حالة من الألم والأمل تسيطر على العاملين في القطاع السياحي بالأقصر جنوبي مصر، بعد أن تحولت لمدينة أشباح بتعطل حركة السياحة بها على نحو كامل، عقب الإعلان عن أول بؤرة إصابة بفيروس كورونا بمصر في السادس من مارس (آذار) الماضي لـ12 مصرياً على متن باخرة نيلية سياحية التقطوا العدوى عبر سائحة تايوانية من أصل أميركي.
مدينة الأشباح
محمد عثمان، رئيس لجنة تسويق السياحة الثقافية بصعيد مصر، قال إن الأقصر أولى المحافظات التي تضررت من الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا، لأن أكثر من 60 في المئة من الأهالي يعملون بالقطاع السياحي. مضيفا أن المحافظة قبل ظهور بؤرة فيروس كورونا كانت تشهد ارتفاعاً غير مسبوق منذ 5 سنوات في نسب الإشغال السياحي لأكثر من 80 في المئة، بينما الآن كافة فنادق الأقصر باتت خاوية على عروشها من السياح.
وأضاف أن آخر فوج سياحي بمدينة الأقصر غادر صباح الأحد الماضي مقلعاً إلى مطار هيثرو ببريطانيا، وأنه برحيل هذا الفوج تصبح الأقصر خالية تماماً من أي أفواج سياحية أجنبية.
وذكر عثمان أن العاملين في القطاع السياحي تجمعهم حالة ما بين الألم والأمل. ألم لما يتكبدونه من خسائر فادحة، وأمل في عودة حركة السياحة لسابق عهدها، بعد تجاوز العالم لأزمة كورونا، واكتشاف علاج سريع للفيروس القاتل.
إغلاق المعابد والمتاحف
وقرر مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار المصرية، إغلاق كافة المعابد والمتاحف، من يوم 23 إلى 31 مارس (آذار) الحالي، في إطار حزمة الإجراءات الاحترازية التي تتخذها الحكومة المصرية لمواجهة الوباء.
وأشار وزيري إلى أن وزارة الآثار ستنفذ حملة تعقيم وتطهير لكافة المعابد والمواقع الأثرية بالتنسيق مع الأجهزة التنفيذية في المحافظات، كما ستعقد الوزارة خلال فترة الإغلاق دورات توعية لطرق الوقاية من الفيروس.
وأشاد وائل إبراهيم، المتخصص في القطاع السياحي، بقرار وزارة الآثار للحد من زحف العدوى للمحافظات، مضيفا أن العدوى لم تأت إلى مصر إلا عبر السياح الأجانب، مؤكدا أن أزمة كورونا عالمية وسوف يتجاوزها العالم وتعود حركة السياحة في مصر إلى معدلاتها الطبيعية.
وكان رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أعلن تعليق حركة الطيران بجميع مطارات مصر من 19 إلى 31 مارس (آذار) تجنباً لتفشي الفيروس الذي وصفته منظمة الصحة العالمية بالوباء الجائح.
مأساة العاملين في القطاع السياحي
وتسود حالة من الفزع بين صفوف العاملين بالقطاع السياحي بالأقصر، بعد حالة الفراغ بالمواقع الأثرية والسياحية بالمدينة التي كانت تكتظ بالزائرين من مختلف الجنسيات.
وقال عمر المنشاوي، صاحب بازار بالسوق السياحية بالأقصر لـ"اندبندنت عربية"، "أنه لو استمر الوضع على هذا الحال فلن يستطيع تسديد قيمة الإيجار الشهرية لمالك العقار"، مشيراً إلى أنه لم يتحصل على 100 دولار واحدة منذ أسبوع كامل عقب اشتداد أزمة كورونا، مطالباً وزارة السياحة المصرية بضرورة النظر بعين الرحمة للعاملين في القطاع السياحي بالمحافظة، فهم الأكثر تضرراً من تعطل حركة السياحة، لاعتمادهم بشكل كامل على مواردها.
وأضاف أحمد أبو الحجاج، مرشد سياحي، إلى أن مهنة المرشد السياحي من المهن الموسمية التي إذا توقفت حركة السياحة تشرد العاملون بها، إذ ليس لديهم مصدر دخل آخر. مشيراً إلى أن المئات من زملائه قرروا الالتحاق ببعض المهن الأخرى التي لا علاقة لها بمجال الإرشاد السياحي، لتوقعهم أن أزمة كورونا سوف تستمر لفترة طويلة.
وذكر مغربي الهاشمي، سائق حنطور، أنه خلال أيام لن يستطيع توفير طعام لفرس عربة الحنطور في ظل الشلل الذي أصاب السياحة، لأن كل ما ادخره من الموسم الماضي يكفي لطعام أسرته المكونة من 5 أفراد لمدة شهر واحد.
وأوضح مصطفى العوامي، مصور بشركة بالون طائر، أنه تم تسريحه من الشركة التي يعمل بها منذ 6 سنوات بعد توقف حركة البالون الطائر، وإغلاق المطار لأجل غير مسمى بسبب كورونا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال محمد الأرمنتي، صاحب مطعم سياحي، أنه إذا استمرت حركة السياحة في توقفها، فلن يجد رواتب يدفعها للعاملين لديه في المطعم،، مما سيجبره على إغلاقه وتسريح العمالة.
من جانبه، طالب النائب البرلماني محمد بدراوي، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب المصري، رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، بالعمل على صرف إعانة طوارئ للعمالة المؤقتة والموسمية، بمن فيهم العاملون بالسياحة التي تعطلت بالكامل، لتضرر هذه الفئة من الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الحكومة لمواجهة كورونا.
وأكد حسام الشاعر، رئيس غرفة الشركات السياحية ووكلات السفر، أن غرفة السياحة تبحث بالتعاون مع غرفة المنشآت الفندقية وضع خطة بالتنسيق مع وزارة القوى العاملة والوزارة للحفاظ على العمالة المدربة الموجودة حاليا في المنشآت السياحة لحمايتها من التسرب، لأن فقدان العمالة المدربة خسارة فادحة قد لا يعوضها القطاع السياحي بسهولة.
وأشار ثروت عجمي، المتخصص في القطاع السياحي، أن الحفاظ على العمالة المدربة في القطاع هي أساس المنافسة الدولية. مشيراً إلى أنه عقب ثورة 25 يناير (كانون الثاني) عام 2011 شهد القطاع أكبر عملية تسريح للعمالة، مما أصاب السياحة بأزمات مع الشركات الكبرى نتيجة غياب العمالة المدربة.
وزارة السياحة تتوعد المخالفين
وكان وزير السياحة والآثار خالد العناني اجتمع مع رؤساء القطاع والغرف السياحية بجميع المحافظات لمناقشة تداعيات مواجهة كورونا، وناشد ملاك الفنادق والمؤسسات السياحية المختلفة بضرورة صرف رواتب جميع العاملين بالقطاع بانتظام دون تأخير، مشدداً على أن الوزارة بالتنسيق مع وزارة الداخلية ستتخذ إجراءات صارمة مع المتلاعبين بحقوق العاملين في القطاع السياحي.
وطالب العناني المنشآت الفندقية باستغلال فترة تعطل الحركة في تكثيف عملية تدريب العاملين في القطاع لمواجهة تفشي الفيروس، وتنفيذ عمليات تطهير وتعقيم شاملة للمرافق الفنادق والمنشآت السياحية.