Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بيلاروس رأس حربة في هجمات روسية هجينة على ليتوانيا

عمليات إطلاق مناطيد التهريب إلى أراضي ليتوانيا وعرقلة عمل مطار عاصمتها هي جزء لا يتجزأ من حملة أوسع نطاقاً، هدفها إرباك الدولة البلطيقية وزعزعة استقرارها

ضابط يتفحص منطاداً استُخدم لتهريب السجائر إلى داخل ليتوانيا (خدمة حرس الحدود الحكومية بواسطة أ ب)

ملخص

ليتوانيا تواجه موجة هجمات هجينة من بيلاروس، أبرزها إطلاق مناطيد محمّلة بالسجائر عبر الحدود، ما تسبب بفوضى في مطار فيلنيوس وإعلان حالة طوارئ. خبراء يرون أن هذه العمليات جزء من استراتيجية روسية-بيلاروسية لزعزعة استقرار الدولة البلطيقية والضغط عليها للتفاوض.

يوم السبت الماضي، كشف المبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترمب، جون كول، أن رئيس بيلاروس ألكسندر لوكاشينكو وعد بمنع تحليق مناطيد مراقبة الأحوال الجوية من بلاده إلى داخل ليتوانيا.

وجاء ذلك بعد أيام فقط من اضطرار حكومة ليتوانيا إلى إعلان حالة طوارئ وطنية، عقب ارتفاع حاد في عدد المناطيد العابرة لحدود البلاد من بيلاروس، والمحملة معظمها بالسجائر المهربة.

وبحسب الخبراء، دخل أجواء ليتوانيا العام الماضي نحو 600 منطاد مرتبط بعمليات تهريب، ناهيك من 200 مسيرة، مما تسبب بإغلاق مؤقت لحدود البلاد وببث حالة من الفوضى في مطار فيلنيوس.

ويسود الظن بأن المناطيد المذكورة هرّبت عبر الحدود عشرات الآلاف من السجائر. وكشفت السلطات أخيراً عن مصادرتها لنحو 40 ألف علبة سجائر مخفية داخل ما لا يزيد على 11 منطاداً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي العادة تطلق المناطيد ليلاً لكي تعبر الحدود من دون رصدها. وإبان هبوطها، يعتمد مهربون خارجون عن القانون على أجهزة تتبع مزودة بشرائح اتصال وعلى نظام تحديد مواقع لمعرفة أماكنها.

من جهته، نفى لوكاشينكو، وهو من الحلفاء المقربين لروسيا، أي صلة لحكومته بالموضوع، معتبراً أن عمليات التهريب ينفذها مجرمون مستفيدون من تدني الأسعار في بلاده.

غير أن بافيل سلونكين، الباحث الزائر في مركز الأبحاث "المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية" European Council on Foreign Relations، يرى أن هذا النوع من التهريب "جزءاً من سياسة دولة"، مرجحاً أن تكون المناطيد وسيلة ضغط على ليتوانيا كي تدخل مفاوضات مع نظام لوكاشينكو الديكتاتوري.

 

ولطالما كان التوتر سيد الموقف في العلاقة بين ليتوانيا وبيلاروس. بيد أن حدة هذا التوتر تصاعدت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بعد أن أغلقت ليتوانيا آخر معبرين حدوديين مفتوحين بين البلدين لمدة ثلاثة أسابيع [رداً على إطلاق المناطيد]. ورداً على ذلك، حظرت بيلاروس مرور الشاحنات الليتوانية على طرقاتها، لتتوقف بالتالي حركة التجارة. وحتى اليوم [ورغم إعادة فتح الحدود]، لا تزال مئات المركبات عالقة داخل البلاد.

لماذا أعلنت ليتوانيا حالة الطوارئ؟

تشير بيانات تتبع الحركة عند الحدود الليتوانية إلى تزايد عدد المناطيد العابرة إلى البلاد بمقدار ثلاثة أضعاف خلال عام 2025 مقارنة مع العام السابق، علماً بأن الموجة الأخيرة أحدثت خللاً غير مسبوق في حركة الطيران، لا سيما أن مجموعة من العمليات تركزت في محيط مطار فيلنيوس بين أكتوبر وديسمبر (كانون الأول) من هذا العام.

على خلفية هذه المستجدات، اضطرت الحكومة الليتوانية إلى إعلان "حالة طوارئ على مستوى البلاد"، مما يتيح تنسيق جهود مؤسسات الدولة على نحو أكثر وثاقة، ويفسح المجال للاستعانة بدعم الوحدات العسكرية.

من جهته، اعتبر الدكتور راسموس نيلسون، المحاضر في السياسة الخارجية الروسية وسياسات ما بعد الاتحاد السوفياتي في "كلية لندن الجامعية" University College London، أن قرار إعلان الطوارئ ناتج عن غياب الثقة بحلف شمال الأطلسي (الناتو).

 

وقال في حديث مع "اندبندنت"، "نظراً إلى السياسات والتصريحات الأخيرة الصادرة عن الولايات المتحدة، يسود خوف، في هذا الجزء من أوروبا، من أن تُترك دول ’الناتو‘ في هذه المنطقة لمصيرها في مواجهة هجمات (هجينة أو عسكرية صريحة) تشنها روسيا وبيلاروس.

وأضاف "قد لا تواجه فيلنيوس هذا السيناريو قريباً. لكن لديها جميع المسوغات للتأهب في مواجهة أية تهديدات محتملة من الشرق، في تذكير لدول الناتو المتبقية بهشاشة وضعها كدولة واقعة عند الجانب الشرقي من الحلف".

بأية طريقة زعزعت المناطيد استقرار ليتوانيا؟

تسببت المناطيد بخلل كبير في حركة الطيران، مع تأخير أو تحويل أو إلغاء أكثر من 350 رحلة منذ أكتوبر وحده. أما الخسائر المالية الناجمة عن ذلك، فتتجاوز قيمتها اليوم 750 ألف يورو.

وبرأي سلونكين، فإن المناطيد هي جزء من استراتيجية أكثر شمولاً. وعلى حد تعبيره، "تضم الاستراتيجية الوطنية الروسية [وبالتالي البيلاروسية] مفهوماً معروفاً باسم ’التصعيد بهدف إلغاء التصعيد‘، يتمثل بزيادة الأخطار التي يواجهها الطرف الآخر إلى حد يجعله غير مستعد للمخاطرة أكثر".

ويلفت إلى أن بيلاروس تسعى لزيادة حدة التوتر مع ليتوانيا، في موازاة توددها إلى الولايات المتحدة، وهو ما يضعف تحالفاً محورياً. وفي هذا السياق، سبق أن أعرب الرئيس ترمب عن إعجابه بلوكاشينكو، واصفاً إياه بـ"الرئيس الذي يحظى باحترام كبير"، علماً بأن مبعوثه الجديد كول زار مينسك الأسبوع الماضي، للتفاوض على إطلاق سراح 1400 سجين سياسي.

كيف تندرج هذه العمليات ضمن "الحرب الهجينة" التي يشنها بوتين؟

كشفت الحكومة الليتوانية أن حالة الطوارئ تأتي رداً على سلسلة من "الهجمات الهجينة" التي تنفذها بيلاروس، في إشارة إلى "الحرب الهجينة" التي تشنها روسيا على دول الغرب منذ غزو أوكرانيا.

 

وهذا المصطلح يصف استراتيجية عسكرية تمزج بين أساليب القتال التقليدية والهجمات السيبرانية وحملات التضليل والتوغلات باستخدام المسيرات. والملفت أن موسكو تحرص دوماً على التنصل من مسؤوليتها عن هجمات من هذا القبيل. ومع ذلك، فإن تزايد الحوادث المرتبطة بروسيا يدفع معظم الحكومات الغربية إلى اعتبارها جزءاً من استراتيجية بوتين.

وفي المملكة المتحدة، رُبط عدد كبير من الهجمات السيبرانية بروسيا، بما في ذلك هجمات طالت "هيئة الخدمات الصحية الوطنية". ومن ثم، فقد رُصدت مسيرات في عدد من المطارات الكبرى في أرجاء أوروبا، وقد نفت روسيا أية علاقة لها بالموضوع.

وأخيراً، يعتبر سلونكين أن ليتوانيا تقف أمام خيارين: "فإما تتفاوض [مع بيلاروس]، أو تتمنى لو أن الاتحاد الأوروبي وغيره يتعامل مع الوضع". وحتى الآن، تفضل ليتوانيا التعويل على الخيار الثاني.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل