Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سيناريو بائس جعل أحدث أفلام "مهمة مستحيلة" مجرد افتعال

لاقى استحسان النقاد والجمهور لكنه يحرك أسئلة عن مدى جدارة ذلك الشريط التتمة بكل هذا التهليل

الممثلة هايلي أتويل مع توم كروز في فيلم مهمة مستحيلة حساب الموتى الجزء الأول (بارامونت بيكتشرز/سكاي دانس/اندبندنت)

ملخص

على رغم الضجة الإعلامية المبهرة التي رافقت الفيلم الأخير للممثل توم كروز، ثمة من يعتقد بأن حبكته الدرامية سعت إلى التجديد بصورة مفتعلة ومصطنعة وبعيدة من الإبداع الفني

النجم توم كروز، الممثل البالغ من العمر 61 سنة عضو جماعة الـ"سيانتولوجي" Scientology، يلمع في السماء حاضراً بعدما استقبلت صالات السينما هذا الأسبوع أحدث أفلامه "مهمة: مستحيلة، حساب الموتى الجزء الأول" Dead Reckoning Part One. [تأسست جماعة سيانتولوجي على يد الأميركي رون هوارد. وتضم معتقداتها خليطاً من انطباعات خاصة بهوارد، وأفكار من ديانات الشرق الأقصى، وبعض مقولات فرويدية. وتتمحور فكرتها الأساسية حول خلود الإنسان الذي تعيش "روحه" في جسد بشري، لكن حياته على الأرض ليست سوى حلقة من تقمصات عدة جرت في أكوان فضائية]

يشكل الشريط الجزء السابع ما قبل الأخير (وفق ما يفترض) وعمل يحمل علامة تجارية لم يسبق أن استقبل بهذه الحفاوة. حظي "حساب الموتى" بمراجعات نقدية رائعة من الأطراف كلها. وتتناسب حبكة الفيلم مع روح العصر، إذ تشهد شروع عميل الاستخبارات المضادة المارق إيثان هانت (توم كروز) في مطاردة معقدة عابرة للقارات للحصول على مفتاح، في محاولة لمنع صعود نظام ذكاء اصطناعي شرير يمتلك قوى كاملة ويعرف باسم "الكيان".

ووصفت الناقدة السينمائية في "اندبندنت" كلاريس لاغري الفيلم بأنه "عمل قوي وباذخ ينتمي بعمق إلى الطراز القديم من الإبداع والحرفية"، وكذلك يشير موقع "روتن توماتوز" لتقييم الأفلام إلى أن 98 في المئة من النقاد معجبون بالفيلم (إنها أعلى نسبة حققها كروز خلال مسيرته المهنية). لكن ما المشكلة الوحيدة؟ حينما يتعلق الأمر بشريط "حساب الموتى"، فإن هذا الإجماع خاطئ تماماً.

إذ يشهد هذا الفيلم الذي كتبه المخرج كريستوفر ماكاري وإريك جيندرسن (أحد الكتاب الرئيسين في مسلسل "عصبة الأخوة" Band of Brothers) انخراط شريط يحمل علامة "مهمة، مستحيلة" في تدمير ذاته تحت أعيننا، حتى من دون أن يتفضل علينا بتحذير مدته خمس ثوان. تحسب للفيلم وفرة مشاهد المجازفة المتقنة التصميم (وفي حالة كروز، التي تتحدى العمر). لا تتمثل مشكلتي في مشاهد المطاردة بالسيارات في شوارع روما، على رغم أنها تثير الإعجاب من الناحية اللوجستية إلا أنها مطولة بشكل فظيع. ولا مشكلة عندي مع المشاهد المتتالية عن حفلة مقامة في الجدوال المتعرجة والمتشابكة لمدينة البندقية، إذ إنها تسعى جاهدة إلى تقليد أداء قدمه كيانو ريفز أخيراً لدرجة قد تجعل كروز يسمي نفسه توم ويك [إشارة إلى إن اسم الشخصية التي يؤديها ريفز في ذلك الفيلم هو جون ويك]. ولدي مشكلة تتعدى ذلك، وهي أن التمثيل الملتبس الذي يؤديه كروز (الغريب بحدة، بالتأكيد)، وكذلك الحال بالنسبة إلى إيساي موراليس الذي يؤدي دور الشرير غابرييل بنفحة من اللامبالاة السخيفة، باستثناء صيحة غاضبة واحدة تجعل صرخة ويليام شاتنر السيئة السمعة في "ستار تريك، غضب خان" Star Trek: Wrath of Khan، تبدو نموذجاً للرقة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في الواقع، يشكل السيناريو نقطة الضعف الحقيقية في شريط "حساب الموتى" الذي يبدو في بعض المواضع كأنه مكتوب بواسطة الذكاء الاصطناعي، أعلم أن هذه نكتة سخيفة، لكنها ليست بعيدة جداً من كونها حقيقية.

استطراداً، يعرف عن سلسلة أفلام "مهمة، مستحيلة" أن صلتها بالواقع واهنة، لكن هناك فجوة واسعة بين دراما التهديد النووي في "سقوط" Fallout (الجزء الذي سبق "حساب الموتى")، وحبكة الذكاء الاصطناعي غير المنطقية [إشارة إلى أن الخيط الأساسي في سيناريو فيلم "حساب الموتى"، يتمثل في سعي البطل الرئيس إلى تدمير أحد أشكال الذكاء الاصطناعي].

ثمة ما هو عبقري ولكن هنالك هذا الذي لم أجد توصيفاً له، إذ إنه خليط من جعجعة الأفلام التجارية المبتذلة المنخفضة الكلفة، مع تصريحات شديدة الحماسة، إذ يدور نصف الحوار [في الشريط] إما عن "المفتاح" أو "الكيان". يمكنكم استبدال كلمة "الكيان" بـ"المدار السحري" وسيكون لـ"حساب الموتى" المعنى عينه.

يضاف إلى ذلك أن الضحكات المكبوتة في عدد من المشاهد الحوارية السخيفة في الفيلم، تشكل بحد ذاتها مهمة مستحيلة. من المذهل أيضاً تكاثر المواقف الهزلية الصغيرة، على غرار اللحظة التي يطلب فيها من الشخصية التي تؤديها هيلي أتويل بدء عملية تحويل مصرفية لـ100 مليون دولار عن طريق مجرد إدخال بياناتها المصرفية في هاتف محمول. (لا تنسي رمز فرع المصرف!). وينطبق الوصف نفسه على مشهد ينهض فيه غابرييل مما يشبه خزانة أفقية كان يختبئ فيها، ويفصل عن فمه جهاز التنفس المعقد على غرار ذلك الذي يرتديه الشرير باين في قصص باتمان المصورة. (في حركة غير ضرورياً حتماً!). وكذلك الحال بالنسبة إلى مشهد تتدلى فيه عربة قطار فوق واد معلقة بسلسلة واحدة متداعية، لكنها لا تتزحزح حينما يتحطم بيانو ضخم في أحد ممراتها الداخلية. مراراً وتكراراً تكون الحبكة عصية على التصديق.

لكن إخفاقات السيناريو ليست العيب الوحيد، إذ يتميز "حساب الموتى" بواحدة من أكثر عمليات "تجميد النساء" المخزية في الذاكرة الحديثة، والمقصود بذلك هو ذلك المجاز الأدبي المتحيز جنسياً الذي يتضمن مقتل أو إصابة شخصيات نسائية لمجرد تحفيز البطل الذكر في الحكاية. إذ يشير الفيلم صراحة إلى أن الشرير يتخلص من إحدى الشخصيات الأنثوية الرئيسة في الفيلم لمجرد دفع الشخصية التي يؤديها كروز إلى الانتقام. إن ذلك الأمر ليس نصاً ثانوياً [في سيناريو الفيلم]، بل نص مكتوب بالبنط العريض [بمعنى أنه خط رئيس في الحبكة].

على نحو متزايد، ثمة فكرة ترافق أفلام الحركة مفادها بأننا يجب أن نكتفي ببساطة بالمشاركة والاستمتاع بالمغامرة وألا نفرط في التفكير. لا حبكة، بل محض أجواء ممتعة. أنا لا أقول إن كل فيلم تجسس مثير يجب أن يكون مثل الفيلم الإيطالي "الملتزم" The Conformist، لكن هناك فرقاً بين البساطة والإهمال. واستكمالاً، هنالك ضرورة للكتابة الجيدة، أو في الأقل، التي تملك حداً أدنى من الصدقية، لأي نوع من الإغناء الحقيقي في القصة. إذا اقتصر ما تسعون إليه على مشاعر مستقاة من التشويق الحركي لمشاهدة كروز وهو يقفز من أعلى الجبل، فبإمكانكم أيضاً البقاء في المنزل ومشاهدة وصلات من أشرطة القفز المظلي على "يوتيوب".

أنا مدرك أن المقالات مثل هذه التي بين أيديكم الآن غالباً ما تبدو متناقضة. ("ذاك الشيء الذي يعجبكم؟ إنه سيئ في الواقع"). في المقابل، أنا محتار بصدق من الإعجاب الإجماعي الذي يغدق على "حساب الموتى". لكن، ما مدى السخافة التي يمكن أن يذهب النص [سيناريو الفيلم] إلى تقديمها في هذه المرحلة، كي تؤدي إلى نفور المشاهدين؟ ربما [يحدث ذلك النفور إذا جرى] نسيان اسم إحدى الشخصيات خلال العمل أو كشف عن أن ذلك العمل التجاري بأكمله لم يكن سوى حلم. أو ربما [جاء ذلك عبر] إشراك شخصية جار جار بينكس من "حرب النجوم" في دور ضيف شرف يوحد الأكوان؟ باختصار، يبدو أنه لا حدود للتسامح الجماعي للقاعدة الجماهيرية لسلسلة أفلام "مهمة، مستحيلة، مع الهراء.

سواء أكان ذلك صائباً أم خاطئاً، أضحت سلسلة أشرطة "مهمة، مستحيلة" مندرجة ضمن الأفلام الرائجة المرموقة، بمعنى أنها أعمال لها جمهور أصيل وتتمكن من الطفو فوق ذلك النهر المتدفق من أشرطة هوليوود المتدفق عن الأبطال الخارقين. في المقابل، إن نص "حساب الموتى" سخيف وممل كأي نص لفيلم مبتذل مبني على كتب القصص المصورة. إذاً، ماذا لو كانت مشاهد المجازفة مثيرة؟ يشبه الأمر العثور على قطع لحم دسمة في وعاء من حبوب الفطور. إنها كارثة متنكرة في صورة انتصار. أو بعبارة أخرى، إن إغداق مزيد من الثناء على هذا الفيلم هو مهمة أرفض ببساطة قبولها.

 

* يعرض فيلم "مهمة، مستحيلة. حساب الموتى، الجزء الأول" في دور السينما حالياً.

© The Independent

المزيد من سينما