Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

153 غزياً يفضحون المسار الخفي لتهجير القطاع

وصلوا إلى جنوب أفريقيا بلا وثائق ولا تأشيرات دخول ومن دون تذاكر عودة

قالت حنان جرار "خرج الغزيون بواسطة منظمة غير مسجلة ومشبوهة، استغلت الوضع الإنساني المأساوي في غزة وخدعت العائلات وأخذت منهم المال" (رويترز)

ملخص

لم تكن إجراءات السفر مجانية، وإنما اضطر هؤلاء إلى دفع رسوم تراوح ما بين 1700 و2000 دولار من أجل مغادرة القطاع والنجاة من ويلات لا حصر لها، وكانوا يتلقون تحديثات وتعليمات حول الرحلة عبر مجموعة "واتساب" يديرها رقم خلوي إسرائيلي.

لم تمنع الضجة الكبيرة التي رافقت الهجرة الطوعية للغزيين الذين وصلوا إلى جنوب أفريقيا عبر مؤسسة مشتبه فيها من العودة لتسيير رحلات جديدة، إذ بحسب ما علمت "اندبندنت عربية" فإن هناك عدداً من الغزيين يستعدون للسفر من القطاع إلى وجهات جديدة بالطريقة الأولى نفسها وبواسطة المؤسسة ذاتها.

قبل أيام وصلت إلى جنوب أفريقيا طائرة تحمل 153 غزياً هبطت في مدينة جوهانسبورغ لا يحملون أية وثائق ولا تأشيرة دخول، ومن دون تذاكر عودة، وحتى من دون ختم خروج لدى مغادرتهم المطار، وحينها اضطرت السلطات هناك إلى احتجاز الطائرة ومنعت هبوط الركاب لأكثر من 12 ساعة.

هجرة طوعية برسوم عالية

كان الغزيون الـ153 غاضبين من ظروف الحياة الصعبة في القطاع وأصابهم اليأس من القتال والموت والأمراض وارتفاع الأسعار الضخم، وبسبب ذلك سجلوا للسفر بواسطة روابط موثوقة تديرها مؤسسة "المجد أوروبا" علهم يحظون بحياة جديدة أقل عناءً.

لم تكن إجراءات السفر مجانية، وإنما اضطر هؤلاء إلى دفع رسوم تراوح ما بين 1700 و2000 دولار من أجل مغادرة القطاع والنجاة من ويلات لا حصر لها، وكانوا يتلقون تحديثات وتعليمات حول الرحلة عبر مجموعة "واتساب" يديرها رقم خلوي إسرائيلي.

وقبل 12 ساعة من موعد السفر تلقى المسجلون تحديثاً يطلب منهم الاستعداد للرحلة، وأن عليهم حمل مقتنياتهم الثمينة وحقيبة كتف صغيرة فحسب، ثم التجمع في مكان واحد وسط مدينة خان يونس للانطلاق نحو معبر كرم أبو سالم الإسرائيلي، ثم إلى مطار رامون في إسرائيل، وبعدها اعتلاء طائرة تنقلهم إلى جنوب أفريقيا.

من دون وثائق

بالفعل، انطلق الغزيون في رحلتهم، لكن قبل صعودهم للطائرة لم يحصلوا على وثائق، وسافروا إلى جنوب أفريقيا، وهناك احتجزتهم سلطات جوهانسبورغ لأكثر من 12 ساعة لعدم اكتمال الإجراءات المطلوبة لدخول بلادهم، وأثارت هذه الرحلة ضجة كبيرة، وكشفت عن خفايا مثيرة عن التهجير الطوعي للغزيين، إذ سافروا على متن طائرة مستأجرة وبواسطة مؤسسة مريبة، وهذا أدى إلى فضح ممارسات صامتة مخفية تحاول تفريغ القطاع من سكانه تحت غطاء الهجرة الطوعية وحق الأفراد المكفول في السفر.

في الواقع، هذه ليست المرة الأولى التي يغادر فيها غزيون القطاع نحو وجهات مختلفة بحثاً عن هجرة طوعية تنقذهم من ويلات غزة، إذ سبق وأن سافر أفراد بطرق مختلفة هرباً من الموت، لكنهم في كل مرة سابقة كانت لديهم وثائق مطلوبة، أما الرحلة الأخيرة نحو جنوب أفريقيا فكانت مختلفة إذ لم يحصل الغزيون على أية وثائق.

أجندة تطهير غزة

بحسب وزير خارجية جنوب أفريقيا رونالد لامولا فإن الرحلة كانت جزءاً من أجندة واضحة لتطهير غزة والضفة الغربية من الفلسطينيين، "لا ترغب بلادنا في استقبال مزيد من الرحلات الجوية التي تقل فلسطينيين، صحيح سمح للمجموعة بالنزول لكن ذلك كان من باب التعاطف والرأفة"، وأضاف "الرحلة التي وصلت إلى جنوب أفريقيا كانت على نطاق أوسع لتهجير الفلسطينيين من غزة إلى أنحاء مختلفة من العالم، هذه عملية مدبرة بوضوح، إذ لا يقتصر إرسالهم على جنوب أفريقيا فحسب، بل هناك دول أخرى أرسلت إليها مثل هذه الرحلات".

وفقاً لمعلومات "اندبندنت عربية" فإن الرحلات السابقة كانت وجهتها إندونيسيا وماليزيا، والمريب أن المؤسسة التي أشرفت على تهجيرهم تصنف نفسها أنها "منظمة إنسانية متخصصة في مساعدة المجتمعات المسلمة وإجلائها من مناطق القتال".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إسرائيل وراء الهجرة

يقف وراء جمعية "المجد أوروبا" الإسرائيلي تومر ينار ليند، واللافت أن الغزيين لم يعرفوا مسبقاً وجهة السفر، وهذا ما ينطوي ليس على هجرة طوعية وإنما على تفريغ القطاع من سكانه من أجل تحقيق مخطط "ريفييرا الشرق الأوسط".

عندما عاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، كشف عن خطته لبناء غزة بطريقة حديثة، لكنه أوضح أن ذلك يتطلب نقل سكان القطاع إلى دول مختلفة يمكنهم العيش فيها، وعلى الفور تبنى المستويان السياسي والأمني في إسرائيل تلك الخطة، وأنشأت تل أبيب دائرة للهجرة الطوعية خاصة بسكان غزة تعمل ضمن وزارة الدفاع، وبالفعل انطلق قطار التهجير، لكن من دون ضجة حتى انكشفت خطوات مؤسسة "المجد أوروبا".

بعد حادثة رحلة جنوب أفريقيا تبين أن مديرية الهجرة الطوعية أحالت هذا الملف إلى منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية الذي بدوره أوكل تلك المهمة لمؤسسة "المجد أوروبا" لتنفيذها، والتي بدورها نشرت روابط مختلفة على صفحات التواصل الاجتماعي للتسجيل في الهجرة من غزة، وبالفعل تجاوب عدد من الغزيين وقدموا طلبات للخروج من القطاع.

السفر يتم بعد موافقة الدول

قال منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية غسان عليان "تنسيق خروج سكان غزة يتم في العموم عبر السلطات الإسرائيلية مباشرة مع الدول التي تستقبل اللاجئين، غالباً ما يكون هؤلاء من حاملي الجنسيات المزدوجة أو من الطلاب الذين حصلوا على تأشيرات دراسية، أو عبر منظمة الصحة العالمية المسؤولة عن إجلاء الجرحى والمرضى وتوزيعهم على الدول المستقبلة"، وأضاف "في حالات نادرة ينسق الخروج من خلال منظمات أو جهات طرف ثالث، لكن حتى في هذه الحالات، تتأكد إسرائيل مسبقاً من أن الدولة الهدف مستعدة لاستقبال كل فرد من الغزيين".

أما بالنسبة إلى ما حدث في قضية جنوب أفريقيا فأكد عليان أن جمعية "المجد أوروبا" سلمته مسبقاً قوائم بأسماء الفلسطينيين المغادرين إلى جنوب أفريقيا بعد موافقتها على استقبال الغزيين إلى جانب التأشيرات الخاصة بالدخول إلى الدولة وكل المستندات المطلوبة.

في المقابل نفت جنوب أفريقيا الأمر، والفلسطينيون أيضاً أصدروا توضيحاً في شأن ذلك.

وقالت سفيرة فلسطين لدى جنوب أفريقيا حنان جرار "خرج الغزيون بواسطة منظمة غير مسجلة ومشبوهة استغلت الوضع الإنساني المأسوي في غزة وخدعت العائلات وأخذت منهم المال، ونقلتهم بطريقة غير منظمة وغير مسؤولة ثم تخلت تماماً عن مسؤوليتها عن التعقيدات التي نشأت".

التهجير مستمر

في أية حال فإنه على رغم كل هذه الضجة، فإن تهجير الغزيين لم يتوقف، إذ تخطط مؤسسة "المجد أوروبا" لمواصلة عملها في نقل السكان من باب الهجرة الطوعية، وتواصل استقبال طلبات جديدة لإخراج أفراد جدد من القطاع.

وبصورة علنية تواصل المؤسسة تهجير الغزيين، إذ عبر موقعها الإلكتروني تشجع المواطنين على التسجيل، ووفقاً للمعلومات المتوافرة فإن هناك مواطنين حولوا المبالغ المالية التي طلبتها منهم المؤسسة وأفادتهم بأن ترتيب أمور سفرهم تسير بصورة جيدة، وأبلغتهم بالبدء بترتيب أوضاعهم للسفر المتوقع أن يكون في أي لحظة.

في السياق قال محمد أحد المواطنين الذين سجلوا للسفر بواسطة هذه المؤسسة "استفسرت مرات عدة عن تأخر خروجي، تلقيت تطمينات عن استمرار الترتيبات لرحلة جديدة، لقد أنفقت كل ما أملك لدفع كلف الرحلة وضمان خروجي".

إسرائيلياً، جدد وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش أن "الحل الوحيد في القطاع يكمن في تهجير أهله طوعاً"، فهل مواصلة هذه الرحلات الغامضة تتطور وتصبح مساراً للهجرة الطوعية وتفتح الباب لتطبيق خطة ريفييرا الشرق الأوسط؟

المزيد من تقارير