Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يقود المراهق اللبناني السيارة قريباً؟

دول عدة اعتمدته لكنها تشهد جدلاً حول قابليته للتطبيق وما إذا كان يشكل خطراً على المراهقين

تجيز دول عدة القيادة لمن بلغوا سن 16 سنة، مثل السويد والولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا وألمانيا (موقع بيكسلز)

ملخص

يُعتبر المراهق من حيث المبدأ مكتمل النمو وقد يكون قادراً على قيادة سيارة، لكن هناك عوامل أخرى يمكن أن تشكل عائقاً، فللإنسان عادة مراحل نمو عدة جسدية ونفسية وفكرية، فمن حيث النمو الجسدي يكون الإنسان قادراً على قيادة سيارة في سن 16 سنة، لأن قامته تسمح له بذلك وهو قادر على معرفة القوانين والتحكم بعجلة القيادة، لكن من حيث النمو النفسي والمعرفي قد يكون هناك نقص في نواح معينة.

في ما يشكل سابقة في لبنان، تقدم النائب بلال الحشيمي باقتراح تعديل قانون السير بما يسمح للمراهق اللبناني بالحصول على رخصة سوق من سن 16 عاماً، وسرعان ما تحول هذا الاقتراح إلى مادة مثيرة للجدل في البلاد التي لا يُسمح فيها بالقيادة إلا من عمره 18 عاماً فما فوق.

كثر عدوا الاقتراح غير قابل للتطبيق وفيه شيئاً المجازفة بحياة المراهق وغيره من المواطنين، فقد لا يكون جاهزاً بعد للقيادة في هذه المرحلة العمرية، ومن الممكن ألا يتحلى بالنضج والوعي الكافيين للخوض تجربة مماثلة، وفي المقابل بدت الفكرة جذابة للشباب المتعطش للقيادة من سن باكرة، خصوصاً أن كثر منهم يقودون سيارات أهلهم قبل بلوغ 18 سنة، ومن دون رخصة قيادة.

 

القيادة تسهيل للأمور

بمجرد سماعه هذا الخبر شعر يورغو بحماسة كبرى وأمل أن يطبق بالفعل هذا القانون في لبنان، ففي مناسبات كثيرة يأخذ سيارة والده للخروج مع أصدقائه، مما يولد جدالات كبيرة مع أهله كونه لا يملك رخصة سوق، كما يرون أنه يعرض نفسه للخطر بهذا الشكل، ولذلك يعتبر تطبيق قانون مماثل خطوة مهمة له ولكل من هم في مثل سنه ممن يرغبون في تحمل هذه المسؤولية وقيادة سيارة كما لو كانوا راشدين.
كذلك يعتبر بسام هذه الخطوة ممتازة لأنها تسمح له بالخروج بحرية من عمر 16 عاماً من دون خوف من حاجز للدرك أو الشرطة، بدلاً من انتظار بلوغه سن 18، ويمكنه بذلك أن يخرج مع أصدقائه بحرية بدلاً من انتظار أهله ليقلوه إلى كل نشاط يود القيام به.
أما والد بسام فلا يعتبرها فكرة سديدة لأن تطبيق قانون مماثل يمكن أن يشكل خطراً على ابنه وغيره من المراهقين، بما أنهم في هذه الحال سيجدون ذريعة للخروج والقيادة بحرية لأن القانون يحميهم، بينما قد لا يتحلون بالنضج الكافي والوعي لتحمل مثل هذه المسؤولية.
وفي ظل الجدال الحاصل حول اقتراح تعديل قانون السير رقم (2012/243) الذي جلب السعادة إلى صفوف المراهقين والقلق إلى الأهل الذين يعتبرونه بمثابة تشريع للفوضى السائدة، أوضح النائب بلال الحشيمي في حديث إلى "اندبندنت عربية" أن "المراهقين يقودون سيارات أهلهم أصلاً، سواء بعلمهم أو بالخفاء، من دون حيازتهم على رخصة قيادة، وهذا واقع لا مفر منه ولا يُخفى على أحد.

وتكمن الفكرة من وراء هذا الاقتراح بأن أعداداً كبيرة من الشباب الذين هم بين عمر 15 و17 سنة يقودون سياراتهم في الخفاء أو علناً، ولو كان القانون لا يجيز ذلك، مما يشكل خطورة عليهم ويعرض حياتهم وحياة غيرهم للخطر".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

رخصة قيادة مشروطة

وتجيز دول عدة القيادة لمن بلغوا سن 16 سنة، مثل السويد والولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا وألمانيا وغيرها من الدول التي اعتمدت على نظام تدريب على القيادة وفق نظام Graduate License System بإشراف مدرسة تعمل على تدريب المراهقين، ويخضع طالب رخصة السوق وفق النظام الذي تقدم على أساسه الحشيمي بالاقتراح، للتوجيه والإرشاد والتدريب لعدد معين من الساعات، وفي الوقت نفسه تكون حيازة المراهق على رخصة القيادة مشروطة وموقتة وهو لا يحصل عليها تلقائياً، وهي تخضع لشروط صارمة منها منع القيادة ليلاً وإلزامية وجود راشد يحمل رخصة سوق ويحصل ذلك بعد فحص طبي، وبعد الحصول على معدل علامات معينة في امتحان القيادة.

وأيضاً لا بد للمراهق من الالتزام بالقانون وأن يكون قد تعلم كل ما يلزم حول إشارات السير والقوانين المتعلقة بالسير، تماماً كما لو كان في سن 18 سنة، أما الاختلاف الوحيد فهو في شرط أن يكون هناك راشد يحمل رخصة سوق إلى جانب القاصر في السيارة في كل مرة يقود فيها. "طالما أن القاصرين يقودون سيارات أهلهم بالخفاء أو بعلمهم، يشكل ذلك خطراً عليهم وعلى غيرهم من المواطنين في ظل غياب أي قانون، ومن هنا أتت فكرة وضع إطار قانوني يحمي الكل، وهذا ما يجب أن تعرفه الأصوات المعارضة للاقتراح، وبهذه الطريقة تعطى لهم رخصة بشروط وتسحب منهم في حال عدم الالتزام، وهي وسيلة نعتمدها لتحفيزهم على التحلي بالمسؤولية من سن باكرة بوجود التوجيه والإرشاد المناسبين، إذ تبين أن 30 في المئة من حوادث السير يتورط فيها قاصرون يقودون سيارات من دون رقابة".
واستناداً إلى تجارب عدة ناجحة في دول جرى تطبيق مثل هذا القانون فيها، يؤكد الحشيمي أن "الإقدام على هذه الخطوة يعتبر مهماً للمراهقين، خصوصاً أن جيل المراهقين اليوم يتحلى بمعدلات أعلى بكثير من الوعي بالمقارنة مع الأجيال السابقة، فبدلاً من أن يستمر المراهقون بالقيادة من دون رخصة يمكن أن يتلقوا التدريب اللازم والتعليم والإشراف والتوجيه وفق الأصول ليكونوا جاهزين للقيام بذلك، وفي الوقت نفسه يمكن سحب رخصة القيادة من المراهق في حال عدم الالتزام بالقانون والشروط، وهذا التطوير كفيل بنشر مزيد من الوعي في المجتمع".
وأقدم الحشيمي على هذه الخطوة بعد أن التقى كثيراً من المراهقين الذي يتوجهون إلى المدرسة من دون رخصة قيادة، ومنهم من يخرجون مع أصدقائهم من دون ضوابط مما يشكل خطراً عليهم، فثمة حاجة ملحة إلى ضبط الوضع وثمة ضرورة لنشر الوعي في المجتمع بهذا الشكل، وهي خطوة كفيلة بمعالجة مشكلة وواقع موجود أصلاً، على حد قوله.

 

الثقة الزائدة بالنفس عائق

وفي مقابل إيجابيات هذه الخطوة من النواحي القانونية والاجتماعية تعارض جهات أخرى فكرة قيادة مراهق السيارة كونه قد لا يتحلى بالوعي والنضج الكافيين لذلك، ففي مقابل من يدافع عن هذه الخطوة يعارضها كثر لأنها قد تشكل خطراً على المراهق غير المؤهل بعد للقيادة وغيره من المواطنين، وصحيح أنه في الولايات المتحدة وغيرها من الدول يعطى المراهق رخصة مشروطة موقتة، وكذلك في أوروبا، إلا أن هذا القانون وضع بسبب الحاجة إلى تطبيقه بوجود كثير من المراهقين الذين يعملون نصف دوام ويحتاجون إلى قيادة السيارة، فهو لم يوضع لأن المراهق يعتبر قادراً ومؤهلاً للقيادة في مثل هذه السن.
بحسب المعالجة النفسية جيزال نادر "فمن حيث المبدأ يعتبر المراهق مكتمل النمو وقد يكون قادراً على القيام بهذه الخطوة، لكن هناك عوامل أخرى يمكن أن تشكل عائقاً، فللإنسان عادة مراحل نمو عدة جسدية ونفسية وفكرية، ومن حيث النمو الجسدي يكون الإنسان قادراً على قيادة سيارة في سن 16 سنة لأن قامته تسمح له بذلك وهو قادر على معرفة القوانين والتحكم بعجلة القيادة، لكن من حيث النمو النفسي والمعرفي قد يكون هناك نقص في نواح معينة"، مضيفة أنه "في عمر 16 سنة يكون المراهق قادراً على التفكير بالاحتمالات وبعواقب الأمور التي يمكن أن يواجهها على الطريق، إنما في الوقت نفسه، ما يمكن أن يشكل عائقاً هو الثقة الزائدة بالنفس التي لدى المراهق، كما أنه قد يقلل من قيمة الأخطار لأن جزءاً معيناً من الدماغ في الجزء الأمامي منه لديه prefrontal cortex لا يكون قد اكتمل نموه بعد، وبالتالي لا يكون قادراً على تقدير عواقب الأمور بالشكل المطلوب في مثل هذه الظروف، والتمييز بشكل واضح بين الأمور".

وتابعت المعالجة النفسية أنه "نظرياً يعتبر المراهق قادراً على فهم القوانين والأخطار، لكن عند تطبيقها على الأرض قد يقوده اندفاعه الزائد وحب التجربة والثقة الزائدة بالنفس إلى المخاطرة، فيشكل ذلك خطراً عليه وعلى غيره من الناس".

وتشير نادر إلى أنه "بالنسبة إلى المراهق تبدو القيادة مصدراً للقوة والاستقلالية والسيطرة على الحياة وكأن الأمور باتت تحت سيطرته وقد أصبح راشداً ومسؤولاً، خصوصاً أنه في مرحلة يعاني ما يعرف باضطراب الهوية، وفق المحلل النفسي إيريك إيركسون، كما يجد في قيادة السيارة ما يعزز مكانته الاجتماعية بين أصدقائه ويعزز ثقته بنفسه ويحفزه على اتخاذ قرارات واعية والتحلي بالمسؤولية".
وترى نادر أن "للقيادة إيجابيات عدة ولا خلاف حول ذلك، لكنها لا تخلو أيضاً من السلبيات في هذه السن، فإن لم يكن المراهق ناضجاً بمعدلات كافية وله وضع نفسي مستقر فقد يستغل قدرته على القيادة للقيام بتحديات وليثبت نفسه ويقيم سباقاً ويسرع في القيادة فيعرض نفسه وغيره للخطر، كما أنه في حال الانفعال والغضب قد تكون ردود فعله في هذه السن غير ناضجة ومبالغ فيها، وأيضاً إذا كان يمر بمشكلات نفسية من الطفولة فيمكن أن يميل إلى السلوكيات المنحرفة في هذه السن، وقد يستخدم السيارة في ذلك، أما من الناحية التربوية فلينجح المراهق في القيادة فمن المهم أن يكون متحلياً بالنضج الكافي ويتحكم بانفعالاته، وله قدرة عالية على التركيز والانتباه، وقادراً على تحمل المسؤولية".
لكن نادر ترى أن "في لبنان مشكلة أساسية، فليس هناك التزام بقوانين السير والشروط التي تفرضها كما في الخارج حيث ثمة حدود معينة للسرعة وتقيد بوضع حزام الأمان، وتُحرر مخالفات للسرعة الزائدة الأمر غير الموجود في لبنان، ولذلك تعتبر قيادة المراهق في لبنان غير محبذة في ظل هذه الظروف، يضاف إلى ذلك أن الشعب اللبناني يميل بطباعه إلى الانفعال الزائد والعصبية، وكون معدلات التوتر مرتفعة في لبنان بسبب ظروف البلاد الصعبة، فليس محبذاً تطبيق قانون مماثل في البلاد طالما أنه ليست هناك حاجة ملحة إلى تطبيقه، وطالما أن الأهل موجودون لمرافقة أولادهم والوقوف إلى جانبهم ونقلهم إلى المدرسة وإلى أنشطتهم الأخرى، تجنباً لكل ما يمكن أن يتعرضوا له من أخطار في القيادة نظراً إلى مرورهم بمرحلة تغلب فيها التقلبات".

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات