ملخص
كشفت دراسة لجامعة ولاية ميشيغان أن أوراق النعي تعكس تغير القيم المجتمعية مع اختلافات واضحة في السمات التي يُحتفى بها بحسب العمر والجنس، مما يعكس تطوراً ثقافياً دائماً في فهم الحياة المثالية والتي تتأثر بالأحداث الكبرى في الحياة.
كشفت دراسات أُجريت على أوراق نعي على مدى 30 عاماً عن السمات التي يقدرها الأشخاص في حياة المتوفين، وكيف تعمل الأزمات الكبرى على إعادة تشكيلها.
وأجرت جامعة ولاية ميشيغان دراسة شملت 38 مليون نعي منذ عام 1994، بحثت خلالها كيف أثرت أحداث كبرى مثل هجمات الـ 11 من سبتمبر (أيلول) 2001 والأزمة المالية عام 2008 و"جائحة كوفيد" في السمات التي يربطها الناس بالحياة التي تستحق الاحتفاء.
وفي هذا السياق قال المؤلف الرئيس للدراسة البروفيسور ديفيد ماركويتز إن "أوراق النعي تشكل مصدراً فريداً لاستقاء المعلومات وفهم كيف تُقيم المجتمعات أنماط الحياة المختلفة"، مضيفاً "إنها تكشف عن أنماط أوسع من التذكر من خلال إظهار من يُحتفى بهم ولماذا، وكيف تُعبر القيم الثقافية عن نفسها عبر هذه الممارسات التذكارية".
كما وجدت الدراسة أنه خلال "جائحة كوفيد" تراجعت الإشارة في النعي إلى الإحسان والاهتمام بالآخرين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتابع البروفيسور ماركويتز قائلاً "في وقت كانت المجتمعات تبذل تضحيات استثنائية من أجل الخير العام، قل تركيز أوراق النعي على رعاية الآخرين".
وفي سياق متصل، منذ تفشي الجائحة، ازداد ذكر التقاليد المرتبطة غالباً بالدِين، ووجدت الدراسة ارتباطاً وثيقاً بين الوفيات المرتبطة بـ "كوفيد" والإشادة بالتقاليد، واستخدم الباحثون 10 مبادئ توجيهية عالمية (قيم عابرة للثقافات)، حددها عالم النفس الاجتماعي شالوم إتش شوارتز، لتصنيف القيم الواردة في نعي المتوفين، وشملت التقاليد والانسجام والأمان والسلطة والإنجاز والاستمتاع بالحياة.
وحظيت التقاليد بصورة عامة بالإشادة الأكبر، إذ ظهرت في 80 في المئة من سجلات النعي، ويليها مباشرة الإحسان الذي ظهر في 76 في المئة.
وفي أعقاب هجمات الـ 11 من سبتمبر 2001، تضمنت أوراق نعي الضحايا في نيويورك إشارات أكثر إلى الإحسان، مقارنة بغيرها من أوراق النعي خارج الولاية، وفي الوقت نفسه انخفض ذكر القيم المرتبطة بالأمن.
وفي هذا الصدد قال البروفيسور ماركويتز إن "هذه النتائج تشير إلى أن الأحداث المؤلمة لا تؤثر فقط في ردود أفعال الناس خلال تلك اللحظة، بل تؤثر أيضاً في كيفية استيعابهم لاحقاً للمعنى والذاكرة، وقد يختلف هذا التأثير تبعاً لمكان إقامة الناس ووفاتهم".
وبعد الأزمة المالية العالمية عام 2008 تراجعت الإشارة إلى الإنجازات في نعي المتوفين، وبعد عام شهدت ارتفاعاً محدوداً في مظاهر التمتع بالحياة، وأضاف البروفيسور أنه "ربما يعكس هذا التحول تحسناً نفسياً حيث بدأ الناس يركزون على القيم المرتبطة بالرضا بدلاً من البقاء الشخصي على المدى الطويل".
كما حددت الدراسة اختلافات بين العمر والجنس، إذ يُذكر الرجال عادة بالسلطة والإنجاز والاتساق، بينما تُذكر النساء بالإحسان والاستمتاع بالحياة، وقد ركزت أوراق نعي كبار السن بصورة أكبر على التقاليد والاتساق، وهي سمات ظهرت بشكل أقل في أوراق نعي الشباب.
© The Independent