Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تؤدي خلافات "حماس" إلى انشقاقات داخل الحركة؟

مشعل لا يعارض التخلي عن السلاح بينما الحية يرفض التسليم بسهولة

بحسب المعلومات المتوافرة فإن "حماس" تعيش حالاً من الانقسام الداخلي حول المسائل المتعلقة بإنهاء الحرب (أ ف ب)

ملخص

يعارض خليل الحية نزع السلاح بينما خالد مشعل يرى أن ذلك مهم في المرحلة المقبلة، كيف حلت "حماس" خلافاتها الداخلية؟

مع اقتراب دخول المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب حيز التنفيذ، التي تتضمن ملفات صعبة على حركة "حماس" التي كانت قد أبدت تحفظاً عليها، برزت خلافات واضحة بين قيادات الحركة حول التعامل مع تلك البنود. لكن هل هذا يعني وجود انقسامات في الفصيل المسلح؟ وهل يؤسس اختلاف وجهات النظر لانشقاقات داخل التنظيم؟ وما مدى تأثير ذلك في اتفاق وقف إطلاق النار؟

 

السلاح هو السبب

بحسب المعلومات المتوافرة، فإن "حماس" تعيش حالاً من الانقسام الداخلي حول المسائل المتعلقة بإنهاء الحرب، إذ يرى قائد الحركة خالد مشعل الذي يدير الفصيل خارج غزة "بأنه لا بأس من تجديد الفصيل نفسه وأفكاره بما يتماشى مع التغييرات الدولية ولا بأس في نزع السلاح"، بينما يعارض خليل الحية الذي يدير الحركة داخل القطاع فكرة تسليم العتاد العسكري، ويريد الحفاظ على نهج "حماس" في صراع إسرائيل.

في ظل وجهتي النظر هاتين، برزت انقسامات بين قيادات وعناصر "حماس" سواء كانوا داخل غزة أم خارجها، جزء منهم يرى أن وجهة نظر مشعل سليمة بخاصة بعد تدمير غزة، والطرف الآخر يعتقد أن "المقاومة" حل لا بد من التمسك به حتى قيام الدولة الفلسطينية، وانعكس هذا الخلاف في وجهات النظر على قرارات الحركة التي تتجهز لتنفيذ المرحلة الثانية من خطة ترمب في شأن غزة.

 

عدم الرد الواضح فتح باب الانقسامات

بالتفصيل، عندما أعلن ترمب خطة السلام والازدهار في غزة، وسلم الوسطاء مسودة خريطة الطريق لـ"حماس" من أجل دراستها، انقسمت قيادات الحركة في رأيها في شأن البنود الـ20 التي تضمنتها معاهدة وقف إطلاق النار، لكن الولايات المتحدة مارست على الفصيل الفلسطيني ضغطاً كبيراً بمساعدة الوسطاء بخاصة تركيا لقبول الاتفاق، ومنح الرئيس الأميركي مهلة قصيرة مدتها 48 ساعة لقيادات الحركة للموافقة على مقترحه.

وضعت "حماس" في الزاوية، ولم يسعفها الوقت لمناقشة البنود الـ20، واضطرت إلى الموافقة الجزئية على خطة ترمب، ضمن محددات، إذ أبدت موافقتها الكاملة على الإفراج عن جميع الرهائن وفق صيغة التبادل الواردة في مقترح ترمب، وتسليم إدارة غزة إلى هيئة فلسطينية مستقلة، أما في شأن ما ورد في خطة السلام والازدهار في شأن قضايا مستقبل القطاع فقد ربطت الموافقة عليها بعد إجراء حوارات فلسطينية.

اتخاذ القرار صعب

بمجرد ما بدأت المرحلة الأولى من اتفاق غزة التي خلالها أفرجت الحركة عن الرهائن، باشرت قياداتها في عقد لقاءات داخلية لمناقشة ملفات المرحلة الثانية التي تحتاج إلى قرار حقيقي من الحركة يمكن تنفيذه من دون أن يثير غضباً داخلياً أو انقساماً يؤدي إلى انشقاقات.

تعرف الحركة أنها أمام مفترق طرق مليء بالمطبات، وأنها تقف لاتخاذ قرار صعب عليها، فهي التي تمسكت بسلاحها وحشدت عناصرها من منطلق "المقاومة"، واليوم مطلوب منها التخلي عن عتادها والتحول إلى حزب سياسي أو ربما الانسحاب من المشهد كلياً، ووسط تلك الملفات تبحث عن قرار وآلية تبلغ فيها عناصرها وتقنعهم بخطواتها من دون أن يؤثر ذلك في وحدة صفها.

عندما بدأت قيادات "حماس" تناقش القضايا الشائكة برزت الخلافات بين قيادات الفصيل المسلح، إذا كان سيقدم تنازلات في شأن تسليم العتاد العسكري، أو سيكون القرار التعنت والتمسك بالبنادق والأنفاق والقذائف الصاروخية.

تياران في "حماس"

والسبب في الانقسام بين وجهات نظر قيادات الحركة، أن "حماس" ليست موحدة من الأساس، إذ تعاني منذ عام 2011 وجود تيارين داخلها، لكن على رغم ذلك حافظت على وحدتها التنظيمية ووحدة قراراتها من دون أي انشقاقات علنية أو مشكلات داخلية. في الحركة تنقسم القيادة السياسية إلى حمائم وصقور، يبدو على فريق الحمائم أنه أكثر مرونة مع القضايا الشائكة ويميل إلى الموقف العربي الموحد بقيادة السعودية، ومن أبرز وجوه هذا الفريق خالد مشعل الذي يشغل حالياً منصب قائد الحركة في خارج غزة، وكان قد سبق له أن كان رئيس المكتب السياسي للحركة وصاحب الكلمة النهائية فيها. أما تيار الصقور، فمن أبرز وجوهه خليل الحية الذي يدير "حماس" في داخل القطاع فقط، وهو أقرب إلى الجناح العسكري، ويميل هذا إلى محور إيران، ومعروف عنه التشدد بالمواقف.

قبل الحرب كان تيار الصقور يفرض رأيه، ولكن بعد القضاء على غالب قيادات هذا التيار ودمار غزة، بات تيار الحمائم يريد لوجهة نظره أن تأخذ مساحة، ومن هنا برزت الخلافات الداخلية بين قيادات الحركة، وزادت أكثر بعد التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار.

عدم حسم "حماس" موقفها من البداية في شأن نزع السلاح وخروج عناصرها من غزة، أدى إلى نشوب مشكلات بين تياري الصقور والحمائم، يريد الفريق الأول التمسك بالسلاح، أما الآخرون فيعتقدون أنه لا بد من تجديد الحركة نفسها وأفكارها والتخلي عن السلاح.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أبو مرزوق بيده حل وسط

في اجتماعات "حماس" التي تناقش ملف السلاح ونفي العناصر وتسليم الحكم التي شهدت انقساماً داخل قيادات الحركة، تدخل عضو المكتب السياسي موسى أبو مرزوق الذي يدير ملف العلاقات الدولية وحاول تقريب وجهات النظر بين الحية ومشعل. وضع أبو مرزوق تصوراً وسطاً، إذ اقترح "تسليم السلاح الثقيل من أنفاق وصواريخ، مع الحفاظ على السلاح الخفيف مثل البنادق وغيرها، لكن المعضلة كانت في عدم قدرة القيادات على فرض نزع السلاح واستجابة العناصر داخل غزة بهذا التوجه، بخاصة أن حماس قامت بتجنيد عدد من المقاتلين منذ بدء الحرب، من بينهم أشخاص دمرت منازلهم أو قتل أفراد عائلاتهم، وسيكون من الصعب عليهم التخلي عن أسلحتهم". وقال أبو مرزوق عن حل الوسط الذي اقترحه "الدعوات المطالبة بنزع سلاح المقاومة في قطاع غزة لن تحقق أمن المستوطنات الإسرائيلية، أية محاولة لتجريد حماس من سلاحها ستفتح الباب أمام الفوضى وتؤدي إلى ظهور مجموعات مسلحة بديلة، لذلك لا نعارض على وضع السلاح الثقيل، أما الأسلحة الدفاعية فلا بد من بقائها".

في هذا التصريح حاول أبو مرزوق حل خلاف نزع السلاح مع تحقيق وجهات نظر تياري الصقور والحمائم، وتقديم عرض مغر لإسرائيل بقبول بقاء جزء من الأسلحة بيد "حماس"، لتحقيق أمن بلداتها العبرية القريبة من غزة.

اختلاف وجهات النظر لا يؤدي إلى انشقاقات

لكن هذا الحل الوسط الذي كان جيداً وأدى في نهاية المطاف إلى فض الخلاف بين فريقي الحية ومشغل، وحافظ على استقرار الحركة، والحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار، لم يخف وجود انقسامات في "حماس".

في السياق، قال أستاذ العلوم السياسية قصي حامد إن "الخلافات بين جناحي حماس مجرد اختلاف في وجهات النظر ولن تؤدي إلى انشقاقات في الحركة، وهي أوسع من نزع السلاح، وتشمل اللجنة الإدارية لغزة من حيث رئيسها أو استقلاليتها أو مرجعيتها، الخلافات متفاقمة، لكنها لن تؤدي إلى انشقاقات لأنها مقتصرة على وجهات نظر"، وأضاف "هذه الخلافات لن تؤثر حالياً في الهدنة في المرحلة الثانية، إذ حافظت حماس على عبور أربعة عقود من دون أن تشهد انقسامات في صفوفها. صحيح أن تدمير غزة في الحرب والخسائر الكبيرة التي تكبدتها، أعادا خلط الأوراق، سواء بين التيارين، لكن لدى الحركة قانوناً لحل هذه المعضلة، وهو التصويت على أي قرار والغالبية يطبق رأيها". واستبعد حامد بعد الحل الذي اقترحه أبو مرزوق "وجود انقسام حقيقي داخل حماس"، وقدر أن ما يحدث هو تقدير موقف مختلف من بعض القيادات، وكل له حسابات سياسية مختلفة من أجل الخروج برؤية سياسية تتواءم مع التغيرات الجيوسياسية.

رؤية مصالح

أما الباحث السياسي شفيق تلولي فلديه وجهة نظر أخرى "الخلافات الأخيرة تشير إلى أن حماس تواجه أزمة هوية سياسية وتنظيمية، إذ لم تعد قادرة على التوفيق بين شعاراتها الثورية وواقعها العملي المعقد، كما أن تزايد ظهور الخلافات الإعلامية بين قياداتها أفقدها جزءاً من هيبتها أمام الرأي العام الفلسطيني والعربي، وأثار تساؤلات حول قدرتها على إدارة المرحلة المقبلة بفاعلية"، وأضاف "حماس تحاول الانقضاض على المشروع الوطني الفلسطيني، وترفض الانسحاب من المشهد السياسي في غزة، وتحاول تقديم أوراق اعتماد جديدة للبقاء في السلطة، حتى لو اقتضى الأمر أن تتحول إلى حارس للمستعمرات"، وأوضح تلولي أن الصراع بين قيادات الحركة يعكس تحولاً خطراً في بنية الحركة، "إذ لم تعد القضايا الوطنية الكبرى هي محور النقاش، بل باتت المصالح الفئوية والشخصية تتقدم على أولويات العمل السياسي والميداني، فكل طرف يسعى إلى تثبيت موقعه في مرحلة ما بعد الحرب، خصوصاً مع تصاعد الحديث عن إعادة ترتيب الأوضاع في غزة مستقبلاً".

لكن "حماس" الرسمية تنفي وجود خلافات بين قياداتها، وقال المستشار الإعلامي للحركة طاهر النونو "ما تناولته وسائل إعلام عن تناقض بين قيادات حماس غير صحيح، حماس موحدة ولا يوجد أي خلافات، وفي حال كانت هناك وجهات نظر مختلفة تحل عن طريق الانتخابات".

اقرأ المزيد

المزيد من الشرق الأوسط