Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رحلة الأسر والحرية… لبنانيون يكشفون ما جرى خلف قضبان إسرائيل

تل أبيب تتكتم في ملفات هؤلاء سواء كانوا مدنيين أو من مسلحي "حزب الله"

ملخص

لم تعلن إسرائيل كذلك عن أرقام محددة لعدد الأسرى لديها أو أماكن احتجازهم والظروف التي تحوطها، إذ تمنع اللجنة الدولية للصليب الأحمر مقابلتهم أو الاطلاع على ملفاتهم، وما يزيد الأمور تعقيداً أن عدداً من مسلحي "حزب الله" فقدوا في خلال المعارك المباشرة في قرى الحافة الأمامية ولم تعرف مصائرهم حتى اليوم.

ما زالت إسرائيل وبعد أكثر من عام على إعلانها حرباً مباشرة، برية وجوية وبحرية وسيبرانية على لبنان في الـ23 من سبتمبر (أيلول) العام الماضي، تتكتم في ملف الأسرى اللبنانيين، من مسلحي "حزب الله" أو من مدنيين أسرتهم خارج القوانين الدولية في أماكن متفرقة من جنوب لبنان، في المناطق الحدودية الطرفية أو في الخطوط الخلفية في أثناء تقدمها البري خلال المعارك، أو في فترة الانسحاب التي أعلنتها إسرائيل بالتوافق مع الأميركيين مدة 60 يوماً انتهت، كما يفترض، في الـ18 من فبراير (شباط) الماضي، في هذه الفترة وقبلها أسرت إسرائيل لبنانيين اتهمتهم إما بالانتساب إلى صفوف مسلحي "حزب الله" أو من مناصريه أو بشبهة العمل لمصلحته.

ولم تعلن تل أبيب كذلك عن أرقام محددة لعدد الأسرى لديها أو أماكن احتجازهم والظروف التي تحوطها، كما تمنع اللجنة الدولية للصليب الأحمر مقابلتهم أو الاطلاع على ملفاتهم، وما يزيد الأمور تعقيداً أن عدداً من مسلحي "حزب الله" فقدوا في خلال المعارك المباشرة في قرى الحافة الأمامية ولم تعرف مصائرهم حتى اليوم، إذ تشير التقديرات المحلية والأمنية إلى إمكان أسر إسرائيل عدداً منهم، أو أنهم سقطوا في خلال المواجهات وتحللت جثثهم خلال أكثر من 66 يوماً من المعارك المباشرة، أو تناثرت جثثهم أشلاء بفعل القذائف الفتاكة والتدميرية.

أخبار مشوشة

تكشف تقارير إعلامية عن أرقام متفاوتة لعدد الأسرى من لبنانيين مدنيين أو من مسلحي "حزب الله"، وتحدثت معلومات عن خمسة أسرى من مقاتلي الحزب، وعن عدد إجمالي للأسرى اللبنانيين يقدر بـ11 أسيراً، لكن حتى هذا الرقم لم تؤكده الدوائر الأمنية الإسرائيلية الرسمية، مما يجعل الرقم الحقيقي غامضاً حتى الآن، فيما كشفت تقارير حقوقية لبنانية عن وجود 16 أسيراً لبنانياً لدى إسرائيل، منهم ستة من مقاتلي "حزب الله" أو العاملين في جهاز الاتصالات فيه.

وخلال يناير (كانون الثاني) الماضي، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر مقرب من الحزب قوله إن إسرائيل أسرت سبعة من مقاتليه خلال الحرب الأخيرة التي دارت بين الطرفين، وأن المقاتلين السبعة اعتقلتهم إسرائيل خلال المواجهات بين الحزب وإسرائيل في أكتوبر(تشرين الأول) عام 2023 واستمرت إلى حين سريان وقف إطلاق النار في الـ27 من نوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي. وقال مسؤول عسكري إسرائيلي في نوفمبر الماضي إن "قوات كوماندوس بحرية إسرائيلية اعتقلت عنصراً رفيعاً في ’حزب الله‘، في مدينة البترون الساحلية بشمال لبنان" ويدعى عماد أمهز، وبثت إذاعة "كان" العبرية تقريراً عن قسم سري في سجن "أيالون" الإسرائيلي بالرملة، يحتجز فيه أسرى من نخبة "كتائب القسام" و"قوة الرضوان" التابعة لـ"حزب الله".

روايات من الأسر والتعذيب

وإلى أن يتضح هذا الملف الإنساني والشائك، في الأقل لدى السلطات اللبنانية، نذهب إلى أسرار وظروف وتفاصيل اعتقال عدد من الأسرى المدنيين وما تعرضوا له من تحقيقات وتعذيب جسدي ونفسي من قبل الجنود الإسرائيليين وضباط التحقيق... وهي روايات ينقلها لـ "اندبندنت عربية" حصراً لبنانيون أسرتهم إسرائيل وأطلقت سراحهم لاحقاً.

حسين قطيش ابن بلدة حولا (جنوب) يروي ظروف اعتقاله مع عدد من أبناء بلدته، في الـ16 من فبراير الماضي، ويقول "وعدنا بالدخول إلى بلدتنا بتاريخ الـ27 من نوفمبر العام الماضي، دخلنا وجلنا في طرقات البلدة وبقينا هنا نحو ثلاثة أيام أو أربعة، بعدها أعلمنا أن هناك فترة 60 يوماً نمنع فيها من دخول البلدة، فعادرنا حتى الـ26 من يناير الماضي، وبعدها تداعينا كأبناء بلدة كي ندخل مجدداً، جئنا من ناحية شقرا وتخطينا حواجز للجيش اللبناني بعد محاولة منعنا من الدخول وإصرارنا نحن على أن نصل إلى القرية، وصلنا إلى مقربة من الساحة فواجهنا الإسرائيليون بالرصاص وسقط ثلاثة قتلى مدنيين وأكثر من 20 مصاباً، على رغم مما حصل، شيعنا قتلانا وأخذنا قراراً بالبقاء في البلدة، وبقينا حيث وصلنا من الـ26 من يناير حتى الـ14 من فبراير".

في هذا اليوم شعر الداخلون إلى حولا أن "هناك حركة غريبة لدى الإسرائيليين، وهي أن المراكز التي كانوا موجودين فيها، في محلة الدير أو المرج، فجروها وأحرقوا البيوت المجاورة واختفت تحركاتهم، رحنا نراقب في ذلك النهار، وفي اليوم التالي في الـ15 من فبراير وحتى الـ16 منه، تحمسنا وقررنا التجربة بالدخول إلى أحياء أخرى في حولا، طلبنا من الجيش اللبناني إفادتنا بما يعرفه عما إذا كان الإسرائيليون قد انسحبوا أم لا، فرد الجيش بأنه لم يرصد أي تحرك لقوات العدو خلال يومين، كنت في الطليعة وصعدنا إلى ظهر الساتر الذي كانوا خلفه ولم نجد أحداً، فأكملنا طريقنا باتجاه الضيعة، دخلنا إليها، وكان يوم اعتقالنا".

"أطلق الجنود نحوي فأصبت"

يضيف قطيش أن "أكثر من 450 شخصاً من أبناء البلدة والجيران دخلنا باتجاه الضيعة وجلنا في الأحياء والحارات وتفقدنا البيوت والأماكن، توزع الناس في أكثر من حارة، لكن في طريق عودة فريقنا كان الجنود الإسرائيليون قد تقدموا إلى الضيعة ووصلوا إلى الساحة، ففوجئنا بهم هناك، إذ قاموا على الفور باعتقال من وصلوا أولاً، وكبلوا أيديهم وطرحوهم أرضاً، كانوا ثمانية ومن بينهم أخي، حاولنا وكنا أربعة التقدم نحوهم، فوجهوا السلاح نحونا وأطلقوا الرصاص، أصيب ابن شقيقتي لكنه استطاع الفرار، أما أنا فالإصابة كانت تحت ركبتي ولم أعد أستطيع الوقوف، فاعتقلوني وأنا مصاب"، ويتابع قطيش "بعد إصابتي طلب مني أحد الجنود التقدم وكان يتحدث العربية، فأجبت بأنني لا أستطيع الوقوف، تقدم هو نحوي، وربط رجلي برباط ضاغط كي يوقف النزف وطلب مني المغادرة خلال خمس دقائق، فقلت لا أستطيع أن أمشي، طلب من شخصين آخرين أن يحملاني فلم يقدرا، إذ إن الطريق والساحة كانتا مطمورتين بردم البيوت المدمرة، حاولت لكن الجرح نزف بغزارة. نادى أحد الشباب ممن حاولوا نقلي على الجندي وأبلغه بعدم إمكان نقلي، إذ إن مسافة الطريق كي نصل إلى سيارة إسعاف تتجاوز ثلاثة كيلومترات من الردم، فطلب الجندي من زميلي الاستعانة بمدنيين، نادى على شابين من فريق إسعاف كشافة الرسالة الإسلامية، من بينهم عماد قاسم، وحاول من حولي حملي لكن وصلت في هذه الأثناء دورية إسرائيلية ثانية، وعلى الفور جرى نقلي إلى إحدى سياراتهم، واعتقلوا أربعة أشخاص كانوا حولي، بينهم مسعفان ونقلونا إلى موقع العباد (الحدود اللبنانية - الإسرائيلية)".

أسير من جبشيت

في ذلك النهار جرى اعتقال خمسة من ساحة حولا، في وقت حصل إطلاق نار باتجاه المدنيين وسقطت فتاة عمرها 14 عاماً تدعى خديجة حسين عطوي بعد إصابتها برصاصة في رأسها، وتمكن عدد من العالقين في البيوت القريبة من الساحة من الخروج تسللاً خلال ساعات طويلة.

ويوضح قطيش أنه "بعد وصولنا إلى موقع العباد أخذوا الشباب إلى ناحية، وأنا وضعوني في سيارة إسعاف ونقلوني إلى مستشفى زيف في مدينة صفد، أجروا لي هناك إسعافات أولية لوقف النزف وأبلغني الطبيب بأن رجلي تحتاج إلى جراحة، هل تريد أن نقوم بها هنا أم في لبنان؟ فقلت إذا عاد الخيار لي أريد أن أجريها في لبنان فرد ضابط كان هناك: على حساب من ستجريها في لبنان: ’حزب الله‘؟ وبعد نقاش بين الضابط والطبيب أمر الطبيب بإجراء العملية هناك"، ويلفت إلى أن الإصابة كانت بقصبة الرجل، جراء رصاصة مباشرة دخلت وخرجت وكسرت العظم "قبل الدخول إلى العملية أتى المحقق، وبقي معي نحو نصف الساعة، وأنا في ألم شديد، كنت أجيب بصعوبة، ثم أجريت العملية وتم تركيب جهاز من ظهري حتى قدمي، وأوصى الطبيب أن يبقى هذا الجهاز مدة سبعة أيام متواصلة، إلى أن يفك ويركب مكانه جهاز آخر، ثم جلس المحقق معي مرتين وثلاثاً مع ممارسة ضغط نفسي وجسدي".

الضغط النفسي تمثل بحسب قطيش "بأنني يوم دخلت الضيعة كان معي ابني وزوجته وأولاد ثلاثة، هم بحارة وأنا بحارة أخرى، وقبل أن أصاب بدقيقتين كان ابني يتصل بي ويبلغني بأن الرصاص فوق رؤوسهم، أبلغني المحقق بأن ابني معتقل لديهم، ربما سمعني وأنا تحت البنج أردد اسمه، وقال إن ابني وزوجته وأولاده هنا، وصار يردد أمامي أسماءهم، وقال تكلم واعترف كي يعودوا إلى بيتهم، ورددت أمامه أكثر من مرة تريدني أن أعترف بشيء لم أفعله؟ أو لا أعرفه؟ وصار يسألني عن علاقتي بـ’حزب الله‘، ونفيت أي علاقة لي بالحزب، فأنا موظف أخرج إلى عملي من السابعة صباحاً ولا أعود قبل الخامسة مساء".

"لماذا أتيتم إلى حولا؟"

"كان التركيز في التحقيق تحت سؤال: لماذا دخلتم إلى حولا، من أرسلكم أو طلب إليكم الدخول إليها؟ و90 في المئة من الاستجواب تركز على دخولنا إلى القرية، وسألني عن بيتي بواسطة خريطة جوية، وقال من المستحيل أن تصل إلى بيتك، فلماذا دخلت حولا؟ من دفعك وعلام كنت تبحث؟" يروي قطيش ويقول "أنا رأيت الجندي حينما وجه البندقية نحوي، حاولت أن أتحدث إليه، كنت أتوقع الرصاصة أن تصيبني بمقتل وليس برجلي، ثوان مرت ظننتها وقتاً طويلاً، ثوان قليلة بين توجيه بندقيته نحوي وإطلاق الرصاصة، لن أقول عن نفسي كنت قوياً لكن بلحظتها تبدد كل خوف، حتى عندما بدأ يقترب الجندي مني ليطلب أن أرحل، قلت له: إما أن تتركوني أنزف حتى الموت أو تنقلوني بسيارتكم إلى مكان قريب من حاجز الجيش اللبناني، فكان القرار أن أسرت".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحول مغامرة العودة يتابع قطيش "كانت حولا تستحق منا المغامرة، لأن ثمة إيماناً ولد لدينا بأن أرضنا لن يستعيدها أحد غيرنا، وإذا لم يكن عندنا إصرار على العودة فهذه الأرض لن تعود، وإلا سنبقى نازحين إلى أمد طويل، فلا دولة ولا أمن ولا مجلس أمن أو أن مجتمعاً دولياً سيضغط لإرجاعنا".

جراحة ثم تحقيق جديد 

أجريت جراحة لقطيش في مستشفى "صفد"، "كان ذلك بعد أسبوع من اعتقالي، وبعد العملية مباشرة نقلت إلى سجن الرملة في اللد. بعد العملية سألني المحقق: هل ستبقى عند رأيك ولا تعترف بعلاقاتك مع ’حزب الله‘؟ أين هي مخازن سلاح الحزب؟ ثم قال يبدو أن إقامتك طويلة عندنا. طوال فترة وجودي في المستشفى كنت معصوب العينين والقيود في يدي وقدمي، لكن شعرت بحركة غير طبيعية حولي، فظننت أنهم سيعيدونني إلى لبنان، وضعوني في سيارة وسارت بنا مدة ساعات، ظننت أننا سنصل إلى الناقورة (جنوب). رحلة استغرقت من السابعة صباحاً وحتى الخامسة مساء أنزلوني من السيارة وأمروا السجان بنقلي إلى الزنزانة رقم اثنين، فكت عيناي وإذا بي في زنزانة فيها ثمانية أسرى، واحد لبناني والبقية فلسطينيون، وقال لي مبروك أنت في سجن الرملة، فقلت في نفسي يبدو أن قصتي ستطول".

أسير من جبشيت

في الزنزانة الجديدة التقى قطيش شاباً أسيراً من جبشيت قرب النبطية (جنوب) "يدعى علي ترحيني يبلغ 18 سنة، اعتقل في الـ26 من يناير وهو وحيد والديه، اعتقل قرب بلدة عديسة (جنوب) وكان مصاباً وبحال من اليأس. من حظي وحظه أن الأسرى الفلسطينيين في زنزانتنا لديهم خبرة في الإسعاف الأولي، وكان يعتقد أن الإصابة أدت به إلى شلل نصفي. كانت جراحه قد التهبت وتحتاج إلى عناية خاصة، وهذا ما لم يفعله الممرضون في السجن، فعالجه الفلسطينيون وساعدوه وتركته بين أيديهم".

ويختم قطيش "أخيراً أتت امرأة، نادت على اسمي، صورتني، وفي اليوم التالي طلبوا مني الخروج وألا ألتفت يميناً أو يساراً، ورحت أسأل إلى أين؟ ظننت إلى سجن آخر، واحد منهم يتحدث العربية قال لي: إلى لبنان، حتى إن عملية الإفراج هي جزء من المعاناة، استمرت عملية التسليم 12 ساعة، وأنا في زنزانة ضيقة داخل سيارة ومصاب، لقد تم الإفراج عني بعد 28 يوماً".

مسعف في الأسر

عماد قاسم، لبناني أخر يروي لنا حكايته مع الأسر في الحرب الأخيرة لأيام قليلة.

يقول المسعف في "كشافة الرسالة الإسلامية" إنه "في الـ16 من فبراير كنت في مدينة صور وقصدت قريتي حولا مع فريق إسعاف، علمت أن مواطنين دخلوا إلى البلدة، كنت أقود سيارة إسعاف وأقوم مع زملاء لي بالبحث عن جثث محتملة لمقاتلين أو مواطنين ظلوا في البلدة، أخبرنا عبر جهاز اللاسلكي أن ثمة إصابات في الساحة وعن فتاة قتلت بالرصاص، فتوجهت مباشرة نحو الساحة، وصلت فشاهدت مصاباً على الأرض وأسيرين اثنين وبقربهم جنود إسرائيليون، شاهدوني فوجهوا سلاحهم نحوي، فقال لهم أحد الأسرى: إنه مسعف، ردوا: فليأت وينقل الجريح. تحركت نحوهم ولحظة وصولي طلبوا مني أن أجلس أرضاً، فتشوني وصادروا الجهاز ووضعونا في شاحنة نقل عسكرية وأخذونا إلى موقع العباد"، ويضيف "هم عرفوا أنني مسعف، حتى من بزتي التي أرتديها وعليها شعار كشافة الرسالة الإسلامية. في العباد عصبوا أعيننا وأدخلونا إلى غرفة التحقيق بعدما صادروا أجهزة الاتصال منا، وسألوا عمن أعرف في ’حزب الله‘، عن أقرباء لي وأفراد من عائلتي وأسماء محتملة. بقيت لديهم أسيراً مدة ثلاثة أيام، من الـ16 من فبراير وحتى الـ18 منه، ثم أطلقونا بين حولا ومركبا، وقال أحدهم لي: لديك دقيقتان كي تصل إلى نقطة الجيش اللبناني، وإن لم تصل خلال هذا الوقت ستعود إلى الأسر، وإن لم تعد سنطلق عليك النار، ففعلت حتى وصلت إلى حاجز الجيش".

كنية "شكر" أربكت الجنود

يقول السيد أحمد (اسم مركب) شكر من النبي شيت في البقاع (شرق)، الذي أسر أيضاً في بلدة حولا في الـ26 يناير الماضي وحتى الـ11 من مارس (آذار) "أنا ناشط سياسي ووجهت دعوة لتأليف مسيرة شعبية تحرر البلدة من الإسرائيليين، وأنا رئيس ’حركة المبادرة اللبنانية‘، بعد استحالة تحريرها بالعمل العسكري، كنت غير مسلح، وكانت هناك مجموعة أوقفت معي بين خمسة أو ستة أشخاص، قرب محطة للوقود ومركز مستحدث للإسرائيليين عند المدخل الشمالي الشرقي، بعدما ألقت علينا مسيرة إسرائيلية قنبلة صوتية ترافقت مع إطلاق نار وهجوم الجنود علينا لتطويقنا ثم اعتقالنا ونقلنا إلى مركزهم في بيت قريب، وبدأوا عملية التحقق من الأسماء خصوصاً لجهة عائلة شكر التي أحدثت لديهم نوعاً من البلبلة".

ويضيف "بقينا حتى المساء قبل أن تنقلنا معدة عسكرية إلى موقع العباد، وأخبرت الجنود أنني أعاني مشكلات صحية وأتناول أدوية عدة، كنا معصوبي الأعين ومقيدين، انتزعوا مني خاتماً مرصعاً بالألماس وسط سيل من الشتائم لنا ولبعضهم بعضاً، بعدها انهال عليَّ الجنود بالضرب بأعقاب البنادق، على ظهري ورأسي. في العباد جرى تحقيق أولي مترافق مع ضرب وتعذيب ولم يتركونا ننام طوال الليل، وكنت من أكثر المعتقلين عرضة للضرب والشتائم والتعذيب، لقد أثارهم اسمي كثيراً وبخاصة بعد استعراض ما يوجد على جهاز هاتفي من صور، ومنها صور الأمين العام (الراحل) لـ’حزب الله‘ حسن نصرالله، قلت لهم: هناك صور كانت تنزل تلقائياً على هاتفي وربما منها صور لفنانين وفنانات، ربما لهيفاء وهبي (فنانة) ودونالد ترمب وبنيامين نتنياهو".

رحلة تعذيب طويلة

يوضح شكر أن المحققين "توقفوا عند المبالغ المالية التي كانت بحوزتي، وسألوا لماذا أحمل هذه المبالغ؟ ولمن أنقلها؟ وما هو دوري في ’حزب الله‘؟ وما مسؤوليتي؟ ومن أين لك هذا المال؟ هددوني بأنهم سيتركونني في حقل ألغام وسط الرماية نحوي، وبأمور أخرى غير أخلاقية، وبنقلي إلى الداخل الإسرائيلي. تعرضت كثيراً للضرب والاعتداء الجسدي وأنا معصوب العينين ومقيد بالسلاسل الحديدية".

ويتابع "فجراً قرروا نقلي بحافلة عسكرية، شعرت أنني كنت وحيداً فيها، وخلال الطريق تعرضت للضرب المبرح على رغم إبلاغهم بأنني أعاني تضخماً في عضلة القلب ومرض ضغط الدم، ضرب بلا سبب، حتى وصلنا إلى معتقل نفتالي (شمال)، بعدما ظننت أنني في الناصرة"، ويواصل شكر روايته "لحظة وصولنا أدخلوني إلى قفص حديدي مكشوف من كل جهاته، وطلبوا مني أن أخلع ثيابي كلها، ثم طلبوا بعدها أن أرتدي ثياباً من عندهم. لاحقاً نقلوني إلى زنزانة رقمها (تسعة) وكنت منفرداً، وبقيت فيها أكثر من أسبوع. كنت في كل يوم أتعرض للتحقيق والضرب والتفتيش وتعريتي من ثيابي ولا أعلم إذا صوروني عارياً، وبطريقة بشعة ترافقت مع ضرب عنيف نقلوني إلى الزنزانة رقم (ثلاثة) حيث قاموا برميي وأنا مقيد، فسقطت بجسدي على الأرض".

ويلفت إلى أنه "في الزنزانة الجديدة كان هناك ثلاثة سوريين، ولبنانيون هم: فؤاد قطايا وابن شقيقته علي يونس من الهرمل (شرق) كانا متوجهين إلى بلدة شقرا (جنوب)، ومحمد نجم أوقف في كفركلا، بقينا في هذه الزنزانة، مدة أسبوع، ثم نقلنا إلى الزنزانة رقم (تسعة)، وأحضر إلينا الأسير اللبناني حسن حمود من الطيبة (جنوب) اعتقل في الـ27 من يناير الماضي، بقينا هناك حتى الـ19 من فبراير ثم نقلونا إلى سجن عوفر، خمسة أسرى من ’حزب الله‘ كانوا في الزنزانة رقم (اثنين) إضافة إلى أسرى فلسطينيين، أكثر من 70 أسيراً، وهناك تعرضنا للتعذيب الدائم والضرب".

ويعدد شكر أسماء أسرى كانوا معه "هنا تعرفنا إلى أسرى لبنانيين، منهم من أسر إبان المواجهات العسكرية، صرنا 13 أسيراً لبنانياً، منهم أنا ومحمد نجم وحسين فارس الذين أطلق سراحنا، وبقي 10 هناك: فؤاد قطايا وعلي يونس ومرتضى مهنا، شرطي بلدي من مارون الراس، وحسن حمود ومحمد علي عاطف جهير من الناقورة وهو صياد، ومن عناصر الحزب القبطان عماد أمهز الذي أسر في البترون، ووضاح يونس من حولا أوقف في بليدا، ومحمد جواد وحسن جواد وإبراهيم خليل من عيتا الشعب".

أسماء عدد من الأسرى اللبنانيين لدى إسرائيل:

- علي يونس من مدينة الهرمل، اعتقل في وادي الحجير (مرجعيون) في الـ19 من ديسمبر (كانون الأول) عام 2024.

- فؤاد قطايا من القصر (الهرمل)، اعتقل في وادي الحجير في الـ19 من ديسمبر عام 2024.

- حسين كركي من خربة سلم (جنوب)، اعتقل في مركبا في الـ26 من يناير عام 2025.

- حسن حمود من الطيبة (جنوب)، اعتقل في الطيبة في الـ27 من يناير عام 2025.

- علي ترحيني من جبشيت (جنوب)، اعتقل في عديسة (جنوب) في الـ28 من يناير 2025.

- محمد جهير من الناقورة (جنوب)، اعتقل في بحر الناقورة في الثاني من فبراير عام 2025.

- مرتضى مهنا من مارون الرأس (جنوب)، اعتقل في مارون الرأس في الـ16 من فبراير عام 2025.

- علي فنيش من معروب (جنوب)، اعتقل في بحر الناقورة في الرابع من يونيو عام 2025.

- ماهر حمدان من شبعا (جنوب)، اعتقل في بلدته شبعا في السابع من يونيو عام 2025.

- عماد أمهز من مدينة الهرمل، اعتقل في البترون (شمال) في الأول من نوفمبر عام 2024.

من أسماء أسرى "حزب الله" لدى إسرائيل:

- حسن عقيل جواد من عيتا الشعب (جنوب)، اعتقل في عيتا الشعب عام 2024.

- محمد عبدالكريم جواد من عيتا الشعب، اعتقل في عيتا الشعب عام 2024.

- إبراهيم منيف الخليل من عيتا الشعب، اعتقل في عيتا الشعب عام 2024.

- يوسف عبدالله من البابلية (جنوب)، اعتقل في عيتا الشعب عام 2024.

- حسين شريف من اليمونة (شرق)، اعتقل في عيتا الشعب عام 2024.

- وضاح يونس من حولا (جنوب)، اعتقل في بليدا (جنوب) عام 2024.

المزيد من تحقيقات ومطولات