Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تشريعات جونسون تضع بريطانيا على "منحدر شديد الانزلاق" نحو الديكتاتورية

الرئيس السابق للمحكمة العليا هو ثاني قاض سابق يكشف عن مخاوفه

دعا اللورد ديفيد نيوبرغر النواب إلى مواجهة مشروع القانون الذي قدمته الحكومة بشأن "بريكست" (غيتي)

رأى رئيس سابق للمحكمة العليا في المملكة المتحدة، أن التشريع الأخير الذي تبنته الحكومة في شأن الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي، يضع البلاد على "منحدرٍ شديد الانزلاق" في اتجاه الدكتاتورية.

ورأى اللورد ديفيد نيوبرغر، الذي ترأس أعلى محكمة في البلاد في الفترة الممتدة ما بين العامين 2012 و2017، أن مقترحات حكومة بوريس جونسون سعت إلى التخلص من "إحدى أهم الخصائص التي تطبع أي مجتمع ديمقراطي".

القاضي السابق الذي قدم مداخلته خلال اجتماع افتراضي عقده محامون بارزون مساء الأربعاء الماضي، دعا النواب في مجلس العموم وزملاء له، إلى مواجهة البنود المخالفة في مشروع القانون التي "يتوجب دحرها"، على حد تعبيره، مفضلاً أن يتم ذلك تحت قبة البرلمان.

وأضاف "أرى أن مشروع القانون هذا غير عادي بصورة كبيرة، ويشكل مصدر قلقٍ شديد". وأشار إلى أن بنود مشروع قانون السوق الداخلية تسمح للحكومة البريطانية "بحرية خرق التزاماتها، التي كانت قد تعهدت بها بموجب المعاهدات الدولية"، إضافةً إلى أن (مشروع القانون) "يضع ضوابط قانونية يبدو أنها تُفقد المحاكم أهليتها في أن تقوم بمراجعتها".

ولفت الرئيس السابق للمحكمة العليا في المملكة المتحدة الذي أصبح الآن عضواً مستقلاً في مجلس اللوردات، إلى أن "هذه البلاد تتمتع بتاريخٍ لافت مستمر منذ نحو 350 عاماً، لجهة مراقبة التزام تطبيق القانون، ولديها سمعة تُحسد عليها". وقال إن هذه السمعة "تعطينا سلطةً في الخارج عندما ننتقد بلداناً أخرى لخرقها القانون الدولي".

وأضاف اللورد نيوبرغر أنه "على المستوى الداخلي، تتمثل إحدى أهم خصائص أي مجتمع ديمقراطي، في حق الأفراد في التوجه إلى المحكمة التماساً لحل قضاياهم، وتحدي الحكومة عندما ترتكب خطأ ما، لا سيما عندما تنتهك القرارات (التي تصدرها) حقوقهم، وبمجرد أن تحرم الحكومة الأفراد من حقهم بالتوجه إلى المحكمة لتحدي الحكومة، يصبح هؤلاء أمام ديكتاتورية ويواجهون طغيان السلطة".

وتساءل في هذا الإطار، "ما هو عدد المرات وإلى أي مدى يجب أن يتدخل القضاة في ما يقوم به الوزراء عندما يتعلق الأمر بالرأي وإصدار الحكم؟ إن حق المواطنين في اللجوء إلى المحاكم وحماية حقوقهم وضمان وفاء الحكومة بالتزاماتها القانونية هو شأن أساسي لأي نظام في العالم".

"إن الحقيقة المتمثلة في السعي إلى سحب هذا الحق بالذات من الناس من خلال التشريع، هو مشكلة جوهرية للغاية. إنها البداية، ويمكن التخوف منها، لأنها تنذر بدفع البلاد نحو منحدر شديد الانزلاق".

وأشار اللورد نيوبرغر إلى وجود ارتباط بين الصلاحيات الجديدة (التي تطبق لمكافحة) وباء كورونا، منبهاً إلى أنه "في الوقت الذي يُلاحَظ فيه أن الحكومة تتجاهل القانون، فقد يقرر الأشخاص العاديون هم أيضاً رفضه".

وأردف قائلاً، "من المفهوم أن الحكومة تتوقع من الأفراد أن يطيعوا القانون، لكنني أسأل بلاغياً عن السلطة الأخلاقية التي تتوخى الحكومة بموجبها من الناس أن يطيعوا هذه القوانين القاسية، إذا كانت هي نفسها تعلن أنها تعتزم التنكر لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، وتريد منع الأشخاص من اللجوء إلى المحاكم لحماية حقوقهم ضد تسلط الوزراء".

وأضاف، "في نظامنا الديمقراطي، يجب أن تمارس الحكومة عملها من خلال القبول والاحترام، وإذا قللت حكومة من حقها في الاحترام وقوضت سلطتها بهذه الطريقة، فسنواجه جميعاً مصاعب جدية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تجدر الإشارة هنا إلى أن اللورد نيوبرغر هو ثاني قاض سابق في المحكمة العليا ينتقد صراحةً، سجل الحكومة في عدم التزام سيادة القانون. وكان اللورد جوناثان سامبشن، الذي تقاعد من منصبه في المحكمة عام 2018، قد قال أمام لجنة برلمانية يوم الثلاثاء الفائت، إنه يعتقد أن الوزراء عازمون على "إسقاط دور المحاكم باعتبارها تشكل مصادر محتملة لمعيقات تعترض برنامج الحكومة".

ولا تقتصر هذه الانتقادات فقط على القاضي الأعلى السابق، فقد انضم إليه خبراء آخرون بارزون في الدستور البريطاني، سارعوا إلى قرع ناقوس الخطر في شأن "المنحى المقلق" (الذي تتخذه الحكومة الحالية) في ازدراء سيادة القانون من جانب رئاسة الحكومة في "داونينغ ستريت". 

وكانت حكومة حزب المحافظين قد واجهت انتقادات واسعةً بسبب أفعالها وخطابها في ما يتعلق بسيادة القانون، خصوصاً بعدما نقلت صحيفة "ديلي ميل" عام 2016 عن إعلاميين يروجون عادةً لسياسة الحكومة وصفهم قضاة المحكمة العليا بأنهم "أعداء الشعب".

وكانت حكومة جونسون قد علقت منذ ذلك الحين عمل البرلمان من جانب واحد، في محاولة لفرض برنامجها بالقوة، واندفعت بزخم نحو تحدي القانون الدولي في ما يتعلق بصفقة الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، التي كان رئيس الوزراء قد وقعها في مطلع السنة 2020.

هذا النهج الحكومي تكرر مؤخراً، عندما استغلت وزيرة الداخلية بريتي باتيل كلمتها أمام مؤتمر حزب المحافظين لشنٍ هجوم جديد على مهنة القانونيين، متهمةً "المحامين اليساريين" بمحاولة "التلاعب بالنظام المعطل والاستفادة منه"، على حد تعبيرها.

© The Independent

المزيد من سياسة