ملخص
كتبت الصحافية الإيرانية مريم شكراني عبر منصة "إكس"، قائلة إن "بعض التقارير تشير إلى أن مجموعة سورينت التابعة لبابك زنجاني تملك 70 شركة برأسمال تقديري يبلغ 22 مليار يورو (نحو 25.665 مليار دولار). ثروة دونالد ترمب تبلغ 6.5 مليار دولار، ويصنف ضمن أغنى 500 شخص في العالم. على مؤيدي بابك زنجاني أن يوضحوا من أين جاء بهذه الثروة؟
في ظل تدهور قيمة العملة الإيرانية وعجز الموازنة واحتمال تفعيل "آلية الزناد"، مما يهدد بفرض جولة جديدة من العقوبات، عاد اسم بابك زنجاني لواجهة الأخبار. الرجل الذي كان يعرف قبل نحو عقد من الزمن بـ"المتخلف الكبير عن سداد ديون النفط" ورمز للفساد المالي، بات اليوم، بدعم من السلطة القضائية ومن جهات أمنية واقتصادية، لا يواجه أية عقوبة، بل يوسع أنشطته الاقتصادية بوتيرة متسارعة في البلاد.
وأعلن المتحدث باسم السلطة القضائية أصغر جانكير، الأربعاء الثالث من سبتمبر (أيلول) الجاري، خلال مؤتمر صحافي، أن بابك زنجاني سدد ديونه، بل ادعى أن الممتلكات المعلنة باسمه تتجاوز مبلغ الدين. وفي الوقت نفسه، وجه تهديداً إلى محافظ البنك المركزي، داعياً إياه إلى الامتناع عن التصريحات التحريضية ضد زنجاني، ملوحاً باتخاذ إجراء قانوني في حقه في حال استمرار تلك التصريحات، وأضاف أنه جرى توجيه تنبيه بهذا الخصوص إلى محافظ البنك المركزي خلال الأيام الماضية.
دعم صريح ونادر
هذا الدعم الصريح والنادر لبابك زنجاني يكشف عن أن السلطة القضائية في إيران، بدلاً من الدفاع عن الحقوق العامة والمطالبة بمبلغ 1.8 مليار يورو (نحو 2.099 مليار دولار) الذي يقول البنك المركزي إنه يتعين على زنجاني تحويله إلى حساب وزارة النفط، تقف فعلياً إلى جانب المتهم وتدعم أحد أكبر المدينين في القطاع المصرفي.
وأكد رئيس البنك المركزي الإيراني محمد رضا فرزين، ومسؤولو هذه المؤسسة الاقتصادية مراراً، خلال الأشهر الأخيرة، أن زنجاني سدد فقط ما يعادل 15 مليون دولار من ديونه، ولا يزال مديناً بنحو 1.8 مليار يورو.
من جانبه، نفى مدير العلاقات العامة بالبنك المركزي مصطفى قمري وفا، في الـ10 من يوليو (تموز) الماضي، مزاعم زنجاني في شأن تحقيقه نجاحات واسعة في المجالات الاقتصادية والصناعية والمصرفية والطرقية، وكتب عبر منصة "إكس" موجهاً كلامه إلى المتهم المعروف بتجارة النفط قائلاً "يا من ارتكبت الاحتيال وتعد من كبار المديونين! بدلاً من تقديم النصائح للمسؤولين، سدد ديونك للمال العام، لسنا بحاجة إلى حلولك البراقة. أنت لا تملك ترخيصاً من البنك المركزي أو أية جهة قانونية لمزاولة النشاط الاقتصادي، قلل من الأكاذيب".
وعلى رغم صدور حكم قضائي في مايو (أيار) الماضي، يلزم بابك زنجاني بسداد كامل ديونه خلال شهر واحد، فإن هذا الحكم لم ينفذ قط، في وقت يدعي حالياً مسؤولو القضاء في النظام الإيراني، من دون تقديم وثائق أو أدلة، وبما يتعارض مع مطالبات متكررة من وزارة النفط والبنك المركزي، أن ديون زنجاني سويت بالكامل.
بدأ زنجاني منذ شتاء العام الماضي، أنشطته الاقتصادية بصورة علنية وبنطاق واسع، شملت إطلاق شركة الطيران "دات وان" بأسطول يضم عشرات الطائرات، وتأسيس خدمة سيارات أجرة كهربائية عبر الإنترنت، إلى جانب مساع إلى شراء أسهم شركة "سايبا"، وإطلاق منصة لتبادل العملات الرقمية. كما روج لمشروع بيع سبائك ذهب تحمل علامته التجارية الشخصية، غير أن المشروع انتهى بالفشل بعد مصادرة 13 كيلوغراماً من الذهب في الجمارك، وتكذيب رئيس هيئة الجمارك مزاعمه.
وعلى رغم ذلك، لم يتراجع زنجاني، بل صعد من تحركاته أخيراً من خلال عقد مؤتمر صحافي وإصدار بيانات عدة هاجم فيها، بصورة مباشرة، البنك المركزي ورئيسه محمد رضا فرزين شخصياً، زاعماً أن البنك لا يتمتع بأية صفة قانونية في قضيته.
ثروة خيالية وتهديد مسؤولين وصحافيين
يربط منتقدو النظام السماح لشخص مدين بمبالغ كبيرة، وملاحق قضائياً ومحكوم بالإعدام، بالعودة للنشاط الاقتصادي في إيران، بعلاقاته الخفية مع مؤسسات عسكرية وأمنية مثل "الحرس الثوري". إذ لعب دور الوسيط الرئيس في بيع نفط النظام الإيراني وتحويل العائدات المالية إلى الداخل خلال فترة العقوبات الشديدة في أوائل العقد الماضي، ويعتقد عدد من المراقبين أن هذا الدور جعله "رأسمالاً أمنياً" لـ"الحرس الثوري" يمكن استغلاله مجدداً في حال عودة العقوبات.
وفي ظل الضغوط غير المسبوقة التي يواجهها الاقتصاد الإيراني واحتمال تفعيل "آلية الزناد" وعودة عقوبات مجلس الأمن خلال الأسابيع المقبلة، قد تلجأ السلطات بدلاً من اتخاذ إجراءات قضائية أو المطالبة بسداد كامل الديون، إلى الاستفادة من شبكة وخبرات بابك زنجاني لتجاوز العقوبات. بمعنى آخر، لا ينظر إليه كمجرم اقتصادي، بل كأداة لاستمرار الحياة المالية للنظام.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تهديدات
نشاطات زنجاني الأخيرة لم تقتصر على المجال الاقتصادي، إذ وقع عقداً جديداً بقيمة 61 ألف مليار تومان (1.1 مليار دولار) مع شركة السكك الحديد ووزارة الطرق، وواصل توجيه تهديداته للمسؤولين في حكومة الرئيس مسعود بزشکیان، وهاجم صحافيين وجهوا له أسئلة حول ديونه، قائلاً "إذا لم تتمكنوا من إثبات ديني، فسأحاسبكم". هذه التصريحات تكشف عن شعور واضح بالإفلات من العقاب، ووضع نفسه فوق القانون.
زنجاني سبق أن وجه تهديدات مماثلة لبيجن زنغنة الذي كان يشغل منصب وزير النفط في حكومة الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني، قائلاً "قريباً ستنقلب الأدوار، سأكون حراً وستكون أنت في السجن".
وكشفت الصحافية الاقتصادية في صحيفة "شرق" مريم شكراني، خلال الأيام الماضية، عن تهديدات طاولتها وطاولت صحافيين مستقلين آخرين في إيران من مقربين من زنجاني. وفي الثالث من سبتمبر كتبت شكراني عبر منصة "إكس"، قائلة "بعض التقارير تشير إلى أن مجموعة سورينت التابعة لبابك زنجاني تملك 70 شركة برأسمال تقديري يبلغ 22 مليار يورو (نحو 25.665 مليار دولار). ثروة دونالد ترمب تبلغ 6.5 مليار دولار ويصنف ضمن أغنى 500 شخص في العالم. على مؤيدي بابك زنجاني أن يوضحوا من أين جاء بهذه الثروة؟
من جهته، رحبت شخصيات مثل شهرام جزائري، أحد أشهر متهمي الفساد في العقود الأخيرة في الاقتصاد الإيراني، بعودة زنجاني، وكتب عبر منصة "إنستغرام" قائلاً "بابك العزيز، اليوم أفتخر بعودتك القوية أكثر من أي وقت مضى".