Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رفض العربية في مدرسة فرنسية بالمغرب يثير نقاش البعثات الأجنبية

محكمة الاستئناف الإدارية في باريس رفضت رفع ساعات تعليم لغة الضاد من 2 إلى 5

مؤسسة تعليمية مغربية (وكالة المغرب العربي للأنباء)

سرعان ما تحولت شكاوى عادية لأسر تلاميذ ضد مؤسسة تعليمية تابعة للبعثة الفرنسية في #المغرب بسبب رفع عدد ساعات تدريس #اللغة_العربية إلى قضية رأي عام في البلاد بعد تدخل محكمة الاستئناف الإدارية في #باريس أخيراً في الملف التي قضت برفض زيادة ساعات "لغة الضاد" في تدريس التلاميذ.

وملخص القضية أن أسر التلاميذ الذين يتابعون دراستهم في مؤسسة تعليمية تدعى "أندري شينيي" بالعاصمة الرباط والتابعة للبعثة الفرنسية، رفعوا دعوى قضائية ضد المدرسة ووجهوها إلى القضاء الفرنسي للطعن في قرار تمديد الحصة الأسبوعية لمادة اللغة العربية من ثلاث ساعات إلى خمس ساعات قبل أن يأتي قرار محكمة باريس قبل أيام بموافقة الطعن الوارد في شكوى الأسر ورفض الزيادة في ساعات العربية.

 

شكاية قضائية مثيرة

 

لم تكن الشكوى القضائية التي رفعتها جمعية تمثل أولياء أمور التلاميذ في المدرسة الخصوصية التابعة للبعثة (الإرسالية) الفرنسية بالرباط لتأخذ كل هذا الحجم والسجال الإعلامي والسياسي لو أنها انحصرت في مجرد رفع شكوى قضائية، لكن توجيهها إلى القضاء الفرنسي ودخول المحكمة الإدارية بالعاصمة باريس على خط القضية، منحا الموضوع كل هذا الزخم.
ونظرت المحكمة الفرنسية أخيراً في الدعوى القضائية التي رفعها أسر التلاميذ في المؤسسة التعليمية المذكورة ومضمونها رفض قرار وكالة التعليم الفرنسي في الخارج بالزيادة في ساعات مادة اللغة العربية بساعتين إضافيتين كل أسبوع، وفق بنود اتفاق مسبق بين حكومتي المغرب وفرنسا عام 2017.
المحكمة الإدارية الفرنسية عللت قرارها بقبول الطعن ورفض تمديد ساعات مادة العربية لتلاميذ المدرسة بأن الرفع من حصص العربية بساعتين في الأسبوع يؤثر سلباً في جوهر وجودة المنظومة التعليمية في المدارس الفرنسية التي تتبع لها المدرسة المعنية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

واعتبر بعضهم أن قرار المحكمة الفرنسية منطقي ويدخل ضمن اختصاصها ما دامت المؤسسة التعليمية في المغرب تتبع لوكالة التعليم الفرنسي في الخارج، بينما سجل آخرون أن القرار يأتي في سياق فتور العلاقات الدبلوماسية بين الرباط وباريس خلال الآونة الأخيرة. 

جدل سياسي

في المقابل دفعت هذه القضية حزب العدالة والتنمية (المعارض) إلى طلب استجواب وزير التعليم المغربي في البرلمان من أجل "نقاش الإجراءات التي تقوم بها الحكومة بهدف ضمان تنفيذ المؤسسات التربوية الأجنبية لالتزاماتها المقررة في قانون التربية والتعليم".
وتنص إحدى مواد قانون منظومة التربية والتعليم في المغرب على ضرورة التزام المؤسسات التربوية الأجنبية العاملة في المملكة، تدريس اللغة العربية والأمازيغية لكل الأطفال المغاربة الذين يتابعون تعليمهم فيها على غرار المواد التي تعرفهم بهويتهم الوطنية، مع مراعاة أحكام الاتفاقات الثنائية الدولية المبرمة من قبل المغرب والمتعلقة بوضعية هذه المؤسسات.
وتتنامى في المغرب مطالب ونداءات نشطاء وهيئات وأحزاب سياسية للتقليص من الاعتماد على اللغة الفرنسية في التعليم والاعتناء أكثر باللغة الإنجليزية باعتبارها لغة العلوم والمعرفة الأكثر انتشاراً مقارنة بلغة موليير.

 

 محميات خاصة

 

في المقابل يعلق رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية الدكتور فؤاد بوعلي على الموضوع بالقول إن هذا الحدث يبرهن على الحاجة إلى سياسة لغوية وطنية تحفظ للدولة المغربية سيادتها على كامل ترابها، وليس ترك المجال للبعثات الأجنبية لإنشاء "محميات خاصة" بها تأتمر بأنظمة وقوانين دول أجنبية.
ويتابع أن الحدث يسائل وزارة التعليم ومدى قدرتها على فرض نموذج تربوي موحد وواحد على جميع المغاربة ويسائل المجلس الأعلى للتعليم الذي لم يصدر بعد أية دراسة تخص هذه المؤسسات التي تتناسل كالفطر ويسائل الدولة المغربية وسيادتها الوطنية التي تتعرض يومياً للخرق من طرف الدولة الفرنسية.
ويرى بوعلي أن ما حصل يطرح مسألة علاقة الآباء بالوطن، هل هي علاقة انتماء وولاء لقوانينه ودستوره أم علاقة عرضية تزول عند أول بديل؟، داعياً الحكومة إلى أن "تأخذ الحدث بالجدية المطلوبة لمراجعة مقررات ومناهج هذه البعثات الفرنسية على وجه الخصوص".

 

مساءلة مدارس البعثات الأجنبية 

 

من جهته يقرأ الخبير التربوي الدكتور رشيد شاكري هذه الواقعة من خلال نقاشات عدة، الأول كون المؤسسة الفرنسية هي التي اتخذت قرار إضافة ساعتين أسبوعياً في حصص اللغة العربية، أي اللغة الرسمية للبلد المضيف، في حين الطرف المعترض على القرار هم آباء التلاميذ المغاربة المفروض فيهم تثمين المبادرة لتأكيد تشبثهم بأحد مظاهر الهوية المغربية ولتمكين اللغة العربية من الحضور في المؤسسات التعليمية الأجنبية بالمغرب بغية التواصل الثقافي بين الشعوب والأمم.
ويضيف أن النقاش الثاني متمثل في مساءلة مدارس البعثات الأجنبية في المغرب من حيث مخرجاتها وآليات مراقبتها وتقييمها ما دامت تستقبل تلاميذ مغاربة يفترض بالدولة أن تحرص على تنشئتهم وفق المرتكزات الوطنية الثابتة والهوية الوطنية الموحدة، وعلى رأسها تعلم اللغة العربية واللغة الأمازيغية.
والنقاش الثالث، وفق شاكري، وضعية اللغتين العربية والفرنسية في المنهاج التعليمي المغربي الذي شهد اكتساح اللغة الفرنسية في جميع المستويات واعتمادها لتدريس المواد العلمية في بعض التخصصات واللجوء إلى صيغة التناوب اللغوي الذي يعني في عمقه اللجوء إلى اللغة الفرنسية في تدريس الرياضيات والفيزياء والكيمياء وعلوم الحياة، وإصباغ الشُعَب الدراسية الذي تتبنى هذا التوجه بمسمى الشعب الدولية، الأمر الذي أدى إلى تراجع المواد المدرسة باللغة العربية في المدرسة المغربية.

العربية والفرنسية

وسجل شاكري موضوعاً مسكوتاً عنه، إذ إن مدارس خصوصية عدة تعمد إلى تقليص الحصص الأسبوعية المخصصة لتدريس اللغة العربية أو المواد المدرسة بها مثل التربية الإسلامية والاجتماعيات، في خرق واضح للمنهاج الدراسي وللقانون المنظم لهذه المؤسسات التعليمية.
وأردف أن لجوء مغاربة إلى القضاء في فرنسا لحل إشكالية تهم تلاميذ مغاربة في بلدهم وإصدار حكم من باريس ليطبق في المملكة، يجران إلى التساؤل عن مدى احترام سيادة الدول والتزام الاتفاقات المبرمة في إطار التبادل الثقافي بين الطرفين.
وخلص شاكري إلى أن اللغة العربية تعد أكثر انتشاراً وإقبالاً على تعلمها في العالم مقارنة باللغة الفرنسية، بل إن تدريس اللغة الفرنسية يعرف حالياً تراجعاً على المستوى الدولي بما في ذلك الدول الفرنكوفونية، حيث استبدلت بلغات أخرى على رأسها اللغة الإنجليزية.
اقرأ المزيد

المزيد من تقارير