Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عن العلاقة بين اليمن والكويت وتبعات الغزو العراقي (2ـ2)

حاولت صنعاء فصل علاقة صالح المتحالف مع صدام عن موقفها من الاجتياح

بعد الغزو العراقي للكويت في الثاني من أغسطس 1990، تبنّى اليمن موقفاً مؤيداً للعراق (اندبندنت عربية)

ملخص

وصلت بعثة صحافية كويتية إلى صنعاء في 10 يونيو، وأجرت مقابلة مع الرئيس علي عبدالله صالح في اليوم التالي، كما التقت بوزيري الخارجية والإعلام. وحتى الآن لم يتلق القائم بالأعمال الكويتي أي ردود من الصحافيين، وأعرب عن قلقه من احتمال نشر المقابلات في الكويت قبل أن تتاح له فرصة الاطلاع عليها.

بعد المقابلة الصحافية التي أجراها وزير الخارجية اليمني، محمد سالم باسندوة، مع صحيفة "عرب تايم" الناطقة بالإنجليزية في 3 يونيو (حزيران) أكد باسندوة أن اليمن يسعى إلى إصلاح علاقاته مع الكويت ودول مجلس التعاون الخليجي، وأنه مستعد للمصالحة، وشدد على أن موقف اليمن خلال حرب الخليج "أُسيء فهمه"، نافياً أن تكون بلاده قد دعمت العراق أو وقفت ضد الكويت. وترحيب الشيخ صباح الأحمد، الذي كان يشغل حينها منصب وزير الخارجية الكويتي واعتباره باسندوة صديقاً قديماً، ما مهد الطريق للقاء مرتقب بين وزير الخارجية اليمني ونظيره الكويتي في جنيف، ليكون أول اتصال رسمي بعد أزمة الغزو العراقي للكويت.

انفراجة مرتقبة

تتناول البرقية الدبلوماسية البريطانية الصادرة من صنعاء بتاريخ 13 يونيو 1993 أول اتصال رسمي مرتقب بين اليمن والكويت بعد غزو العراق، إذ يلتقي وزير الخارجية اليمني محمد سالم باسندوة نظيره الكويتي في جنيف. كذلك توضح أن زيارة وفد صحافي كويتي إلى صنعاء تهدف إلى تعزيز العلاقات، مع تأكيد وزارة الإعلام اليمنية أن المقابلات ستسهم في إعادة بناء العلاقات الثنائية.

 

ذكرت صحيفة "يمن تايمز" الناطقة بالإنجليزية في عددها الصادر بتاريخ 13 يونيو، في مقال بالصفحة الأولى، نقلاً عن وزير الخارجية اليمني، أنه سيلتقي نظيره الكويتي الشيخ صباح الأحمد في 14 يونيو في جنيف، في ما يُتوقع أن يكون أول اتصال رسمي بين البلدين منذ الغزو العراقي للكويت.

تؤكد الخارجية أن الوزير غادر اليمن إلى جنيف في 11 يونيو لحضور مؤتمر حقوق الإنسان هناك. وأكد القائم بالأعمال الكويتي أنه أُبلغ مسبقاً باللقاء وأخطر وزارته، لكنه لم يتلق أي تعليق.

وفي إطار سياسة الانفتاح ذاتها، وصلت بعثة صحافية كويتية إلى صنعاء في 10 يونيو، وأجرت مقابلة مع الرئيس علي عبدالله صالح في اليوم التالي، كما التقت بوزيري الخارجية والإعلام. وحتى الآن لم يتلق القائم بالأعمال الكويتي أي ردود من الصحافيين، وأعرب عن قلقه من احتمال نشر المقابلات في الكويت قبل أن تتاح له فرصة الاطلاع عليها.

وأكد مدير العلاقات العامة في وزارة الإعلام أن المقابلات جرت بالفعل، وأن المقال النهائي سيساعد في إعادة بناء العلاقات اليمنية- الكويتية.

 

تقارب بطيء على رغم فلسفة الشيخ صباح

في 15 يونيو 1993، أبلغت السفارة البريطانية في صنعاء وزارة الخارجية البريطانية بمستجدات العلاقة بين الكويت واليمن، وتشير البرقية الدبلوماسية إلى أن استئناف العلاقات الكاملة مع اليمن سيكون عملية بطيئة بسبب مواقف اليمن أثناء احتلال العراق للكويت، ولا سيما دور سفيرها في الأمم المتحدة. كذلك توضح أن الإعلام الكويتي والرأي العام بحاجة إلى التحضير لتقبل أي تقارب، مع إشارات إلى تأثير لقاءات الصحافيين اليمنيين والكويتيين في هذه العملية.

ذكرت البرقية أنه من غير المرجح حدوث استئناف سريع للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين، على رغم أن هذا قد يتوافق مع فلسفة الشيخ صباح الشخصية، وقد أفاد مدير مكتب وكيل وزارة الخارجية بأن دور اليمن خلال الاحتلال والتحرير، وبخاصة دور سفيرها في الأمم المتحدة، لا يزال حاضراً في الأذهان الكويتية. وبناءً عليه، سيكون من الضروري تهيئة الرأي العام الكويتي لاستئناف العلاقات الكاملة، ما يجعل عملية التقارب بطيئة ومتدرجة.

كذلك أشارت البرقية إلى أن رئيس تحرير صحيفة "السياسة"، الذي زار اليمن أخيراً ولديه مصالح تجارية هناك، قد يكون وراء إجراء مقابلة مع باسندوة، الأمر الذي يُفسر نشر تصريحات الوزير في الصحافة الكويتية.

وأضافت البرقية أن تغطية الصحافة الكويتية في 15 يونيو، أكدت ضرورة إعداد الأرضية لأي تغييرات سياسية محتملة، مشيرةً إلى أن رئيس مجلس الأمة انتقد بشدة موقف اليمن من الكويت، ما يعكس حساسية الموضوع على المستويين الرسمي والشعبي.

محادثات

في 30 يونيو 1993، التقى السيد منصور العوضي، القائم بالأعمال الكويتي، بمسؤولين لمناقشة العلاقات اليمنية- الكويتية وعلاقات اليمن بالعراق. أوضح العوضي خلفية إلغاء الاجتماع المخطط بين وزير الخارجية اليمني محمد سالم باسندوة ووزير الخارجية الكويتي، مشيراً إلى أن الكويت أبدت احتراماً شخصياً لباسندوة، الذي تولى لاحقاً رئاسة الحكومة اليمنية عام 2011 حتى انقلاب الحوثيين عام 2014، نظراً لموقفه العلني المؤيد للكويت خلال أزمة الخليج.

وأضاف العوضي أن مكالمات هاتفية جرت بين الجانبين، واتُّفق على عقد الاجتماع في فيينا، لكن إعلان الخبر أثار جدلاً واسعاً في الكويت، خصوصاً في البرلمان، ما دفع السلطات الكويتية إلى تأجيل الاجتماع مراراً حتى لم يُعقد في نهاية المطاف. وعندما التقى العوضي بباسندوة بعد عودته من اليمن، لاحظ أنه كان مستاءً من طريقة التعامل معه.

وأكد العوضي أن الكويت لن تتعجل استعادة العلاقات مع اليمن، موضحاً أن اليمنيين مهتمون بالمساعدات المالية فقط، وسيضعون شروطهم قبل استئناف العلاقات. وتوقع عدم تعيين سفير يمني في الكويت خلال العام نفسه، مشيراً إلى أنه في حال استئناف المساعدات، فستكون على شكل قروض بدلاً من منح كما كان معمولاً به في السابق.

 

وفي ما يتعلق بعلاقات اليمن مع العراق، أشار العوضي إلى بعض الإشارات الإيجابية التي اتخذتها صنعاء، من بينها إلغاء الاتفاق بين شركة PEC والعراقيين بشأن إعادة تأهيل محطة ميصوة للطاقة، ورفض اليمن دفع مستحقات العراق عن النفط المستورد من ناقلات عدن، إضافة إلى قبول موظف ثانٍ في السفارة العراقية بصنعاء كلاجئ سياسي.

وعلى رغم هذه الخطوات، أوضح العوضي أن اليمنيين ما زالوا يسعون إلى الحفاظ على علاقات جيدة مع كل من الكويت والعراق، وهو أمر غير مقبول بالنسبة للكويت. كذلك انتقد سماح اليمن للعراقيين بإحضار مجموعة من الأطفال المصابين بالحرب لتلقي العلاج في مستشفى الثورة بتاريخ 24 يونيو، واعتبره تصرفاً غير حكيم في ظل الظروف السياسية السائدة آنذاك.

في المقابل، أعرب العوضي عن ارتياحه لتصريح وزارة الخارجية اليمنية بشأن الهجوم الأميركي على مقر المخابرات العراقية، معتبراً أن هذا الموقف يعكس توجهاً مناسباً من قبل اليمن تجاه الأحداث الإقليمية.

عرض الموقف

في 30 يونيو 1993، أرسل مكتب شؤون الكويت في وزارة الخارجية البريطانية مذكرة أولوية إلى الوزارة، تتناول موقف الكويت من تحسين العلاقات مع الدول العربية التي دعمت العراق خلال غزو الكويت. أوضح وزير الخارجية الكويتي، الشيخ صباح الأحمد، في بيان أعقب اجتماع لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الأمة بتاريخ 28 يونيو، أسفه لتغطية الصحافة لزيارة وزير الخارجية التونسي في الأسبوع السابق، مؤكداً في الوقت نفسه تقديره لفهم الحبيب بن يحيى للوضع، لكنه شدد على أن أي تحسن في العلاقات مرتبط بشروط محددة.

وفي رده على طلب مناقشة سياسة الكويت تجاه الدول العربية التي دعمت الغزو العراقي للكويت، أكد الشيخ صباح أمام مجلس الأمة في جلسته الأسبوعية بتاريخ 29 يونيو أنه في الظروف الحالية لا يمكن التفكير في المصالحة مع الأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية. أما علاقات الكويت مع الدول الأخرى فهي قيد المراجعة، وسيكون أي تحسن مرتبطاً بإدانة العدوان العراقي والدعوة إلى التزام العراق بقرارات مجلس الأمن، ولا سيما تلك المتعلقة بأسرى الحرب الكويتيين وترسيم الحدود. ولم يجر أي نقاش داخل المجلس حول هذا الموضوع، وأُحيلت القضية إلى اللجنة المشتركة للشؤون الخارجية والداخلية والأمنية.

 

بعد الجلسة، صرح الشيخ صباح لصحيفة "الأنباء" الموالية للحكومة بأنه لا يوجد أي صدام بين الحكومة والمجلس بشأن هذه المسألة، وأن الأحداث الأخيرة تعكس حيوية الديمقراطية في الكويت.

وأشارت المذكرة إلى أن ردود الفعل السلبية، إلى حد كبير، على زيارة الوزير التونسي، إلى جانب استجابة الشيخ صباح للنهج اليمني، قد أعطت الوزير وقتاً للتفكير. ويبدو أن هناك اتفاقاً ضمنياً على أن أي تقدم في هذا المجال سيكون مرتبطاً بموافقة المجلس، ومن الحكمة أن يبقي الشيخ صباح لجنة الشؤون الخارجية مطّلعة مسبقاً على أي قضايا خارجية مثيرة للجدل.

ماذا قالت الصحافة؟

تغطية الصحافة الكويتية للأوضاع اليمنية في أكتوبر (تشرين الأول) 1993 تركزت على الوقائع والتحليل السياسي من دون تحيز، مع الإشارة إلى أن أي تحسُّن في العلاقات مع اليمن يحتاج إلى تعامل حكومي دقيق وموازنة للرأي العام.

في 31 أكتوبر 1993، أرسل مكتب شؤون الكويت في وزارة الخارجية البريطانية مذكرة أولوية إلى صنعاء، تتناول تغطية الصحافة الكويتية للوضع الراهن في اليمن. وأشار المكتب إلى أن الوضع في اليمن كان يجذب تغطية إعلامية منتظمة، إلا أن هذه التغطية كانت إلى حد كبير وقائعية، وغالباً مقتبسة من وكالات الأنباء، ولم تُظهر أي دعم مباشر لفكرة انفصال الجنوب.

فعلى سبيل المثال، ذكرت صحيفة "القبس" حادثة قتل أحد أقارب علي سالم البيض، مع التركيز على التحليل السياسي من دون اتخاذ موقف محدد من الحقوق أو الأخطاء المتعلقة بالحادث. وإذا ظهرت مقالات تتناول موضوع الانفصال، فإن مصدرها وتأثيرها يعتمدان إلى حد كبير على الصحيفة التي نشرتها.

كما نشرت صحيفة "السياسة" مقابلة على صفحتها الأولى مع الرئيس السابق لجنوب اليمن، علي ناصر، بعنوان: "آمل ألا يقسم رئيس تحرير الصحيفة اليمن". ومن المعروف أن للرئيس السابق مصالح تجارية في اليمن، ومن المرجح أن نشر هذه المقابلة يخدم أغراضه الشخصية. وذكرت المذكرة أن حرية الصحافة في الكويت تسمح بمثل هذا النشر، لكن لا يمكن اعتباره مؤشراً على سياسة رسمية للحكومة الكويتية.

كذلك أكدت المذكرة أن أي تحسُّن في العلاقات مع الدول المعارضة سيحتاج إلى تعامل حذر. ومع ذلك، تحدثت الحكومة ورئيس البرلمان أخيراً عن مراجعة العلاقات مع هذه الدول، ويبدو أن هناك شعوراً في الأوساط الحكومية بأن بعض الدول، مثل اليمن وتونس، يجب أن تُعامل بشكل أكثر إيجابية مقارنة بأخرى.

 

رد كويتي على فكرة الانفصال

في 10 نوفمبر (تشرين الثاني) 1993، أرسل مكتب شؤون الكويت في وزارة الخارجية البريطانية مذكرة ذات أولوية إلى صنعاء، تتعلق بردود فعل السلطات الكويتية على مقال صحافي نُشر في صحيفة "الوطن" بتاريخ 15 أكتوبر 1993، كان يؤيد انفصال جنوب اليمن، ولم يكن الجانب الكويتي الرسمي على علم به مسبقاً.

كتب المقال فؤاد هاشم، وتميز بنبرة حادة وانتقادية، ودعا الكويتيين إلى الترحيب باحتمال انقسام اليمن، معتبراً أن ذلك سيكون مفيداً للكويت والخليج والعالم العربي. وأشار إلى أن الشمال وقف ضد الكويت أثناء الغزو العراقي، بينما دعم الجنوب الكويت، واقترح أن تكون الكويت مستعدة لتقديم الدعم المالي للجنوب إذا لزم الأمر، لمساعدته على التحرر مما وصفه بـ"المرض" الآتي من الشمال واستعادة كرامته.

رد الشيخ صباح الأحمد، وزير الخارجية ونائب رئيس الوزراء، مؤكداً أن هذا المقال لا يعكس الموقف الرسمي للكويت الذي يحترم سيادة اليمن وأمنه واستقراره، موضحاً أن الآراء الواردة فيه تعبّر عن وجهة نظر الكاتب وحده. كما أكد الشيخ صباح تقدير الكويت الأخوي لليمن، ورغبتها في أن ينعم بالاستقرار والتقدم، ورفض أي تدخل في شؤونه الداخلية.

وعلى رغم أن تصريح الشيخ صباح لم يُنشَر على نطاق واسع، فإنه يعكس رغبته الشخصية في تعزيز العلاقات الثنائية وتحقيق تفاهم أفضل بين الكويت واليمن.

الوثيقة تشير إلى أول لقاء مرتقب بين وزيري خارجية اليمن والكويت في جنيف بعد الغزو العراقي، وتوضح أن زيارة وفد صحافي كويتي إلى صنعاء هدفت إلى تعزيز العلاقات الثنائية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير