Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجيش يصد هجوما لـ"الدعم السريع" على الفاشر ويوسع دائرة سيطرته

الكشف عن تشريد 600 ألف مواطن وقتل واغتصاب أطفال وتحذيرات أممية من تزايد ضحايا الجوع

سودانيون يتجمعون لتلقي وجبات مجانية في مدينة الفاشر المحاصرة (أ ف ب)

ملخص

غارات جوية استهدفت تجمعات "الدعم السريع" غرب مدينة بارا ومناطق أم صميمة والخوي، وأوضحت مصادر محلية أن مسيرات الجيش هاجمت، في المحور نفسه، مجموعتين من "الدعم السريع" دمرت خلالها عدداً من العربات القتالية وأصابت قيادات ميدانية بارزة.

شهدت مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور، أمس الخميس يوماً طويلاً دامياً من القصف المدفعي الثقيل من جانب قوات "الدعم السريع" في هجوم جديد على المدينة استمر منذ مساء الأربعاء حتى ظهر أمس الخميس، أعقبته اشتباكات عنيفة بين الجانبين في جنوب المدينة وشرقها.

من جانبها، شنت مدفعية الجيش هجمات صاروخية كثيفة على مواقع ومتحركات "الدعم السريع" بمحاور المدنية المختلفة، كما نفذت مفارز من الجيش والقوات المشتركة هجوماً ليلياً مباغتاً على مواقع "الدعم السريع" في المحور الجنوبي الغربي، وتمكنت من توسيع دائرة سيطرتها في الناحية الجنوبية للمدينة. وأكدت مصادر عسكرية أن الجيش والقوات المشتركة والمقاومة الشعبية أجبرت القوات المهاجمة على التراجع بعد تكبيدها خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد، ومطاردة الفارين منها في المحور الشمالي - الشرقي إلى خارج المدينة. وطمأنت المصادر أن الأوضاع الآن في الفاشر تحت السيطرة الكاملة للجيش والمشتركة، بعد تمكنها من دحر الهجوم وتحقيق انتصار جديد، كما نفذت القوات عملية تمشيط في أحياء الفاشر.

وأكد العقيد أحمد حسين مصطفى، المتحدث الرسمي باسم القوات المشتركة، أن الجيش والقوة المشتركة والمقاومة الشعبية تمكنت من صد الهجوم، وكبدت "الدعم السريع" خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد، واستولت على عدد من الآليات. وأوضح مصطفى أن الأخيرة كررت محاولاتها الهجومية الفاشلة من المحور الجنوبي للفاشر مصحوبة بقصف مدفعي مكثف وثقيل. ووصف الهجوم بأنه أتى في إطار محاولات "الدعم السريع" للتضليل، وإيهام الرأي العام بأنها سيطرت على بعض المواقع داخل المدينة.

عشرات الضحايا

وأعلنت "شبكة أطباء السودان" مقتل 24 شخصاً وإصابة 55 آخرين، بينهم خمس نساء، نتيجة القصف المدفعي الذي استهدف منطقة السوق المركزي وحي أولاد الريف بالفاشر. ودانت الشبكة، في بيان، المجزرة التي ارتكبتها "الدعم السريع" بقصفها المتعمد مدينة الفاشر، معتبرة أن استهداف الأحياء السكنية المكتظة بالمدنيين يعد انتهاكاً صارخاً لكل القوانين الدولية والإنسانية، ويكشف عن الانتهاكات الواسعة التي تمارسها في حق المواطنين الذين تمسكوا بمنازلهم وأرضهم، وحمل البيان المجتمع الدولي ومجلس الأمن والاتحاد الأفريقي المسؤولية الكاملة عن صمتها وعجزها عن مواجهة هذه الجرائم.

وأفاد شهود عيان بأن القصف المدفعي لم يكن عشوائياً، بل كان متعمداً بهدف بث الخوف وسط السكان المدنيين ودفعهم إلى مغادرة المدينة، منوهين إلى أن القذائف المدفعية استهدفت بصورة مباشرة سوق المدينة في ساعات الذروة والاكتظاظ، مما أدى إلى ارتفاع عدد القتلى والإصابات بصورة كبيرة، وخلف مشاهد من فوضى الرعب وجثث القتلى وسط صرخات الجرحى.

وتعيش الفاشر ظروفاً إنسانية قاسية تحت الجوع والمرض وانعدام شبه كامل للغذاء بسبب الحصار المفروض عليها بواسطة "الدعم السريع" منذ أكثر من 15 شهراً، فضلاً عن الهجمات والقصف المدفعي المتكرر، في وقت فشلت النداءات والدعوات المحلية والإقليمية والدولية في دفع "الدعم السريع" لرفع الحصار والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية إلى المدينة.

مأساة وانتصار

من جانبها قالت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر إن المدينة ظلت صامدة على رغم المأساة ومحاولات الترويع الممتدة منذ أشهر بالقصف والحصار والتجويع وغياب الحماية والاستجابة الدولية، وانتصرت مجدداً على "الدعم السريع" في هجوم الأمس، كما في كل معاركها السابقة. وحذر بيان للتنسيقية من أن معظم مطابخ الأحياء شمال المدينة توقفت عن العمل، وحتى وجبة علف "الأمباز" لم تعد متوفرة للسكان. وتابع البيان أنه على رغم المحاولات المستميتة من هذه المجموعة لبسط سيطرتها على المدينة بقوة السلاح والقهر، "لكننا باقون في أرضنا تحت كل الظروف، لن نستسلم أو ننكسر حتى آخر نفس وطلقة".

حملة السيطرة

في المقابل قالت "الدعم السريع" إن قواتها تنفذ منذ أسبوع حملة عسكرية كبيرة في الفاشر، نجحت خلالها في السيطرة على عدد من المواقع الحيوية ووصلت حتى منطقة متحف السلطان داخل المدينة، ولم تعد تفصلها عن مقر قيادة الجيش في الفرقة السادسة - مشاة سوى مسافة قريبة جداً. كما بثت، عبر منصاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، لقطات حول عمليات خروج المواطنين من الفاشر واستقبالهم وإجلائهم عبر ممرات آمنة إلى نقاط التجمع، ثم ترحيلهم إلى مراكز الإيواء.

وقبل أيام ناشد رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس الأمم المتحدة ومجلس الأمن والجمعية العامة التدخل العاجل لفك الحصار وفتح الممرات الإنسانية، مشيراً في خطاب وجهه إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إلى أن مئات آلاف المدنيين يموتون جوعاً بصورة متعمدة في مدينة الفاشر نتيجة الحصار المضروب عليها.

غارات بكردفان

في محور كردفان شنت مقاتلات الجيش الحربية غارات جوية استهدفت تجمعات "الدعم السريع" غرب مدينة بارا ومناطق أم صميمة والخوي، وأوضحت مصادر محلية أن مسيرات الجيش هاجمت، في المحور نفسه، مجموعتين من "الدعم السريع" دمرت خلالها عدداً من العربات القتالية وأصابت قيادات ميدانية بارزة، مشيرة إلى أن "الدعم السريع" عمدت إلى قطع الطريق القومي بحفر الخنادق لمنع تقدم الجيش والقوات الحليفة نحو مدينة الخوي بغرب كردفان. وتفقد نائب قائد الفرقة الخامسة مشاة (هجانة) بمدينة الأبيض عاصمة شمال كردفان اللواء الصديق الجيلي الخطوط الأمامية ونقاط ارتكاز قوات الجيش في محيط المدينة والمناطق المجاورة لها، مؤكداً أن خطة الجيش في القضاء على التمرد تسير من انتصار إلى آخر وفق ما خطط له تماماً.

اغتيال وتهجير

على الصعيد نفسه أعلنت غرفة طوارئ دار حمر أن "الدعم السريع" اغتالت عدداً من المواطنين في منطقة كورينا في أرياف مدينة النهود (شمال كردفان)، لرفضهم تسليم ممتلكاتهم من الإبل، كما اختطفت شخصين من قرية أم قمور بمحلية الخوي، مطالبة بدفع فدية مالية ضخمة لإطلاق سراحهما. وكشفت مصادر عن عملية تهجير قسري قامت بها "الدعم السريع" لسكان منطقة علوبة، على حدود محلية الرهد بشمال كردفان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تفشي الضنك

صحياً ومع تزايد الشكاوى من تفشي حمى الضنك بصورة وبائية بالبلاد، بخاصة في العاصمة الخرطوم، أعلنت وزارة الصحة الاتحادية تسجيل 723 إصابة جديدة بهذا الوباء خلال الأسبوع الماضي، وعلى رغم حملات مكافحة البعوض والحشرات الناقلة للمرض إلا أن حميات الملاريا والضنك تواصل انتشارها في عدد من ولايات البلاد. وكانت منظمة "اليونيسف" حذرت من أن أقل من ربع المرافق الصحية فقط لا يزال يعمل، في حين يعيش ملايين النازحين من دون مياه صالحة أو صرف صحي أو حماية. وسبق أن حذرت منظمة الصحة العالمية من ارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض المنقولة عبر المياه والنواقل في السودان، بخاصة في المناطق التي تعاني انهيار البنية التحتية وعدم انتظام خدمات الصرف الصحي، مما يزيد من أخطار انتشار الأوبئة.

وثائقي الانتهاكات

إلى ذلك وصف مستشار مجلس السيادة لشؤون المنظمات والعمل الإنساني الصادق إسماعيل ما يحدث في الفاشر بأنه "أمر يندى له الجبين"، منتقداً بشدة صمت المجتمع الدولي على الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها "الدعم السريع" في حق المواطنين في المدينة، مطالباً الدول والمنظمات بإظهار مواقفها تجاه هذه القضية. وعرضت المستشارية خلال لقاء تنويري نظمته ببورتسودان حول الوضع في الفاشر، للسفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية في البلاد، فيلماً وثائقياً تضمن نماذج من انتهاكات "الدعم السريع" في الفاشر.

وكشف وكيل وزارة الخارجية حسين الأمين عن أن الأخيرة ظلت تحاصر الفاشر منذ 501 يوم، شردت خلالها 600 ألف مواطن من منازلهم، بينما لا يزال هناك 260 ألف مواطن محاصرين داخلها، يقاسون الجوع والمرض، منهم 130 ألف طفل يعانون سوء التغذية نتيجة الحصار. واتهم الأمين عناصر "الدعم السريع" باغتصاب 23 طفلاً وطفلة، وقتل 1000 طفل آخرين والتمثيل بجثثهم، فضلاً عن تدمير ستة مدارس و35 مستشفى، في وقت يتفشى فيه وباء الكوليرا بحصيلة 5 آلاف حالة و98 وفاة. ودعا وكيل الخارجية المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف واضح حيال معاناة مواطني الفاشر جراء الحصار، والعمل على إيصال المساعدات الإنسانية.

بدورها طالبت سلوى آدم بنية، مفوضة العون الإنساني، بتفعيل قرار مجلس الأمن رقم 2736، وحمل "الدعم السريع" على الالتزام بالقوانين الدولية، مبينة أن الحكومة أدت واجبها تجاه تسهيل وصول المساعدات إلى المحتاجين ووفرت الإغاثة المطلوبة، غير أن المنظمات لم تتمكن من توصليها بسبب القيود التي تفرضها هذه المجموعة.

إخلاء الخرطوم

وفي إطار قرارات إخلاء العاصمة الخرطوم من الوجود المسلح وتأمين الولاية، ترأس وزير الدفاع الفريق حسن كبرون اجتماع لجنة فرض هيبة الدولة وفرض الأمن بالعاصمة، بحضور وزير الداخلية الفريق بابكر سمره، واطمأن الاجتماع إلى إخلاء العاصمة من التشكيلات والقوات المشتركة كافة من مواقعها بولاية الخرطوم إلى الأماكن المخصصة لها بالولايات، وتلقى تنويراً في شأن إجراءات التأمين الشامل لولاية الخرطوم وإجراءات إزالة السكن والحيازات العشوائية، بجانب إخلائها من اللاجئين والوجود الأجنبي غير المقنن.

تزايد وفيات الجوع

أممياً جدد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة تحذيره من أن غياب الوصول الإنساني الفوري والمستمر قد يؤدي إلى وفاة أعداد كبيرة من المدنيين بالفاشر، لافتاً إلى أن شهادات الناجين تشير إلى تفشي العنف وعمليات النهب والاعتداءات الجنسية في المدينة. وأشار تعميم للبرنامج إلى أن بعض سكان الفاشر يعيشون على علف الحيوانات وبقايا الطعام مع تناقص الموارد، بينما أغلقت طرق التجارة وخطوط الإمداد إلى الفاشر، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتوقف المطابخ المجتمعية عن العمل. وأكد البرنامج أن النزاع في السودان تسبب في أكبر أزمة جوع عالمياً، إذ يعاني نحو 25 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي، بينهم 3.5 مليون امرأة وطفل مهددون بسوء التغذية.                                                  

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات