Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إجلاء المرضى بعيدا عن لندن مع تزايد المخاوف من نفاد الأسرة

افتتاح مستشفى "نايتنغيل" الميداني الأسبوع المقبل لمساعدة العاصمة البريطانية في التعامل مع الحالات الاستفشائية المتفاقمة

في خطوة استباقية لزيادة الطلب على الاستشفاء التي سببها ارتفاع عدد الإصابات بفيروس "كورونا"، يتم "إجلاء" المرضى الذين يعانون أمراضاً خطرة من جنوب إنجلترا، إلى مستشفيات تبعد مئات الأميال، بعد أن كشف رؤساء مرافق الخدمات الصحية الوطنية NHS في لندن، عن بيانات تحذر من أن العاصمة البريطانية قد تنفد من الأسرّة المخصصة للرعاية الصحية الحرجة في غضون أسبوع.

وأفيد الأربعاء الماضي بتسجيل نحو 50 ألف حالة إصابة بالعدوى في مختلف أنحاء المملكة المتحدة لليوم الثاني على التوالي، إذ أظهرت الأرقام المسجلة أن لندن - مركز الأزمة في الوقت الراهن - يوجد بها قرابة 5524 مريضاً في المستشفيات، أي ما يفوق العدد المسجل في ذروة الموجة الأولى للوباء في أبريل (نيسان) الماضي.

وفي إطار العمل على مواجهة الأزمة المتفاقمة في لندن، علمت صحيفة "اندبندنت" أن هيئة "الخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا" NHS England، ستعلن عن خطط لإعادة افتتاح مستشفى "نايتنغيل" في مركز المؤتمرات "إكسيل" الواقع جنوب شرقي لندن، اعتباراً من الرابع من يناير (كانون الثاني) المقبل، والذي يتسع في مرحلة أولى لنحو 60 سريراً مخصصاً للمرضى ممن هم على وشك التعافي.

وكان قد تم في الأيام الأخيرة نقل عدد من المرضى من مختلف أنحاء مقاطعة كينت إلى مدن مثل بليموث وساوثامبتون وبريستول وليدز، بعد نفاد عدد الأسرّة في جنوب شرقي إنجلترا، بسبب استمرار الارتفاع في أعداد المصابين بفيروس "كورونا".

وطلب في الوقت نفسه من شبكات الرعاية الحرجة للمرضى في جميع أنحاء إنجلترا، أن تبقي بعض الأسرّة خاليةً تحسباً لاحتمال إجراء عمليات نقل للمرضى من الجنوب، في ظل تسارع وتيرة الإصابات، وانتقال العدوى إلى العاملين في مجال الرعاية الصحية، ما من شأنه أن يضعف القدرة على تخصيص الأسرّة بعددٍ كافٍ من الممرضين.

وتعليقاً على هذا الإجراء، قال أحد مستشاري الرعاية الحرجة: "لا يوجد أمامنا أي خيار سوى إجلاء المرضى إلى مناطق أخرى من البلاد. إن المسألة هي بالخطورة التي تبدو عليها. فلا يمكن نقل مريض يعاني وضعاً صحياً حرجاً، إلا إذا اضطررنا إلى القيام بذلك".

وفي حين بلغت نسبة الحاجة إلى أسرّة العناية المركزة في العاصمة لندن 116 في المئة، أفادت مصادر رفيعة المستوى بأن عدداً من مستشفيات "الخدمات الصحية الوطنية" بلغ، أو كاد يبلغ مستوى (الحد الأقصى المطلق) لإشغال الأسرّة، بسبب النقص في عدد الموظفين، لكن هيئة الخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا طلبت من المؤسسات الاستشفائية بذل مزيد من الجهود".

وكان السير ديفيد سلومان المدير الإقليمي للهيئة في العاصمة البريطانية، قد وجه في مطلع الأسبوع رسالةً إلى المستشفيات في مختلف أنحاء لندن، طالباً من إداراتها "أن يعمل كل قطاع فيها على تأمين وتخصيص أسرّة للرعاية الحرجة المحددة، من أجل تلبية الطلب المتوقع عليها والبالغ نحو 1553 سريراً بحلول الرابع من يناير من عام 2021".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويشير جدول يحدد سعة كل مستشفى في لندن وأعداد أسرّة الرعاية الحرجة لديه، إلى أن المدينة توفر في الوقت الراهن بتاريخ الثامن العشرين من ديسمبر، 1171 سريراً للرعاية الحرجة، أي أقل مما هو مطلوب بـ382 سريراً.

وتعتقد إدارات مستشفيات العاصمة، في ظل ما يسمى "خطط مواجهة الطفرات المستجدة" التي تُنشأ من خلالها وحدات مؤقتة جديدة للعناية المركزة، أنها يمكن أن تؤمن 1488 سريراً بحلول الرابع من يناير، بمعنى أنه ستظل هناك حاجة لخمسة وستين سريراً إضافية.

وفي إطار هذه الخطط التي تجرى مناقشتها على أرفع المستويات، يمكن للمستشفيات أن تؤمن 1757 سريراً. وقد يتم بموجبها تحويل أجنحة العناية المركزة للأطفال إلى وحدات للبالغين، مع نقل الأطفال الذين يعانون أمراضاً خطرة من مختلف أنحاء العاصمة البريطانية إلى مستشفى Great Ormond Street Hospital. إلا أن عدداً من مستشفيات لندن يصف هذه الخطط بأنها غير واقعية. وقال أحد مصادر "الخدمات الصحية الوطنية" إن النقص في عدد الموظفين هو المشكلة الأساسية. فأغلب الوحدات لم تتمكن من تخصيص وحدات كانت قد زعمت أنها قادرة على تأمينها".

وفي المقابل، أشار أحد كبار المسؤولين في هيئة "الخدمات الصحية الوطنية" إلى أن مسألة التوظيف كانت "عنصراً معيقاً" في مستشفى "نايتينغيل"، وكذلك بالنسبة إلى الإمكانات الإضافية المتوافرة في المستشفيات الأخرى.

وكانت هيئة "الخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا" قد وافقت على تخفيض عدد الممرضات بالنسبة إلى مرضى العناية المركزة، إلى ما معدله ممرضة واحدة لكل ثلاثة مرضى، علماً بأن النسبة الآمنة تكون عادةً ممرضة واحدة لكل مريض يعاني حالة حرجة.

وعلى الرغم من أن مستشفى "نايتنغيل" سيفتتح بسعة 60 سريراً، فإنه يمكن أن يتسع للمئات خلال الأسابيع المقبلة، في حال تمكنت هيئة "الخدمات الصحية الوطنية" من تأمين عددٍ كافٍ من الموظفين لتشغيل هذه المنشأة. فخلال الموجة الأولى من الوباء، عندما تم استخدام المستشفى الميداني للمرضى الذين يحتاجون لأجهزة تنفس اصطناعي، عالج ما مجموعه 54 مريضاً فقط، لأن عدداً من المستشفيات لم يكن يرغب في تحويل مرضى أو موظفين بسبب مخاوف تتعلق بسلامتهم.

ويمكن اعتبار أن نسبة إصابة الموظفين بأمراض، واضطراهم إلى عزل أنفسهم بسبب فيروس "كورونا" هما العاملان اللذان تسببا في نحو 40 في المئة من حالات تغيب العاملين في قطاع الرعاية الصحية عن العمل في لندن. أما في المنطقة الجنوبية الشرقية، ولا سيما منها كينت Kent، فقد تجاوزت المستشفيات قدرتها على معالجة المرضى الخاضعين للرعاية الفائقة، نتيجة عدم توافر أسرة احتياطية لأيام عدة. وتم في هذا الإطار نقل عدد من المرضى بواسطة سيارات إسعاف إلى مستشفيات تبعد مئات الأميال.

وأكد أحد الأطباء المطلعين على عمليات نقل المرضى لصحيفة "اندبندنت" أن يوم الأربعاء "لم تعد توجد أسرّة شاغرة في وحدات العناية المركزة في كينت Kent. وكانت أقرب الوحدات الممكن الاستعانة بها في بريستول وميدلاندز. قمنا بنقل مريض حاله حرجة إلى بريستول من منطقة ميدواي وآخر من كينت إلى ميدلاندز".

وأضاف قائلاً إن "الموظفين يعانون كما المستشفيات من ضغوط شديدة. قمنا بتخصيص جميع أسرّة وحدات العناية المركزة لدينا لمواجهة الأزمة، وإلغاء جميع العمليات الجراحية، غير أننا لم نعد قادرين على إضافة أسرة أخرى بعد الآن. إن عدد مرضى فيروس كوفيد-19 في المستشفيات آخذ في الارتفاع بلا هوادة".

وأكد أيضاً أنه تم نقل مريضين من "مستشفى وليام هارفي" في أشفورد إلى بليموث يوم الاثنين، مع آخرين من "مستشفى الملكة إليزابيث" في مارغيت إلى "مستشفى ساوثامبتون". ونقل يوم الثلاثاء مريض إلى أكسفورد، وآخران إلى بريستول.

وقال موظف "الخدمات الصحية الوطنية" إن "الأمر يزداد سوءاً. فالعاملون يرزحون تحت الضغط، ولا يوجد عدد كافٍ من الموظفين الذين يتمتعون بخبرة في مجال الرعاية الحرجة".

وفي رسالة موجهة إلى مستشفيات المنطقة الجنوبية الشرقية ورؤساء مرافق "الخدمات الصحية الوطنية" تم تسريبها يوم الاثنين، وتمكنت صحيفة "اندبندنت" من الاطلاع عليها، قالت إن إيدن المديرة الإقليمية لمنطقة جنوب شرقي إنجلترا، في هيئة "الخدمات الصحية الوطنية"، إن من الواضح أن "الأعداد المتزايدة للمصابين في اطراد مستمر" تستدعي العمل بإلحاح من أجل تأمين مزيد من الأسرّة المخصصة للرعاية الحرجة".

وأشارت إلى أن الخطط الموضوعة لمواجهة الأزمة من شأنها أن توفر يوم الاثنين 63 سريراً إضافياً في جنوب شرقي البلاد، وتعيد نشر أطباء مبتدئين وغيرهم من الموظفين من المناطق التي توقفت فيها أنشطة طبية أخرى".

وأوضحت إيدن أن خدمات الرعاية الحرجة في المنطقة وضعت تحت إشراف الهيئة على مدار 24 ساعة، في موازاة العمل بشكل يومي على تقييم الحالات التي تستدعي قيام المستشفيات بإجراء نقل المرضى في وحدات الرعاية الحرجة، على قاعدة ما وصفته بـ"التنسيق المناطقي".

وأكد في المقابل ناطق باسم هيئة "الخدمات الصحية الوطنية" أن "مستشفيات العاصمة تتعرض لضغط كبير نتيجة ارتفاع معدلات الإصابة بفيروس كوفيد-19". وقال إنه "في حين يبذل الموظفون جهداً أكبر، وتوفر المستشفيات التابعة للهيئة في لندن المزيد من الأسرّة في مختلف أنحاء المدينة لرعاية المرضى الأكثر حرجاً، فإن من الأهمية بمكان أن يبذل الناس قصارى جهدهم للحد من انتقال الفيروس".

وختم بالإشارة إلى أنه "تحوطاً للضغوط المتزايدة المرتقبة من انتشار العدوى الجديدة المتغيرة، فقد طلب من هيئة الخدمات الصحية الوطنية في لندن NHS London، التأكد من إعادة تشغيل مستشفى (لندن نايتنغيل) وتجهيزه لاستقبال المرضى وفق الحاجة، وهذا العمل جارٍ الآن".

© The Independent

المزيد من دوليات