ملخص
الهجوم الاوكراني الأخير على روسيا أشبه بحصان طروادة معاصر قد يرجح كفتها في الحرب
السوفيات الأوكرانيون أشطر من السوفيات الروس! هذه نكتة [دعابة] تحاكي تلك التي سادت بعد الحرب الثانية، إثر سعي الأميركيين والسوفيات إلى استمالة العلماء الألمان في صناعة القنبلة النووية، فاليوم العقل المدبر للهجوم الأوكراني الأخير هو اللفتانت جنرال فاسيل ماليوك Vasyl Maliuk، ربيب السوفياتية. فسيرته تشير إلى أنه في الخدمة منذ 42 عاماً، أي قبل استقلال أوكرانيا، في 1991 قبل 34 عاماً. وكانت أوكرانيا نواة التصنيع النووي والصاروخي في الاتحاد السوفياتي ويبدو أن هذا المدد السوفياتي من الخبرات لا تزال تنهل منه إلى اليوم. وفي التسعينيات وضعت واشنطن نصب عينيها مصير الترسانة السوفياتية النووية وجلها كانت تملكه كييف. وصدعت العاصمة الأوكرانية في 1994 بنزع سلاحها النووي بعد حصولها على ضمانات أميركية.
والهجوم الأوكراني الأخير دخل التاريخ على أنه حصان طروادة المعاصر على ما وصفته "وول ستريت جورنل". وعمد الأوكرانيون إلى إخفاء المسيرات في أسطح مستوعبات خشبية حملتها مركبات إلى عمق الداخل الروسي. و نهار الأحد في الأول من يونيو (حزيران) الجاري، حرك الأوكرانيون هذه الأسقف الخشبية، حصان طروادة الخاص بهم، فكشفت عن مخالبها وأطلقت عشرات طائرات المسيرات على أهداف استراتيجية روسية، ويقدر عدد هذه المسيرات الصغيرة بأكثر من 100.
وكانت نقاط الضعف في الحدود الروسية المترامية برزت في عملية المتمرد الروسي يفغيني بريغوجين، طباخ بوتين وشريكه في مطلع الحرب الأوكرانية وقائد ميليشيات فاغنر، قبل أن ينقلب عليه ويتمرد، فوصلت هذه القوات إلى عمق الأراضي الروسي في طريقها إلى موسكو. ويرجح أن الأوكرانيين استخلصوا الدروس من عملية بريغوجين، الذي لقي حتفه لاحقاً في طائرة سقطت أو أسقطها رجال بوتين.
وقبل أشهر قليلة من هذا الهجوم، تقاطر رواد وادي السيليكون إلى أوكرانيا للوقوف على خبراتها في صناعة الدرون، ولم يطل الأمر قبل توجه وفد من الكونغرس إلى كييف لاستقاء دروس أبرز فصول الحرب المعاصرة من الأوكرانيين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وصارت طائرات الدرون نواة سلاح الجيش الأميركي على وقع السعي إلى تزويد كل فرقة قتالية في الجيش الأميركي بنحو ألف طائرة مسيرة بعد استخلاص عبر ودروس الحرب الأوكرانية، ونزول الدرون في هذه المنزلة العسكرية الحيوية يؤذن بأكبر عملية تجديد وإعادة هيكلة في الجيش الأميركي منذ نهاية الحرب الباردة، ترمي من ناحية إلى رفع عدد طائرات الدرون ومن ناخية أخرى الاستغناء عن الأسلحة المتقادمة والعتاد البائد. وفي سياق الحرب الأوكرانية توسل بأعداد كبيرة من المسيرات الصغيرة الموجهة من بعد، وغيرت هذه الطائرات وجه ميادين المعارك، ومن المرتقب في خطة تحديث الجيش الأميركي أن تنتقل فرقه القتالية الـ10 إلى استخدام الطائرات المسيرة في أعمال المراقبة والتجسس ونقل المؤن وشن الهجمات.
وتولى قادة عسكريون نقل خبرات أوكرانيا في ميادين المعارك وما توصلت إليه من جديد في استخدام المسيرات، وطائرات الدرون ليست وليدة اليوم ويتوسل بها الجيش الأميركي منذ سنوات، وأثار استخدامها في عمليات اغتيال قادة تنظيمات إرهابية مثل أنور العوالقي في اليمن في 2011 جدلاً سياسياً في الولايات المتحدة مداره على صلاحيات الرئيس التنفيذية وأخذه قرار التصفية في معزل عن الكونغرس، ويبدو أنها صارت سلاحاً مكرساً لاختراق جبهات العدو ما وراء الحدود، وغير ذلك.
ولا يخفى أن المسيرات غير باهظة الثمن، والهجوم بواسطة سرب منها متاح ويشتت دفاعات الخصم ويعزز قدرات الجنود على استطلاع أماكن العدو، ومن الممكن استخدامها في رمي قنابل يد على قواته واستهدافها. وبعض الدرونز تحاكي الكاميكاز فتدمر نفسها فور انتهاء مهمتهما، والجنود الأوكرانيين راكموا الخبرات في صناعة مثل هذه الطائرات وتوجيه دفتها. وكان رجحان كفة هذه الطائرات المسيرة من بعد برز إثر حرب أرمينيا – أذربيجان، وعبد الطريق أمام حرب الدرون فصول حربية في إدلب ثم في أرمينيا.
فبعد فشل صواريخ "إس-300" في شمال حماه وإدلب في 2019، دار كلام الصحافة الروسية حول فشل المنظومة هذه في أرمينيا. وفي الحالين، يبدو أن صواريخ المنظومة الضخمة والباهظة الثمن عجزت عن التصدي لخطر أصغر حجماً. وبدا أن أسلحة القوى العظمى صارت متقادمة، ولا تقوم لها قائمة في ردع خصم أصغر حجماً وأضعف.
وسبق أن خلصت كاتبة هذه السطور إثر الحرب الأذرية - الأرمينية إلى أن التعويل فقط على القوة التقليدية ومجانيقها (على سبيل المثل درع صاروخية ضخمة باهظة الثمن) في حروب القرن الـ21 ليس الجسر إلى نصر محقق، بل إلى هزيمة مؤكدة.