Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دير أبو مينا... هنا حج المسيحيون ذات يوم

يعود لقديس مصري ويضم الموقع كثيراً من المباني الأثرية من بينها كنيسة كبرى وبئر تحوي القبر وساحة للحجاج ورفعته "يونيسكو" أخيراً من على قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر

رفعت يونيسكو أخيراً دير أبو مينا من قائمة التراث المهدد بالخطر بعد أن عولجت مشكلة المياه الجوفية (مواقع التواصل)

ملخص

دير أبو مينا واحد من أهم الأديرة في مصر باعتباره كان المحطة الثانية للحج المسيحي بعد مدينة القدس، وأدرج الموقع على قائمة التراث العالمي لـ"يونيسكو" منذ عام 1979، تقديراً لأهميته الدينية والمعمارية

بين أديرة منتشرة في مصر بمناطق متعددة لها قيمة دينية وتاريخية كبيرة، يعد دير أبو مينا أو مارمينا العجايبي (72 كيلومتراً جنوب غربي الإسكندرية) واحداً من أهم الأديرة في مصر، باعتباره المحطة الثانية للحج المسيحي بعد مدينة القدس، وأدرج الموقع على قائمة التراث العالمي لـ"يونيسكو" منذ عام 1979 لأهميته الدينية والمعمارية. وعلى مدى السنوات، كشفت الحفائر عن كثير من الاكتشافات المعمارية والأثرية في دير أبو مينا، من بينها البئر التي تحوي قبر القديس مينا والكنيسة الكبرى وساحة الحجاج، مما يؤكد قيمة وأهمية الموقع.

 

وتعرض دير أبو مينا لأزمة كادت تؤدي إلى رفعه من قوائم التراث العالمي لـ"يونيسكو"، تمثلت في أخطار المياه الجوفية التي ارتفع منسوبها، مما شكّل خطورة على الموقع الأثري وأثر سلباً في البنية الأثرية، ونتج من ذلك إدراج الموقع على قائمة التراث العالمي المعرض للخطر عام 2001.

وأخيراً اعتمدت لجنة التراث العالمي في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو) رسمياً قرار رفع موقع دير أبو مينا الأثري من قائمة التراث العالمي المعرض للخطر، مشيدة بما تحقق من تقدم ملحوظ في أعمال الحفاظ والصون بموقع أبو مينا الأثري، وعلى رأسه إنشاء نظام رصد ومراقبة فاعل لاستقرار منسوب المياه الجوفية الذي أثبت نجاحه من خلال القياسات الدورية المستمرة، مما اعتبرته مصر إشادة دولية "بتنفيذ التدابير التصحيحية اللازمة لرفع موقع أبو مينا الأثري من قائمة التراث العالمي المعرض للخطر".

كيف نجا الدير من الخطر؟

يقول المشرف العام على المكتب الفني للأمين العام للمجلس الأعلى للآثار السابق والمشرف على فريق العمل بدير أبو مينا عاطف الدباح "منطقة دير أبو مينا غرب الإسكندرية على مدى أكثر من 50 عاماً كانت تحيط بها مناطق زراعية للأهالي تعتمد على زراعة البنجر ومع الري بنظام الغمر على مدى سنوات طويلة ترسبت المياه بكثافة أسفل الدير مما عرضه لأخطار، ومن هنا جرى وضعه على القائمة الحمراء للتراث العالمي المهدد بالخطر، ومنذ أيقنت مصر الخطر الذي يتهدد هذه المنطقة الأثرية وأنها مهددة بالشطب من قائمة التراث العالمي بدأت باتخاذ الإجراءات اللازمة لإنقاذه".

ويضيف أن "محاولات إنقاذ الأثر بدأت بالتعاون مع وزارات الآثار والري والزراعة للعمل على إيجاد حل لمشكلة الزراعات المحيطة بالدير، وبالفعل جرى اعتماد الري بالتنقيط وإنهاء الاعتماد على الري بالغمر نهائياً حتى لا تحدث مشكلات مستقبلية، وبُذلت جهود مكثفة منذ عام 2019، ثم التشغيل التجريبي عام 2021، وافتتحه وزير السياحة والآثار السابق خالد العناني عام 2022 بعد حل مشكلة المياه الجوفية".

 

إضافة إلى العمل على خفض منسوب المياه، حدث ترميم بواسطة فريق من المرممين والنحاتين وبُني مدخل يليق بالمكان، إضافة إلى ترميم أجزاء رئيسة من الدير مثل أرضية المعمودية، حيث جرى صب الأساسات والجدران، ومع وجود زيارات متكررة من خبراء "يونيسكو"، جرى اعتماد انتهاء المشكلة وبالفعل رفع الدير من على قوائم التراث المهدد بالخطر.

ويتابع الدباح أن "هذا المكان له أهمية كبيرة وله قيمة تاريخية ودينية ويحتاج إلى بعض الترويج لوضعه على خريطة السياحة بدرجة أكبر، كما يحتاج إلى مزيد من أعمال الترميم لباقي الدير، فضلاً عن تمهيد الطريق المؤدي إليه، فكل ذلك سيؤدي إلى اجتذاب الزوار، بخاصة مع وضعه في دائرة الضوء بعد حل أزمة المياه الجوفية ورفعه من على قوائم التراث المهدد بالخطر".

ما حكاية أبو مينا العجايبي؟

بين كثر تروى سيرتهم في الديانة المسيحية وتزخر بصورهم الكنائس ويتبرك بهم الناس تأتي سيرة أبو مينا وديره الذي أطلق عليه لقب "العجايبي".

يقول أستاذ اللغة القبطية بجامعة سوهاج إبراهيم ساويرس، "القديس مينا ولد في النصف الثاني من القرن الثالث الميلادي وعاش ذروة الاضطهاد للمسيحيين في عهد دقلديانوس، وسيرته التي وصلت إلينا تقول إنه كان شاباً صغير السن، وسيماً وجميل الهيئة، ينتمي إلى أسرة غنية، وكان في رتبة مهمة بالجيش الروماني وتنازل عنها لاحقاً بسبب إيمانه بالمسيحية، باعتبار أن قيادات الجيش كانوا وثنيين، في هذه الفترة كان المؤمنون بالمسيحية إما يخفون إيمانهم خوفاً من البطش بهم، أو يواجهون طلباً للارتقاء، وهو ما قام به القديس مينا، فتوجه إلى حاكم الإسكندرية وأعلن إيمانه بالمسيحية وواجه بشجاعة وكانت النتيجة تعرضه لألوان من العذاب ومن ثم القتل، وربما طبيعته العسكرية لها دور في هذا باعتباره يميل إلى المواجهة".

ويضيف أنه "بعد موته دفن في المنطقة التي يقع بها الدير حالياً ناحية مريوط، فالجبانات عادة تكون على أطراف المدينة وكان له قبر عادي، وبدأت بعدها بعض الكرامات التي يتداولها الناس بالظهور مثل شفاء شخص مقعد مر إلى جوار القبر أو القصة الشهيرة في التراث المسيحي عن جملين حاولا نقل جثمانه ورسما إلى جوار صورته حتى الآن وغيرها من المعجزات التي منحته لقبه الشهير ’العجايبي‘، وكان هذا في بدايات القرن الرابع الميلادي، فاشتهر المكان واستخرج الرفات من القبر وجرى عمل آخر ضخم وبدأت الناس تزور القبر وتتوافد عليه، وفي نهايات القرن الرابع بنيت كنيسة وبدأ الناس يأتون للزيارة والحج والصلاة".

 

ويقول ساويرس "كانت هناك بئر في الكنيسة، يتبرك منها الزوار، فبدأت صناعة ما يعرف بقوارير أبو مينا، وهي إناء صغير مصنوع يدوياً بداخله شربة صغيرة من مياه البئر، وانتقلت هذه القوارير إلى مناطق متفرقة من العالم ووجد منها في أوروبا حيث أخذها أبناء هذه البلاد أثناء زياراتهم منذ مئات السنين وبعض منها معروض في متاحف عالمية كما يضم المتحف القبطي في مصر مجموعات متميزة منها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى مر العصور مثلت قصص البطولات سواء في مصر القديمة أو في عصور لاحقة أهمية كبيرة عند المصريين الذين يتداولونها ويتبركون بأصحابها ويقدرونهم. ويقول ساويرس "أبو مينا أو مارمينا قتل قبل المجامع وانقسام الكنيسة وكل المذاهب المسيحية تحب مارمينا وتبجله وكان يزور قبره أبناء جميع المذاهب المسيحية، وحتى بعد مجمع خلقدونية وانقسام الكنيسة استمرت كل المذاهب تصلي في كنيسة مارمينا، وطبقاً للمصادر كانت كل كنيسة لها مذبح، فالخلقدونيون واللاخلقدونيين اجتمعوا على حب أبو مينا".

ويتابع أن "التوافد الكبير من الزوار نتج منه دخل كبير استفادت منه هذه الكنائس، وأُنفق جزء منه على تطوير المكان، فبنيت كنيسة كبيرة وأحاطت بها مدينة أطلق عليها مدينة الرخام لأنها كانت مبنية بصورة فاخرة، واستمر الوضع على هذا النحو حتى القرن الثامن الميلادي ومن وقتها انتقلت تبعية الدير للكنيسة القبطية المصرية وهي الأكبر والأشهر منذ بدايات المسيحية".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات