Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صدع جيفري إبستين... هل يخاطر ترمب بخسارة "ماغا"؟

الحركة غاضبة لعدم الإفصاح عن تحقيقات الملياردير المدان بالاتجار الجنسي ومواصلة إرسال الأسلحة لأوكرانيا ومداهمة بعض المهاجرين

يرتدي قبعة "ماغا" بينما يختبر مدفع رشاش خلال عرض الذكرى السنوية الـ250 للجيش في واشنطن، 14 يونيو 2025 (أ ف ب)

ملخص

تحذيرات من خطر خسارة 10 في المئة من حركة "ماغا"، مما يعني خسارة الانتخابات النصفية العام المقبل، وربما خسارة الانتخابات الرئاسية التالية، فما أسباب اتهام ترمب بأنه أصبح دولة عميقة؟ ولماذا يخاطر بخسارة قاعدته الشعبية في "ماغا"؟

تصاعدت الاحتجاجات خلال الأيام الأخيرة على تعامل إدارة ترمب مع ملفات جيفري إبستين، الممول المتوفى الذي دين بالاتجار بالجنس بفتيات قاصرات، لكن الغريب في الأمر هو انتقاد كبار قادة حركة "ماغا" للبيت الأبيض، وهجومهم على المدعية العامة للرئيس الأميركي بام بوندي لرفضها الإفصاح عن المعلومات حول تحقيق يتعلق بالمرتبطين المحتملين بإبستين، وطرحهم تساؤلات حول سبب عدم انسجام الرئيس مع قاعدته الشعبية في قضايا أخرى مثل مواصلة إرسال أسلحة أميركية إلى أوكرانيا، واحتمال تجنب شرطة الهجرة مداهمة المهاجرين غير الشرعيين في بعض قطاعات الاقتصاد، مما جعل ترمب وإدارته في مرمى النيران، وصعود تحذيرات من خطر خسارة 10 في المئة من حركة "ماغا"، مما يعني خسارة الانتخابات النصفية العام المقبل، وربما خسارة الانتخابات الرئاسية التالية، فما أسباب اتهام ترمب بأنه أصبح دولة عميقة؟ ولماذا يخاطر بخسارة قاعدته الشعبية في "ماغا"؟

قائمة إبستين

على مدى الأيام القليلة الماضية، تحول قادة قاعدة ترمب الشعبية في حركة "ماغا" (لنجعل أميركا عظيمة مجدداً) ضد مواقف إدارة الرئيس التي تفجرت بسبب نفي المدعية العامة بام بوندي وجود قائمة عملاء لرجال نافذين يزعم مشاركتهم في مخططات جيفري إبستين. فعلى مدى سنوات، دعا كثير من اليمين، بمن فيهم بعض الأشخاص الذين يعملون الآن في إدارة ترمب، إلى الكشف عن جميع الوثائق الحكومية المتعلقة بإبستين الذي توفي بصورة مفاجئة أثناء احتجازه عام 2019، وقرر الطبيب الشرعي أنه انتحر وسط شكوك متزايدة ونظريات مؤامرة تحدثت عن قتله، بخاصة بعد أن ذكر موقع "وايرد" أن تسجيلات كاميرات المراقبة بالقرب من زنزانة إبستين في الليلة التي سبقت العثور عليه ميتاً خضعت للتعديل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولأن أنصار الرئيس، الذين يغذون حركة "ماغا"، ظلوا مهووسين بقضية إبستين لسنوات، اعتقاداً منهم بأن قائمة عملائه تضم شخصيات يسارية نافذة، وطالبوا بمعرفة جميع التفاصيل التي ربما تخفيها السلطات، مما دفع ترمب إلى التعهد خلال حملته الانتخابية بالنظر في رفع السرية عن ملفات إبستين، وتأييد كاش باتيل مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي ذلك، ثم إعلان المدعية العامة بام بوندي على قناة "فوكس نيوز" في فبراير (شباط) الماضي أن القائمة على مكتبها للمراجعة، شعر قادة وأعضاء حركة "ماغا" بالخيانة مع إصدار بوندي مذكرة تفيد بأن مراجعة وزارة العدل لم تكشف عن أية قائمة عملاء لرجال نافذين يزعم مشاركتهم في مخططات إبستين، وأن الرجل انتحر بالفعل، مما جعلهم يطالبون بإقالتها من منصبها، ولم يسهم دفاع ترمب عن بوندي ومحاولاته لحث مؤيديه على تجاوز هذه القضية في تهدئة الغضب.   

نقطة تحول

في تجمع لأعضاء "نقطة تحول"، التي تضم مؤيدي ترمب من الشباب والطلاب المحافظين المتدينين، الذين يضعون استراتيجيات لتعزيز حركة "ماغا"، حذر قادة الحركة البيت الأبيض من الغضب المثار في شأن تحقيق جيفري إبستين وقضايا أخرى، ووجهوا انتقادات من فوق المنصة وعلى حساباتهم الواسعة النطاق على مواقع التواصل، مهاجمين ليس فقط بام بوندي، بل وطرحوا تساؤلات حول سبب عدم انسجام الرئيس مع قاعدته الشعبية، كما انضم إليهم مقدمو برامج في قناة ترمب المفضلة "فوكس نيوز"، الذين طالبوا البيت الأبيض بتقديم إجابات موضوعية حول أسئلة مشروعة.

لكن ترمب لم ينح نفسه جانباً، بل ضاعف دعمه لبوندي، وأصدر توبيخاً نادراً لقاعدته، داعياً إياهم إلى التوقف عن طرح الأسئلة حول نظرية المؤامرة التي يراها كثيرون في حركة "ماغا" أساسية للكشف عما يعدونه "الدولة العميقة" من أجل تحقيق الشفافية في واشنطن، ولم يؤد تحديه إلا إلى تأجيج غضب بعض أشد مؤيدي ترمب ولاء، مما أثار تساؤلات حول ما إذا كان هذا الانقسام سيلحق ضرراً دائماً بائتلاف ترمب، بخاصة أن بعضاً من أشد مؤيدي ترمب إخلاصاً أصبحوا أيضاً أكثر قلقاً إزاء قرار البيت الأبيض مواصلة إرسال الأسلحة الأميركية إلى أوكرانيا، كما يشعرون بخيبة أمل من احتمال تجنب شرطة الحدود والهجرة المعروفة باسم (آيس) مداهمة المهاجرين غير الشرعيين في قطاعي الزراعة والضيافة الفندقية، التي تعد حيوية لنشاط الاقتصاد الأميركي.

ضرر قريب

يحذر كثير من القادة المؤثرين في حركة "ماغا" من تداعيات خطرة إذا استمر الرئيس ترمب في تجاهل ما تريده الحركة من سياسات تعهد بها من قبل، فقد حذر تشارلي كيرك مؤسس "نقطة تحول الولايات المتحدة" البالغ من العمر 31 سنة، من أن مؤيدي ترمب من الشباب منزعجون بصورة خاصة مما يرونه نقصاً في الشفافية حيال إبستين لأن ثقتهم بالحكومة معدومة، والسبب الوحيد الذي منعهم من التدخل هو ترمب نفسه، لكنه وصف الشباب الذين صوتوا لترمب بأنهم أصبحوا فتياناً ضائعين وأكثر عرضة للانفصال السياسي إلى اليسار، وربما يصبحون في أسوأ الأحوال أعضاء منتمين لحركة ممداني، في إشارة إلى زهران ممداني المرشح الاشتراكي الديمقراطي لمنصب عمدة نيويورك، وذلك بسبب السخرية الجماعية منهم على مواقع التواصل الاجتماعي.

 

وعلى رغم أن أبيغيل جاكسون المتحدثة باسم البيت الأبيض حاولت التخفيف من وطأة الانتقادات عبر التأكيد أن ترمب يفي بوعوده لقاعدته، ولن يكف أبداً عن الاستماع إلى أصوات أقرب حلفائه، وأن الحزب الجمهوري في عهده أكثر توحداً من أي وقت مضى، فإن احتمالية تنفير البيت الأبيض لشرائح رئيسة من الحركة التي أعادت ترمب لواشنطن كانت موضوعاً ثابتاً في خطابات بعض أكبر المعلقين في سياسات "ماغا".

على سبيل المثال، أمضت ميغين كيلي مقدمة البرامج المحافظة التي عملت سابقاً في قناة "فوكس نيوز"، أكثر من نصف ساعة في انتقاد بوندي، وحذرت من أن هذا الأمر قد يكلف ترمب خسارة كبيرة في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأميركي، كذلك توقع المستشار الكبير السابق للبيت الأبيض ستيفن بانون، خسارة "ماغا" 10 في المئة من مؤيديها، مما يعني خسارة 40 مقعداً في انتخابات الكونغرس عام 2026، وقد يؤدي ذلك أيضاً إلى خسارة مقعد الرئاسة في انتخابات 2028 من دون أن يسرقها الديمقراطيون، على حد قوله.

استياء متصاعد

لم تكن الضجة المحيطة بإبستين سوى أحدث حلقة في سلسلة من المخاوف المتصاعدة حول ترمب من مجموعة من الشخصيات النافذة في "ماغا" والحزب الجمهوري، في شأن سلسلة واسعة من القضايا. بالنسبة إلى تاكر كارلسون، مقدم البرامج السابق في "فوكس نيوز"، الذي يبث برامجه ولقاءاته الآن على منصة "إكس"، كان السبب قصف إيران الذي عارضه على اعتبار أنه يورط أميركا في صراعات خارجية. وبالنسبة إلى لورا لومر، وهي من رائدات نظريات المؤامرة اللاتي ينصت إليهن ترمب، كان السبب قبول الرئيس الأميركي طائرة فاخرة من قطر.

أما بالنسبة إلى بن شابيرو، وهو مذيع "بودكاست" شهير مؤيد لترمب، فكان السبب الرسوم الجمركية التي فرضها ترمب عالمياً. ولجو روغان، وهو مذيع "بودكاست" يتمتع بشعبية واسعة، كان السبب مداهمات دائرة الهجرة والجمارك التي تستهدف العمال المهاجرين الذين ليس لديهم سجل إجرامي. ولإيلون ماسك، أغنى رجل في العالم الذي ترك منصبه أخيراً في واشنطن كموظف حكومي خاص في إدارة الكفاءة الحكومية، فإن السبب يعود لمشروع القانون الكبير الجميل المتعلق بالإنفاق الحكومي والضرائب.

 وعلى رغم أن معظم الشخصيات الإعلامية اليمينية البارزة امتنعت في سياق حديثها عن ملف إبستين عن مهاجمة ترمب مباشرة، وركزت غضبها بدلاً من ذلك على بوندي أو شخصيات أخرى في الإدارة، فإنه مع استمرار تنامي الاستياء في هذه المجتمعات التي تشعر بالخيانة من ترمب، فقد يتغير هذا الوضع.

تمثل إحباطات هؤلاء جزءاً من استياء أوسع نطاقاً في عالم حركة "ماغا" من سياسات الرجل الذي أسسها، لهذا يعدونها لحظة حاسمة للحركة التي ظلت على مدى العقد الماضي منسجمة إلى حد كبير، وهي الآن تختبر مدى استعدادها للانفصال عن ترمب، وما إذا كان بإمكان أي شخص آخر غيره تحديد مسارها.

يرى كبير الباحثين في مجموعة "ميديا ماترز فور أميركا"، وهي مجموعة مراقبة إعلامية، ماثيو غيرتز أن الخطر على ترمب يكمن في أن تبدأ القاعدة الشعبية، التي تنفق الأموال على الاشتراكات والتبرعات وتشاهد مقاطع فيديو "يوتيوب" وتستمع إلى "البودكاست"، في مطالبة طبقة المؤثرين بشيء مختلف بما يكفي لتغيير الحسابات لصالح عدد من الشخصيات الأكثر نفوذاً في الحركة، إذ سيتعين على طبقة المؤثرين التكيف مع ما قد يمثل نموذجاً جديداً في طريقة عمل وسائل الإعلام السياسية اليمينية، لكن بينما لا يبدو أن الحركة وصلت إلى هذه المرحلة بعد، فإنه إذا تحول هذا الوضع يوماً ما، يتوقع غيرتز أن يحدث ذلك بسرعة كبيرة.

تهديد وجودي

إضافة إلى ذلك، توقع الكاتب في صحيفة "نيويورك تايمز" ديفيد فرينش انهيار حركة "ماغا" بعد رحيل ترمب، مشيراً إلى أنها قد تتفكك لأن وجودها بحد ذاته مبني على سلسلة من الادعاءات الخيالية حول أميركا والحكومة الفيدرالية، وهذا يعني أن مؤثري الحركة يخدعون أنفسهم والجمهور اليميني باستمرار، مما يجعلها منظومة تعمل في حال أزمة دائمة وتحت شعور طاغ بالمظالم، ونظراً إلى أن مؤيدي "ماغا" مقتنعون تماماً بأن أسوأ القصص المحتملة هي حقيقة واقعة، فسيهاجمون أي شخص غير دونالد ترمب يجرؤ على إخبارهم الحقيقة.

وبحسب فرينش، بمجرد مغادرة ترمب منصبه، لن يبقى أحد لإنهاء الخلافات الداخلية وتوجيه الجميع للاصطفاف، وسنجد أن عدداً من مظالم حركة "لنجعل أميركا عظيمة مجدداً" موجهة ضد جمهوريين آخرين.

 

لكن في الوقت الراهن، ما زال الرئيس ترمب يحافظ على نسب تأييد عالية لدى القاعدة الجمهورية، فقد أظهر استطلاع رأي أجرته مجلة الـ"إيكونيميست" بالتعاون مع مؤسسة "يوغوف" الأسبوع الماضي، أن 87 في المئة من الجمهوريين يوافقون على أداء ترمب بمنصبه حتى الآن، في حين تتزايد المؤشرات بأنه يستجيب لتطلعات حركة "ماغا" التي يهتم بها، بدليل أنه تجاوب بصورة إيجابية مع نقاشات دارت عبر الإنترنت الأسبوع الماضي حول ما إذا كان سيقدم نوعاً من الاستثناء بعد أن أشاد في تجمع انتخابي بجهود السماح لعمال المزارع غير المسجلين بالبقاء في الولايات المتحدة، واستجاب ترمب لمخاوف في اجتماع لحكومته، مؤكداً أنه لن يكون هناك استثناء لهذه الفئة.

بالنسبة إلى بعض المسؤولين في البيت الأبيض فإن مثل هذه الأمور جديرة بالملاحظة عند التفكير في كيفية موازنة الرئيس لوجهات النظر التي يتلقاها، وإن كثيراً مما فعله أخيراً هو رد فعل مباشر على عدد من وعود حملته الانتخابية التي قدمت لقاعدته الشعبية.

التحدي القادم

مع ذلك فإن التحدي الأكبر القادم أمام ترمب يتمثل في قلق شريحة أكبر من الشباب حيال السياسات الأكثر تشدداً تحت شعار "أميركا أولاً"، لذا فإن ضمان الالتزام بها قد يكون أكثر إثارة للجدل، فقد أثبتت قاعدة ترمب صمودها، ومنحته ترشيحه للرئاسة لعام 2024 بعد فترة من عدم اليقين السياسي عقب خسارته عام 2020 وهجوم السادس من يناير (كانون الثاني) 2021 على مبنى الكابيتول الأميركي، على رغم أن بعض الجمهوريين الأقوياء حاولوا إيقافه.

لكن الآن، ومع عودة ترمب للبيت الأبيض بتحالف أوسع يضم قادة قطاع التكنولوجيا في "وادي السيليكون"، ومزيداً من الناخبين اللاتينيين والسود، والليبراليين المخضرمين الذين خاب أملهم في تعامل الديمقراطيين مع قيود وباء "كوفيد" ومتطلبات اللقاح، والشباب الذين لم يشاركوا سابقاً في السياسة الجمهورية، يترقب الجميع ما إذا كانوا جميعاً سيبقون في تحالف "ماغا" إلى الأبد.

بحسب مؤسس "نقطة تحول" تشارلي كيرك، فإن تأثير زهران ممداني، المرشح الديمقراطي التقدمي لمنصب عمدة نيويورك، سينتشر ويجتذب قطاعاً من حركة "ماغا" ما لم يجر تحسين الظروف المادية للناخبين الشباب بسرعة، داعياً الحزب الجمهوري بزعامة ترمب إلى إصدار بيان حاسم من خلال إطلاق مبادرة لبناء 10 ملايين منزل، على غرار "خطة مارشال" لمعالجة مشكلة قدرة الشباب على تحمل تكاليف شراء منزل.

من فوق خشبة مسرح تجمع "نقطة تحول" في تامبا بولاية فلوريدا، احتفل كيرك بالمكاسب التي حققتها منظمته والمنظمات الأخرى في إقناع الشباب بدعم ترمب، مشيراً إلى أن "جيل زد"، وهو جيل الإنترنت من الشباب العمليين المتنوعين عرقياً الذين ولدوا بين 1997 و2012، ما زال يربك جميع الليبراليين بسبب ابتعاد شريحة كبيرة من الحزب الديمقراطي، واصفاً ذلك بأنه أعظم إعادة تنظيم للأجيال، ولهذا قال كيرك "لقد حولنا قبعة ’ماغا‘ الحمراء من رمز كان الجميع يخشون ارتداءه عام 2016، إلى رمز للأمل وللتفاؤل والوطنية واستعادة بلادنا".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير