الأمهات البريطانيات "معاقبات" وسط صعوبات عودتهن للعمل بعد إجازة الأمومة

ناشد خبراء بريطانيون حكومة المملكة المتحدة والشركات، إعطاء الأولوية لمعالجة "فجوة الأمومة" في مجال العمل، بعدما أشار استطلاع حديث إلى أن أكثر من ربع عدد الأمهات العاملات يشعرن بأن تقدمهن الوظيفي تباطأ بعد إجازة الأمومة.

ويكشف البحث الذي أجري بطلب من "جمعية فاوسيت" Fawcett Society (وهي مؤسسة خيرية ذات عضوية في المملكة المتحدة تنشط في مجال حقوق المرأة)، عن فوارق كبيرة بين الأمهات والآباء في ما يتعلق بالتأثير الملحوظ لإجازة الأبوة والأمومة على مساراتهم المهنية.

الاستطلاع الذي نفذته مؤسسة "أوبينيوم" Opinium لأبحاث السوق، شمل نحو 3 آلاف فرد من الأمهات والآباء العاملين الذين لديهم طفل واحد في الأقل تحت سن الرابعة. وأبلغت ما نسبته 27 في المئة من الأمهات العاملات عن تباطؤ في تقدمهن الوظيفي، مقارنة بنسبة 21 من الآباء العاملين.

ولاحظ المشرفون على الاستطلاع أيضاً أنه في حين أن الغالبية العظمى من الآباء والأمهات (78 في المئة) واجهوا تحديات لدى العودة للعمل، كان الرقم أعلى بالنسبة إلى الأمهات، بحيث بلغ 84 في المئة، مقارنة بـ74 في المئة للآباء.

جيمايما أولتشافسكي الرئيسة التنفيذية للمؤسسة الخيرية التي تنادي بالمساواة بين الجنسين، أكدت على أن "’جمعية فاوسيت‘ تدعو إلى أماكن عمل تدعم بشكل كامل جميع النساء عند عودتهن للعمل من جهة، وتتخذ التدابير اللازمة لضمان تكافؤ الفرص وتلبية احتياجاتهن المرنة من جهة ثانية".

وأضافت: "إننا نحض الشركات والحكومة البريطانية على إعطاء الأولوية لإلغاء عقوبة الأمومة، من خلال تقديم دعم فعال للأمهات العائدات إلى المجال الوظيفي، كي يتمكن من الموازنة بين عملهن ومسؤولياتهن في تقديم الرعاية لأطفالهن في المنزل".

وفي ما يتعلق بالمخاوف الأساسية لدى النساء اللاتي شاركن في الاستطلاع، فقد شملت الشعور بالذنب أو القلق في شأن ترك أطفالهن مع شخص أو جهة ترعى أطفالهن (45 في المئة)، وكذلك الموازنة بين مسؤوليات العمل ورعاية الأطفال (39 في المئة)، والقدرة على تحمل تكاليف رعاية الأطفال (35 في المئة).

"جمعية فاوسيت" التي تدعو إلى المساواة بين الجنسين حضت الشركات على إعطاء الأولوية لإنهاء "فجوة الأمومة" في مجال العمل (غيتي)

وأعربت أكثر من أربع من كل 10 نساء عن شعورهن بالعزلة والانفصال عن زملائهن لدى عودتهن من إجازة الولادة، مع ارتفاع هذه النسبة إلى 60 في المئة بين الأمهات العازبات. وفي المقابل، أعرب 28 في المئة فقط من الآباء العاملين عن مشاعر مماثلة.

وأفاد نحو ثلث عدد الأمهات اللاتي شاركن في الاستطلاع بافتقارهن للدعم أثناء انتقالهن إلى العمل، مع ارتفاع هذا الرقم إلى 42 في المئة بين أولئك اللاتي حصلن على إجازة أمومة تتفاوت مدتها ما بين 26 و52 أسبوعاً. وتبين من البحث أن 31 في المئة من الأمهات فقط لديهن إمكان الحصول على ترتيبات عمل مرنة، على رغم أن هذه المسألة تأتي في مقدم قائمة أنواع الدعم التي يرغبن فيها.

وتحدثت كذلك أمهات كثيرات عن مواجهتهن تصورات وتعديلات غير مفيدة من جانب أرباب العمل وزملائهن عند عودتهن للعمل. وأشارت ما نسبته 18 في المئة منهن، إلى أنهن شعرن بأنهن لا يعملن بجد بما فيه الكفاية، في حين شعرت 15 في المئة منهن بأنهن مستبعدات من المناسبات الاجتماعية في العمل، مقارنة بـ12 في المئة فقط من الآباء الذين يشعرون بعدم كفاية جهودهم في العمل، و10 في المئة من الذي يرون أنهم مستبعدون من المناسبات الاجتماعية.

وذكر أكثر من ثلث عدد النساء اللاتي شملهن الاستطلاع أنهن فقدن الثقة في مهاراتهن وقدراتهن عند العودة للعمل، وعزا نصف عددهن تقريباً هذا الانخفاض إلى المهمة الصعبة المتمثلة في الموازنة بين التزامات الوظيفة وموجبات الأمومة، مما قوض ثقتهن في هذا الإطار.

لكن ما أثار الاهتمام هو أن 44 في المئة من الأمهات المشاركات في البحث الاستقصائي، عبرن عن شعورهن بمزيد من الطموح عند عودتهن للعمل.

جاين لوريغان الرئيسة التنفيذية لموقع التوظيف الإلكتروني "توتال جوبس" Totaljobs (من أبرز منصات التوظيف في المملكة المتحدة) والمشاركة في البحث، شددت على أهمية الاعتراف بالمساهمة التي لا تقدر بثمن من جانب الأمهات العاملات في القوى العاملة والاقتصاد لدينا. ودعت إلى الاحتفاء بهن ودعمهن بدلاً من تهميشهن أو إقصائهن.

وحضت لوريغان أخيراً أرباب العمل على إعطاء الأولوية لهذه القضية، واعتماد سياسات وممارسات تعزز ثقافة الشمول والاحترام والمرونة للأمهات العاملات، كما لجميع الموظفين. واعتبرت أن مثل هذه التدابير لن تعود بالنفع على الأفراد فحسب، بل أيضاً على المنظمات والمجتمع ككل.