Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف أنقذ "ابن إدلب" يهود أستراليا في لحظة رصاص؟

في ثوان معدودة، تحرك أحمد الأحمد بلا سلاح ولا حسابات سياسية وحوّل اندفاعه الغريزي مسار هجوم دموي مثبتاً أن الفعل الإنساني قد يسبق كل الانتماءات

ملخص

تحول أحمد الأحمد، السوري الأصل والمواطن الأسترالي، إلى رمز إنساني بعدما خاطر بحياته ونزع سلاح أحد منفذي هجوم بونداي خلال احتفال حانوكا في سيدني. العائلة تقول إن دافعه كان أخلاقياً بحتاً، فيما حظي بإشادات واسعة ودعم شعبي تُرجم إلى حملة تبرعات تجاوزت 370 ألف دولار لتغطية علاجه ودعم أسرته.

لم يكن أحمد الأحمد يبحث عن بطولة، ولم يتعامل مع ما جرى بوصفه لحظة استثنائية ستضع اسمه في عناوين الصحف العالمية. وفق ما نقلته هيئة الإذاعة الأسترالية (ABC)، فإن ما دفعه إلى التحرك خلال الهجوم المسلح في شاطئ بونداي كان شعوراً داخلياً عاجزاً عن تقبل مشهد الموت، لا أكثر.

خلال الهجوم الذي استهدف احتفالاً يهودياً بعيد "حانوكا" في سيدني مساء أمس الأحد، اندفع الأحمد نحو أحد مطلقي النار وانتزع السلاح من يده، في مشهد وثقته مقاطع مصورة وانتشر على نطاق واسع. الهجوم أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 15 شخصاً وإصابة عشرات آخرين، قبل أن تتدخل الشرطة وتتم السيطرة على الموقف.

الأحمد، البالغ من العمر 43 سنة ووالد لطفلتين، يرقد حالياً في مستشفى سانت جورج بحالة حرجة لكنها مستقرة، بعد إصابته بعدة طلقات نارية أثناء الاشتباك. ووفق عائلته، خضع لجراحة أولى، ولا تزال بعض الرصاصات مستقرة في جسده.

لحظة بلا حسابات

اللقطات المصورة أظهرت الأحمد وهو يخرج من خلف سيارة في موقف قريب من موقع الهجوم، ثم ينقض على المسلح الذي كان يحمل بندقية طويلة، ويتمكن خلال ثوان من انتزاع السلاح وتوجيهه نحوه، مما أجبر المهاجم على التراجع. بعد ذلك، وضع الأحمد السلاح على الأرض، منهياً واحدة من أخطر لحظات الهجوم.

هذا التصرف الفردي حوّل اسمه إلى رمز للتدخل المدني في مواجهة العنف المسلح، وسط إشادة رسمية وشعبية واسعة.

رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي أكد هوية المنقذ الذي ظهر في المقطع، واعتبر ما جرى مثالاً على تماسك المجتمع الأسترالي في مواجهة الكراهية، مؤكداً أنه لا مكان لمعاداة السامية أو خطاب العنف داخل البلاد.

رئيس حكومة ولاية نيو ساوث ويلز، كريس مينز، زار الأحمد في المستشفى، وقال "أحمد بطل واقعي، شجاعته الاستثنائية أنقذت بلا شك أرواحاً كثيرة عندما جرد إرهابياً من سلاحه وهو يعرض نفسه لخطر كبير. لا شك أن مزيداً من الأرواح كانت ستفقد لولا شجاعته غير الأنانية".

وأضاف "كان شرفاً لي أن ألتقيه وأن أنقل له شكر سكان الولاية كافة".

شهادة العائلة

بحسب ما نقلته هيئة الإذاعة الأسترالية (ABC)، قالت عائلة الأحمد إن ما فعله لم يكن نتيجة تفكير سابق، بل كان موقفاً أخلاقياً فورياً. وأوضح أحد أقاربه أن الأحمد عبر بعد الحادثة عن قناعة راسخة بأن الله منحه القوة في تلك اللحظة، مؤكداً أنه لا يشعر بأي ندم.

ونقلت القناة عن والده، محمد فاتح الأحمد، قوله إن ابنه لم يفكر في خلفيات الأشخاص الذين حاول إنقاذهم، مضيفاً أن التمييز بين الناس لم يكن يوماً جزءاً من قناعاته. وقال إن أحمد تحرك بدافع حماية الأرواح، لا بدافع الانتماء أو الهوية.

 

أما والدته، ملكة حسن الأحمد، فقالت إن لحظة تلقيها خبر إصابة ابنها كانت الأصعب في حياتها، مؤكدة أنه تدخل عندما رأى الناس يسقطون أمامه، ولم يستطع الوقوف متفرجاً.

ووفقاً لما بثته القنوات الأسترالية، فإن أحمد الأحمد مواطن أسترالي من أصول سورية، ينحدر من إدلب، وهاجر إلى أستراليا عام 2006. يعمل مالكاً لمحل فواكه، ويعيش حياة بعيدة من الأضواء. والداه وصلا إلى سيدني قبل أشهر قليلة فقط بعد أعوام من الفراق.

إشادات واسعة ودعم شعبي

وصف رئيس حكومة ولاية نيو ساوث ويلز المشهد بأنه غير قابل للتصديق، معتبراً أن تدخل أحمد الأحمد شكّل نقطة تحول حاسمة، وأسهم في الحد من سقوط مزيد من الضحايا خلال الهجوم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الإشادة لم تقتصر على الداخل الأسترالي، إذ أثنى مراقب مدينة نيويورك براد لاندر على ما وصفه بـ"الشجاعة الاستثنائية" للأحمد. وكتب لاندر عبر منصة "إكس" أن رجلاً مسلماً يبلغ 43 سنة وأباً لطفلين خاطر بحياته لإنقاذ جيرانه الذين كانوا يحتفلون بعيد "حانوكا"، معرباً عن تمنياته له بالشفاء العاجل، ومشيراً إلى أن تصرفه يمثل مصدر إلهام إنساني.

وأعرب الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن تعازيه في أعقاب ما وصفه بـ"الهجوم الإرهابي" الذي وقع في شاطئ بوندي بيتش في سيدني، مشيداً بصورة خاصة بالمدني الذي تمكن من التغلب على أحد المهاجمين.

وقال ترمب، خلال خطاب ألقاه في مناسبة عيد الميلاد، إن الشخص الذي تدخل وأوقف أحد مطلقي النار تصرف بشجاعة كبيرة، مؤكداً أن تدخله أسهم في إنقاذ عدد كبير من الأرواح.

داخل الجالية السورية والمسلمة في أستراليا، تحولت القصة إلى مصدر اعتزاز، لكنها أثارت في الوقت نفسه مخاوف من تحميل الجريمة أبعاداً عرقية أو دينية.

أصدر المجلس الوطني للأئمة في أستراليا بياناً أكد فيه وقوفه إلى جانب الضحايا وعائلاتهم، داعياً إلى اتخاذ الإجراءات القانونية في حق منفذي الهجوم، ومشدداً على إدانته الكاملة لأي ممارسات عنيفة أو اعتداءات من أي نوع.

هذا الزخم المعنوي سرعان ما ترجم إلى دعم عملي، مع إطلاق حملة تبرعات عبر منصة  GoFundMe لمصلحة الأحمد، جمعت حتى الآن أكثر من 380 ألف دولار أميركي.

وذكر القائمون على الحملة أن الحساب موثق رسمياً باسمه، وأن الأموال لا تزال تحت إشراف المنصة، ولن تصرف إلا له شخصياً.

وتهدف الحملة إلى بلوغ نحو 530 ألف دولار، للإسهام في تغطية كلف العلاج والتعافي، إضافة إلى دعم أسرته خلال فترة توقفه عن العمل نتيجة الإصابة.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات