Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الذكاء الاصطناعي يهدد "ربع" الوظائف حول العالم

النتيجة الأرجح ليست الاستغناء عن هذه الأعمال بل تحولها وإعادة تشكيلها

تشكل الوظائف الأكثر عرضة لخطر الأتمتة الكاملة نحو 9.6 في المئة من إجمال وظائف النساء (رويترز)

ملخص

نسبة تعرض النساء لتأثيرات الذكاء الاصطناعي التوليدي لا تزال أعلى بصورة ملاحظة مقارنة بالرجال، خصوصاً في الدول ذات الدخل المرتفع.

كشف تقرير مشترك جديد صادر عن منظمة العمل الدولية والمعهد الوطني البولندي للبحوث عن أن وظيفة واحدة من كل أربع وظائف حول العالم مهددة بالتعرض لتأثيرات الذكاء الاصطناعي التوليدي، إلا أن النتيجة الأرجح ليست الاستغناء عن هذه الوظائف، بل تحولها وإعادة تشكيلها.

التقرير، الذي صدر بعنوان "الذكاء الاصطناعي التوليدي والوظائف: مؤشر عالمي محسن للتعرض المهني"، ونشر على موقع منظمة العمل الدولية، يعد الأكثر تفصيلاً حتى الآن حول كيفية تأثير الذكاء الاصطناعي التوليدي في سوق العمل العالمي.

ويقدم المؤشر الجديد صورة دقيقة ومعمقة عن كيفية إمكان إعادة تشكيل المهن والتوظيف في مختلف البلدان، وذلك من خلال دمج ما يقرب من 30 ألف مهمة وظيفية، مدعومة بمراجعة خبراء ونماذج ذكاء اصطناعي، وبيانات دقيقة موحدة من منظمة العمل الدولية.

وقال كبير الباحثين في منظمة العمل الدولية والمعد الرئيس للدراسة بافل غميرك "لقد تجاوزنا الجانب النظري، وبنينا أداة تستند إلى وظائف واقعية، من خلال الجمع بين الرؤية البشرية، والمراجعة المتخصصة، ونماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي، أنشأنا منهجية قابلة للتكرار تساعد البلدان في تقييم الأخطار والرد عليها بدقة".

وتوفر الدراسة الجديدة ما يعرف بـ"تدرجات التعرض"، وهي تصنيفات مبتكرة للمهن تقسم وفقاً لمستوى تعرضها للذكاء الاصطناعي التوليدي.

وتمكن هذه التدرجات صناع السياسات من التمييز بين الوظائف المعرضة بدرجة عالية لأتمتة كاملة، وتلك التي يرجح أن تشهد تحولات تدريجية من خلال تعديل طبيعة المهمات بدلاً من الاستغناء عنها.

ويعد هذا التمييز ضرورياً لتوجيه الاستثمارات في التدريب وإعادة التأهيل المهني، وصياغة استجابات سياسية تستند إلى بيانات دقيقة تعكس الفروق بين المهن والقطاعات.

وأظهرت الدراسة أن 25 في المئة من الوظائف عالمياً تقع ضمن مهن تعد معرضة بصورة محتملة لتأثيرات الذكاء الاصطناعي التوليدي، وترتفع هذه النسبة في الدول ذات الدخل المرتفع لتصل إلى 34 في المئة.

ويعزى هذا الارتفاع في الدول الغنية إلى التركيز الأكبر للوظائف التي تعتمد على المهمات المكتبية والمعرفية، وهي المهمات التي يحتمل أن تتأثر بصورة مباشرة بأدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي.

النساء أكثر تعرضاً

تظهر الدراسة أن نسبة تعرض النساء لتأثيرات الذكاء الاصطناعي التوليدي لا تزال أعلى بصورة ملاحظة مقارنة بالرجال، خصوصاً في الدول ذات الدخل المرتفع.

في هذه الدول، تشكل الوظائف الأكثر عرضة لخطر الأتمتة الكاملة نحو 9.6 في المئة من إجمال وظائف النساء، مقارنة بـ3.5 في المئة فقط من وظائف الرجال، مما يعكس فجوة واضحة في التأثير المحتمل للتكنولوجيا الجديدة على التوازن بين الجنسين في سوق العمل.

ويعزى هذا التفاوت إلى تمركز النساء في وظائف مكتبية وإدارية وروتينية أكثر، وهي المهن التي تصنف ضمن الفئات الأعلى عرضة للتحول أو الاستبدال بواسطة الذكاء الاصطناعي.

وتشير الدراسة إلى أن الوظائف الإدارية والمكتبية تعد الأكثر تعرضاً لتأثيرات الذكاء الاصطناعي التوليدي، نظراً إلى قدرة تلك التقنية - من الناحية النظرية - على أتمتة عدد كبير من المهمات التي تؤديها تلك الفئة من الوظائف.

الأتمتة الكاملة للوظائف محدودة

ومع ذلك فإن تطور قدرات الذكاء الاصطناعي التوليدي وتوسعها يعني أيضاً أن بعض الوظائف المعرفية المتقدمة في مجالات مثل الإعلام والبرمجيات والقطاع المالي باتت تشهد مستويات متزايدة من التعرض، نتيجة لاعتمادها العالي على الأدوات الرقمية والتقنية.

ومع ذلك لا تزال الأتمتة الكاملة للوظائف محدودة، إذ إن عدداً من المهمات، على رغم إمكان تنفيذها بكفاءة أكبر عبر الذكاء الاصطناعي، لا يزال يتطلب تدخلاً بشرياً.

وتبرز الدراسة المسارات المتباينة المحتملة بين المهن التي اعتادت على التحولات الرقمية السريعة - مثل مطوري البرمجيات - التي قد تستفيد من التكامل مع تقنيات الذكاء الاصطناعي، وبين المهن التي تعتمد على مهارات رقمية محدودة، إذ قد تكون التأثيرات أكثر سلبية وتؤدي إلى تآكل فرص العمل أو إضعاف القدرة على التكيف مع التكنولوجيا الجديدة.

ووفقاً للدراسة، ستكون السياسات الموجهة لعمليات التحول الرقمي عاملاً حاسماً في تحديد مدى قدرة العمال على البقاء ضمن المهن التي تشهد تحولات بفعل الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى تأثير هذه التحولات في جودة الوظائف.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كلما كانت السياسات أكثر شمولاً ومرونة، من حيث التدريب المستمر وإعادة التأهيل وتوسيع نطاق الحماية الاجتماعية، زادت فرص الحفاظ على الوظائف وتحسين نوعيتها، بدلاً من فقدانها أو تدهورها في ظل التغيرات التقنية المتسارعة.

وقال كبير الخبراء في المعهد الوطني البولندي للبحوث وأحد المشاركين في إعداد الدراسة ماريك ترشينسكي "يساعد ذلك المؤشر في تحديد المجالات التي يحتمل أن يشهد فيها الذكاء الاصطناعي التوليدي أكبر تأثير، مما يتيح للدول الاستعداد بصورة أفضل واتخاذ تدابير لحماية العمال، وتتمثل خطوتنا التالية في تطبيق هذا المؤشر الجديد على بيانات تفصيلية لسوق العمل في بولندا."

أداة سياسية للتحولات الشاملة

وتؤكد دراسة منظمة العمل الدولية والمعهد الوطني للبحوث في بولندا أن الأرقام الواردة فيها تعكس مستوى التعرض المحتمل للوظائف لتأثيرات الذكاء الاصطناعي التوليدي، وليس معدلات فعلية لفقدان الوظائف. وتشير الدراسة إلى أن قيوداً تقنية، وفجوات في البنية التحتية، ونقصاً في المهارات، قد تؤدي إلى اختلاف كبير في كيفية تطبيق هذه التكنولوجيا بين الدول والقطاعات المختلفة.

ويشدد معدو التقرير على أن تأثير الذكاء الاصطناعي التوليدي يرجح أن يكون تحويلياً للوظائف لا استبعادياً، أي أنه سيعيد تشكيل طبيعة المهمات بدلاً من إلغاء الوظائف بالكامل. ودعا التقرير الحكومات ومنظمات أصحاب العمل والعمال إلى الدخول في حوار اجتماعي فعال، من أجل صياغة استراتيجيات استباقية وشاملة تعزز الإنتاجية وتحسن جودة الوظائف، لا سيما في القطاعات الأكثر عرضة لهذا التحول.

وقالت كبيرة الاقتصاديين في منظمة العمل الدولية جانين بيرغ، "من السهل أن نضيع وسط ضجيج الذكاء الاصطناعي، ما نحتاج إليه هو الوضوح والسياق، يساعد هذا الأداة الدول حول العالم في تقييم مستوى التعرض المحتمل والاستعداد لسوق عمل رقمي أكثر عدالة."

وتعد هذه الدراسة الأولى في سلسلة منشورات مشتركة بين منظمة العمل الدولية والمعهد الوطني للبحوث البولندي تركز على الذكاء الاصطناعي التوليدي ومستقبل العمل، وستتناول التقارير القادمة آثار الذكاء الاصطناعي في الأسواق الوطنية للعمل، كما ستقدم خططاً تقنية لدعم الاستجابات السياسية، لا سيما في الاقتصادات الناشئة والنامية.

اقرأ المزيد