Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أخطاء جسيمة يخفيها مستشفى بريطاني للولادة متورط بفضائح إهمال طبي

تحقيق جديد يبحث في حالات وفاة وإصابات وقعت منذ 2006 وسيبدأ تحرياته للرد على أسئلة عائلات الضحايا

سارة أندروز تحضن طفلتها وينتر أندروز التي توفيت نتيجة أخطاء طبية في مستشفى نوتنغهام الجامعي (اندبندنت)

في المملكة المتحدة، تبيَّن أن أخطاء طبية جسيمة شابت الرعاية المقدمة للأمهات والمواليد الجدد في مستشفى لحقت به فضائح كثيرة تابع لهيئة "الخدمات الصحية الوطنية" ("أن أتش أس" NHS) البريطانية، وقد أبقيت طي الكتمان عن جهات تنظيمية معنية ومديرين كبار في مجال الصحة.

الآن، انطلق تحقيق جديد حول المستوى السيئ من الرعاية التي تقدمها "مستشفيات نوتنغهام الجامعية" Nottingham University Hospitals Trust للأمهات وأطفالهن، علماً بأنها من بين كبرى المستشفيات في إنجلترا، وسيخوض التحقيق في تحريات خاصة بشأن عدم إيلاء أخطاء طبية خطيرة الأهمية اللازمة والاستهانة بها، على نحو سمح للمستشفى بأن يتلافى التدقيق في حوادث عدة.

ويعتقد أن التحقيق يشمل وفيات من الأطفال، ومواليد موتى، وأطفالاً عانوا تلفاً دماغياً أثناء الولادة.

تشير تلك المعطيات إلى عدم رفع تقارير بشأن تلك الحوادث الطبية إلى هيئة "خدمات الصحة الوطنية في إنجلترا" ("أن أتش أس إنغلاند"NHS England )، ولم يبلغ بها المديرون الصحيون في المستشفى، ما أعطى انطباعاً مغلوطاً بأن أجنحة الولادة في ذلك المركز الاستشفائي تشهد أخطاء أقل بالمقارنة مع مستشفيات أخرى.

يجيء التحقيق الجديد بعد تحقيق سابق نهضت به "اندبندنت" و"القناة الرابعة الإخبارية" في وقت سابق من العام الحالي. وقد كشف ذلك التحقيق النقاب عن وفاة عشرات الأطفال أو تعرضهم لتلف في الدماغ (أثناء الولادة) في المستشفى عينه، على مدى السنوات العشر الماضية، فيما وجهت العائلات المفجوعة اتهامات ضده بسبب تستره، وفق رأيها، على ما تعرض له الضحايا.

في ذلك الصدد، تبين أن المستشفى مسؤول قانونياً عن أكثر من 91 مليون جنيه استرليني يتوجب أن تدفع كتعويضات عن حالات من الإهمال السريري تشمل 34 وفاة و46 حالة لأطفال مصابين بتلف دائم في الدماغ.

وكذلك أدرج فعلاً ما لا يقل عن 20 عائلة في التحقيق الجديد، فيما ناشد رؤساء هيئة "الخدمات الصحية الوطنية" كل الآباء والأمهات الآخرين [ممن عانوا أوضاعاً مشابهة]، التقدم للإبلاغ عن شواغلهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واستطراداً، ستتولى الإشراف على التحقيق كاثي بورت، وهي مديرة متمرسة لدى هيئة "الخدمات الصحية الوطنية"، إلى جانب الاستشارية المختصة في طب التوليد الدكتورة تيريزا كيلي، والقابلة الاستشارية ديبي غراهام، التي أدارت أحد التحقيقات الأولى الأصلية في سوء الرعاية في مستشفى "شروزبري وتيلفورد ترست"Shrewsbury and Telford Hospital Trust  الذي بات متورطاً الآن في أكبر فضيحة متعلقة برعاية الأمهات والأطفال الحديثي الولادة في تاريخ "الخدمات الصحية الوطنية".

ستشكل الطريقة التي تعتمدها مستشفيات نوتنغهام في تصنيف الحوادث الطبية الخطيرة، أحد الخطوط الرئيسة الموضوعة للتحقيق. وفي العادة، تكون الأخطاء الطبية محكومة بقواعد وطنية تكفل الإبلاغ عن الحوادث على المستوى الوطني والتحقيق فيها على النحو الواجب.

في المقابل، كشفت مراجعة للحوادث الطبية عن أن المستشفى ابتكر معياراً داخلياً خاصاً به بشأنه جسامة الخطأ الطبي، يعتمد تصنيفاً متفرعاً يسمى "حوادث عالية المستوى". منذ ذلك الحين، علم "فريق التكليف السريري" المحلي وهيئة "خدمات الصحة الوطنية في إنجلترا" بشأن الاستهانة بحوادث كان ينبغي الإبلاغ عنها على الصعيد الوطني، وذلك عبر تصنيفها ضمن فئة "الحوادث العالية المستوى" والإبقاء عليها كمسألة داخلية سرية.

واتصالاً بذلك، أقر التحقيق الذي أصدر "فريق التكليف السريري" في مقاطعة نوتنغهامشير و"خدمات الصحة الوطنية في إنجلترا" تكليفاً بإجرائه ضمن صلاحياته، "بعدم استقاء المستشفى الدروس من الحوادث الطبية والتحقيقات". وأضاف أيضاً أنه قد تبين له "احتمال وقوع عدد من الحوادث ووجود شكاوى ومخاوف متعلقة بالرعاية المقدمة للأمهات والمواليد الجدد التي ربما لم يُصَر إلى تحديدها أو مراجعتها أو رفعها إلى الجهات المعنية على النحو الواجب".

في حديث مع "اندبندنت"، أعرب جاك هوكينز، الذي ولدت ابنته هارييت متوفاة بعد أخطاء طبية ارتكبها الطاقم الطبي، عن ترحيبه بالتحقيق الجديد.

وأضاف هوكينز أن "المسؤولية ألقيت علينا نحن الضحايا، ولم يصدقنا أحد منذ فترة طويلة، وعاثت الفوضى في حياتنا. يبعث على الاطمئنان أن يتيقن المعنيون من صدق كلامنا أخيراً، لكنني لا أشعر أن في وسعنا أن نستريح بعد".

في الواقع، طوال 159 يوماً لم تصنف وفاة هارييت كحادثة طبية خطيرة. وذكر جاك، استشاري طبي سابق في "مركز كوينز الطبي" في نوتنغهام، أن استخدام التصنيف المتفرع المسمى "حوادث طبية عالية المستوى"، يعتبر "عملاً من منظمة غير مأمونة".

وفق جاك، "إننا إزاء خديعة. كانت المسألة عبارة عن إخفاء للحقائق أكثر من كونها شيئاً آخر. يصار إلى الإبلاغ عن الحوادث الخطيرة على المستوى الوطني، فتبقى علامة سوداء ضد المستشفى. وصف المستشفى نظامه بالإيجابي، لكنه في الواقع كان يعمل على تقويض القواعد".

وأضاف جاك، "إذا أخفى المستشفى أمراً بشأن الوفيات في صفوف الأطفال وحوادث طبية أخرى تشهدها خدمات الولادة التي يقدمها، فما تراه يحدث أيضاً في الأقسام الأخرى؟ سيكشف هذا التحقيق عن حالات إضافية، إنه فشل متعدد الأنظمة".

سيعاود التحقيق الجديد إجراء تحريات عن حالات وقعت في 2006، ويتفحص البيانات والمعلومات حول خدمات الولادة، وطريقة إدارتها، بغية تحديد الاتجاهات والإجراءات الكفيلة بتحسينها.

وسينظر فريق التحقيق في الرعاية المقدمة للأمهات والأطفال، وإذا لزم الأمر فسيحيل بعض الحالات على تحقيقات منفصلة مركزة ومستقلة، وذلك عقب إبداء مخاوف من أنه لم ينظر في البعض منها سابقاً. ستوفر هذه الخطوات إجابات محددة للعائلات عن شواغلهم وتساؤلاتهم.

في حالة الطفلة وينتر أندروز التي توفيت نتيجة إهمال طبي في 2019، زعم المستشفى خطأً أن موتها كان "متوقعاً"، ولم يطرح أي أسئلة إلا عندما لجأ والداها إلى التبليغ عن الحادثة.

وفق والدتها، سارة أندروز "لو لم أطرح أسئلة، لما حقق الطبيب الشرعي (في سبب وفاة طفلتي). اعترانا قلق حقيقي من احتمال وجود عائلات أخرى لقيت الإهمال (الطبي) في المستشفى، ولا تدرك أنه كان في المستطاع تفادي ما لاقته".

وأضافت أنها متفائلة بشأن التحقيق وتخصيص بعض الحالات بتحريات مستقلة، بيد أنها أوضحت أن "التوصيات السابقة التي لم يتخذ المعنيون في المستشفى إجراءات بشأنها، كانت لتصنع فارقاً في حالة وينتر. تعد المراجعة بحد ذاتها خطوة إيجابية، لكن المستشفى لم يجرِ أي تغييرات في 2018 حينما كان موظفوه يحذرون من مخاوف تتعلق بالسلامة، لذا لدينا شكوك كبيرة في أنه سيعمد الآن إلى إدخال تحسينات إلى طريقة عمله".

في سياق متصل، ذكر "أن أتش أس إنغلاند" و"فريق التكليف السريري"، مع إعلانهما بدء التحقيق أنهما يدركان "كون رعاية الولادة التي يقدمها المستشفى لم تكن بالجودة المطلوبة، وأن المشكلات ما زالت مستمرة".

إضافة إلى المستشفى، سينظر التحقيق أيضاً في إجراءات "لجنة جودة الرعاية"، و"أن أتش أس إنغلاند"، و"فريق التكليف السريري".

كذلك سينظر التحقيق في حالات المواليد الموتى ووفيات الأطفال الحديثي الولادة، فضلاً عن الوفيات في صفوف الأمهات والأطفال الذين عانوا إصابات خطيرة، والرعاية العامة المتوفرة في أجنحة الولادة.

في تصريح أدلت به إلى "اندبندنت"، أوضحت كاثي بورت التي تقود التحقيق، أنهم "ممتنون لجميع العائلات التي اضطلعت بهذا الدور المهم في إقرار مراجعة لخدمات الولادة في نوتنغهام، يجري تنفيذها الآن. وقد عقد فريق المراجعة اجتماعاته الأولى".

وكذلك بينت أنه "طوال فترة عملية المراجعة، سنتشارك النتائج التي توصلنا إليها مع مستشفيات نوتنغهام الجامعية، كي يتسنى إجراء التعديلات المطلوبة من دون أي تأخير، حالما نحدد أوجه الضعف. في المقابل، نريد التأكيد أن المراجعة ستكون مستقلة تماماً عن المستشفى، وستوفر معلومات شفافة لعائلات الضحايا بالإضافة إلى توصيات واضحة لإدخال تحسينات على الخدمة".

يمكن للعائلات التي لديها مخاوف بشأن رعاية الأمهات والأطفال الحديثي الولادة في "مستشفى نوتنغهام" التواصل مع فريق التحقيق عبر البريد الإلكتروني التالي [email protected].

في سياق متصل، نقل المستشفى الذي تبين أنه يدرج بعض حالات الحوادث الطبية ضمن تصنيفات غير صحيحة، إلى صحيفة "اندبندنت"، أنه في بداية 2021 غير عمليات التصنيف لديه، حرصاً على تنفيذ المستوى المناسب من التحقيق في كل مرة، كي يتمكن من تزويد العائلات بالدعم المناسب واستخلاص الدروس.

أخيراً، أوضحت ميشيل رودس، الممرضة المسؤولة في المستشفى، أننا "نبذل قصارى جهدنا بغية التأكد من أننا نحيط العائلات التي تلجأ إلى خدماتنا بأفضل رعاية ممكنة. وكذلك سنتعاون مع المراجعة المستقلة بشكل كامل".

© The Independent

المزيد من تقارير