ملخص
اعتبر مراقبون أن اعتراف 11 دولة بدولة فلسطين من بينها بريطانيا وفرنسا سيزيد من عزلة إسرائيل الدبلوماسية غير المسبوقة، بينما عمد نتنياهو إلى فرض إجراءات عقابية على الفلسطينيين حتى قبل عودته من نيويورك.
ردت إسرائيل على موجة الاعترافات غير المسبوقة بدولة فلسطين بإغلاق "معبر الكرامة" (ألنبي) مع الأردن، إذ يأتي قرار الإغلاق هذا لأسباب سياسية وليست أمنية، للمرة الأولى منذ عقود.
وتمنع تلك الخطوة أكثر من 3.5 مليون فلسطيني يعيشون في الضفة الغربية من التنقل إلى الأردن ومنه إلى بقية دول العالم، في "عقوبة جماعية" على الفلسطينيين، الذين يشكل المعبر المنفذ الوحيد لهم إلى الخارج.
وخلال أغسطس (آب) الماضي تنقل عبر المعبر الحدودي أكثر من 166 ألف فلسطيني وزائر، فيما تنقل نحو 40 ألف شخص في كلا الاتجاهين خلال الأسبوع الماضي.
ويستخدم الفلسطينيون المعبر في استيراد وتصدير جزء من البضائع، من وإلى الأردن وبقية دول العالم، بينما يلجأون في المقام الأول إلى الموانئ البحرية والجوية الإسرائيلية.
واعتبر مراقبون أن اعتراف 11 دولة بدولة فلسطين من بينها بريطانيا وفرنسا سيزيد من عزلة إسرائيل الدبلوماسية غير المسبوقة.
ردود أخرى منتظرة
ومع أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أشار إلى أن الرد على ذلك سيأتي بعد عودته من واشنطن ولقائه الرئيس الأميركي دونالد ترمب فإن قراره بإغلاق المعبر جاء أولياً بانتظار ردود أخرى.
وعلى رغم أن إسرائيل أغلقت "معبر الكرامة" مع الأردن الأسبوع الماضي إثر هجوم مسلح عليه قُتل خلاله جنديان إسرائيليان، لكن إغلاقه هذه المرة "حتى إشعار آخر" جاء بقرار من نتنياهو.
واعتبر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني أن "إغلاق المعبر جاء هذه المرة بدوافع سياسية للمرة الأولى رداً على اعترافات 11 دولة بفلسطين كدولة".
وتوقع مجدلاني أن يتخذ نتنياهو "خطوات أخرى أكثر إيلاماً في محاولة لتهدئة الرأي العام الإسرائيلي المؤيد لحكومته من اليمين المتطرف".
وبحسب مجدلاني فإن ذلك "يأتي في ظل عدم قدرة نتنياهو على تنفيذ توعده بفرض ضم الضفة الغربية أو أجزاء منها، بسبب عدم منحه من قبل الإدارة الأميركية الموافقة على ذلك، وفي ظل تحذيرات دولية أوروبية وعربية من تداعيات ذلك".
وأوضح أن نتنياهو في "مأزق حقيقي، بسب عدم قدرته على تنفيذ تلك التهديدات، وبسبب العزلة الدولية غير المسبوقة التي تعانيها إسرائيل".
حشد الضغوط الدولية
في المقابل، طالبت وزارة الخارجية الفلسطينية بـ"حشد الضغوط الدولية على دولة الاحتلال لإعادة فتح معبر الكرامة فوراً، لأن إغلاقه يسبب أضراراً إنسانية واقتصادية ضخمة، فيصبح آلاف الفلسطينيين عالقين بعيداً من أعمالهم ودراستهم وأسرهم، وغير قادرين على السفر بهدف العلاج".
وأشارت الوزارة إلى أن إغلاق المعبر "يأتي في إطار سياسة فرض العقوبات الجماعية على المواطنين الفلسطينيين والتضييق على مقومات صمودهم وبقائهم في بلادهم".
ويرى الباحث في الشؤون الإسرائيلية عادل شديد أن قرار إغلاق معبر الكرامة جاء بقرار سياسي من نتنياهو رداً على الاعترافات الدولية، مما يشكل رسالة مباشرة لمَن اعترف بفلسطين، كبريطانيا وفرنسا وأستراليا".
ووصف شديد تلك الخطوة بـ"التطور اللافت والمهم جداً، لأن نتنياهو بدأ إجراءاته من أعلى السقف، فكل الخيارات الأخرى تصبح واردة لاتخاذها".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تعارض مصالح
وعلى رغم أن شديد لا يتوقع استمرار إغلاق المعبر فترة طويلة لتعارضه مع المصالح الإسرائيلية بتهجير الفلسطينيين، فإنه أشار إلى أن "الإغلاق ليس سوى رسالة سياسية لدول العالم".
من جهته يرى السياسي الدبلوماسي الفلسطيني السابق نبيل عمرو أن إغلاق معبر الكرامة "رسالة عاجلة من نتنياهو بأن الاعترافات الدولية لن تمر دون إجراء عقابي للفلسطينيين على أرض الدولة التي تم الاعتراف بها"، وبحسب عمرو فإن تلك الخطوة "أولية وستترافق معها إجراءات أخرى مثل وضع مزيد من البوابات على مداخل المدن والقرى في الضفة الغربية، إضافة إلى خطوات أخرى ستُتخذ بعد عودة نتنياهو من نيويورك وواشنطن"، وأضاف عمرو، "نحن في مرحلة تخوض فيها إسرائيل المعركة الأخيرة ضد قيام الدولة، وتقديري أنها لن تنجح في ذلك، لأنها لن تستغني عن العلاقات الدولية في كل ترتيباتها المتعلقة بفلسطين، فحتى واشنطن من الصعب عليها المضي دون كوابح في ما يريده نتنياهو".
بين حرب غزة والقضية الفلسطينية
وبحسب عمرو فإن إسرائيل "إن كانت كسبت حرب غزة بالتدمير والقتل، فإنها خسرت حرب القضية الفلسطينية".
فإسرائيل، وفق عمرو، "في ورطة كبيرة سواء على المستوى العالمي المتطور ضدها، أو في قطاع غزة، وفي عجزها عن إخضاع نحو 6 ملايين فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة".