Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قرار "سياحي" يجمد عبور الحدود بين الجزائر وتونس

طوابير حافلات المسافرين ممتدة على طول البصر ومعاناة متواصلة على جميع المستويات والوكالات السياحية في الزاوية

تعيش قوافل السياح الجزائريين الموجودين على الحدود مع تونس أوقاتاً عصيبة جراء طول مدة الانتظار أمام المراكز الحدودية (مواقع التواصل)

ملخص

وجَّه جزائريون عالقون على الحدود البرية مع تونس نداءً عاجلاً بعدما تخلت عنهم بعض وكالات الأسفار وامتنعت عن إعادتهم إلى الجزائر، حيث تجبر هذه الوكالات المسافرين على النزول عند الحدود والسير ليلاً على الأقدام، تاركة إياهم يواجهون مصيرهم في المراكز الحدودية البرية.

من دون سابق إنذار وجد سياح جزائريون أنفسهم عالقين على الحدود البرية مع تونس، بعد منع عبور حافلات كانت تقلهم من وإلى الجزائر، مما أحدث فوضى وقلقاً واستياءً واسعاً، وعلى رغم ربط الوضع بإصدار وزارة النقل الجزائرية بياناً يشدد على ضرورة الحصول على رخصة عبور دولية، فإن أحاديث جانبية ترجع الأمر إلى ما بات يعرف بالمنحة السياحية.

إجراء "مفاجئ"

وتعيش قوافل السياح الجزائريين الموجودين على الحدود مع تونس أوقاتاً عصيبة جراء طول مدة الانتظار أمام المراكز الحدودية، لا سيما مع وجود العائلات والأطفال، وزادت طوابير الحافلات الممتدة إلى كيلومترات معدودة، الوضع ارتباكاً بعد "غضب" السائقين الذين تم منعهم من عبور الحدود، وما تبع ذلك من ضياع مصالحهم وحقوقهم.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، ولكن انتقل "الاستياء" إلى الوكالات السياحية التي وجدت نفسها أمام وضعية "مفاجئة"، سواء مع المسافرين الزبائن أو السائقين المكلفين نقلهم والعاملين لديها، إذ عبر عديد من رؤساء وكالات السفر عن غضبهم من تصرف وزارة النقل التي اشترطت الحصول على رخصة عبور دولية من أجل دخول التراب التونسي.
وفي حين تشدد الوكالات على أنها لم تتلقَّ أي إشعار بالقرار، تؤكد وزارة النقل في الجزائر أن الرخصة كانت موجودة سابقاً وتم التخلي عنها منذ عام 2018، بينما لا تزال مفروضة على النقل السياحي الداخلي، ومع تبادل الاتهامات بين المهنيين والجهات الرسمية، تتواصل معاناة السياح الجزائريين عند المعابر الحدودية منذ السابع من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، وقد يتفاقم الوضع مع إنهاء التلاميذ اختبارات الفصل الأول واقتراب موعد العطلة المدرسية، وكذلك احتفالات السنة الجديدة 2026، ما لم تتحرك الأمور نحو إيجاد حل يرضي الجميع.

 

إجراء من 3 نقاط

وبحسب ما تتداوله الأوساط المعنية بالموضوع، فإن الإجراء الجديد القديم، يتضمن 3 نقاط محورية، أولها إلزامية امتلاك رخصة نقل دولي لكل حافلة تعبر الحدود التونسية، مهما كانت طبيعة الرحلة أو مدتها، وثانيها عدم الاعتراف برخصة النقل السياحي عند نقاط التفتيش الحدودية، مما يعني توقيف الحافلات التي لا تستوفي الشروط وإرجاعها من المعبر. أما النقطة الثالثة فتخص ضرورة تسوية الوكالات لوضعية رخصها قبل إعادة برمجة أي رحلة جديدة، وهو ما فرض على المهنيين التأقلم بسرعة مع معطيات إدارية وقانونية لم تكن مأخوذة بالحسبان.

معاناة ونداء

أوضح مصدر من مركز "أم الطبول" الحدودي لـ"اندبندنت عربية" أن الأوضاع كانت لا تزال تراوح مكانها منذ أيام قليلة، حيث طوابير حافلات نقل المسافرين التابعة للوكالات السياحية ممتدة على طول البصر، فيما تتواصل معاناة السياح على جميع المستويات، من المأكل والمبيت إلى التعب والإرهاق والقلق، على رغم أن عديداً منهم عاد أدراجه عبر وسائله الخاصة، مما أفرز وضعاً لافتاً بالمدن الحدودية على غرار "الطارف" و"عنابة" "والقالة" التي عرفت حركية كبيرة.
إلى ذلك وجه جزائريون عالقون نداءً عاجلاً بعدما تخلت عنهم بعض وكالات الأسفار وامتنعت عن إعادتهم إلى الجزائر، حيث تجبر هذه الوكالات المسافرين على النزول عند الحدود والسير ليلاً على الأقدام، تاركة إياهم يواجهون مصيرهم في المراكز الحدودية البرية. وأضاف منشور على "فيسبوك" أن الوكالات تزعم أن الحافلات الجزائرية ممنوعة من العودة إلى الجزائر، وهي معلومات مغلوطة لا أساس لها من الصحة، الهدف منها الإبقاء على الحافلات داخل الأراضي التونسية لاستعمالها فقط في نقل دفعات جديدة من المسافرين نحو الحدود.

وختم المنشور بأن المسافرين يناشدون السلطات المتخصصة التدخل العاجل لوضع حد لهذه التجاوزات وضمان عودتهم في ظروف إنسانية وآمنة.

تنظيم قطاع من الدخلاء

في السياق أوضح رئيس المنظمة الجزائرية للسياحة ماهر حمور أن رخصة النقل البرية للحافلات السياحية المتوجهة نحو تونس وليبيا كانت موجودة سابقاً وتم إلغاؤها منذ عام 2018، ولكنها بقيت سارية المفعول على الرحلات السياحية الداخلية، مشيراً إلى أن الهدف من إقرارها هو تنظيم قطاع النقل الدولي بعدما باتت هذه المهنة يمارسها دخلاء يستأجرون حافلات لنقل العائلات للسياحة نحو تونس. وأضاف أن "فوضى القطاع أفرزت تذبذباً في عدد الحافلات المخصصة للنقل البري للمسافرين بين الولايات، بسبب توجيه بعضها نحو النقل السياحي عبر الحدود".

وأبرز حمور أن "الرخصة مفيدة جداً لتنظيم المهنة والحد من تحويل عدد كبير من الحافلات نحو السياحة مع تونس على حساب نقل المسافرين داخل البلاد، لكن استعجال تطبيقها أثر سلباً في أصحاب الوكالات السياحية المالكة للحافلات السياحية، إذ لم يتم إشعار الوكالات مسبقاً، وهو ما يكلف الوكالات خسائر مالية كبيرة وفقدان ثقة محتمل بينهم وبين الزبائن"، موضحاً أن "القرار أدى إلى تعليق موقت للرحلات وتعطيل حجوزات المسافرين المتوجهين لقضاء العطلة في تونس". وناشد الجهات الوصية "إرجاء تطبيق القرار إلى شهر يناير (كانون الثاني) 2026، بغرض منح الوكالات السياحية الوقت لتنظيم أمورها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ارتفاع عدد السياح الجزائريين

ووفق ما علمته "اندبندنت عربية" من مصادر خاصة، فإن خلفيات القرار تعود إلى ممارسات مشبوهة لبعض الوكالات السياحية التي باتت تروج لرحلات نحو تونس بأبخس الأسعار بغرض استغلال منحة السياحة المقدمة للمسافرين من "بنك الجزائر" والمقدرة بـ750 يورو، أي نحو 881 دولاراً، حيث يتم نقل مسافرين لا يملكون المقابل المالي لقيمة المنحة بالدينار الجزائري، أي من ذوي الدخل الضعيف، وعرض عليهم الاستفادة من إقامة 7 أيام في تونس مع زيارات لبعض المناطق مقابل الحصول على منحتهم الخاصة.

ووفق أرقام رسمية سجلت المعابر الحدودية الثلاث الموجودة بالشمال، حتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2025، ارتفاعاً في عدد الوافدين بنسبة 24.31 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، إذ أفادت الإحصاءات أنه تم تسجيل مرور مليون و413 ألفاً و199 سائحاً جزائرياً نحو تونس، مقابل مليون و136 ألفاً و834 خلال الفترة نفسها من عام 2024.

 

السبب في المنحة والبنك يحذر

أخذت منحة السفر التي ارتفعت إلى 750 يورو سنوياً، أي ما يعادل 881 دولاراً أميركياً، بعدما كانت بين 90 و100 دولار، حيزاً كبيراً من اهتمامات الجزائريين في ظل الأسعار الجنونية في السوق السوداء، إذ أصبحت الاستفادة من فارق الصرف هدف الجميع، من المواطنين إلى الوكالات السياحية والتجار والبطالين وغيرهم.

وأصدر "بنك الجزائر" بياناً تحذيرياً ذكر فيه بأن حق الصرف بالسعر الرسمي مخصص حصراً لتغطية نفقات السفر إلى الخارج، وأنه يحظر قطعاً توجيهه إلى أي استخدامات أخرى. وقال إن البيان رقم 05-2025 المتعلق في حق الصرف للسفر إلى الخارج، لا سيما في مادته العاشرة، يحظر ويعاقب اللجوء إلى أي مناورة ترمي إلى تحويل استخدام مبلغ حق الصرف عن غايته، وذلك طبقاً للتشريع المعمول به.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير