ملخص
في تحول لافت لثقافة باريس سان جيرمان، يقود لويس إنريكي ثورة هادئة تتخلى عن النجم الأوحد لمصلحة جماعية صارمة، مما منح الفريق صلابة تكتيكية وقوة جماعية تضعه على أعتاب نهائي دوري الأبطال وتعيد بريق لاعبين مثل ديمبلي.
في رياضة تتميز في بعض الأحيان بالتألق الفردي وقوة النجوم، يعمل المدرب الإسباني لفريق باريس سان جيرمان الفرنسي، لويس إنريكي بهدوء على إعادة هيكلة فريقه أثناء الاستعداد لإياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا لكرة القدم أمام أرسنال الإنجليزي.
وصنع المدرب الإسباني، الذي شهدت مسيرته نجاحاً بالفعل في برشلونة ومع المنتخب الإسباني، فلسفة مميزة في فريق العاصمة الفرنسية بعدم ارتفاع شأن أي لاعب على الفريق.
وكانت النتائج خير دليل على تحقيق النجاح. ووجد باريس سان جيرمان نفسه على أعتاب بلوغ نهائي دوري أبطال أوروبا وقبل مباراة حاسمة أمام أرسنال في ملعب "بارك دي برانس" بعد غد الأربعاء، بعد فوزه (1 - 0) على استاد الإمارات الأسبوع الماضي بعد عرض رائع تميز بالانضباط الجماعي.
واعتمد لويس إنريكي، الذي تولى مسؤولية باريس سان جيرمان الموسم الماضي، على شعار بسيط لكنه صارم "لا يوجد لاعب أهم من الفريق".
وفي نادٍ اشتهر تاريخياً بالتعاقد مع اللاعبين النجوم بداية من - زلاتان إبراهيموفيتش ونيمار وصولاً إلى ليونيل ميسي وكيليان مبابي - أثار رفضه بناء فريق حول موهبة فردية الدهشة بخاصة أن الفريق عانى في المراحل الأولى بدوري أبطال أوروبا.
وقال مازحاً في رده على سؤال في شأن خططه خلال مرحلة الدوري بالبطولة القارية "لا يمكنك أن تفهم".
وتسببت سلسلة من العروض غير المقنعة في المرحلة الافتتاحية في دفع النقاد إلى التساؤل عما إذا كانت فلسفة لويس إنريكي قادرة على النجاح في نادٍ طغت فيه قوة النجم في كثير من الأحيان على التماسك التكتيكي.
ومع ذلك وبعد أشهر، يبدو أن نهجه أثبت جدارته، فقد تطور باريس سان جيرمان ليصبح أحد أكثر الفرق تماسكاً وانضباطاً تكتيكياً في أوروبا هذا الموسم.
وكان من أهم أسباب تطور الفريق التركيز على الضغط الجماعي والحفاظ على التوازن بين الهجوم والدفاع.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويظهر هذا التحول جلياً في خط الوسط، الذي كان يعتبر نقطة ضعف نسبياً، والآن أصبح يؤدي بدقة وسيطرة أمام بعض الفرق الكبرى في أوروبا.
وكان خفيتشا كفاراتسخيليا ركيزة أساسية في هذا التطور، إذ جسد الدولي الجورجي المتعدد المهام المرونة التي يطلبها إنريكي من فريقه.
وأضافت قدرة كفاراتسخيليا على الانتقال بين المراكز والمسؤوليات بسلاسة عنصراً من عدم القدرة على التنبؤ بأداء باريس سان جيرمان، مما أسهم بشكل حاسم في تقدمه في البطولة الأوروبية الأبرز.
كذلك فإن التزام لويس إنريكي الأداء الجماعي قاد إلى تحول ثقافي أوسع داخل باريس سان جيرمان، فقد استبدل باعتماد النادي على التعاقد مع النجوم، الذي يعتبر علامة مميزة في عصر ملكية قطر للاستثمارات الرياضية، نظاماً يحدد فيه دور كل لاعب بوضوح ضمن إطار خططي أوسع.
وربما قدم لاعبون مثل إبراهيموفيتش ونيمار وميسي لحظات لا تنسى في باريس، لكن تحت قيادة لويس إنريكي يبدو أن أيام اعتماد الفريق على نجم واحد قد انتهت.
وتنبأ لويس إنريكي بهذا التطور العام الماضي، وأوضح في المؤتمرات الصحافية عقب المباريات أن تركيزه منصب بالفعل على بناء فريق للموسم التالي، وهذه الرؤية البعيدة المدى تؤتي بثمارها الآن.
ومن المفارقات أنه انطلاقاً من هذا النهج الجماعي الصارم، ربما يتوج لاعب من باريس سان جيرمان بجائزة الكرة الذهبية العام الحالي.
وبرز عثمان ديمبلي، الذي استعاد بريقه تحت قيادة لويس إنريكي وتألق في نظام قائم على العمل الجماعي والانضباط التكتيكي، كمنافس على الجائزة الفردية الأكثر شهرة في عالم كرة القدم، وهي مفارقة مناسبة لنادٍ يمر بثورته الهادئة.