ملخص
أظهرت إنجلترا قوتها الحقيقية في يورو 2025 بفوز ساحق على ويلز (6 - 1) لتبعث برسالة تحذيرية إلى منافسيها قبل ربع النهائي. أداء هجومي شرس، وتشكيلة ثابتة متجانسة، وزخم متصاعد يعيد ذكريات الانتصارات التاريخية.
بالنسبة إلى منتخب ويلز، الذي جلب معه كل هذا الشغف والألوان والفخر إلى "يورو 2025"، لم تكن هذه الطريقة المناسبة لتوديع البطولة. فقد وقف الفريق الويلزي صفاً واحداً أمام "الجدار الأحمر" في سانت غالن، ولا شك في أنه لا عار في الخسارة أمام منتخبات مثل إنجلترا وفرنسا وهولندا، لا سيما في أول مشاركة كبرى لهم في بطولة رسمية.
رسالة تحذير للجميع
لكن إنجلترا كان عليها أن تكون حاسمة، وفوزها بنتيجة (6 - 1) في ختام دور المجموعات كان رسالة واضحة، وقالت إيلا تون "يجب أن تخاف السويد"، وقد أظهرت هذه المباراة السبب، إذ عاد فريق المدربة سارينا فيغمان إلى أفضل حالاته التدميرية بأكبر انتصار في "يورو 2025" حتى الآن.
ففي الأيام التي أعقبت الهزيمة الافتتاحية أمام فرنسا، تحدثت حاملات اللقب عن العودة إلى "النسخة الحقيقية من إنجلترا"، وعن تذكر سبب وجودهن في البطولة.
لقد بدأت تلك المسيرة قبل أربع سنوات بسلسلة من الانتصارات الكاسحة. ولم تتردد إنجلترا في سحق خصومها مثل لاتفيا بنتيجة (20 - 0)، وعلى رغم أن التطور الإيجابي في اللعبة حال دون حدوث مثل هذه الفوارق الكبيرة خلال التصفيات في السنوات الأخيرة، فإنه لم يكن من قبيل المصادفة أن المنتخب الإنجليزي نفسه سحق النرويج في فوز قياسي بنتيجة (8 - 0) في دور المجموعات من "يورو 2022".
اللعب بذلك الجوع وتلك الحدة، بغض النظر عن نتيجة المباراة، هو سمة مميزة لما جعل فريق فيغمان ناجحاً إلى هذا الحد. وقد كان غياب هذه السمات هو ما أدى إلى فترات من عدم الثبات خلال الـ18 شهراً الماضية. وعندما تحدث فريق فيغمان عن أداء "إنجلترا الحقيقي" وعودة الروح القتالية أمام هولندا، كان من المهم الاستفادة من ذلك لبناء الزخم، فقد فازت إنجلترا في مباراتين متتاليتين مرة واحدة فقط خلال العام الماضي، وعلى رغم أن لاعبات إنجلترا كن في حاجة إلى الفوز للتأهل لربع النهائي، فإن الأمر كان يتعلق بالحفاظ على الضغط والاستمرار بنفس القوة.
وقالت جورجيا ستانواي "نحن فقط سعداء لأننا واصلنا المعايير التي وضعناها أمام هولندا. كان من المهم جداً أن نكمل من حيث توقفنا، وأن نتمكن من بناء الزخم".
وأضافت ميد "أعتقد أن الفضل يعود لنا في قدرتنا على اختراق دفاعهم. خلقنا فرصاً متنوعة، وسجلنا من خلال ست لاعبات مختلفات، واستطعناً إحراز أهداف من أنواع مختلفة. هذا شيء تحاول سارينا دائماً أن تغرسه فينا. لقد أخبرتنا أننا في حاجة إلى أن نكون أكثر شراسة. وتسجيل ستة أهداف يعتبر شراسة حقيقية".
تقدمت إنجلترا بنتيجة (4 - 0) في الشوط الأول، ولعبت بالحماسة والطاقة اللتين كانتا غائبتين بوضوح في مباراة فرنسا. واعترفت ميد قائلة "ربما كان ذلك أفضل ما حدث لنا كفريق. أعتقد أنه حفزنا. أجرينا نقاشات، ووجدنا أموراً كان علينا ربما أن ندركها. أنت لا تفوز أو تخسر بطولة من المباراة الأولى، ونحن الآن في وضع نبني فيه أنفسنا بصورة جيدة".
وبالطبع، فإن منتخب ويلز، الذي يعد صاحب التصنيف الأدنى في "يورو 2025"، كان من المتوقع أن يكون الطرف الأضعف إلى حد كبير، لكن فيغمان شددت على أهمية تحريك الكرة بسرعة وجلب الحدة إلى مباراة كان من المتوقع أن تهيمن عليها إنجلترا منذ البداية.
لقد تعلمت لاعبات إنجلترا بالطريقة الصعبة منذ فوزهن ببطولة أوروبا، أنهن أصبحن هدفاً لكل الخصوم، وأن دوافع الفرق المنافسة لإسقاطهن لا تنضب. أما ويلز، التي تحدثت لاعباتها عن أن الرغبة في هزيمة إنجلترا تجري في "دمائهن وتركيبتهن الوراثية"، فقد كانت إنجلترا تعلم أنها في حاجة إلى أن تكون في قمة تركيزها.
تشكيلة ثابتة لاستمرار بناء الزخم
بعد فوزهن المذهل بنتيجة (4 - 0) على هولندا، أعلنت إنجلترا عن تشكيلتها الأساسية من دون أي تغيير للمرة الأولى منذ كأس العالم 2023 قبل عامين، في إشارة أخرى إلى مدى رغبة فيغمان الشديدة في اغتنام الفرصة لبناء زخم حقيقي قبل ربع النهائي.
ومنذ أن تقدمت إنجلترا في الدقيقة الـ13 عبر ركلة الجزاء المثيرة للجدل التي سجلتها ستانواي، لم يشكك أحد فعلياً في فوزهن، إذ لعبت حاملات اللقب وكأن أمامهن فرصة ذهبية لاستعادة هالتهن، وإحياء ذلك الشعور الذي رافقهن خلال مراحل المجموعات قبل ثلاث سنوات، ثم الحفاظ عليه.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وشهدت المباراة لحظات مهمة. فقد بدت لورين جيمس مرتاحة بكل سلاسة على الجناح الأيمن. أما أليشا روسو ولورين هيمب، فقد سجلتا أول أهدافهما في هذه البطولة. وعلى رغم أن روسو كان بإمكانها أن تسجل المزيد، فإن تسجيل الهدف الأول، كجزء من مساهمتها العامة في قيادة خط الهجوم، يمكن أن يعزز من ثقتها بصورة كبيرة. أما إيلا توون، فهي في قمة مستواها حالياً، بعدما سجلت في كلتا مشاركتيها كأساسية في هذه البطولة.
سيطرت كيرا وولش وستانواي على خط الوسط مجدداً، وظهر الانسجام بينهما، مع عزيمة واضحة لاستعادة الكرات المرتدة التي أفلتت منهما في المباراة الافتتاحية. كما بدأ خط الدفاع المعاد تشكيله يزداد تآلفاً، حيث كانت أليكس غرينوود تتقدم إلى الداخل، فيما تدفع لوسي برونز للأمام وتتجه إلى الأطراف على الجهة اليمنى، ما أتاح لإنجلترا تغيير شكلها التكتيكي عند الاستحواذ على الكرة. أما الفجوة الوحيدة التي تمكنت ويلز من استغلالها، فجاءت من هدف الشرف الذي سجلته هانا كاين.
وكانت التشكيلة التي اختارتها فيغمان في حد ذاتها خطوة واثقة، إذ كانت تخطط منذ البداية لدخول البطولة بقدرة أكبر على التكيف والتنوع. ولعبت إنجلترا مبارياتها الثلاث في دور المجموعات بثلاث طرق مختلفة، مع تغيير واحد فقط في التشكيلة الأساسية. هذه الخطة سمحت لجيمس بشغل مراكز أكثر مركزية في الملعب، في حين اندفعت برونز إلى الأطراف، مع الحفاظ على التوازن بوجود ستانواي وولش وتوون في الفريق. ومرة أخرى، أثبتت جيمس أنها تتفوق بمستواها على الجميع.
بديلات إنجلترا في موقف صعب بسبب تألق التشكيلة الأساسية
ومع اقتراب إنجلترا من التأهل لربع النهائي، استغلت فيغمان خياراتها من على دكة البدلاء. فدخلت كل من آجي بيفر جونز وجيس بارك وكلوي كيلي وميد إلى أرض الملعب، وكن جميعاً متحمسات لإثبات أنفسهن، وقد أظهرت طريقة إنهاء ميد لهجمتها بعدما راوغت للداخل مدى ضراوة المنافسة بين اللاعبات. واحتفال ميد وبيفر جونز بأهداف الشوط الثاني مع بقية البدلاء يعكس أن هذه المنافسة لا تزال قائمة وبصحة جيدة.
وقالت ميد موضحة "أعتقد أننا نقلل من صعوبة الأمر على اللاعبات الجالسات على دكة البدلاء أحياناً، وعلى من لا يحصلن على فرصة اللعب كثيراً، وقبل بداية المباراة كنا جميعاً نشعر بشيء من التوتر، وكان ذلك جزءاً من دافعنا. في الواقع، قلنا إنه إذا سجلت أي واحدة منا بعد دخولها، فسنحتفل معاً ونظهر التقدير لبعضنا البعض. لذا هذا ما فعلته".
وقد تحتاج دكة بدلاء إنجلترا إلى التماسك لفترة أطول قليلاً. فالتشكيلة الأساسية التي اختارتها فيغمان لبقية مشوار البطولة تبدو شبه محسومة قبل مواجهة السويد في ربع النهائي، الخميس المقبل، في زيوريخ. واستناداً إلى الأداء القوي في الشوط الأول، والصلابة التي أظهرتها اللاعبات في إرسال ويلز إلى خارج البطولة من دون رحمة، يبدو أن إنجلترا قد استعادت حالتها الذهنية الشرسة من جديد.
© The Independent