Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ارتباط القدس والضفة: زواج قد يفقدك الهوية والحل مفقود

خسر منذ العام 1967 ما يقارب 15000 مقدسي هوياتهم

خطبة شاب من الضفة الغربية وفتاة مقدسية والمقدسي لا يستطيع السكن في مناطق الضفة الغربية كي لا يخسر هويته. (اندبندنت عربية)

المقدسي لا يستطيع السكن في منطقة الضفة الغربية كي لا يخسر هويته، وحامل الهوية الخضراء لا يستطيع الدخول إلى القدس إذ قد يُرفض لهويته إن كان عازماً على الزواج، إضافة إلى رفض الأسرة إتمام الزواج بسبب المستوى الاجتماعي الثقافي أو الدين.

"كان الرفض لأنني من حملة الهوية الخضراء في حين هي تحمل هوية القدس الزرقاء"، يقول محمد الذي أحب فتاة مقدسية خلال دراسته الجامعية، ورفضته والدتها عندما تقدم لخطبتها لأنه يحمل هوية الضفة الغربية، ففي فلسطين قد يحدّد لون هويتك مسار حياتك الزوجية، إذ إنّ الارتباط بين حملة الهوية الزرقاء والخضراء من الأمور المعقّدة جداً بسبب كل الصعوبات التي سيتكبّدونها هم وأطفالهم لاحقاً في حال قرروا الإنجاب.

الارتباط صعب لكنه ليس مستحيلاً

تروي ماريا وهي ابنة مدينة القدس وحاملة هويتها، قصة زواجها من أحمد الذي جوبه بالرفض بداية من عائلتها، لا لشيء سوى لأنه يحمل هوية الضفة الغربية، فحياتهما ستكون بين الأوراق القانونية، إذ تقول إنّ أوّل صعوبة واجهتهما بعد إقناع العائلة هي التقدّم للخطبة، فزوجها لم يستطع الحصول على تصريح دخول إلى القدس، وبالتالي لا سبيل لدخوله إلا من طريق التهريب، ما سيعرّضه للاعتقال، لذلك تمّت الخطبة في الضفة.

أما مصطفى (شاب من الضفة ومتزوج بمقدسية) فظنّ أنّ إقناع عائلته بالزواج هي أكبر مشكلاته، ليدرك بعد الخطبة أنّه سيمضي حياته يعيش في منطقة ليست جيدة للسكن بين ديون متراكمة وضرائب وفواتير عالية تفوق قدرته المادية، وكانت أولى مشكلاته هي عدم قدرته على رؤية خطيبته سوى لأسبوع كل ثلاثة أشهر وفق التصريح الذي يحصل عليه بعد تسجيل خطبته في وزارة الداخلية الإسرائيلية، أمّا المشكلة الأخرى فهي إيجاد نقطة وسطية لاستكمال طقوس الزواج.

 

أين نسكن؟ "كفر عقب" هي الحل

مشكلة أخرى تواجه الأزواج هي السكن، فالمقدسي لا يستطيع السكن في منطقة الضفة الغربية كي لا يخسر هويته، وحامل الهوية الخضراء لا يستطيع الدخول إلى القدس، لذلك يتوجّهون إلى السكن في بلدة تقع خارج منطقة جدار الفصل وتتبع إدارياً لبلدية القدس الإسرائيلية تسمى "كفر عقب"، كإجراء لتجنب فقدان الهوية والبقاء في نطاق مدينة القدس، وهذه البلدة تصفها ماريا بأنها مرعبة للسكن، فلا وجود للشرطة الفلسطينية أو الإسرائيلية، إضافة إلى سوء الخدمات المقدمة وفقدان البنية التحتية الجيدة واكتظاظها بالسكان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تسجيل الأولاد في الهويات

لا تنتهي مشكلة الأزواج عند السكن، فتسجيل الأولاد في الهوية المقدسية من الأمور المعقدة هي الأخرى، إذ أوضح مصطفى أنّه يجب في البداية تسجيل الزوجة في مستشفى في القدس للإنجاب فيه، وتقديم أوراق ثبوتية كمكان العمل والسكن وفواتير الكهرباء والمياه والتأمين والضرائب ودفع مبلغ مالي، ويتابع أنّه عندما أتمَّ وزوجته إجراءات التسجيل تأخر المستشفى في إرسال إشعار القبول، ما جعل العائلة تعيش في توتر نفسيّ دائم تخوفاً من الرفض أو أن يحين موعد الولادة مبكراً، إضافة إلى قلقه من فكرة عدم قدرته على مرافقتها إلى المستشفى، لعدم حصوله على تصريح.

في هذا الشأن توضح ماريا أنها تحاول منذ عامين تسجيل أولادهما في هويتها عبر التوجه الدائم إلى وزارة الداخلية، وتقديم كل الأوراق الثبوتية من ضرائب وفواتير وسكن وتوكيل محام، لكنّها حتى الآن لم تحصل على الموافقة.

 

إرهاق مادي

يقول مصطفى إنّه ظنّ أنّ المبلغ الذي يجنيه شهرياً وهو يقارب 1500 دولار من وظيفتين سيكفيه لبناء منزل الزوجية، ليكتشف خطأه بعد ذلك، فراتب الضفة لا يكفي بكل تأكيد لدفع الضرائب الإسرائيلية والفواتير والسكن في منطقة وسطية "كفر عقب"، عدا عن الفرق بين العادات والتقاليد والقوانين التي تحكم الميراث والأولاد وإجراءات التسجيل.

كل هذه التكاليف المادية المرهقة دفعت مصطفى إلى ترك وظيفتيه والتوجه للعمل في المستوطنات، ثم فتح بقالة صغيرة في مدينة رام الله في محاولة لسدّ مصاريف منزله، وفي كل مرة يفكّر هو وزوجته في ترك "كفر عقب" والسكن في إحدى مدن الضفة الغربية كـ "رام الله" مثلاً، تبقى مشكلة الحفاظ على الهوية المقدسية وزيارات مفتشي التأمين الوطني الإسرائيلي المفاجئة في كثير من الأحيان للتأكد من أنّ هذه العائلة تسكن هذه المنطقة ولا تستخدمها كعنوان فقط، عائقاً أمام خطوة كهذه.

 

15000 مقدسياً خسروا هوياتهم منذ العام 1967

حصول الأزواج من غير القدس على لمّ شمل، كان سهلاً قبل العام 2002، كما أوضح زياد حموري مدير مركز القدس للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ولكن بعد ذلك لأسباب سياسية وأمنية، أُلغي بقرار من الحكومة الإسرائيلية، التي عادت وأرجعته مع وجوب تجديده خلال فترة تتراوح بين ستة أشهر إلى سنة، بعد أن قدّمت بعض المؤسسات اعتراضاً إلى المحكمة على إلغائه، ما يجعله يشبه التصريح المؤقت، وتسعى العائلات إلى الحصول على لمّ الشمل لأنّ حامل الهوية المقدسية يجب أن يبقى في محيط القدس، في الوقت الذي لا يستطيع حامل هوية الضفة الغربية الدخول دائماً.

 

كفر عقب ليست الحل

ويتابع حموري تعليقاً على اختلاف المصاريف المالية، أنّ هناك ضغطاً مالياً كبيراً على سكان القدس بسبب الضرائب وإرهاقهم بها، فهم عليهم دفع الضرائب الإسرائيلية وأجور السكن، وهذه التكاليف ستكون مرهقة أكثر إذا كان يعمل في منطقة الضفة الغربية، كما أنّ شركات التأمين ترسل مخبرين إلى الضفة الغربية لمعرفة إذا ما كان الشخص يعيش في مناطق تتبع لبلدية القدس أم لا، إذ يوثقون تحركاته ويقدّمونها إلى المحاكم الإسرائيلية، الأمر الذي قد يؤثر في هوياتهم التي يطلب منهم في كل مرة يجدّدونها إثبات مكان الإقامة ومكان دراسة الأولاد والكهرباء والمياه ودفع ضريبة السكن، وعلى الرغم من هذا قد لا تقتنع الجهات الرسمية بالأوراق المقدّمة، ولهذا السبب وغيره خسر منذ العام 1967 ما يقارب 15000 مقدسي هوياتهم.

وعلى الرغم من كل ما سبق، يبدو أنّ السكن في "كفر عقب" ليس طوق الأمان إذ قال حموري إنّ المخططات المقبلة لبلدية القدس قد تُخرج هذه المناطق من دائرة مسؤولياتها ما يعني خسارة حملة الهوية المقدسية من سكان هذه المناطق وعددهم يتراوح ما بين 120 و140 ألف شخص هويّاتهم.

المزيد من تحقيقات ومطولات