أفادت تقارير حديثة أن وزارة الداخلية البريطانية تنظر في خيارات مختلفة للتعامل مع قضية تسلل اللاجئين إلى المملكة المتحدة، خصوصاً العمل على عرقلة محاولاتهم. وفي هذا الإطار، عُلم أن ثمة اتجاهاً إلى الاستعانة بنقاط تابعة لسلطات الهجرة على عبّارات مهجورة في البحر، وإنشاء مراكز لمعالجة مسألة اللجوء في "بابوا غينيا" الجديدة، واستخدام ماكينات إحداث الأمواج لصد القوارب المتسللة وإرغامها على العودة إلى الساحل الفرنسي.
وفي هذا الإطار، أقرت الحكومة البريطانية يوم الأربعاء، أنها كانت تبحث عن مواقع محتملة لإنشاء مراكز معالجة طلبات اللجوء خارج البر الرئيس للمملكة المتحدة، بعدما أفادت تقارير عن تخليها عن خطط كانت تقضي باتخاذ "جزيرة أسنسيون" مركزاً يتولى عمليات دوائر الهجرة. إذ تشكل تلك الجزيرة أرضاً بركانية تقع جغرافياً جنوب المحيط الأطلسي في منطقة أقرب إلى البرازيل منها إلى المملكة المتحدة.
دفعت تلك المعلومات المتواترة بالصحافيين إلى الاستفسار عن موقف الحكومة، وإذا كان الوزراء المعنيون ما زالوا يفكرون في هذه الخطة. وبعدما كثر التساؤل حول الموضوع، أوضح المتحدث الرسمي باسم رئيس الوزراء بوريس جونسون، أن المملكة المتحدة لم تنظر إلا في الأنظمة المستخدمة في أماكن أخرى من العالم.
في المقابل، أثار تعليق الناطق الرسمي شكوكاً في أن المملكة المتحدة قد تحذو حذو أستراليا التي عمدت سلطاتها بشكل مثير للجدل إلى احتجاز طالبي لجوء حاولوا العبور إلى أراضيها، في مراكز اعتقال أقيمت في جزيرتي "ناورو" و"مانوس" في "بابوا غينيا" الجديدة.
في هذا السياق، ذكرت تقارير حديثة نُشرت في صحيفة "تايمز" أن تلك الدولة التي تتألف من جزيرة في جنوب غربي المحيط الهادئ، تعد من النقاط التي يجري النظر فيها كي تكون موقعاً رسمياً يتولى معالجة طلبات اللجوء إلى بريطانيا في المستقبل، إلى جانب "مولدوفا" والمغرب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوردت الصحيفة أن النقاش شمل أيضاً إنشاء مراكز عائمة، لمعالجة مسألة اللجوء من خلال استخدام عبّارات مهجورة قبالة الساحل البريطاني، وذلك من ضمن الاحتمالات الممكنة التي طرحتها دوائر رئاسة الحكومة في "داونينغ ستريت". ووفقاً للتقارير، فقد نظرت وزارة الداخلية في استخدام منصات النفط في بحر الشمال التي أُوقِفَتْ من الخدمة، قبل أن يجري استبعادها لأسباب لوجيستية وأخرى تتعلق بسلامة الأشخاص.
في غضون ذلك، تحدثت صحيفة "فاينانشيال تايمز" عن أنه بعد جلسات مكثفة من "العصف الذهني" عقدها مسؤولون بريطانيون بحثاً عن أفكار مبتكرة، توصلوا إلى مقترحات جديدة تتضمن إنشاء عوائق أمام تسلل اللاجئين في القناة الإنجليزية، عبر ربط قوارب في مايشبه السلسلة بهدف إنشاء حاجز مادي. واستناداً إلى أحد المصادر، فقد نُظِرَ أيضاً في اقتراح وضع سفن مزودة بمضخات يمكن أن تولد أمواجاً في البحر لإرغام قوارب المتسللين على العودة إلى المياه الفرنسية.
ويأتي تزايد طرح مثل هذه الأفكار غير النمطية، بعدما حاول مئات اللاجئين العبور من فرنسا إلى المملكة المتحدة على متن قوارب وزوارق غير مؤهلة، وارتفاع أعداد ما وصفتها الأمم المتحدة منذ ذلك الحين بأنها "محاولات ليست مهمة" بالمقارنة مع عمليات العبور غير المصرح بها في بلدان أخرى.
في ذلك السياق، وجه وزير الداخلية في حكومة الظل "العمالية" نيك طوماس سيموندز اتهاماً إلى حزب "المحافظين" باعتماد سياسة هجرة غير إنسانية، على الرغم من ندم نوابه على سياسة "البيئة المُعادية"، التي أدت إلى حدوث "فضيحة ويندروش" (فضيحة سياسية بريطانية حصلت في 2018، تتعلق باحتجاز أشخاص من الكاريبي خطأً، وحرمانهم من حقوقهم القانونية وترحيل نحو 83 منهم خطأً على يد وزارة الداخلية).
وكذلك غرد سيموندز في حسابه على "تويتر" فكتب، "هذا مثال رديء على مدى تدهور البيئة التي أوجدها المحافظون". وأضاف، "شكلت "مراجعة ويندروش" The Windrush Review نوعاً من الإدانة للثقافة اللاإنسانية التي أرسوها في وزارة الداخلية. ويبدو أنهم لم يتعلموا شيئاً".
في غضون ذلك، اعتبرت روسيلا باغليوتشي لور ممثلة "المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين" في المملكة المتحدة، أن قرار إرسال طالبي اللجوء إلى جزر نائية سيشكل "تحولاً كبيراً للغاية" بالنسبة إلى المملكة المتحدة.
وأضافت، "هذا النهج يشبه النموذج الأسترالي. وأعتقد أننا رأينا سابقاً معاناة بأمدية لا تُصدق، تسبب بها ذلك النموذج بالنسبة إلى أشخاص لم يكن ذنبهم سوى أنهم طالبوا بالحق في اللجوء".
وفي حديثها أمام أعضاء في البرلمان البريطاني، ذكرت لور أن ما يُحضر له "غير لائق أبداً لجهة الالتزامات التي يجب أن تتحملها المملكة تجاه حقوق الإنسان، وأنها مسألة غير عملية وباهظة الكلفة بشكل لا يُصدق". وخلصت إلى الإعراب عن "الأمل في ألا تختار المملكة المتحدة المضي في هذا الطريق".
في مقلب مغاير، يبدو أن تلك السياسة تحظى بتأييد قوي من الناخبين "المحافظين"، وتلقى أيضاً دعماً من غالبية الرأي العام البريطاني، وفق ما ظهر في استطلاع سريع أجري أخيراً. إذ سأل موقع "يوغوف" الذي يُعنى بأبحاث السوق وبتحليل البيانات عبر الإنترنت، 2109 من الراشدين في بريطانيا، عما إذا كان إنشاء مركز للنظر في طلبات اللجوء إلى بريطانيا في جزيرة "أسنسيون"، يشكل "فكرة جيدة أم سيئة"، فرد حوالي 40 في المئة من أولئك البالغين بالإيجاب، بالمقارنة مع حوالي 35 في المئة لم يوافقوا على الطرح.
وجاءت نسبة مؤيدي الفكرة مرتفعة بين ناخبي حزب المحافظين، إذ أيدها 62 في المئة، فيما عارضها21 في المئة. وشكل العمر عاملاً آخر، إذ أيد ذلك الطرح حوالي 25 في المئة من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً، بالمقارنة مع 51 في المئة ممن تزيد أعمارهم على 65 عاماً.
© The Independent