Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البنك الدولي يلغي قرضا لتمويل بناء سد بسري في لبنان

تواصل أعمال البحث عن ناج بين الأنقاض في بيروت رغم تضاؤل الأمل

ناشطةأثناء تظاهرة أمام مركز البنك الدولي في بيروت تحمل لافتة كُتب عليها "أنقذوا وادي بسري" (أ ف ب)

أعلن البنك الدولي، السبت في الخامس من سبتمبر (أيلول)، أنه أبلغ الحكومة اللبنانية وقف تمويله مشروع بناء سد بسري في الجنوب، الذي كان يهدف لتوفير مياه الشفة لبيروت وعارضه ناشطون بيئيون ومجموعات مدنية "لعدم إنجاز" السلطات شروطاً مسبقة للبدء ببنائه.

ورحب ناشطون وسكان رفضوا مصادرة أراضيهم في المنطقة بقرار البنك الدولي، الذي اعتبر بمثابة "ضوء" في عتمة الأزمات المتتالية التي تحل على لبنان، بعدما أجروا على مدى سنوات تحركات مطالبة بإلغاء مشروع السد لما كان سيترتب عليه من قطع آلاف الأشجار والقضاء على تنوع بيولوجي لافت، فضلاً عن الخطر الناجم عن بناء سد فوق أرض يمر تحتها فالق زلزالي ناشط.

وأقر قرض تمويل المشروع في عام 2014، وكان من المقرر بناء السد في منطقة وادي بسري، على بعد 30 كيلو متراً جنوب العاصمة لتأمين مياه الشفة لـ1.6 مليون نسمة في منطقة بيروت الكبرى.

الشروط المسبقة

أعلن البنك الدولي، في بيان صباح السبت، أنه أبلغ الحكومة اللبنانية قراره "بإلغاء المبالغ غير المصروفة من مشروع زيادة إمدادات المياه (مشروع سد بسري) نتيجة عدم إنجاز البنود التي تشكل شروطاً مسبقة للبدء بأعمال بناء السد". وأوضح أن "قيمة الجزء المُلغى من القرض تبلغ 244 مليون دولار أميركي، ويدخل الإلغاء حيز النفاذ فوراً".

وفي يونيو (حزيران) الماضي، علق البنك الدولي المشروع جزئياً، الأمر الذي اعتبره ناشطون انتصاراً لهم. وكان البنك بانتظار رد من الحكومة اللبنانية حيال مسائل أثارت "قلقه" واعتبرها شروطاً مسبقة، تتضمن الانتهاء "من وضع خطة التعويض الإيكولوجي" كجزء من التقييم البيئي والاجتماعي للمشروع، وإعادة التشجير والحد من مخاطر الحرائق، والانتهاء من وضع ترتيبات التشغيل والصيانة"، فضلاً عن "وجود المقاول في موقع العمل" في الرابع من سبتمبر.

وأوضح بيان المؤسسة الدولية أن الحكومة اللبنانية لم تعالج تلك المسائل على النحو المطلوب، و"اعتباراً من الموعد النهائي المتفق عليه في الرابع من سبتمبر 2020، لم يتلق البنك الدولي أدلة مُرضية على أن البنود الثلاثة المطلوبة قد تحققت"، لذلك قررت المؤسسة وقف القرض.

وتبلغ كلفة مشروع سد بسري 617 مليون دولار، بينها 474 مليوناً من البنك الدولي. وكان من المفترض أن يصبح ثاني أكبر سدود لبنان، على أن تصل قدرة استيعابه إلى 125 مليون متر مكعب ستتجمع في بحيرة تقارب مساحتها 450 هكتاراً، لكنها كانت ستحل محل الأراضي الزراعية.

خطر الصدع الزلزالي

لم يرفع الناشطون وأهالي المنطقة الصوت عالياً فقط خشية على الزرع، وعلى أراضيهم، بل خوفاً من أن يتسبب تجمع المياه في السد بتحرك الصدع الزلزالي الذي يمر في المنطقة، والذي سبب عام 1956 زلزالاً بقوة ست درجات على مقياس ريختر.

وطمأن البنك الدولي باستمرار المعارضين مؤكداً وجود مشاريع أخرى لإعادة التشجير قرب المنطقة، كما أنه أكد دائماً اتخاذ الإجراءات اللازمة لتفادي أي مخاطر زلزالية.

وبعد سنوات من التحركات ضد المشروع، أعاد الحراك الشعبي الذي شهده لبنان لأشهر عدة منذ 17 أكتوبر (تشرين الأول)، الروح في الحملة المعارضة لبناء سد بسري. وجرى تنظيم تحركات عدة من اعتصامات وتظاهرات، وحتى اقتحام موقع المشروع.

وقال رولاند نصور، المنسق العام لـ"الحملة الوطنية للحفاظ على مرج بسري"، لوكالة الصحافة الفرنسية: "سقطت اليوم صفقة من صفقات الفساد في البلد"، مشيراً إلى أن المشروع "كان قد تحول مع تزايد الغضب الشعبي إلى عبء على البنك الدولي، فكان لا بد أن ينسحب منه".

رد باسيل

في المقابل، علّق رئيس التيار الوطني الحر، النائب جبران باسيل، الذي كان في مقدمة الجهة الداعمة للمشروع، في تغريدة على حسابه في "تويتر" على موضوع إلغاء تمويل السد، قال فيها إنه "سيأتي يوم تطالب فيه الدولة اللبنانية ومعها كل اهالي بيروت وجزين وصيدا والشوف وبعبدا وعاليه بتمويل سدّ بسري؛ سيسقط النكد السياسي وستظهر الحاجة للمياه؛ عندها لن ينفع البكاء، ولن يجدي الّا تأمين قرض جديد لنعود الى نفس السدّ وبنفس الشروط، ولكن بكلفة أعلى بكثير"، مضيفاً "هكذا أفلسوا لبنان"، من دون أن يسمي الجهة التي يقصدها.


وانتشر وسم "#سد_بسري" على مواقع التواصل الاجتماعي، وكتب أحد المستخدمين باللغة الإنجليزية "أخيراً، تلقينا خبراً ساراً في عام 2020"، الذي يراه اللبنانيون عاماً سيئاً جراء الانهيار الاقتصادي المتسارع وأزمة فيروس كورونا، ثم انفجار مرفأ بيروت المروع الشهر الماضي.

مواصلة البحث

في غضون ذلك، يواصل عمال إنقاذ السبت لليوم الثالث على التوالي عمليات البحث عن ناجٍ محتمَل تحت أنقاض مبنى تدمر جراء الانفجار الذي وقع قبل شهر في مرفأ بيروت برغم أن "الأمل ضئيل"، وفق ما أفاد الدفاع المدني اللبناني.

ورصد فريق إنقاذ تشيلي وصل حديثاً إلى بيروت، عبر أجهزة حرارية متطورة، "نبضات قلب"، وفق ما قال مسؤولون محليون قبل أيام، تحت ركام مبنى في شارع مار مخايل، استدلّ كلب مدرَّب يُدعى "فلاش" جاء برفقتهم، إليه.

وقال مدير العمليات في الدفاع المدني اللبناني جورج أبو موسى لوكالة الصحافة الفرنسية إن "عمليات البحث مستمرة منذ الخميس، لكن الاحتمال ضئيل جداً"، مشيراً إلى أنه تم إنجاز الجزء الأكبر من العمل و"ولم يظهر شيء حتى الآن".


الأمل ضئيل

وعلى الرغم من شبه استحالة وجود حياة بعد شهر على الانفجار، أحيت الأنباء عن إمكان العثور على شخص على قيد الحياة، آمال كثيرين، ثم تضاءلت تدريجاً مع عدم رصد أي مؤشرات حياة.

وأوضح وولتر مونوز من فريق الإغاثة التشيلي للصحافيين أن "هناك أمل بنسبة إثنين في المئة فقط".

وقال قاسم خاطر، أحد متطوعي الدفاع المدني اللبناني في المكان، "لن نترك الموقع قبل أن ننتهي ونبحث تحت كل الردم على الرغم من أن المبنى مهدد بالسقوط"، مشيراً إلى أن العمليات تتركز اليوم على سلم المبنى المدمر.

وتحوّلت الطوابق العليا من المبنى الذي كان يضمّ في طابقه الأرضي حانة، وفق سكان الحي، إلى كومة ركام نتيجة انفجار الرابع من أغسطس، ما جعل عمليات البحث تتطلب مهارات عالية ودقة.

ولا يملك لبنان تجهيزات لإدارة الكوارث ولا إمكانات تقنية متقدّمة. وسارعت دول عدة الى إرسال فرق إغاثة ومساعدات تقنية لمساعدته بعد الانفجار.

وأسفر الانفجار عن مقتل 191 شخصاً وإصابة أكثر من 6500 آخرين بجروح كما شرّد 300 ألف شخص تضررت أو تدمرت منازلهم. وتفيد تقديرات رسمية عن استمرار وجود سبعة مفقودين على الأقل.

وقدّر البنك الدولي الأضرار والخسائر الاقتصادية الناجمة عن الانفجار بما يراوح بين 6,7 و8,1 مليارات دولار. وتواصل الأحياء المنكوبة محاولة تضميد جراحها. ويعمل متطوعون وطلاب ومنظمات غير حكومية كخلية نحل لمساعدة السكان على اصلاح منازلهم وتوزيع مساعدات تدفّقت من أنحاء العالم.

اقرأ المزيد

المزيد من الأخبار