Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تحقق الدول المستضيفة للمونديال مكاسب اقتصادية؟

تعزز البنى التحتية وقطاعات السياحة والعقارات والأهم تحسين المكانة والسمعة الدولية

مجسم كأس العالم في الدوحة (رويترز)

على قدر ما يحتاج تنظيم كأس العالم إلى كلفة باهظة باعتباره حدثاً رياضياً كبيراً، إلا أنه في الوقت ذاته يحقق كثيراً من العائدات والمنافع للبلد المضيف. فعلى المدى القصير تعزز استضافة كأس العالم قطاعات اقتصادية كثيرة أبرزها العقارات والسياحة، بينما تكون النتائج المرتبطة بالاستثمار الأجنبي أكثر فائدة على المدى الطويل.

ومنذ أن أوقف الاتحاد الدولي لكرة القدم احتكار تنظيم هذه البطولة وأصبحت متاحة لجميع القارات، بات التنافس لاستضافة المونديال ملحوظاً بين الدول، فالمغرب الذي رشح لاستضافة المونديال المقبل، خسر هذه الفرصة للمرة الخامسة خلال ثلاثة عقود في مقابل فوز الولايات المتحدة وكندا والمكسيك بتنظيم مشترك لكأس العالم عام 2026.

تفيد التقديرات بأن عدد من يشاهدون هذا الحدث العالمي الضخم يقارب نحو مليار شخص، وعلى مدى شهر كامل تتحول الملاعب والمدرجات إلى مؤثر فاعل في الاقتصاد العالمي، ومعزز للتجارة بين الدول المضيفة والدول المشاركة، وتظاهرة رياضية ضخمة تقدم المتعة لمريديها وتضخ المال في القنوات الاقتصادية.
 
مونديال قطر الأعلى كلفة
 
يعد مونديال قطر الأعلى كلفة في تاريخ كأس العالم بفاتورة زادت على 200 مليار دولار، بعد أن جهزت الدوحة بنية تحتية متكاملة، تتضمن شبكة طرق ومواصلات داخلية، إلى جانب بناء ثمانية ملاعب لاستضافة مباريات المونديال.
بينما تكلفت دول أخرى قيمة أقل لتنظيم كأس العالم على أراضيها بسبب امتلاكها بنى تحتية وملاعب بمقاييس عالمية، فمثلاً بلغت كلفة مونديال إيطاليا 1990 أربعة مليارات دولار، فيما قدرت كلفة تنظيم مونديال أميركا 1994 مبلغ 340 مليون دولار، وهي القيمة نفسها التي تكلفتها فرنسا لتنظيم مونديال 1998.
أما مونديال 2002 فبلغت تكلفته خمسة مليارات دولار مناصفة بين دولتي كوريا الجنوبية واليابان، فيما أنفقت ألمانيا نحو ستة مليارات دولار في مونديال 2006. ودفعت روسيا أقصى كلفة بعد قطر لدى تنظيمها كأس العالم عام 2018 بمبلغ يصل إلى 20 مليار دولار.
في مقابل هذه الكلف الباهظة، ومع بدء العد التنازلي لاستضافة قطر بطولة كأس العالم لكرة القدم، تستعد قطاعات اقتصادية عدة للانتعاش وجني المكاسب، إذ تقدر العوائد المتوقعة في قطاع السياحة بنحو 7.5 مليار دولار، مما يعني رفع قيمة الناتج المحلي الإجمالي في البلاد إلى 1.5 في المئة، وخلق أكثر من 1.5 مليون فرصة عمل جديدة في قطاعات رئيسة مثل البناء والعقارات والضيافة والفنادق، والنقل والسكن والسلع الغذائية، كما تشير مبيعات التذاكر إلى أن نحو 1.5 مليون سائح سيقصدون كأس العالم في قطر.
 
مزايا اقتصادية واجتماعية
 
ثمة عديد من الأسباب التي تجعل الدول تتنافس على استضافة كأس العالم، السبب الأكثر وضوحاً هو التعزيز الاقتصادي الذي يأتي من استضافة حدث رياضي كبير، عبر إنعاش السياحة والإنفاق على البنية التحتية والنقل والاستثمار الأجنبي، وخلق فرص عمل جديدة، إذ وجدت دراسة أجراها خبراء اقتصاديون أن استضافة كأس العالم أو الألعاب الأولمبية زادت السياحة بنحو ثمانية في المئة.
 
 
في جانب آخر لا يقل أهمية عن الانتعاش الاقتصادي وعلى المدى الطويل، ترفع استضافة كأس العالم مكانة بعض الدول وتحسن من سمعتها، الأمر الذي يعزز ظهورها الدولي في جميع أنحاء العالم، ويجعلها أكثر جاذبية للسياح والمستثمرين.
ومع ذلك، تشير الأبحاث إلى أن النمو الاقتصادي الذي تشهده هذه الدول المضيفة غالباً ما يكون أقل من المتوقع. على سبيل المثال، أنفقت جنوب أفريقيا أكثر من أربعة مليارات دولار لاستضافة كأس العالم 2010، إضافة إلى الإنفاق على تحسين البنية التحتية والنقل، من دون أن ينتج عن هذا الإنفاق منافع اقتصادية متوقعة.
بموازاة ذلك، لا تنحصر الفوائد في الدول المضيفة فقط، بل تتعداها إلى دول مجاورة حيث تنشط حركة خطوط الطيران والفنادق، في هذا العام حققت كل من الأردن وتركيا ودول أخرى فوائد جانبية من تنظيم كأس العالم في قطر عبر تعاقد الدوحة معها لتأمين أفراد الحماية الأمنية للملاعب. ويقول اقتصاديون إن مثل هذا الحدث العالمي الضخم يسعى إلى تعويض كلف الاستثمارات عن طريق مكاسب تتحقق على المدى البعيد، كتنشيط الاقتصاد الراكد وتحسين وتنويع الاقتصاد وتنفيذ برامج التنمية المستدامة. 
 
الوجه الآخر 
 
ينسب إلى دينيس كوتس بروفيسور الاقتصاد في جامعة "ميريلاند" الأميركية قوله إن ثمة مبالغة في حجم التأثير الإيجابي لكأس العالم في اقتصاد الدول المستضيفة. على سبيل المثال، توقعت اللجنة المنظمة لكأس العالم 1994 في الولايات المتحدة أن كأس العالم ستضيف أربعة مليارات دولار للاقتصاد الأميركي، ولكن الواقع أن أميركا خسرت 9.6 مليار دولار من التنظيم، بفارق خسارة 13 مليار دولار في الأقل عن المتوقع. 
وتوصلت دراسة أجراها الباحثان روبرت بادي وفيكتور ماثيسون عام 2004 إلى نتيجة أن المدن الأميركية التي استضافت كأس العالم 1994 شهدت انخفاضاً في المداخيل. أما ألمانيا التي استضافت كأس العالم عام 2006، فقد أعلنت أن أرباح كأس العالم بلغت 194 مليون دولار، وهو رقم لا يذكر بجانب الناتج القومي الألماني حينها والبالغ ثلاثة تريليونات دولار.
ووفقاً للباحث الأميركي كوتس فإن كأس العالم لا تنعش السياحة كما هو شائع، ففي كوريا التي استضافت كأس العالم 2002 لم يتغير عدد السياح في سنة كأس العالم عن العام الذي سبقها بشكل كبير.
ويطرح اقتصاديون آخرون سؤالاً أكثر أهمية، وهو ما الذي ستفعله الدول المضيفة بعد نهاية هذه التظاهرة الرياضية بهذا العدد الكبير من الفنادق والملاعب الجديدة التي أنشأتها لاستيعاب زوار المونديال؟
على سبيل المثال، احتاجت أميركا إلى إنفاق المليارات لتطوير ملاعب كرة القدم فيها، إذ لا تعتبر اللعبة الشعبية الأولى في البلاد، وهذه الملاعب التي جرى الإنفاق عليها غالباً لم تستخدم على نحو فعال بعد انتهاء المونديال، بحكم انخفاض شعبية كرة القدم التقليدية في الولايات المتحدة.
اقرأ المزيد

المزيد من تقارير