Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"إعلان الرياض" يحذر من تجدد أزمات الفاشر وغزة و"7 أكتوبر"

خبراء الثقافات بحثوا في العاصمة السعودية بعث الحياة في “تحالف الحضارات” بجعل مكافحة جميع أشكال التعصب "أولوية عالمية"

منتدى تحالف الأمم المتحدة للحضارات المنعقد في العاصمة السعودية (الأمم المتحدة)

في وقتٍ يتصاعد فيه منسوب انعدام الثقة والانقسام والصراعات المفتوحة، خرج منتدى تحالف الأمم المتحدة للحضارات المنعقد في العاصمة السعودية يومي 14 و15 ديسمبر (كانون الأول)، بإعلان سياسي وأخلاقي واضح عُرف بـ«إعلان الرياض»، أكد أن بناء الجسور بين الثقافات والأديان لم يعد ترفاً فكرياً أو حلماً مثالياً، بل المسار الوحيد الممكن لتجنيب العالم مزيداً من الانهيارات الإنسانية والأمنية، مثل السابع من أكتوبر، وتدمير غزة، وانتهاكات الفاشر.

الإعلان، الذي حظي بدعم واسع من الدول المشاركة، شدد على أن مكافحة جميع أشكال التعصب الديني وخطاب الكراهية يجب أن تكون أولوية عالمية عاجلة، وربط بين تصاعد النزاعات وفشل العالم في إدارة التنوع الثقافي والديني. كما أكد الدور المحوري للتعليم في ترسيخ قيم الحوار وحقوق الإنسان، وبناء مجتمعات شاملة قادرة على مقاومة التطرف، إلى جانب إبراز أهمية القادة الدينيين في الوساطة خلال النزاعات وتعزيز التعاون التنموي.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وضع إعلان الرياض في سياقه الإنساني الأشمل، محذراً من أن العالم يقف عند مفترق طرق حاد، وقال في كلمة حملت نبرة تحذير نادرة: «البشرية لم تكن يوماً أكثر اتصالاً، لكنها أيضاً لم تكن أكثر انقساماً من اليوم». وأضاف أن هناك طريقين أمام العالم: "طريق يغذي الخوف ويبني الجدران ويُشعل الحروب، وطريق أصعب لكنه أساسي، وهو بناء الجسور بين الأديان والثقافات والحضارات".

مكافحة التعصب أولوية عالمية

وفي أبرز اقتباساته التي شكّلت العنوان الأخلاقي للمنتدى، شدد غوتيريش على أن البديل عن الحوار كارثي، وهو "مزيد من حوادث السابع من أكتوبر، أو مزيد من المدن التي ستدمر مثل غزة أو تتضور جوعا مثل الفاشر". واعتبر أن السلام المستدام لا يمكن بلوغه إلا عبر بناء الجسور، محذراً من أن تجاهل الحوار سيعيد إنتاج المآسي ذاتها بأسماء وأماكن مختلفة.

 

إعلان الرياض أعاد التأكيد على المهمة الجوهرية لتحالف الأمم المتحدة للحضارات، التي أُطلقت عام 2005، والمتمثلة في تعزيز التعاون بين الثقافات والأديان، وترسيخ الاحترام المتبادل، ومواجهة التطرف والكراهية والاستقطاب المتزايد. كما جدد الإعلان الدعم السياسي الكامل للتحالف وأهدافه، مع الدعوة إلى تحويل مبادئه إلى سياسات عملية وبرامج تعليمية وإعلامية مؤثرة.

وخلص الإعلان في ختام المنتدى إلى تعهد الدول المشاركة على العمل سوياً لجعل "مكافحة جميع أشكال التعصب الديني والقومي أولوية عالمية"، مشدداً على الدور المركزي للتعليم في تعزيز الحوار، والتفاهم، وحقوق الإنسان، وبناء مجتمعات سلمية. وأقر بالدور الذي يمكن أن يقوم به القادة الدينيون في التوسط أثناء الصراعات والتعاون التنموي.

الكراهية كحافز لتعزيز الحوار

من جانبه، أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أن استضافة المملكة للمنتدى تنطلق من قناعة راسخة بأن الحوار بين الحضارات ضرورة استراتيجية لتحقيق السلام وبناء الثقة ومنع النزاعات، مشيراً إلى أن تصاعد التطرف وخطاب الكراهية والإسلاموفوبيا خلال العقدين الماضيين يجب أن يكون حافزاً لتعزيز الحوار لا التراجع عنه.

وبينما ناقش المنتدى تحديات العصر الرقمية، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي وخطاب الكراهية والتزييف العميق، ظل إعلان الرياض هو البوصلة السياسية للحدث، بوصفه رسالة واضحة بأن العالم، في لحظة الانقسام الراهنة، لم يعد يحتمل مزيداً من الصدام، وأن التعايش لم يعد خياراً أخلاقياً فحسب، بل ضرورة وجودية لمستقبل أكثر أمناً وإنسانية.

وقال إسماعيل سراج الدين الرئيس المشارك لمركز نظامي كنجوي الدولي - غير الربحي - ونائب رئيس البنك الدولي سابقا، إن استخدام الذكاء الاصطناعي أمر لا مفر منه. ودعا الجمهور إلى عدم الخوف من التقنيات الجديدة، مُذكـّرا بما حدث عند اختراع الآلة الحاسبة حين ظن كثيرون أن المحاسبين سيفقدون وظائفهم، لكنهم تأقلموا وطوروا مهاراتهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الذكاء الاصطناعي يوسع الفجوات

وأوضح سراج الدين أن الذكاء الاصطناعي لن يحل محل البشر، لكن من يعرف كيف يستخدمه سيحظى بميزة كبيرة. وشدد على ضرورة تطوير تشريعات تحمي الناس دون أن تخنق الابتكار والإبداع.

وقال إن الذكاء الاصطناعي قد يساعد البشر في عملهم بما يُمكنهم من تحقيق التوزان بين حياتهم العملية والخاصة.

من جانبه، حذر أشرف تسفاوت، عالم البيانات في قطاع البنوك، من أن الذكاء الاصطناعي يُسرع انتشار خطاب الكراهية ويجعل من الصعب على الناس التمييز بين الحقيقة والمحتوى المُزيف.

وأيد وضع لوائح واضحة تضمن حدودا آمنة للاستخدام مع الحفاظ على مساحة للابتكار. وأضاف أن صناع السياسات والصحفيين يتحملون دورا محوريا في حماية المجتمع، بينما يقف الشباب باعتبارهم الأكثر استخداما لهذه التقنيات في الصفوف الأمامية لإيجاد الحلول.  وأشار أيضا إلى أن الذكاء الاصطناعي نفسه يمكن أن يكون أداة للتعامل مع هذه التحديات.

أما عاطف رشيد، رئيس تحرير صحيفة Analyst News، فلم يكن على نفس القدر من التفاؤل إذ حذر من أن أنظمة الذكاء الاصطناعي تُطرح لاستخدام الناس بسرعة كبيرة بدون ضمانات كافية للسلامة.

وقال إن الأمر يبدو وكأن "البشر فئران تجارب" لتكنولوجيات الذكاء الاصطناعي، إذ لا تبدأ القواعد إلا بعد أن تصبح هذه التقنيات منتشرة على نطاق واسع. وأكد أن هذه التقنيات يجب أن تُطور لخدمة الإنسانية جمعاء وأن تُبنى على قيم إنسانية راسخة.

اقرأ المزيد

المزيد من الأخبار