ملخص
يتوقع مكتب الموازنة في الكونغرس أن تضيف خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لخفض الضرائب نحو 3.4 تريليون دولار إلى العجز خلال العقد المقبل.
في تحول لافت داخل سوق السندات، يتجه المستثمرون نحو سحب أموالهم من السندات الحكومية وضخها في ديون الشركات الأميركية والأوروبية.
يرى مراقبون أنه إذا ما استمرت هذه التحركات، فقد يشير ذلك إلى تحول في إحدى الثوابت الراسخة في الأسواق منذ عقود، أن لا شيء أكثر أماناً من شراء السندات الحكومية الأميركية، لكن مع تفاقم العجز المالي في الولايات المتحدة، نتيجة لخفض الضرائب وارتفاع كلفة الفائدة، قد تجد الحكومة نفسها مضطرة إلى مزيد من الاقتراض، مما يجعل ديون الشركات خياراً أكثر أماناً.
لماذا سحبت المليارات؟
خلال يونيو (حزيران) الماضي، سحب مديرو الأموال نحو 3.9 مليار دولار من سندات الخزانة الأميركية، في حين أضافوا 10 مليارات دولار إلى سندات الشركات المصنفة بدرجة استثمارية في كل من الولايات المتحدة وأوروبا، وفقاً لبيانات شركة "أي بي أر غلوبال".
وخلال يوليو (تموز) الجاري، أضاف المستثمرون 13 مليار دولار أخرى إلى سندات الشركات الأميركية عالية الجودة، وهو أكبر صافي شراء للعملاء منذ بدء تسجيل هذه البيانات خلال عام 2015، وفقاً لمذكرة صادرة عن استراتيجيي بنك "باركليز".
بدأ مدير المحافظ في شركة "إدموند دو روتشيلد" لإدارة الأصول ميكائيل نيزار التحول من السندات الحكومية إلى سندات الشركات نهاية العام الماضي، ولا يزال متمسكاً بهذا التوجه.
وفي مذكرة حديثة كتب استراتيجيون لدى "بلاك روك"، "أصبحت سندات الشركات خياراً واضحاً للجودة".
لكن لماذا يجري التحول ببطء؟
وإذا كان هذا التحول جارياً بالفعل، فهو بوتيرة بطيئة، فالولايات المتحدة لا تصدر ديوناً بعملات أجنبية، ويمكنها طباعة مزيد من الدولارات عند الحاجة. وحتى خلال أبريل (نيسان) الماضي، عندما سادت المخاوف في شأن الحروب التجارية، أدت سندات الخزانة الأميركية أداء أفضل من سندات الشركات، على رغم أن أسعار كلا القطاعين شهدت تراجعاً عاماً، ولا تزال هناك شهية أجنبية قوية لسندات الخزانة، إذ ارتفعت حيازاتها خلال مايو (أيار) الماضي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تقلص الهوامش بين عوائد سندات الشركات خلال الأشهر الأخيرة مما قد يعكس تراجعاً نسبياً في جاذبية الدين الحكومي، إذ فقدت الحكومة الأميركية تصنيفها الائتماني الممتاز الأخير (AAA) خلال مايو الماضي، عندما خفضت وكالة "موديز" تصنيفها إلى (Aa1) مشيرة إلى تفاقم العجز وعبء الفوائد المتصاعد، إذ يتوقع أن تستهلك مدفوعات الفائدة نحو 30 في المئة من الإيرادات بحلول عام 2035، مقارنة بـ18 في المئة عام 2024، وتسعة في المئة فقط عام 2021.
ويتوقع أن تضيف خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لخفض الضرائب نحو 3.4 تريليون دولار إلى العجز خلال العقد المقبل، وفقاً لتقديرات مكتب الموازنة في الكونغرس، وهو هيئة غير حزبية.
خلال الوقت ذاته، تبقى أرباح الشركات قوية نسبياً، وعلى رغم وجود مؤشرات أولية تدعو للحذر، فإن الشركات ذات التصنيف العالي لا تزال قادرة بسهولة على تغطية مدفوعات الفائدة من أرباحها، علاوة على أن عدد الشركات الأميركية التي تفوقت أرباحها على التوقعات في موسم الإفصاح الحالي يفوق ما تحقق خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
ماذا عن تقييمات ديون الشركات؟
ارتفعت تقييمات ديون الشركات أخيراً، في ظل الطلب القوي من المستثمرين، وبلغ متوسط الفارق بين عوائد سندات الشركات الأميركية عالية الجودة ونظيراتها الحكومية أقل من 80 نقطة أساس خلال يوليو الجاري وهو مستوى أدنى بكثير من متوسط العقد الماضي البالغ نحو 120 نقطة، بحسب بيانات نشرت حديثاً، أما سندات الشركات الأوروبية عالية الجودة، فبلغ متوسط الفارق فيها 85 نقطة أساس خلال يوليو الجاري، مقارنة بـ123 نقطة خلال العقد.
لكن بالنسبة إلى بعض مديري الأموال، تمثل هذه التقييمات المرتفعة سبباً يدعو إلى الحذر، إذ قلص مدير صندوق في شركة "أليانس برنستين" غيرشون ديستنفلد استثماراته في سندات الشركات هذا الشهر، مفضلاً تقليل التعرض لأخطار الائتمان مقابل أخطار أسعار الفائدة.
ويوافقه الرأي مدير صندوق متعدد الأصول لدى "شرودرز" دومينيك برونينغر، إذ يرى أن هوامش سندات الشركات باتت ضيقة للغاية، ولم تعد مغرية.
وعلى رغم أن "بلاك روك" متفائلة بصورة عامة في شأن ديون الشركات، فإنها تقلص حيازاتها من السندات طويلة الأجل عالية الجودة بسبب ضيق الهوامش، بينما تزيد من تعرضها للديون القصيرة الأجل.
مع ذلك، يرى عدد من المراقبين أن العالم يشهد تحولاً فعلياً، وأن من المنطقي حالياً تعزيز الحيازات من سندات الشركات.