات طويلة، مما أدى إلى عزوف بعض التجار عن الاستيراد من الأساس والاتجاه لنشاط آخر، وأثر هذا بالطبع في كثير من المحال التي كانت تعتمد على هذه البضائع".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات