Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأردن أمام محاولة إسرائيل لتفكيك الجغرافية السياسية الفلسطينية

تصويت "الكنيست" على ضم الضفة الغربية غير ملزم لكنه يدق ناقوس الخطر في عمان

حدود أردنية - إسرائيلية مشتركة (رويترز)

ملخص

نصف سكان الأردن من أصول فلسطينية وقلق من موجات لجوء جديدة وتزايد الضغوط الاجتماعية والاقتصادية. واحتمالات تهجير واسعة من الأغوار والقدس باتجاه الأردن والأرقام قد تصل إلى 100 ألف شخص.

في خطوة تصعيدية جديدة صوت "الكنيست" الإسرائيلي بغالبية 71 نائباً من أصل 120 لمصلحة اقتراح يدعو إلى فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية وغور الأردن. وعلى رغم أن هذا التصويت لا يحمل صفة قانونية إلزامية، فإنه يعكس توجهاً سياسياً يسعى إلى تثبيت السيادة الإسرائيلية على هذه المناطق المحتلة، مما أثار قلقاً أردنياً ودفع مراقبين إلى الحديث عن تبعاته على الأمن الوطني الأردني والسيادي.

تداخل جغرافي سكاني

منذ سنوات يعد الأردن أي محاولة إسرائيلية لفرض السيادة على الضفة الغربية تهديداً مباشراً لأمنه الوطني، بخاصة مع التداخل الجغرافي والسكاني بين الضفتين، إذ يقارب عدد الأردنيين من أصول فلسطينية نحو نصف عدد السكان، فضلاً عن مخاوف رسمية من موجات لجوء جديدة للفلسطينيين إلى الأراضي الأردنية.

الموقف الرسمي عبرت عنه وزارة الخارجية الأردنية التي أعلنت رفضها المطلق هذا التصويت، معتبرة إياه انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وتقويضاً لحل الدولتين الذي تعول عليه عمان، منذ سنوات، وتدفع به بقوة لإبعاد شبح التوطين وتحويل أراضيها إلى وطن بديل.

وإلى جانب تهديد السيادة الأردنية والأمن الوطني للبلاد، يعتقد مراقبون أن هذا القرار قد يؤدي إلى زيادة الضغط على موارد الأردن الاقتصادية والاجتماعية في حال حدوث أي محاولات للتهجير، في مجالات المياه والطاقة والبنية التحتية، وقد يفاقم أزمة اللاجئين الفلسطينيين في المملكة، بينما يعد آخرون أن جدية إسرائيل في قرارها هذا ستكون اختباراً جديداً للعلاقات الأردنية - الإسرائيلية التي تترنح منذ سنوات في ظل معاهدة "وادي عربة" الموقعة عام 1994.

أدوات رد

تبدو السياسة الخارجية الأردنية مسلوبة الإرادة أمام هذا الخطر السيادي إلا من بعض الأدوات التي لا يعول عليها كثيراً لإحداث اختراق أو تأثير في القرار الإسرائيلي، ويتوقع أن يكثف الأردن جهوده الدبلوماسية على الصعيدين الإقليمي والدولي، من خلال تقديم شكاوى إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي ضد الإجراءات الإسرائيلية، والضغط على الدول الكبرى للاعتراف بدولة فلسطين على حدود عام 1967، ومحاولة حشد موقف عربي وإسلامي موحد لمواجهة السياسات الإسرائيلية.

كل ذلك إضافة إلى زيادة الدعم المالي والإنساني للسلطة الفلسطينية ومحاولة اللجوء لتحريك الشارع الأردني وتنظيم فعاليات شعبية تشكل ضغطاً على إسرائيل، فضلاً عن مراجعة الاتفاقات الثنائية مع إسرائيل، بخاصة تلك المتعلقة بالتعاون الأمني والاقتصادي.

تهديد مركب

في السياق أكد الكاتب السياسي محمد القوابعة أن القرار بالنسبة إلى الأردن لا يعد مجرد مسألة جغرافية أو علاقة جوار، بل هو تهديد مركب للأمن القومي والاستقرار الداخلي، "من الناحية الأمنية يشكل الضم تهديداً مباشراً للأمن القومي الأردني، نظراً إلى أن طول الحدود المشتركة بين الأردن والضفة الغربية يبلغ نحو 335 كيلومتراً، لذلك فإن ضم الضفة يعني تحويل هذه الحدود إلى جبهة توتر دائمة وعمليات تهجير قسري للفلسطينيين ستدفع، بلا شك، آلاف اللاجئين الفلسطينيين إلى الأردن الذي يستضيف أكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين في العالم". وتحدث القوابعة عن تقديرات تشير إلى احتمال نزوح أكثر من 100 ألف فلسطيني إلى الأردن، بخاصة من مناطق الأغوار والقدس الشرقية، "مما سيضاعف أزمات الأردن الاقتصادية في ظل ارتفاع معدلات البطالة وتفاقم الدين العام، والضغط على الخدمات والموارد المحدودة أصلاً". ويخشى القوابعة من أن يقوض القرار الإسرائيلي الدور الهاشمي في الوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الذي يعد ركيزة أساسية في الشرعية الوطنية الأردنية، "بالتالي يفقد الأردن ورقة ضغط استراتيجية حيوية على الصعيدين الإقليمي والدولي، والقضاء على أي أمل بإقامة دولة فلسطينية مستقلة".

تهجير ناعم وقسري

من جهته لفت المحلل السياسي ماهر أبو طير "إلى أن إسرائيل تتجه، عاجلاً أم آجلاً، لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، وضمها، مما يعني انتهاء مشروع أوسلو، والسطو على كل مساحات الضفة في منطقتي (أ) و(ب) بما يشمل كل الأراضي الزراعية والريفية والقرى، وتلك التي لا بناء عليها، ومن ثم السطو الكامل على الأرض في منطقة (ج)"، أما تداعيات هذا القرار فهي، بحسب أبو طير، "التهجير الناعم تحت وطأة الظروف الاقتصادية والأمنية السيئة والصعبة، والتهجير القسري نحو الأردن لغايات السطو على الجغرافيا الأردنية، وإعادة رسم كل هذه المنطقة، بما ينفذ مخطط التوسع الجغرافي". وحذر أبو طير "من أن الرئاسة الفلسطينية الحالية قد تكون آخر رئاسة فلسطينية في ظل عملية تفكيك السلطة، وانهيارها المالي، مما سيفاقم خطورة ضم الضفة، في ظل وضع إقليمي هش، وتحالفات عربية ضعيفة". وأوضح "أن ثمة كلفة على الأردن سياسياً وديموغرافياً تتطلب تجاوز الترقب وانتظار التطورات لاتخاذ إجراءات متدرجة في مواجهة احتمال تهجير أكثر من 3 ملايين فلسطيني في الضفة سيصبحون في عين العاصفة قريباً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

دفن حل الدولتين

بدوره أكد مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في "الجامعة الأردنية" حسن المومني أن "طرح مسألة ضم الضفة الغربية يفرض وقائع ميدانية جديدة من شأنها أن تعقد، إن لم تجهض تماماً، إمكان التوصل إلى حل الدولتين". وتوقع المومني حدوث موجات تهجير قسري، "خدمة لأجندات التيارات الدينية المتطرفة في إسرائيل"، معتبراً ان توقيت هذا القرار ليس عابراً.

في السياق أظهر استطلاع "مركز الدراسات الاستراتيجية" بـ"الجامعة الأردنية" عام 2022 أن 91 في المئة من الأردنيين يثمنون جهود الملك الأردني عبدالله الثاني والحكومة في مواجهة قرار الضم، في وقت اعتبر 76 في المئة أن الضم سيؤثر سلباً في الاستقرار الداخلي للأردن، ورأى 83 في المئة أن الضم اعتداء على الأراضي الأردنية.

وفي ما يتعلق بسبل الرد الأردني على القرار رأى 22 في المئة ضرورة وقف الاتفاقات مع إسرائيل، وطالب 18 في المئة بطرد السفير الإسرائيلي من البلاد، كما طالب 15 في المئة بإنهاء معاهدة السلام.

خطر بالأرقام

وسط هذه الأجواء تشير أرقام وإحصاءات رسمية، وفق وزارة الداخلية، إلى أن طول الحدود الأردنية مع الضفة الغربية يمتد نحو 335 كيلومتراً، مما يشكل أكثر من نصف الحدود الأردنية مع إسرائيل، ويستضيف الأردن نحو 2.1 مليون لاجئ فلسطيني مسجلين لدى وكالة "الأونروا"، منهم ما يقارب 370 ألفاً يعيشون في مخيمات اللاجئين. وتشير منظمات حقوقية مثل "بتسليم" و"مركز أبحاث الأراضي" إلى احتمال نزوح أكثر من 100 ألف فلسطيني من الضفة الغربية في حال فرض السيادة الإسرائيلية عليها.

كذلك، فإن الدين العام الأردني تجاوز 45 مليار دولار، بنسبة تزيد على 100 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي وفقاً لتقرير البنك المركزي الأردني العام الماضي.

ويعد "جسر الملك حسين" المعبر التجاري الرئيس بين الأردن والضفة الغربية، ويمر من خلاله نحو 80 في المئة من حركة البضائع، كما تقول وزارة النقل الأردنية، لكن في حال إغلاق المعبر فإن الأردن سيتكبد خسائر مالية كبيرة، تقدر بمئات ملايين الدولارات سنوياً في قطاعات التجارة والسياحة.

اقرأ المزيد

المزيد من الشرق الأوسط