دعت مسؤولتان رفيعتا المستوى في مجالي التمريض والتوليد في المملكة المتحدة، الحكومة البريطانية إلى تأخير الموعد النهائي لتطعيم جميع موظفي مرافق "الخدمات الصحية الوطنية" (أن أتش أس) NHS، ضد عدوى كورونا، بسبب مخاوف من أن تؤدي إلزامية التلقيح إلى "نتائج معاكسة".
وفق ما ينص عليه القانون، فإنه اعتباراً من مطلع أبريل (نيسان) 2022، يتعين أن يكون جميع موظفي "الخدمات الصحية الوطنية" قد تلقوا تطعيماً كاملاً ضد فيروس "كوفيد-19"، ما يعني أنه يتوجب على الذين لم يتطعموا بعد الجرعة الأولى من اللقاح، أن يحصلوا عليها بحلول فبراير (شباط) المقبل.
وفي وقت سابق، توقعت حكومة المملكة المتحدة أن تفقد مرافق "الخدمات الصحية الوطنية" نحو 73 ألف موظف، بعد حلول الموعد النهائي لتلقي الجرعات. وأشار تقييم نشر في ديسمبر (كانون الأول) 2021، إلى أن رعاية المرضى قد تتأثر أيضاً بهذا الإجراء.
وبحسب الأرقام الراهنة، فإن قرابة ستة في المئة من العاملين في مجال الرعاية الصحية، لم يتلقوا تطعيمهم بعد. ورجحت مصادر في هيئة "الخدمات الصحية الوطنية" تحدثت مع "اندبندنت"، ألا تتغير هذه النسبة قبيل حلول الموعد النهائي.
وفي التفاصيل، يرد أن "الكلية الملكية للتمريض" Royal College of Nursing (RCN) ، و"الكلية الملكية للقابلات" Royal College of Midwives (RCM) ، ناشدتا الحكومة في الأربعاء الماضي، اتخاذ قرار "بإرجاء فوري" للموعد النهائي للتطعيم الكامل، لأنها تخاطر بتفاقم أزمة التوظيف الضاغطة التي يواجهها القطاع الصحي منذ مدة.
ورأت بات كولين الأمينة العامة والرئيسة التنفيذية لـ"الكلية الملكية للتمريض"، أن "لا شيء يهم الممرضة أكثر من رعاية مرضاها بأمان. لكن الآن، تؤكد لي العاملات في المهنة، أنه لن يكون في إمكانهن النهوض بذلك في شكل دائم".
وأوضحت، "إننا ندعو الحكومة إلى الإقرار بخطورة الموقف، وإرجاء خطوة يبدو أنه حتى وفق الحسابات المتصلة بتلك الخطوة، أنها ستأتي بنتائج معاكسة. إن إبعاد طواقم تمريض قيمة، في خضم هذه الأزمة، يعد شكلاً من أشكال التخريب الذاتي".
وأضافت كولين، "إن تشجيع الناس على تلقي التطعيم يظل الطريقة الفضلى لتعزيز حصول الأفراد على اللقاح. إن طواقم التمريض التي تتمتع بخبرة وحكمة في فهم مخاوف الناس الذين يثقون بها إلى حد كبير، تولت إدارة برنامج التطعيم ضد عدوى كوفيد-19، ونهضت بدور رئيس في معالجة أي مخاوف قد تنشأ لدى الأشخاص في ما يتعلق بتطعيمهم".
في المقابل، أكدت غيل والتون الرئيسة التنفيذية لـ"الكلية الملكية للقابلات"، أن مؤسستها تعتقد بأن التطعيم يشكل "الخيار الصحيح الذي ينبغي اعتماده"، لكنها رأت في المقابل أن التلقيح الإلزامي لا يعد نهجاً صحيحاً.
وبحسب رأيها، "إنني أناشد وزير الصحة أن يعيد النظر في قراره، ويرجئ تنفيذه. فقد كافح العاملون في أقسام الولادات طيلة فترة الوباء، لإبقاء تلك الخدمات مستمرة، وتقديم أفضل رعاية للنساء والأسر".
وأوضحت والتون أن "هذا الجهد لم يستكن ولا عرف الراحة، وبالتالي فإن من غير المستغرب أن يكون تغيب الموظفين في الوقت الراهن عند أعلى المستويات التي عرفتها مرحلة الوباء حتى الآن. من هنا، إن المضي قدماً في التطعيم الإلزامي لن يكون من شأنه سوى التسبب في مزيد من التراجع في مستويات التوظيف".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشارت الرئيسة التنفيذية لـ"الكلية الملكية للقابلات"، إلى أن "الحكومة حركت صندوق باندورا [تعبير مستوحى من الأساطير الإغريقية عن الساحرة باندورا وصندوقها المحتوي كل أنواع الشرور واللعنات] في هذا الموضوع، لجهة العواقب والمشاكل غير المتوقعة التي يمكن أن تنشأ عنه، لكن ما زالت هناك فرصة الآن للتراجع. إننا نحض [وزير الصحة] ساجد جاويد على أن يغتنمها".
وفي سياق موازٍ، أشار ناطق باسم وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية البريطانية، إلى أن "العاملين في مجال الصحة والرعاية الاجتماعية يتحملون المسؤولية عن رعاية بعض الأشخاص الأكثر ضعفاً في المجتمع، خصوصاً أن كثيراً من هؤلاء سيكونون أشد عرضة للمعاناة من عواقب صحية خطيرة، إذا ما تعرضوا للفيروس".
واستطراداً، اعتبر المتحدث الرسمي أن "المسألة ترتبط بسلامة المرضى، وبضمان حصول الأفراد، سواء أكانوا في المستشفيات أو خلال تلقيهم الرعاية، على أكبر مقدار ممكن من الحماية. وفي هذا الإطار، تبقى اللقاحات أفضل دفاع لنا ضد عدوى كورونا"، حسب تعبيره.
في زاوية مقابلة، أكد داني مورتيمر نائب الرئيس التنفيذي لـ"اتحاد الخدمات الصحية الوطنية" الذي يمثل المستشفيات التابعة للهيئة، "دعم قادة (الخدمات الصحية الوطنية) مطلب تطعيم الموظفين الذين هم على تماس دائم مع المرضى، ضد فيروس كورونا".
في المقابل، ذكر مورتيمر بأنه "جرى تسليط الضوء على مخاطر النهج الإلزامي وعواقبه، من قبل القيمين على القطاع الصحي في مرحلة التشاور في القانون [مع الحكومة]، وقد فضلوا أن يكون لديهم وقت أطول للوفاء بتلك المتطلبات".
وأخيراً، نبه مورتيمر إلى أنه مع دنو الموعد النهائي لإلزامية التطعيم، سيكون على بعض الموظفين التخلي عن وظائفهم إذا ما واصلوا رفضهم الحصول على اللقاح، الأمر الذي من شأنه أن يخفض عدد موظفي مرافق "الخدمات الصحية الوطنية" العاملين على الخطوط الأمامية في مواجهة الوباء. واستطراداً، فقد "يحدث ذلك مزيداً من الفجوات في قدرات القطاع، في وقت يشهد فيه ضغطاً كبيراً وطلباً هائلاً من المرضى على الاستشفاء والرعاية".
© The Independent