ملخص
في ظل الحرب المستمرة منذ عامين، حرم آلاف الطلاب في غزة من التعليم بعد تدمير المدارس والجامعات، وتحولت المؤسسات التعليمية إلى ملاجئ للنازحين. الطالبة مها علي، التي كانت تطمح في أن تصبح صحافية، باتت تطمح فقط لإيجاد طعام. مع تدهور الأوضاع، تؤكد الأمم المتحدة أن 97 في المئة من المنشآت التعليمية تضررت، وسط غياب أفق للعودة إلى الدراسة أو وقف إطلاق النار.
كانت الطالبة مها علي تطمح في أن تصبح صحافية يوماً ما وتغطي الأحداث في غزة، لكن طموحها الوحيد الآن هي وغيرها من الطلاب بات أن تجد طعاماً في ظل الجوع الذي يجتاح القطاع الفلسطيني.
ومع اشتداد وطيس الحرب، تعيش مها (26 سنة) بين أنقاض الجامعة الإسلامية التي كانت تعج بالحياة يوماً ما قبل أن تصبح الآن ملاذاً للنازحين شأنها شأن غيرها من المؤسسات التعليمية في غزة.
وقالت مها، "نحن كشباب نراوح مكاننا منذ سنتين... لا شيء في حياتنا يتقدم... لا يوجد شيء سوى الموت. لا عمل ولا تعليم ولا حرية تنقل... نجلس هنا نوقد النار وننقل المياه، نقوم بأشياء عقلنا لا يستوعبها، صوت الشباب غير مسموع في غزة... نقول منذ فترة طويلة نحن نريد أن نعيش. نريد أن نتعلم... نريد أن نسافر... الآن أصبحنا نقول نريد أن نأكل".
تدمير المدارس والجامعات
مها واحدة من جيل من سكان غزة في مراحل تعليمية من المدرسة إلى الجامعة، يقول إنه حرم من التعليم بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية المستمرة منذ عامين تقريباً، التي دمرت مؤسسات القطاع.
وشنت إسرائيل حملة عسكرية على غزة رداً على هجوم حركة "حماس" عليها في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وقالت السلطات الصحية في غزة إن الحملة الإسرائيلية أدت إلى مقتل أكثر من 60 ألف فلسطيني وحولت جزءاً كبيراً من القطاع إلى ركام. وتعاني غزة الفقر وارتفاع معدلات البطالة حتى من قبل الحرب.
واتهم وزير التعليم الفلسطيني أمجد برهم، إسرائيل بتدمير المدارس والجامعات على نحو ممنهج، قائلاً إنها دمرت 293 مدرسة من أصل 307 إما كلياً أو جزئياً. وأضاف أن إسرائيل تريد بذلك قتل الأمل في نفوس الشبان.
ولم يرد الجيش الإسرائيلي أو وزارة الخارجية على طلب للتعليق.
واتهمت إسرائيل "حماس" وفصائل مسلحة أخرى بالتسلل إلى المناطق والمنشآت المدنية، ومن بينها المدارس، واستخدام المدنيين دروعاً بشرية. وتنفي "حماس" هذه المزاعم، وتتهم هي والفلسطينيون إسرائيل بشن غارات عشوائية.
دمار هائل
قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن أحدث تقييم للأضرار استناداً إلى صور الأقمار الاصطناعية في يوليو (تموز) الماضي، كشف عن أن 97 في المئة من المنشآت التعليمية في غزة تعرضت لأضرار بدرجات متفاوتة، وإن 91 في المئة منها تحتاج إلى إعادة تأهيل أو إعادة بناء كاملة لتصبح صالحة للعمل مرة أخرى.
وأضاف، "لا تزال القيود التي تفرضها السلطات الإسرائيلية تحد من دخول المستلزمات التعليمية إلى غزة وتؤثر سلباً في حجم المساعدات المقدمة وجودتها".
ترسم هذه الإحصاءات القاتمة مستقبلاً مظلماً لياسمين الزعنين (19 سنة) التي راحت تفرز الكتب التي لا تزال سليمة وهي جالسة في خيمة للنازحين على رغم الغارات الإسرائيلية والنزوح.
وتتذكر كيف كانت منغمسة في دراستها، تطبع الأوراق وتجد مكتباً وتجهزه بالإضاءة. وقالت، "بسبب الحرب، تم توقيف كل شيء. كل ما بنيته وعملت عليه، كل ما فعلته تم تهديمه وتم تحطيمه في ثوان".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
المدرسة تتحول إلى مأوى
لا يوجد أمل في التخفيف من المعاناة أو العودة إلى الفصول الدراسية فوراً. إذ لم يتمكن الوسطاء من التوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار بين إسرائيل و"حماس". بل تعتزم إسرائيل شن هجوم جديد على غزة. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أول من أمس الأحد، إنه يتوقع إتمام ذلك الهجوم "بسرعة معقولة" في حين استمع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى مطالب جديدة لإنهاء المعاناة في القطاع الفلسطيني.
وتتذكر سجى عدوان (19 سنة)، وهي طالبة متفوقة في معهد أزهري بغزة وتعيش في مدرسة تحولت إلى مأوى مع عائلتها المكونة من تسعة أفراد، كيف قصف المبنى الذي كانت تدرس فيه سابقاً.
وفي ظل الحصار، اختفت كتبها وموادها الدراسية. ولشغل ذهنها، تدون ملاحظات على الأوراق الدراسية القليلة التي حملتها معها.
وقالت، "كل ذكرياتي كانت هناك، طموحاتي وأهدافي. كنت أحقق حلماً هناك. كان المعهد بمثابة حياة. عندما كنت أذهب إليه كنت أشعر براحة نفسية". وأضافت، "كانت دراستي هناك تمثل حياتي ومستقبلي (والمكان) الذي كنت أتطلع إلى أن أتخرج منه".