Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مبادرات فردية لإسعاف المتضررين من كارثة فيضانات السودان

نشط عدد من الأطباء في تقديم الخدمات عبر العيادات المتنقلة نتيجة عدم توافر الرعاية الصحية

أحدثت الفيضانات خسائر كبيرة في المنازل وهربت مئات الأسر المتضررة إلى العراء في مناطق جنوب الخرطوم (اندبندنت عربية - حسن حامد)

ملخص

نشطت مبادرات مجتمعية عدة أخذت طابعاً فردياً، وعملت على مساعدة المنكوبين والمتضررين وتخفيف العبء عنهم، ولا سيما تأمين المواد الغذائية والأدوية ووسائل التدفئة والأغطية وبعض المساعدات الأخرى وإرسالها إلى المناطق المنكوبة.

خلفت كارثة الفيضانات في السودان جراحاً غائرة وخواطر كسيرة داخل منازل المنكوبين، وباتت مئات الأسر تتأمل أطلال البيوت المتهدمة، إذ جرفت المياه أمتعة السكان والأغراض كافة، وتركتهم بين ركام الطين والأنقاض يعيشون أوضاعاً إنسانية وصحية سيئة في العراء وتحت ظلال الأشجار.

ووسط هذه الظروف الصعبة فقد نشطت مبادرات مجتمعية عدة أخذت طابعاً فردياً، وعملت على مساعدة المنكوبين والمتضررين وتخفيف العبء عنهم، ولا سيما تأمين المواد الغذائية والأدوية ووسائل التدفئة والأغطية وبعض المساعدات الأخرى وإرسالها إلى المناطق المنكوبة، وتداولت منتديات السودانيين على مواقع التواصل الاجتماعي بكثير من الإعجاب والثناء صوراً ومقاطع فيديو للمتطوعين وهم يتنقلون بين المناطق المنكوبة لمساعدة المتضررين وتقديم الخدمات كافة.

تكايا الطعام

وفي مناطق الكلاكلة وجبل أولياء والشقيلاب يدير عدد من الشباب أكثر من 14 مطبخاً وتكية خيرية لتقديم وجبات غذائية وتوزيعها بالمجان لسد جوع المتضررين الذين باتوا في العراء بعدما دمرت الفيضانات منازلهم، ويقول المتطوع السوداني حافظ البشير إنه "على رغم ندرة السلع الغذائية ونفاد المدخرات المالية فإننا نهدف إلى أن تكون المبادرة حركة عمل مباشرة لخدمة المتضررين وتقديم المساعدة اللازمة، وسنعمل خلال الأيام المقبلة على توفير خيام وأغطية وتأمين الأدوية"، مضيفاً أن "المطابخ الخيرية في مناطق جنوب الخرطوم تغطي حاجة ما بين 5 آلاف و7 آلاف أسرة، من وجبات عدس وفول وبليلة عدسية، وتعتمد العائلات عليها بصورة كاملة في الحصول على الحد الأدنى من حاجتها اليومية إلى الطعام"، وعن مصادر تمويل التكايا أوضح البشير أن "الخيرين والمغتربين يتنافسون على تقديم الدعم المالي لها من أجل إغاثة المتضررين من الكارثة الإنسانية".

 

دوريات ومصدات

وفي ظل تدفق مياه الفيضانات ودخولها المنازل في منطقة ود رملي شمال مدينة بحري، انتظم عشرات المتطوعين في دوريات ليلية لمراقبة حركة المياه وتشييد المصدات الترابية لمنع وصول مزيد منها وغمر مياه النيل المنازل والمزارع.

وأشار عضو لجنة طوارئ شمال الخرطوم فيصل التوم إلى أن "المتطوعين تصدوا لتدفق المياه المستمر منذ خمسة أيام وأغلقوه بالشوالات وجذوع الأشجار، فضلاً عن تشكيل لجان ودوريات ليلية تضم 20 شخصاً وتعمل بالتناوب".

ولفت التوم إلى أن "عزيمة سكان مناطق شمال بحري أسهمت في مجابهة تدفق النهر الذي يحاول ابتلاع أرضهم كل عام لتصبح المقاومة تراثاً تتناقله الأجيال، من خلال خبرتهم المتوارثة وبخاصة استخدام السواتر الترابية المعروفة محلياً بالترس للحيلولة دون دخول المياه إلى المنازل والمزارع".

مراكب لتأمين الخروج

وعلى رغم الأخطار فقد نشط سائقو القوارب الذين يُعرفون باسم "المراكبية" في اللهجة المحلية السودانية، لإنقاذ سكان منطقة الرايات بمحلية سنجة في ولاية سنار، مستخدمين قوارب متهالكة كانت تستخدم عادة لصيد الأسماك.

وأوضح المراكبي محمد أمين أن "تلك المبادرة تهدف إلى مساعدة المتضررين للخروج من مناطق الخطر عبر توفير المراكب والقوارب وتأمين عمليات النقل مجاناً"، متابعاً "أنشأ المتطوعون ممرات من المواد المحلية عبارة عن حطب وحبال وحديد لعبور المشاة والنجاة من فيضان المياه"، مردفاً أن "الأولوية كانت للعمل على خروج المواطنين من المناطق المنكوبة، وبالتالي جاءت فكرة إنشاء الممرات وتوفير المراكب النيلية بصورة عاجلة لعبور النساء والمرضى والأطفال".

وأعلن أمين أن "هذه المبادرة جاءت تأكيداً على قيم التضامن والتعاون، لأن تحديات هذه المرحلة تحتاج إلى تضافر الجهود والإرادة الإنسانية لمساندة ودعم سكان المتضررين، خصوصاً في ظل ظروف الفيضانات وتداعياتها الصحية والبيئية".

 

جهود شعبية

وعلى الصعيد نفسه امتدح الناشط المجتمعي بهاء الدين فضل الجهد الأهلي الشعبي الذي أسهم بالتصدي لتداعيات هذه المحنة الكارثية، مشيراً إلى "شروع اللجنة الأهلية في ولاية النيل الأزرق بجمع تبرعات لمساعدة المتضررين من خلال تسليم كل أسرة ثلاث سلال غذائية تكفي العائلة المتوسطة لنحو أسبوعين تقريباً"، مؤكداً أن "اللجنة الأهلية شرعت في توفير الخيم والناموسيات للأسر التي فقدت منازلها ولا تزال في العراء، وأسهمت هذه المبادرة في إيواء نحو 50 أسرة".

واستبعد الناشط المجتمعي أن "يتمكن المتطوعون من تغطية حاجات العدد الكبير من المتضررين على رغم الدافع القوي والروح العالية التي يعملون بها، لكن يمكن أن تحدث فارقاً مهماً بالنسبة إلى الآلاف الذين هم بأمس الحاجة إلى المساعدة أياً كانت طبيعتها".

عيادات متنقلة

وفي مناطق جنوب الخرطوم اجتاحت الفيضانات أحياء عدة وأحدثت خسائر كبيرة في المنازل، فهربت مئات الأسر المتضررة إلى العراء، ونتيجة عدم توافر الرعاية الصحية فقد نشط عدد من الأطباء في تقديم الخدمات عبر العيادات المتنقلة، ويساعدهم في ذلك بعض من الممرضين المتطوعين.

ويفحص الأطباء يومياً 20 شخصاً، فضلاً عن تقديم خدمات العلاج مجاناً، إضافة إلى متابعة أوضاع النساء الحوامل وحالات حمى الضنك والإسهالات الحادة بصورة دورية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويقول عضو المبادرة الطبيب السوداني زاهر الأمين إنهم لم يستسلموا لواقع كارثة الفيضانات، وقد قرر الأعضاء المغامرة والعمل في "هذه الظروف الصعبة لخدمة المتضررين، وبخاصة بعد تفشي أمراض الكوليرا وسوء التغذية وكذلك الملاريا وحمى الضنك، في ظل انهيار القطاع الصحي ونفاد الأدوية، إضافة إلى الأوضاع المعقدة التي يعانيها سكان تلك المناطق"، مضيفاً أن "الظروف الصعبة لا تمنعنا من تقديم الواجب الإنساني ومساعدة المرضى وذويهم، لأن حجم الكارثة كبير للغاية ويتطلب تضافر الجهود، ولا سيما بعد تفشي الأوبئة الفتاكة".

معاناة كل عام

ومطلع الأسبوع الجاري حذرت وزارة الزراعة والري من أخطار فيضانات مرتقبة على امتداد الشريط النيلي في ولايات النيل الأزرق وسنار والخرطوم ونهر النيل، مطالبة المواطنين باتخاذ التدابير الوقائية اللازمة، وعلى مدى الأعوام الخمسة الماضية ظلت كوارث السيول والأمطار والفيضانات تتكرر في السودان بصورة شبه سنوية نتيجة تدهور البنية التحتية.

ويعاني السودان في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) من كل عام فيضانات تودي بحياة العشرات وتلحق أضراراً بالمنازل والحقول الزراعية، نظراً إلى ضعف البنية التحتية التي تعرضت لتدمير واسع جراء النزاع القائم.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير