ملخص
نجح كير ستارمر في الحصول على صفقة تجارية أفضل من الاتحاد الأوروبي مع ترمب بفضل احترام شخصي نادر يتمتع به من الرئيس الأميركي، ودور العائلة المالكة والسفير ماندلسون، ما يثير تساؤلات أوروبية عن تراجع نفوذ بروكسل على رغم قوتها الجماعية.
فيما كانت أورسولا فون دير لاين تغادر اسكتلندا في نهاية الأسبوع الماضي وحبر اتفاق التجارة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الذي وقعته للتو مع دونالد ترمب لم يجف بعد، سادت أجواء من التشاؤم في العواصم الأوروبية.
فبعد كل العروض التصعيدية والتهديدات بفرض رسوم مضادة، وقعت فون دير لاين اتفاقاً لقي انتقادات واسعة من قادة كثر، من بينهم المستشار الألماني فريدريش ميرتس، الذي قال إن الاتفاق "سيلحق ضرراً بالغاً" باقتصاد بلاده، ورئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو، الذي وصفه بأنه "أشبه بالخضوع".
واعتبر رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان، وهو معروف بانتقاداته الصريحة لقيادة الاتحاد الأوروبي، أن ترمب "تغلب على فون دير لاين الضعيفة بسهولة بالغة"، ولكن كان هناك سؤال بعينه طرحه الدبلوماسيون ورؤساء الحكومات في أنحاء أوروبا كافة، وهو "كيف حصل كير ستارمر على صفقة أفضل منا؟".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولا يقتصر الأمر على أن الاتحاد الأوروبي سيستمر بدفع رسوم جمركية بنسبة 15 في المئة، بل وافق أيضاً على إنفاق مليارات الدولارات من أجل شراء موارد الطاقة من الولايات المتحدة، مقارنة بالرسوم المفروضة على المملكة المتحدة، والتي بلغت 10في المئة.
أورسولا فون دير لاين غير مؤثرة
قال دبلوماسي مخضرم من إحدى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لـ"اندبندنت" إن هناك "غضباً" بسبب ما حدث.
وأضاف أن حقيقة أن المملكة المتحدة "تبدو وكأنها تكافأ على خروجها من الاتحاد الأوروبي" كانت مؤلمة للغاية.
لكن ما يثير القلق هو أن القوة الجماعية المزعومة للاتحاد الأوروبي قد فشلت في تحقيق النتائج المرجوة.
يقع جزء كبير من اللوم على عاتق فون دير لاين نفسها. ويشار إليها الآن بـ"فاقدة الهيبة". ورأى الدبلوماسي أنها "لم تكن قوية بما يكفي لمواجهة ترمب".
وأضاف أن " يستحضر كثر سجلها الضعيف حين كانت وزيرة للدفاع في الحكومة الألمانية، والآن هي ضعيفة كمفاوضة".
وصف مصدر مطلع في منتجع ترمب للغولف في تيرنبيري كيف أن الرئيس الأميركي "لم يكن في عجلة من أمره" لاختتام المحادثات السبت الـ26 من يوليو (تموز).
وأضاف المصدر أنه "أراد قضاء مزيد من الوقت في التحدث إلى الضيوف والتقاط الصور معهم"، لافتاً "كان كريماً للغاية مع الجميع هناك، بمن فيهم الموظفون".
ستارمر يستحق الاحترام
بيد أن الأمر كان مختلفاً مع السير كير.
وقد أشار المصدر المطلع إلى أن ترمب "تحدث بحماسة شديدة عن ستارمر. إنه يحبه بصورة صادقة. أعتقد أنه يحترم ستارمر لدفاعه عن نفسه ولكونه صريحاً وصادقاً. ترمب لا يحب المتملق الخالص". وأوضح "إنه يرى في كير رجلاً محترماً، وهو ما لا يراه الناس العاديون في المملكة المتحدة على الإطلاق".
ويبدو أن هذا لا يقتصر فقط على قضايا التجارة، بل يشمل أيضاً المشكلات في الشرق الأوسط.
عندما أعلن إيمانويل ماكرون أن فرنسا ستعترف بدولة فلسطينية، تعرض لهجوم شرس من ماركو روبيو، وزير خارجية ترمب.
وعندما قام رئيس الوزراء الكندي مارك كارني بالشيء ذاته، قال ترمب نفسه إن ذلك يشكل تهديداً لاتفاقهما التجاري، ولكن عندما فعل ستارمر ذلك، وافق ترمب فعلياً على القرار وقال إنه لا يمانع فيه.
كانت العلاقة الشخصية بين ستارمر وترمب حاسمة في إنجاز ذلك، لكن هناك ما هو أكثر من ذلك. فقد قال مصدر مطلع في واشنطن ومقرب من البيت الأبيض لـ"اندبندنت" إن "ترمب لا يريد أي مشكلات مع المملكة المتحدة قبل أن يجري زيارة دولة ناجحة في سبتمبر (أيلول)".
وتوقع المصدر أن "تنهار العلاقة مع ستارمر في نهاية المطاف بسبب الرقابة المتمثلة بمشروع قانون الأضرار من طريق الإنترنت، والضرائب على الخدمات الرقمية، والهجرة غير الشرعية، وفلسطين، واستسلام حزب العمال للإسلاموية".
ومع ذلك قد لا تكون الأمور كذلك. فالعنصر الأساس في الدبلوماسية البريطانية مع الولايات المتحدة هو الملك تشارلز الثالث وولي العهد الأمير ويليام، إذ يكن الرئيس الأميركي احتراماً كبيراً للعائلة المالكة، وهو ما يساعد في الحفاظ على العلاقات بين البلدين.
قال أحد المصادر إن "الملك وترمب قريبان جداً في الواقع".
في غضون ذلك، "تحدث كثيراً" مع الأمير ويليام، الذي التقاه بمناسبة إعادة افتتاح كاتدرائية نوتردام في باريس.
جهود السفير ماندلسون الناجعة
يضاف إلى ذلك كله عمل اللورد ماندلسون بوصفه سفيراً للمملكة المتحدة لدى واشنطن العاصمة.
وبعدما كاد تثبيت ماندلسون [في منصبه هذا] يقابل بالرفض بسبب صلاته بالصين، فهو بات "يعمل باجتهاد لترتيب لقاءات مع جميع الأطراف وإقامة علاقات".
وقال أحد المصادر "إن من الأسباب الرئيسة لنجاح المملكة المتحدة في التوصل إلى اتفاق التجارة"، كما لعب دوراً محورياً بغية ضمان أن تحقق زيارة الدولة التي سيقوم بها ترمب في سبتمبر، "نجاحاً كبيراً".
ولفت أحد المطلعين في واشنطن العاصمة إلى أن "اللورد ماندلسون لربما هو السفير الأكثر فاعلية في واشنطن في الوقت الحالي. واضح أنه يملك شبكة علاقات مع معظم الشخصيات".
ويأمل السير كير في أن يكون كل ذلك كافياً للحفاظ على المعاملة التفضيلية التي يبدو أن الولايات المتحدة تخصه بها كزعيم عالمي.
© The Independent