Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أوكرانيا منسية فحروب الشرق الأوسط تصرف انتباه الغرب عنها

قال زيلينسكي إن المواجهة بين إيران وإسرائيل حولت انتباه الشركاء الدوليين عن بلاده وخلقت لها "مشكلة كبيرة"

وضع القوات المسلحة الأوكرانية يثير القلق حتى بين الداعمين الغربيين لأوكرانيا (أ ف ب)

ملخص

في مقابلة مع قناة "أي بي سي" الأميركية، أعرب زيلينسكي عن استيائه من إرسال الولايات المتحدة 20 ألف صاروخ إلى الشرق الأوسط. وأوضح أن هذه القذائف كانت مخصصة لتلبية حاجات القوات المسلحة الأوكرانية.

فور بدء تبادل الضربات بين إسرائيل والولايات المتحدة من جهة وإيران من جهة ثانية، بدأ الخوف يدب في كييف التي أدركت قيادتها فجأة أن العالم قد يتخلى عنها بسرعة، لأن هناك أموراً أكثر خطورة وإلحاحاً بعيداً من ضفاف نهر الدنيبر، وأشد عمقاً وتأثيراً من الأزمة الأوكرانية التي لم تعد تقلق العالم كله ولا تشغل الناس أجمعين.

لذلك شعر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بقلق بالغ إزاء الصراع بين إسرائيل وإيران، لكن ما أخاف الرئيس الأوكراني وأذهله ليس عدم الاستقرار في الشرق الأوسط بحد ذاته، بل حقيقة أن الولايات المتحدة لم تعد قادرة ولا راغبة في تقديم المساعدات العسكرية والمالية التي يطلبها، لا سيما أن البنتاغون كان يخطط لقطع الإمدادات العسكرية عن كييف حتى قبل التصعيد، وهو سحب بعض الأنظمة الدفاعية المضادة للأهداف الجوية ووجهها إلى قواته في الشرق الأوسط، وبخاصة تلك التي تتولى الدفاع عن إسرائيل وأجوائها من الصواريخ الإيرانية التي كانت تنهمر عليها يومياً بغزارة.

زيلينسكي قلق من صراع الشرق الأوسط

وأمس الثلاثاء الـ24 من يونيو (حزيران) وبينما كانت الحرب بين تل أبيب وطهران تتجه لوضع أوزارها وإسكات هدير صواريخها، قال زيلينسكي إن المواجهة بين إيران وإسرائيل حولت انتباه الشركاء الدوليين عن أوكرانيا، وخلقت لها "مشكلة كبيرة"، معرباً عن مخاوفه المتكررة من انعكاسات ذلك على الدعم العسكري والمالي لكييف.

وقال زيلينسكي في مقابلة صحافية أذيعت ذلك اليوم "هذه مشكلة كبيرة، قد يتحول فيها التركيز السياسي، وهذا يعني احتمال انخفاض المساعدات وبخاصة من الولايات المتحدة. ولا نريد ذلك بالتأكيد لكننا نشعر بهذا التحول".

وأقر زيلينسكي بأن التصعيد بين إيران وإسرائيل لا يخدم أوكرانيا، وهو أدى بالفعل إلى ارتفاع ملحوظ في أسعار الطاقة. وأضاف أن ارتفاع أسعار النفط يصب في مصلحة روسيا.

وأكمل "هذا أمر سلبي بالنسبة إلى أوكرانيا، لأن روسيا تزداد قوة بسبب الإيرادات الكبيرة من صادرات النفط. لذلك، سيكون صوتنا أقوى خلال المحادثات المستقبلية مع الجانب الأميركي في شأن فرض حدود قصوى للأسعار (الحد الأقصى للأسعار) وفرض عقوبات على قطاع الطاقة الروسي. وسأتواصل قريباً مع الجانب الأميركي وسنطرح هذه المسألة".

وأعرب زيلينسكي أيضاً عن مخاوفه من أن الولايات المتحدة ستقطع مساعداتها عن أوكرانيا بسبب زيادة الإمدادات العسكرية لإسرائيل. وقال "لا أحد يغار" من العلاقة الحميمية بين واشنطن وتل أبيب، لكنه لا يرغب في أن تترك كييف من دون مساعدات بسبب ما يحدث، وفق ما ذكره موقع "نيوز رو".

وعدَّ الرئيس الأوكراني أن تصعيد الصراع بين إسرائيل وإيران قد يؤدي إلى زيادة المساعدات الأميركية لتل أبيب، بالتالي انخفاض الدعم لكييف.

وقال "نرغب في ألا يقلص هذا الدعم لأوكرانيا. في المرة السابقة، كان هذا العامل سبباً في تباطؤ المساعدات لأوكرانيا وهذه حقيقة. بالنسبة إلينا الخفض أو التباطؤ بصراحة، هما الشيء نفسه".

وأتى تصريح زيلينسكي هذا في سياق تحذيراته السابقة من أن الصراع الإسرائيلي-الإيراني قد يصرف انتباه الغرب ويؤدي إلى تراجع الدعم العسكري والمالي لأوكرانيا.

وكان زيلينسكي أعرب عن قلقه العام الماضي إثر التصعيد بين طهران وتل أبيب خلال أبريل (نيسان) 2024، عندما ردت إيران بقصف إسرائيل بعد استهداف طائرات إسرائيلية لقنصليتها في سوريا. وقتها، لاحظ الرئيس الأوكراني انشغال الكونغرس الأميركي ووسائل الإعلام الأميركية بالأزمة الشرق أوسطية على حساب القضية الأوكرانية، مما يعني خفض مساعدات الشركاء بالتالي سقوط مزيد من الضحايا.

وبحسب قوله، من المهم أن تظل الأولوية لحياة الناس، وليس فقط لصراع واحد أو آخر.

وأضاف "علينا إنهاء الحروب لأن هناك مدنيين من كل الديانات والجنسيات يسقطون يومياً وهذا أمر مؤسف. ومع ذلك، من دون مساعدة الشركاء، سيشعر الروس بتفوقهم في ساحة المعركة، وسيكون الأمر صعباً علينا".

عواقب صراع الآخرين على أوكرانيا

وأكد زيلينسكي أن موجة جديدة من الصراع بين إيران وإسرائيل تخلق أخطاراً إضافية لأوكرانيا، وبخاصة في جوانب الطاقة والأمن.

وبحسب قوله، فإن عواقب الضربات الإسرائيلية على إيران باتت واضحة بالفعل، فقد ارتفعت أسعار النفط وهذا مفيد لروسيا. وإذا لم يفرض حد أقصى لسعر التصدير ستحصل روسيا الاتحادية على أرباح إضافية هائلة، يمكن استخدامها في الحرب ضد أوكرانيا.

ووفقاً لزيلينسكي، من المهم أيضاً تحليل عواقب الضربات الإسرائيلية على الصناعة العسكرية الإيرانية، فإذا تضررت مصانع إنتاج الطائرات المسيرة "شاهد" والصواريخ، فسيؤثر ذلك بصورة مباشرة على قدرة إيران على توريد الأسلحة إلى روسيا.

وإضافة إلى ذلك، يعتقد الرئيس الأوكراني أن إجراء تحليل مفصل للضربات التي شنها الجيش الإسرائيلي على البنية التحتية الدفاعية الإيرانية أمر ضروري.

إرادة ترمب السياسية

الولايات المتحدة كانت تخطط لخفض المساعدات لأوكرانيا حتى قبل تصاعد الصراع بين إيران وإسرائيل. فقد صرح وزير الدفاع الأميركي بيتر هيغسيث قبل اندلاع شرارة الحرب الإسرائيلية على إيران، بأنه سيُخفض تمويل الإمدادات في موازنة الدفاع للعام المالي 2026، مما يعني أن كييف ستمتلك عدداً أقل بكثير من أنظمة الأسلحة الرئيسة. ورد زيلينسكي على هيغسيث بأن كلماته "أشد إيلاماً من الرصاص" بالنسبة إلى الأوكرانيين، إذ إنها تؤثر سلباً في معنويات البلاد.

وقال وزير الدفاع الأميركي إنه أمضى الأسبوع بأكمله في جلسات استماع بالكونغرس، وسُئل عما إذا كانت الدفاعات الجوية نُقلت بالفعل من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط.

"نعم، لدينا ذلك. نحن نستخدم كل الوسائل المتاحة لنا لحماية شعبنا في المنطقة وحول العالم، لأن المشهد الدفاعي مختلف اليوم"، قال هيغسيث لقناة "فوكس نيوز".

تأثير حرب إيران وإسرائيل في أوكرانيا

قال المحلل البريطاني ألكسندر ميركوريس إنه سيتعين على الرئيس الأوكراني أن يتقبل اختيار الولايات المتحدة لإسرائيل. ولا يزال زيلينسكي يأمل في الحصول على مساعدة مالية كبيرة من الولايات المتحدة، لكن عليهم إعطاء الأولوية للواقع الحالي.

وتابع "بالطبع هم سيختارون إسرائيل وليس أوكرانيا".

حتى لو قررت الولايات المتحدة دعم أوكرانيا بطريقة أو بأخرى، فلا يمكنها أن تأمل في الحصول على إمدادات أسلحة كبيرة. كل ما يمكن لكييف أن تعتمد عليه هو كميات صغيرة من الأسلحة لن يكون لها دور خاص، كما يؤكد المحلل البريطاني.

ويتضح انعكاس كلام ميركوريس على أرض الواقع، وهذا لا يتعلق حتى بالشحنات المستقبلية بل بما تسلمته كييف بالفعل. فقد استعادت الولايات المتحدة من أوكرانيا بعض أنظمة الدفاع الجوي التي أرسلتها إليها سابقاً، وفقاً لما أفاد به هيغسيث. وأُعيد نشر أنظمة الدفاع الجوي لحماية القواعد الأميركية داخل الشرق الأوسط.

المنافع التي حصلت عليها روسيا!

الجانب الآخر لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط هو الفرص الجديدة التي أتيحت لروسيا في الصراع داخل أوكرانيا، فقد قال المؤرخ العسكري الروسي أنطون ليمانوف:

أولاً، انتقلت الصورة الإعلامية من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط. إن تحول بؤرة الاهتمام الدولي نحو الشرق الأوسط قد يكون في صالحنا. وثانياً، شهدت أسعار النفط تحسناً ملحوظاً، ولعل ارتفاع أسعار النفط يكون مفيداً لنا، كما أوضح.

وأضاف "لا يمكن للأميركيين مساعدة أوكرانيا إلى الأبد، فهذا الوضع مستمر منذ فترة طويلة. كثيراً ما أكد ترمب ضرورة التفاوض وضرورة تسوية النزاع ووقفه. الرئيس الأميركي الحالي رجل أعمال بامتياز، وبصفته رائد أعمال يرى أن أوكرانيا مجرد مستهلك غير فعال للمساعدات، لذلك يريد التخلص من عبء لا يراه مفيداً".

وهذه ليست المرة الأولى التي يثير فيها الرئيس الأوكراني مسألة خفض حجم المساعدات العسكرية المجانية من الشركاء الغربيين، فخلال وقت سابق أشار زيلينسكي إلى أن كييف تجبَر بصورة متزايدة على شراء الأسلحة على نفقتها الخاصة. فخلال الـ16 من يونيو الجاري أقر زيلينسكي علناً بخشيته من الوقف الكامل للدعم العسكري الأميركي، وأعرب عن أمله في مناقشة مسألة شراء حزمة أسلحة جديدة مع الرئيس ترمب خلال قمة مجموعة السبع، لكن الاجتماع لم يعقد بسبب مغادرة الرئيس الأميركي المبكرة.

"الناتو" أيضاً منشغل عن زيلينسكي!

كتبت "بلومبيرغ" الأسبوع الماضي عن احتمال فشل أوكرانيا وزيلينسكي في الحصول على الاهتمام المطلوب من "الناتو" خلال قمته في لاهاي، على خلفية انشغال الحلف بالمواجهة بين إسرائيل وإيران.

وتزامن ذلك مع إقرار زيلينسكي بأن انضمام بلاده إلى حلف "الناتو" غير ممكن خلال الوقت الراهن، مشيراً إلى أن الظروف الحالية تحول دون تحقيق هذا الهدف.

وقال زيلينسكي ضمن مقابلة مع قناة "سكاي نيوز" إن "الانضمام إلى ’الناتو‘ غير ممكن اليوم"، مؤكداً أن الشراكة مع أوكرانيا تعود بالفائدة على الحلف، من دون الخوض في مسألة استمرار سعي كييف للعضوية أو الإعلان صراحة عن تخلي بلاده عن طموحاتها المستقبلية في هذا الاتجاه.

وجاء هذا التصريح عشية انعقاد قمة "الناتو" يومي الـ24 والـ25 من يونيو الجاري، والتي شارك فيها نحو 45 من رؤساء الدول والحكومات، و45 وزير خارجية ودفاع، إلى جانب ما يقارب ستة آلاف عضو ضمن الوفود الرسمية.

وفي سياق متصل، كشفت صحيفة "بوليتيكو" الأميركية نقلاً عن مصادر دبلوماسية أوروبية، أن أوكرانيا لم تتلق وعوداً بمساعدات جديدة أو أسلحة إضافية من الغرب خلال القمة، بما فيها أنظمة دفاع جوي.

وأفاد مصدر في الحكومة الألمانية أن مسألة انضمام أوكرانيا إلى الحلف لم تكن محوراً رئيساً ضمن القمة التي عقدت في لاهاي، بسبب غياب الإجماع داخل "الناتو" في شأن هذا الملف. وأكد خبراء في مركز السياسات الأوروبية في بروكسل أن البيان الختامي للقمة لم يتضمن وعوداً بانضمام أوكرانيا أو جورجيا إلى الحلف.

يذكر أن القيادة الأوكرانية دأبت إلى تأكيد رغبتها القوية في الانضمام إلى "الناتو" على رغم التحفظات الغربية، إلا أن خطاب كييف بدأ يتخذ منحى أكثر براغماتية خلال الآونة الأخيرة.

من جانبه، عدَّ الرئيس الأميركي أن سعي الغرب المستمر لضم أوكرانيا إلى "الناتو" وتصريحات سلفه جو بايدن في هذا الشأن، كانت من العوامل التي دفعت روسيا إلى شن عمليتها العسكرية داخل أوكرانيا.

وقال عضو البرلمان الأوكراني ألكسندر دوبينسكي إن "دعوة زيلينسكي لحضور عشاء غير رسمي مع قادة دول حلف ’الناتو‘ هدفها إهانته، وليس تكريمه أو إجراء محادثات سياسية معه".

وأضح دوبينسكي الذي يقبع حالياً داخل السجن بتهمة الخيانة خلال بث على "يوتيوب"، أن "دعوة زيلينسكي إلى عشاء مع قادة دول ’الناتو‘ يوم الـ24 أو الـ25 من يونيو الجاري جاءت من باب الرغبة في إذلال زعيم النظام في كييف، الذي تلقى دعوة لتناول عشاء مجاني بدلاً من مقابلة الرئيس الأميركي دونالد ترمب".

وأشار إلى أن زيلينسكي تلقى مجرد دعوة تناول طعام لن تتخللها أية تصريحات سياسية أو نقاشات، مضيفاً "في الحقيقة، لقد دعي فقط ليكون مصدر تسلية ومرح لهؤلاء القادة بحضوره".

ولفت إلى أن زيلينسكي "يعود إلى جذوره" في إشارة إلى ماضيه كممثل، إذ كان يُدعى للمشاركة في حفلات الشركات لإلقاء عروض فكاهية والتباهي بالحضور.

وتابع دوبينسكي أن الرئيس الأوكراني لم يدع للمشاركة في أية جلسات أو نقاشات سياسية، وأن بند مناقشة مسألة أوكرانيا أُزيل من جدول أعمال قمة "الناتو" بالكامل.

وفي السياق ذاته، نقلت صحيفة "بوليتيكو" عن مصادر مطلعة أن زيلينسكي لم يحصل على تعهدات جديدة بالمساعدات أو الأسلحة خلال قمة لاهاي، وبخاصة في ظل غياب توقعات بأي دعم إضافي من الإدارة الأميركية ونفاد الموارد المتبقية.

ورجحت "بلومبيرغ" فشل أوكرانيا وفولوديمير زيلينسكي في الحصول على الاهتمام المطلوب من حلف "الناتو" خلال قمته في لاهاي، على خلفية انشغال الحلف بالمواجهة بين إسرائيل وإيران.

ووفقاً للتقرير، فإن واشنطن وحلفاءها منشغلون بالأوضاع داخل الشرق الأوسط، والتصعيد الخطر بين إيران وإسرائيل، مما سيجعل أوكرانيا موضوعاً لا يحظى باهتمامهم خلال قمة "الناتو" التي عقدت داخل لاهاي يومي الـ24 والـ25 من يونيو الجاري.

وأفادت الصحيفة بأن المنظمين أملوا في الاستفادة من الدروس المستخلصة من قمة مجموعة السبع التي انتهت أخيراً، والتي غادرها الرئيس الأميركي قبل موعدها. ولفتت إلى أن جهوداً بذلت أيضاً لتجنب أية مشاحنات، بما في ذلك مع زيلينسكي.

ونقلت الوكالة في تقريرها "تستهلك الأزمة في الشرق الأوسط طاقة الولايات المتحدة وأوروبا السياسية، بينما تطالب أوكرانيا حلفاءها بالتركيز على زيادة الضغط ضد روسيا... هذه أخبار سيئة لزيلينسكي في قمة لاهاي هذا الأسبوع. وهو بالفعل يواجه صعوبات في جذب اهتمام الأمين العام لـ’الناتو‘ مارك روته".

ترمب وخطط "الناتو" في شأن أوكرانيا

واجهت محاولات السياسيين الأوروبيين تنسيق مواقف الاتحاد الأوروبي في شأن أوكرانيا مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، خطر الانهيار بسبب انخراط ترمب في الحرب ضد إيران والضربات الأميركية الأخيرة على المفاعلات النووية الإيرانية.

وكتبت صحيفة "واشنطن بوست" أنه "خشي بعض المسؤولين الأوروبيين أن يلغي ترمب الاجتماع، نظراً إلى حجم الضربات الانتقامية الإيرانية".

وبحسب الصحيفة، فإن القادة الأوروبيين سيجرون مفاوضات دقيقة للبحث عن حل للصراع الأوكراني، مع تجنب مناقشة أو ذكر دور زيلينسكي. وجاء في المقال "سيتجنبون الأسئلة حول دور فولوديمير زيلينسكي الذي كانت علاقته بترمب متقلبة".

وأول من أمس الإثنين، ذكرت صحيفة "بوليتيكو" أنه من غير المرجح أن يغادر زيلينسكي قمة حلف "الناتو" في لاهاي بوعود جديدة للمساعدة أو الأسلحة.

وسبق أن نقلت وكالة الصحافة الفرنسية نقلاً عن دبلوماسي لم يكشف عن اسمه أن "الناتو" سعى لجعل الإعلان الختامي للقمة موجزاً، وتجنب أن يذكر فيه العضوية المحتملة لأوكرانيا لمنع إثارة مزيد من الخلافات قبيل انعقاد قمة الاتحاد الأوروبي خلال الـ26 من يونيو الجاري في بروكسل.

حرب زيلينسكي ومصالح الغرب

عالم السياسة الروسي يوري سفيتوف عد أمس الثلاثاء الـ17 من يونيو، أن سلوك قيادة أوكرانيا الحالية ومواقفها التفاوضية لا يعتمدان على الأحداث الجيوسياسية الخارجية، بما في ذلك التصعيد داخل الشرق الأوسط، لأن قرار أوكرانيا خلال الوقت الراهن بيد الغرب الذي يحدد استراتيجية توجهاتها وتحركاتها.

وكان المتخصص الاقتصادي المصري أحمد عادل توقع في مقال له بموقع "إنفو بريكس"، أن يسفر الصراع بين إيران وإسرائيل حتى في حالته الباردة عن إجبار الرئيس زيلينسكي على التفاوض بصراحة مع روسيا.

ويتساءل سفيتوف "ماذا يمكننا أن نقول عن مواقف أوكرانيا التفاوضية إذا كان زيلينسكي من جهة يمنع نفسه قانونياً من المشاركة في المفاوضات، ومن جهة أخرى يصرح بأن كل شيء لن يحسم إلا بلقاء شخصي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين؟ يذهب الوفد الأوكراني إلى إسطنبول للمفاوضات ويماطل ويتأخر ولا يحضر، ثم فجأة يُصرح زيلينسكي بأنه لا يحق لهم التحدث عن الأراضي إطلاقاً. أوكرانيا قرارها في يد ما يسمى الغرب الجماعي".

ويعتقد المتخصص أن هذا الموقف التفاوضي يتغير باستمرار، وحسب قوله فإن خير مثال على هذه الظاهرة هو نتائج مفاوضات إسطنبول بين روسيا وأوكرانيا عام 2022، وما تلاها من تصريحات لرئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون، والتي عرقلت تنفيذ اتفاق السلام.

وتابع سفيتوف "خلال ذلك العام كانت لدى الأوكرانيين نيات حقيقية جعلت التوصل إلى اتفاق وإبرامه أمراً ممكناً. ظنوا أنهم يستطيعون تحديد ماهية هذه الاتفاقات بأنفسهم. لكن أُجبروا على اتخاذ موقفهم، وقيل لهم إنه لا يحق لهم اتخاذ أي قرار".

لهذا السبب، يرى المتخصص أنه من غير المجدي الحديث عن كيفية تغير الموقف التفاوضي لنظام كييف، سواء كان سيضعف أم سيتعزز. ووفقاً له، فإن النقاشات حول كيفية تأثير نزاع على آخر، بصورة عامة، مثيرة للجدل إلى حد كبير.

خلص عالم السياسة إلى القول "أنا متشكك عموماً في هذه المقارنات الخطية، والقول إنه إذا نشب صراع داخل الشرق الأوسط فسيؤثر ذلك حتماً على الصراع داخل أوكرانيا. لكل صراع جذوره، ومن أين نشأ. والعملية العسكرية الخاصة الروسية في أوكرانيا تنفذ بناءً على مشكلاتنا الخاصة التي تقلقنا، وهذا متعلق بأمن الاتحاد الروسي، وأطلقنا هذه العملية وسنواصلها، بغض النظر عما يحدث في العالم الخارجي".

وصرح المحلل بمركز الحقوق الأساس في المجر زولتان كوسكوفيتش بأن هجوم الجيش الإسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية يشكل مشكلة خطرة لزيلينسكي. وأضاف أنه في ظل احتمالات تصاعد الصراع مع طهران مستقبلاً، ستسعى تل أبيب لشراء أكبر عدد ممكن من أنظمة الدفاع الجوي على حساب كييف، علماً أن زيلينسكي لا يملك منها سوى قليل بالفعل.

وعدَّ المحلل العسكري والسياسي مارك سليبودا أن الشرق الأوسط أهم من أوكرانيا بالنسبة إلى الولايات المتحدة. وأشار المتخصص إلى وجود حالات سابقة أرسلت فيها مساعدات عسكرية أميركية مخصصة لنظام كييف إلى حلفاء في الشرق الأوسط.

زيلينسكي يتوعد روسيا

على رغم كل هذا التقطير في المساعدات الغربية عامة والأميركية بخاصة، عقد زيلينسكي خلال الـ22 من يونيو الجاري اجتماعاً مع رئيس مديرية الاستخبارات الرئيسة في وزارة الدفاع الأوكرانية كيريل بودانوف، أعلن عقبه عن التحضير لشن ضربات على "نقاط الضعف" الروسية. ووفقاً للرئيس الأوكراني، تخطط كييف لهجمات بهدف "تقليص إمكانات روسيا بصورة كبيرة".

وقال رئيس لجنة الدفاع في مجلس النواب الروسي (الدوما) أندريه كارتابولوف "نحن دائماً على أهبة الاستعداد. وينبغي النظر إلى تصريحات زيلينسكي من منظور ميله إلى الدعاية، فهو ببساطة لا يريد أن يتخلف عن الولايات المتحدة وإسرائيل"، كما قال النائب.

وبحسب كارتابولوف، فإن زيلينسكي "يخشى بشدة أن ينساه الجميع"، ورأى أن "الوضع يحتاج إلى مراقبة".

ووصف عضو لجنة الدفاع في مجلس الدوما فيكتور سوبوليف تصريح زيلينسكي بألا أساس له من الصحة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويعتقد أن "وسط ما يحصل داخل الشرق الأوسط، يريد زيلينسكي أن يذكرنا بأن هذه الأزمة لا تزال قائمة، وأنه مستعد لخدمة الغرب هنا كما يرى مناسباً – (القتال) حتى آخر أوكراني، وما إلى ذلك"، كما يعتقد النائب.

وخلال الوقت نفسه، استذكر سوبوليف الهجوم الأخير الذي شنته القوات المسلحة الأوكرانية على المطارات العسكرية الروسية.

"بالنظر إلى هجوم الأول من يونيو على طيراننا الاستراتيجي، يجب أخذ ذلك في الاعتبار. وهذه، أولاً وقبل كل شيء، مهمة الأجهزة الخاصة، حتى لا تتكرر حوادث استهداف الدرونات المنقولة والمهربة في شاحنات لأهداف، بما في ذلك داخل موسكو. يجب أن نكون مستعدين لذلك، لكن هذا هو عمل الأجهزة الخاصة وعليها مضاعفة جهودها ثلاث مرات لتحديد الأفراد الذين يمكنهم القيام بشيء مماثل لما حدث في تشيليابينسك"، كما قال.

وفي حديثه عن التطور المحتمل للصراع الروسي-الأوكراني، اعترف سوبوليف بإمكانية نقل صواريخ "توروس" الألمانية إلى كييف.

"إذا منحوا صواريخ ’توروس‘ ولكن تحت سيطرة الألمان -وقد تطرق رئيسنا لهذا الأمر مراراً- ففي هذه الحال ستكون الأهداف على الأراضي الألمانية قانونية لقواتنا المسلحة، إن حدث ذلك. وإذا استخدموا مثل هذا الهجوم الصاروخي فسيكون ذلك تفاقماً خطراً للوضع، وأعتقد أن ألمانيا ليست مستعدة لهذا خلال الوقت الحالي"، كما أوضح عضو لجنة الدفاع في مجلس الدوما.

ذعر من الحروب الأخر!

"كلما اشتعلت حرب جديدة في العالم أو احتدم صراع خامد، يسارع الرئيس الأوكراني للإعراب عن قلقه إزاء تراجع اهتمام المجتمع الدولي بالوضع في بلاده، وخير دليل على ذلك ما عبر عنه من ذعر وسط تصاعد الصراع بين إسرائيل وإيران، قبل قمة حلف شمال الأطلسي"، بحسب المحلل العسكري البريطاني ألكسندر ميركوريس.

وكتب ميركوريس على قناته على "يوتيوب" خلال الـ22 من يونيو "وقت أوكرانيا ينفد بسرعة، والجميع يشعر بذلك. في قمة "الناتو" في لاهاي سيحاولون إما إبعاد زيلينسكي عنها أو إجباره على قول شيء مفيد لشركائه. وهو يدرك ذلك بنفسه. وبدلاً من إثارة الشفقة، تبدو خطابات زيلينسكي الآن أشبه بذعر متزايد".

وأكد هذا المحلل أن وضع الجيش الأوكراني على الجبهة يتدهور باستمرار، مما قد يؤدي برأيه إلى عواقب وخيمة على كييف. وأشار إلى أن وضع القوات المسلحة الأوكرانية يثير القلق حتى بين الداعمين الغربيين لأوكرانيا.

قلق مبرر

كلما تقدمنا، بدت عواقب الحرب الدائرة بصور مختلفة داخل الشرق الأوسط أكثر شمولية. وعلى وجه الخصوص، قد يؤثر تفاقم الوضع في الشرق الأوسط بصورة خطرة على أوكرانيا، التي قد تجد نفسها متروكة لمصيرها في مواجهة روسيا. فقد تحول اهتمام وسائل الإعلام الغربية الكبرى والمجتمع الدولي بأسره إلى الأحداث في الشرق الأوسط خلال الأسابيع الأخيرة، وتراجعت أزمة أوكرانيا إلى الخلف. وفي ظل هذه الظروف، يصعب على كييف كسب الدعم والحصول على تأييد السياسيين المترددين. ففي مقابلة مع قناة "أي بي سي" الأميركية، أعرب زيلينسكي عن استيائه من إرسال الولايات المتحدة 20 ألف صاروخ إلى الشرق الأوسط. وأوضح أن هذه القذائف كانت مخصصة لتلبية حاجات القوات المسلحة الأوكرانية.

ودقت الولايات المتحدة ناقوس الخطر في شأن مستقبل أوكرانيا. ووفقاً للمقدم المتقاعد في الجيش الأميركي دانيال ديفيس، قد تواجه كييف صعوبات جمة إذا أوقفت الولايات المتحدة تقديم الدعم العسكري وأعادت توجيه الأسلحة الأميركية إلى الشرق الأوسط.

هذا، بالطبع، يشتت جهود الغرب بصورة كبيرة. الصراع في الشرق الأوسط المستلهم من إسرائيل، يمثل نقطة توتر جديدة ويحظى بدعم ورعاية وتشجيع من الدول الغربية، التي تعد أيضاً شريكة في الصراع على أراضي أوكرانيا.

لذلك يعرب زيلينسكي عن غضبه من حقيقة أن الذخيرة الدفاعية الجوية المنتظرة، والتي كان من المفترض تسليمها إلى أوكرانيا، جرى نقلها من الولايات المتحدة إلى إسرائيل.

كل هذا يؤكد أن أمن الجانب الإسرائيلي أكثر أهمية للولايات المتحدة والغرب عامة من مستقبل أوكرانيا، خصوصاً حين تكون هناك إعادة توزيع للموارد الغربية. وأوكرانيا بالطبع ليست سعيدة بالأحداث التي وقعت.

من الطبيعي أن ما يحدث يصب في مصلحة روسيا، التي تسعى إلى صرف انتباه العالم عن الأحداث في أوكرانيا. ومن المثير للاهتمام أن أوروبا القريبة جغرافياً من مسرح الأحداث داخل أوكرانيا، مهتمة بالفعل أكثر بإسرائيل.

النقطة المهمة الثانية أن أوكرانيا قد تفقد بعض مساعداتها العسكرية والمالية لأسباب لا علاقة لحروب الآخرين بها. فخلال الآونة الأخيرة، وحتى من دون التصعيد داخل الشرق الأوسط، ازداد وضع كييف صعوبة في هذا الصدد، وقد يتفاقم الوضع الآن. من المعروف أن إسرائيل طلبت بالفعل من واشنطن إمدادات عاجلة من الذخيرة والأسلحة والمعدات العسكرية، وأمر الرئيس الأميركي بدعم حليفه على رغم عدم تحديد معايير وحجم هذه المساعدات. وخلال الوقت نفسه، لا تقدم الموازنة الأميركية الحالية أية مساعدة لأوكرانيا.

كذلك بدا أن وضع أوكرانيا يزداد تعقيداً حين بدأ الكونغرس الأميركي يشكك في جدوى مساعدة أوكرانيا. ويعتقد المتخصص السياسي دميتري روديونوف أن تطور الوضع يعتمد على مدة استمرار الحرب داخل الشرق الأوسط.

ويقول هذا المتخصص "حتى إذا سارعت إسرائيل إلى حل مشكلاتها، فلن يتغير شيء جوهري بالنسبة إلى أوكرانيا. إذا استمر التوتر في الشرق الأوسط ولو من دون حرب ساخنة، فستواجه أوكرانيا مشكلات. في هذه الحال ستعاني كييف من المجاعة، وسترسل كميات كبيرة من الأسلحة والمساعدات الأخرى إلى الشرق الأوسط. وسيتعين على القوات المسلحة الأوكرانية أن تنسى فكرة الهجوم المضاد، وتتخذ موقفاً دفاعياً للحفاظ على الأراضي التي تسيطر عليها حالياً في الأقل.

ويعتقد المتخصص السياسي دميتري سولونيكوف أن موقف أوكرانيا سيهتز إذا استمر التوتر الذي ينبئ بصراع جديد داخل الشرق الأوسط، لأن الولايات المتحدة لن تقف مكتوفة الأيدي. وسينصب كل اهتمام العالم على الشرق الأوسط، بينما ستتلاشى أوكرانيا في الخلفية.

ويقول دينيس دينيسوف المتخصص في الجامعة المالية التابعة لحكومة الاتحاد الروسي، إن حجة دعم إسرائيل قد تصبح ذريعة ملائمة للغرب لتقليص حجم الدعم لنظام كييف.

من الأكيد أن فريق زيلينسكي لن يُستبعد تماماً من قائمة المستفيدين، لأن أوكرانيا لا تزال أداة فعالة لمواجهة روسيا. لكن المساعدات ستكون محدودة. وسيقدم الدعم العسكري بما يمكن القوات المسلحة الأوكرانية من احتواء الجيش الروسي، ولن يكون هناك حديث عن احتلال خطوط جديدة في المستقبل القريب، وسيُقدم الدعم المالي بما يحافظ على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي ويمنع اندلاع أعمال شغب بسبب الجوع، كما يعتقد المتابعون.

لكن السؤال الأهم، إلى أي مدى يمكن أن يتراجع دفاع أوكرانيا من دون نظام دفاع جوي أميركي؟ حسناً، إنه أمر بالغ الأهمية. المشكلة أن أنظمة صواريخ "باتريوت" الأميركية المضادة للطائرات تستخدم في أوكرانيا، وهذا أمر بالغ الأهمية بالنسبة إلى أوكرانيا، ولا يوجد شيء مماثل في كييف. لا أعرف ما الذي يمكنه إسقاط صواريخ روسيا الباليستية وأسلحتها الجوية. لذلك، تعد أنظمة الدفاع الجوي "باتريوت" وإمداداتها من الولايات المتحدة الأميركية بالغة الأهمية بالنسبة إليهم. ومن الواضح أن اهتمام العالم بأوكرانيا يتراجع. وبطبيعة الحال، لا يعجبهم هذا.

وفي ظل الظروف الراهنة، ربما ستضطر أوكرانيا إلى التفاوض بنشاط أكبر وأن تصبح أكثر مرونة. ويقول المتخصص العسكري والمؤرخ والأستاذ والكاتب ألكسندر تشيريمين إن دفاع أوكرانيا ضعف في غياب بعض الدفاعات الجوية الأميركية. لكن السؤال الأهم بالنسبة له هو، هل ستستخدم روسيا قوتها المطلقة لتحقيق نصر عسكري ساحق؟ أم أن لديها خططاً أخرى للفوز بالحرب على طاولة المفاوضات برعاية ترمب؟

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير