ملخص
على رغم موافقة مجلس الأمن على خطة ترمب المؤلفة من 20 نقطة لإنشاء مجلس سلام وقوة دولية لإدارة غزة، تبقى القضايا الجوهرية كحق تقرير المصير والاحتلال ونزع السلاح عالقة، مما يجعل الخطة أقرب إلى انتصار سياسي لترمب منها لحل عملي يحقق سلاماً دائماً.
بأسلوبه المعهود في ضبط النفس، أعلن دونالد ترمب أن تأييد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لخطته في شأن السلام في غزة هو "أحد أكبر الموافقات في التاريخ".
وهو قرار من شأنه أن يحل "السلام في جميع أنحاء العالم". ولحظة "تاريخية بحق".
وعلى منصة تروث سوشال، شكر الرئيس الأميركي كل البلدان الأعضاء في مجلس الأمن، بما فيها 13 بلداً صوتت لمصلحة القرار 2803، الذي يؤيد خطته القائمة على 20 نقطة في شأن القطاع المحاصر والمدمر.
وشكر بلداناً عدة في المنطقة من بينها قطر ومصر والإمارات والأردن، على دعمها جهوده.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وينص القرار على إنشاء ما يسمى "مجلس السلام"، الذي يعرف اختصاراً وتحبباً الآن بـ"BoP" بالإنجليزية، كما يأذن بإنشاء قوة دولية موقتة لتحقيق الاستقرار "تنشر تحت قيادة موحدة يقبلها المجلس" من أجل حكم غزة، تعمل بالتعاون مع مصر وإسرائيل.
وصف الذراع اليمنى لترمب، السفير الأميركي مايك والتز، هذا القرار بأنه "يرسم مساراً جديداً للشرق الأوسط". ومن جانبها، اعتبرت وزير الخارجية الفلسطينية فارسين أغابكيان شاهين، العضو في الإدارة المعارضة لـ"حماس" في الضفة الغربية المحتلة، القرار "الخطوة الأولى في طريق طويل نحو السلام".
ويشكل هذا القرار بالتأكيد انتصاراً جديداً لترمب الذي، على رغم كونه المصدر الرئيس للأسلحة التي استخدمتها إسرائيل في قصفها المدمر لقطاع غزة على مدى عامين، صاغ بحملته الانتخابية على أساس كونه رئيساً للسلام. وغالباً ما يتفاخر بأنه أنهى ثماني حروب في ثمانية أشهر.
ومن باب الإنصاف، فإن خطته هي السبب في توقف أسوأ أشكال المعارك وتخفيف حصار إسرائيل على سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة (مع أن الإمدادات لا تزال أقل بكثير من المطلوب).
سيحدث بعض التقدم، بعدما تمت الموافقة على الخطة رسمياً على مستوى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. ولا شك في أن بعض التحركات ستبدأ من أجل تشكيل هذه القوة الدولية، كما قد تتبعها أيضاً الإعلانات في شأن عضوية مجلس السلام، بحسب ما لمح ترمب.
وقد تشمل هذه الإعلانات، أو لا تشمل، السير توني بلير، تلك الشخصية المثيرة للانقسامات العميقة التي لا يزال دورها في غزو الولايات المتحدة وبريطانيا للعراق عام 2003 يرخي بظلاله على المنطقة.
لكن القضايا الأساسية لا تزال عالقة. لقي القرار بالفعل انتقادات من أحد الأطراف الرئيسة المعنية بالموضوع، وهي حركة "حماس"، التي رفضت ما اعتبرته فرضاً لآلية وصاية دولية على غزة، وطبعاً، النية بنزع سلاح مقاتليها.
ومن جهته، كرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الحريص على إرضاء أعضاء حكومته اليمينية المتطرفة الذين أعربوا علناً عن تفضيلهم محو غزة، رفضه فكرة إقامة دولة فلسطينية، وهي فكرة غير محسومة تماماً، لكن خطة ترمب تلمح إليها.
لذا كما في السابق، بقيت العراقيل والمكايد المتعمدة والرؤى المتعارضة جوهرياً ووجودياً، التي أعاقت المهمة الشاقة المتمثلة بمحاولة إيجاد اتفاق سلام عادل ومنصف وعملي لإسرائيل وفلسطين.
باختصار، لم تختف أياً من المشكلات التي يحاول العالم حلها منذ أجيال لمجرد أن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وافق على وثيقة من 20 نقطة لا تتضمن أي جدول زمني وتطرح أطر عمل مبهمة والأهم، تغيب عنها التفاصيل.
فالقضايا الأساسية التي ظلت من دون معالجة طوال عقود لا تزال عالقة.
كما كتبت في السابق، تشمل هذه القضايا حق تقرير المصير للفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي والمحاسبة على انتهاكات القانون الدولي وتحديد مسار لإنهاء طبقات لا تنتهي من الصدمات النفسية والعنف، بغية السماح بالتوصل إلى سلام وأمن عادلين للجميع.
ومن العيوب الكبيرة في الخطة، أن أياً من النقاط الـ20 لا تأتي على ذكر الضفة الغربية المحتلة.
في هذه الأثناء، لا يزال ملايين الفلسطينيين في غزة، المحزونين لفقدان 69 ألف شخص قتلوا منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وفقاً للمسؤولين المحليين، بلا منازل يمكنهم العودة إليها. أما في القطاع فهناك مناطق واسعة لم تعد ركاماً حتى، لأنها تحولت إلى مجرد تراب.
ولا تزال الغالبية تعاني من أجل تلبية حاجاتها الأساسية، بما فيها الغذاء والإمدادات الطبية. ولا يزال المستقبل بالنسبة إلى هؤلاء مخيفاً وليس فيه أي شيء مضمون.
© The Independent